مخاوف من تأثيرات عميقة لحرب غزة على معيشة اليمنيين

وسط مغامرات الحوثيين ومساعي الإصلاح الحكومية

يتخوف اليمنيون من حدوث أزمة في السلع الأساسية بسبب الحرب في غزة وسعي الحوثيين للمشاركة فيها (أ.ف.ب)
يتخوف اليمنيون من حدوث أزمة في السلع الأساسية بسبب الحرب في غزة وسعي الحوثيين للمشاركة فيها (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من تأثيرات عميقة لحرب غزة على معيشة اليمنيين

يتخوف اليمنيون من حدوث أزمة في السلع الأساسية بسبب الحرب في غزة وسعي الحوثيين للمشاركة فيها (أ.ف.ب)
يتخوف اليمنيون من حدوث أزمة في السلع الأساسية بسبب الحرب في غزة وسعي الحوثيين للمشاركة فيها (أ.ف.ب)

بينما يترقب اليمنيون بقلق التأثيرات الاقتصادية للحرب الدائرة في قطاع غزة، خصوصاً بعد إعلان الجماعة الحوثية دخولها على خط الأحداث، طرأ اضطراب جديد في سعر العملة المحلية (الريال اليمني)، وتأثرت الأسعار بحملات جباية حوثية تحت مسمى التبرع لغزة، في وقت تسعى فيه الحكومة الشرعية لإجراء إصلاحات اقتصادية جذرية.

وبلغ سعر الدولار الأميركي في المناطق المحررة 1512 ريال يمنياً، متأثراً بالتراجع الملحوظ للتحويلات القادمة من خارج البلاد، سواء عن طريق المغتربين أو المنظمات المانحة، ولم يحدث أي تغير في أسعار الصرف في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية رغم أزمة الفئات الورقية فيها، وصعوبة الحصول على العملات الأجنبية، والارتفاع الملحوظ في أسعار السلع.

تزعم الجماعة الحوثية تنفيذ حملات مراقبة الأسعار للتغطية على تسبب جباياتها المتلاحقة في زيادتها (إعلام حوثي)

ويعزو اقتصاديون ثبات أسعار صرف العملات الأجنبية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية إلى قرار ألزمت به الجماعة البنوك وشركات الصرافة منذ سنوات، وزعمت أنها امتلكت أدوات ومعالجات لذلك، بينما تكشف أسعار السلع والخدمات، خصوصاً المستوردة منها عن تناقض ملحوظ بشدة مع أسعار العملات الأجنبية.

ويرى باحث اقتصادي يمني أن السعر الحقيقي للدولار في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يقارب 2000 ريال، أي بزيادة تناهز ثلث سعره في المناطق المحررة، موضحاً أن غالبية التجار في هذه المناطق يتعاملون بينهم بالشيكات تهرباً من أسعار العملات الأجنبية التي يرونها غير عادلة بالنسبة لهم.

الباحث الذي طلب من «الشرق الأوسط» حجب بياناته بسبب إقامته في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية توقع ارتفاعاً كبيراً للأسعار خلال الأيام المقبلة، منوهاً بأن الزيادات السعرية الحالية طفيفة وغير ملحوظة في الغالب، نظراً لتخوف الشركات ورجال الأعمال من ابتزاز الجماعة الحوثية لهم، لكن الزيادات الكبيرة ستحدث بسبب تأثيرات الحرب في غزة.

وتوقع أن تأثير الحرب في غزة سيلقي بظلاله على اليمن ضمن التأثيرات التي سيشهدها الاقتصاد العالمي، ومن ذلك ارتفاع تكاليف النقل، وارتفاع أسعار الوقود، وتراجع التمويلات الدولية والمنح الموجهة للبلدان التي تعاني من الحروب والأزمات، ورغم أن تأثيرات هذه الحرب لن تكون بنفس مستوى تأثيرات الحرب في أوكرانيا، فإنها تضرب أجزاءً حساسة من الاقتصاد العالمي.

أزمة عملات في صنعاء

شنت الجماعة الحوثية أخيراً حملات زعمت أنها لضبط ومراقبة الأسعار، خصوصاً أسعار الخبز، بالتزامن مع حملاتها المزعومة لجمع التبرعات لدعم الفلسطينيين في غزة، بينما يعيش اليمنيون، خصوصاً سكان مناطق سيطرة الجماعة مخاوف كبيرة من ارتفاع الأسعار وحدوث أزمات سلعية، خصوصاً بعد إعلان الجماعة إطلاق صواريخ ومسيرات باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة.

تعيش المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية أزمة عملات أجنبية حيث تمنع تداولها (رويترز)

وتقول مصادر في العاصمة اليمنية صنعاء إن حملات الرقابة على الأسعار محدودة وغير مؤثرة، ورغم كثرة الحديث عنها في وسائل إعلام الجماعة، فإن الفروق في الأسعار ليست كبيرة عن الأسابيع الماضية، رغم أن أحجام الخبز تراجعت بشكل ملحوظ، وسط مساعي الكثير من العائلات لتأمين احتياجاتها أطول فترة ممكنة من خلال الشراء بالجملة.

ويلفت الباحث الاقتصادي رشيد الآنسي إلى أن مؤشرات انعدام النقد الأجنبي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية ظهرت أخيراً من خلال تجنب الكثير من الشركات والبنوك والصرافين تسلُّم حوالاتهم المالية في مناطق سيطرة الحوثيين، وبدأت تحويلاتهم تذهب إلى المناطق، خصوصاً مدينتي مأرب وعدن.

ويرجع الآنسي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» ذلك إلى وجود أزمة أوراق نقدية كبيرة في مناطق سيطرة الجماعة، حيث إن المعروض من سيولة النقد الأجنبي تراجع بشكل كبير وواضح، في وقت تفرض فيه الجماعة على أصحاب الحوالات المالية، تسلُّم تحويلاتهم، والسحب من حساباتهم البنكية بالعملة المحلية وفق سعر صرف مفروض من قبلها.

وتعرض الآنسي إلى ما يعانيه القطاع الخاص من تعنت حوثي وعمليات جبايات متنوعة غير قانونية، إضافة إلى اقتحام لاعبين جدد محسوبين على قيادات حوثية أضرت بالاقتصاد على المديين المتوسط والطويل، الأمر الذي أدى إلى هجرة كثير من رؤوس الأموال التي كانت داعماً أساسياً للاقتصاد الوطني خارج البلاد، ما يلقي بأثره على الفاتورة الاستيرادية وزيادة البطالة.

محاولات إصلاح حكومية

أعلنت الحكومة اليمنية أخيراً أن قيادة البنك المركزي اليمني شرعت بتنفيذ الكثير من الإجراءات والإصلاحات المختلفة التي أسهمت في ثبات أسعار الصرف رغم مستوياتها العالية التي تعكس حقيقة الوضعيْن الاقتصادي والمالي للبلد، حيث تراوحت ما بين 1150 و1250 ريالاً يمنياً للدولار الواحد، بهدف تحقيق استقرار في المعدل العام للأسعار والحد من التضخم.

تسعى الحكومة اليمنية إلى معالجة الاختلالات الاقتصادية بعدد من الإجراءات عبر البنك المركزي (أ.ف.ب)

وسجل التضخم ارتفاعاً قدره 12.8 في المائة في المتوسط العام بين المحافظات المحررة وغير المحررة، في حين كان المركزي يستهدف تسجيل تضخم بين 15 - 20 في المائة، بسحب بيانات الحكومة التي نقلتها وكالة الأنباء الرسمية «سبأ».

وأفادت الحكومة بأن تحويلات القوى العاملة في الخارج سجلت 4.3 و4.5 مليار دولار في العامين الماضيين مقارنة بـ3.3 مليار دولار في عام 2014، عام الانقلاب على السلطة.

أما الصادرات النفطية فسجلت اليمن فيها فقدان 5 مليارات دولار إيرادات عامة وتدفقات نقدية بالعملة الأجنبية كل عام، حيث تراجعت قيمة الصادرات بسبب الحرب من 6.4 مليار دولار في عام 2014 إلى 994 مليون دولار و1.7 مليار دولار في عامي 2021 و2022م.

وأشادت الحكومة اليمنية بالمزادات الأسبوعية التي نظمها البنك المركزي اليمني ابتداءً من ديسمبر (كانون الأول) 2021 لبيع العملة الأجنبية للتجار والمستوردين، والتي خففت الطلب على العملة الأجنبية في السوق السوداء، وأدت إلى استقرار أسعار الصرف عند مستويات محددة، وبالتالي استقرار أسعار السلع وتوافرها في السوق المحلية.

منذ عام 2015 استهدفت الجماعة الحوثية المنشآت النفطية اليمنية التي عجزت عن السيطرة عليها (أ.ف.ب)

واتهمت الحكومة الحوثيين بالتسبب في ركود صادرات النفط، وانخفاض العائدات الجمركية بسبب تراجع حركة الملاحة الدولية في ميناء عدن لصالح ميناء الحديدة منذ أواخر العام الماضي بعد استهداف الموانئ النفطية في حضرموت وشبوة، والحرب الاقتصادية على الواردات من المناطق والموانئ المحررة، وفرض مزيد من التحديات على الحكومة.

ويحذر الخبير الاقتصادي عادل شمسان في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من اقتراب الدَّين الحكومي من الدَّين المحلي، الذي يعده كارثة بكل المقاييس، بعد تعرض الحكومة اليمنية لخسائر اقتصادية يقدرها بـ 25 مليار دولار، بينما تسهم الجهات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة في مفاقمة هذا الوضع بتعاملها مع اليمن في قضايا الديون دون مراعاة هذا الانقسام، ودون السعي لإنهائه، والحرص على توجيه جميع الموارد إلى البنك المركزي.

وطالب شمسان الجهات الدولية بالسعي إلى إنهاء هذا الانقسام من جهة، ومراعاة الوضع الإنساني المعقد للمجتمع اليمني في ظل استمرار الصراع، وتخلي المؤسسات العامة التي تديرها الجماعة الحوثية عن واجباتها تجاه السكان، مثل إيقاف صرف الرواتب والخدمات العامة وخدمات الرعاية الاجتماعية والسيطرة على المساعدات الموجهة إلى المتضررين من الأزمة الإنسانية.


مقالات ذات صلة

«البرنامج السعودي» يضع حجر الأساس لمشروعات تنموية في مأرب

المشرق العربي دُشنت المشروعات التنموية برعاية عدد من الوزراء والمسؤولين (الشرق الأوسط)

«البرنامج السعودي» يضع حجر الأساس لمشروعات تنموية في مأرب

وضع «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» حجر الأساس لحزمة مشروعات تنموية في محافظة مأرب.

«الشرق الأوسط» (مأرب)
العالم العربي آثار عميقة تسببت بها الفيضانات في اليمن وأدت إلى تفاقم الظروف الإنسانية المتردية (أ.ف.ب)

تحذيرات من استمرار تأثير الفيضانات على الوضع الإنساني في اليمن

على الرغم من اقتراب موسم الأمطار في اليمن من نهايته مع رحيل فصل الصيف، تواصلت التحذيرات من استمرار هطول الأمطار على مناطق عدة، مع تراجع حدتها وغزارتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي: لا خيار سوى الانتصار على المشروع الإيراني في اليمن

وسط احتفالات واسعة بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أكد رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي أنه لا خيار في بلاده إلا الانتصار على المشروع الإيراني المتمثل في الحوثيين

علي ربيع (عدن)
العالم العربي وزير الخارجية اليمني (يمين) مع مسؤول أممي في نيويورك (سبأ)

اليمن يدعو إلى دعمه دولياً لوقف تهديد الحوثيين للملاحة

جددت الحكومة اليمنية دعوة المجتمع الدولي إلى دعمها عسكرياً واقتصادياً وسياسياً؛ لضمان تأمين الملاحة في جنوب البحر الأحمر وباب المندب، ووقف تهديدات الحوثيين.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
TT

«الوزارية العربية الإسلامية» تبحث مع غوتيريش تفعيل الاعتراف بدولة فلسطين

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)
جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع أمين عام الأمم المتحدة في نيويورك (واس)

بحثت اللجنة الوزارية العربية الإسلامية بشأن تطورات غزة، الأربعاء، مع أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، دعم الجهود الرامية إلى تفعيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والذي يكفل تلبية حقوق الشعب بتجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس المحتلة.

وترأس الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، وزير الخارجية السعودي، الاجتماع الذي حضره الأعضاء: الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، ومحمد مصطفى رئيس الوزراء وزير الخارجية الفلسطيني، وأيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، ووزراء الخارجية بدر عبد العاطي (مصر)، والدكتور عبد اللطيف الزياني (البحرين)، وهاكان فيدان (تركيا)، وريتنو مارسودي (إندونيسيا)، وأمينا جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ومنظمة التعاون الإسلامي حسين طه.

وناقش الاجتماع، الذي جاء على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، التطورات الخطيرة في غزة، ومواصلة الاحتلال الإسرائيلي التصعيد العسكري ضد المدنيين العُزل، حيث جدّدت اللجنة موقف الدول العربية والإسلامية الموحَّد الرافض للعدوان، ودعوتها لضرورة الوقف الفوري والتام لإطلاق النار، وضمان حماية المدنيين وفق القانون الدولي الإنساني.

الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع غوتيريش (الأمم المتحدة)

وبحث أعضاء اللجنة أهمية دور وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بوصفها ضرورة لا بديل عنها في جميع عمليات الاستجابة الإنسانية بغزة، مشددين على أهمية التصدي للحملات المُمنهجة التي تستهدف تقويض دورها، مع استمرار دعمها لضمان إيصال المساعدات الضرورية للمحتاجين.

وطالبوا بالتصدي لكل الانتهاكات الصارخة التي تُمارسها قوات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وتزيد المأساة الإنسانية، وعرقلتها دخول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى غزة، مؤكدين أهمية محاسبة إسرائيل على الانتهاكات المتواصلة في القطاع والضفة الغربية المحتلة، والتصدي لعمليات التهجير القسري التي يسعى الاحتلال لتنفيذها.

ونوّه الأعضاء بأهمية اتخاذ الخطوات الجادة والعاجلة لضمان تأمين الممرات الإغاثية لإيصال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية الكافية والعاجلة لغزة، معبّرين عن رفضهم تقييد دخولها بشكلٍ سريع ومستدام وآمن، ومقدّرين جهود غوتيريش ومواقفه خلال الأزمة، خصوصاً فيما يتعلق بجهود حماية المدنيين، وتقديم المساعدات.

جانب من اجتماع اللجنة الوزارية العربية والإسلامية مع غوتيريش في نيويورك (الأمم المتحدة)

من جانب آخر، أكد الأمير فيصل بن فرحان أن صناعة السلام تتطلب الشجاعة في اتخاذ القرارات الصعبة، «فخلف كل تعطيل لمسارات السلام والتسويات السياسية، نجد بعض القيادات السياسية تُغلِّب مصالحها الشخصية واعتباراتها الحزبية على المصالح الجامعة والسلم الإقليمي والدولي، وهو ما انعكس بشكل واضح على كفاءة المنظمات الدولية، ومجلس الأمن على وجه الخصوص، في أداء مهامها».

جاء ذلك خلال مشاركته في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن تحت عنوان «القيادة في السلام»، وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال وزير الخارجية السعودي إن «الاجتماع يأتي في فترة تتصاعد فيها وتيرة الصراعات والأزمات، وتتضاعف التحديات والتهديدات المشتركة، وتتنامى أزمة الثقة في النظام الدولي متعدد الأطراف، وقدرته على تحقيق آمال الشعوب بمستقبل يسوده السلام والتنمية».

وشدد على أن «هذه الظروف تُحتِّم علينا تقييم حالة العمل الدولي متعدد الأطراف، وأسباب تراجعه عن حلّ الأزمات ومعالجة التحديات المشتركة»، متابعاً: «ولعلّ النظر الجاد في الإسراع بعملية إصلاح مجلس الأمن أصبح ضرورة مُلحّة أكثر من أي وقت مضى»، ومنوهاً بأن «استعادة الاحترام للمواثيق والأعراف الدولية تأتي عبر تطبيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومحاسبة منتهكيه دون انتقائية».

وأوضح الأمير فيصل بن فرحان أن التحدي لا ينحصر في عجز منظومة السلم والأمن والمؤسسات الدولية عن الاستجابة للتحديات المشتركة، بل يتعداه ليشمل غياب «القيادة من أجل السلام»، مضيفاً: «للخروج من دائرة العنف والأزمات، يجب علينا تمكين القيادة الدولية المسؤولة، وإحباط محاولات تصدير المصالح السياسية الضيقة على حساب أمن الشعوب وتعايشها».

ولفت إلى أن «غياب التحرّك الدولي الجادّ لإيقاف التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر هو دليل قاطع على ما يعانيه النظام الدولي متعدد الأطراف من قصور وتضعضع في الإرادة السياسية الدولية».

وأبان وزير الخارجية السعودي أن بلاده تؤمن بأن السلام هو الأساس الذي يمهّد للتعاون والتنمية، وهو الحامي لديمومتهما، مؤكداً دعمها النظام الدولي متعدد الأطراف، وسعيها لتطويره وتمكين مقاصده، واستعادة الثقة بمؤسساته، والتزامها بتعزيز العمل الجماعي من أجل تحقيق الأمن والتنمية المشتركة.

وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن حول «القيادة في السلام» (واس)

إلى ذلك، شارك الأمير فيصل بن فرحان في الاجتماع الوزاري بشأن السودان، على هامش أعمال الجمعية العامة، الذي تناول المستجدات، وأهمية تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب السوداني.

كما شارك في الاجتماع الوزاري المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي و«البينيولكس»، الذي استعرض فرص تعزيز التعاون بين الجانبين بمختلف المجالات، ومن بينها إمكانية زيادة التبادل التجاري، وتطوير العمل التنموي والاقتصادي. كما ناقش آخِر تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية؛ بما فيها حرب غزة، والجهود المبذولة بشأنها.

الأمير فيصل بن فرحان لدى مشاركته في الاجتماع الوزاري بشأن السودان (واس)

من ناحية أخرى، قال وزير الخارجية السعودي، إن بلاده تؤمن بضرورة تعزيز آليات التشاور بين مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية، مثمّناً القرار التاريخي لسلوفينيا بالاعتراف بدولة فلسطين.

وشدّد خلال مشاركته في اجتماع ترويكا جامعة الدول العربية (السعودية، البحرين، العراق) مع الدول الأعضاء بمجلس الأمن، على دعم الرياض الكامل لجهود الوساطة التي تبذلها القاهرة والدوحة وواشنطن، ورفضها للإجراءات الإسرائيلية التي تعرقلها.

وجدّد الأمير فيصل بن فرحان دعم السعودية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وتقديرها للجهود التي تبذلها في قطاع غزة.

وزير الخارجية السعودي خلال مشاركته في اجتماع الترويكا العربية مع مجلس الأمن (واس)

وأكد على أهمية تكثيف التعاون والتنسيق بين جامعة الدول العربية ومجلس الأمن والشركاء الدوليين من أجل إحراز تقدم ملموس بقضايا المنطقة، والمساهمة في تعزيز السلم والأمن الدوليين.

وشارك وزير الخارجية السعودي، في الفعالية السنوية لدعم أعمال (الأونروا)، حيث جرى بحث ضرورة توفير الدعم اللازم لها، لضمان استمرار تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين.