الرئيس المصري يدعو لتحرك دولي سريع «يوقف الحرب»

القاهرة تتلقى دعماً أميركياً لرفض «مخطط التهجير» إلى سيناء

فلسطينيون مزدوجو الجنسية يعرضون وثائقهم لعبور معبر رفح الحدودي مع مصر (أ.ف.ب)
فلسطينيون مزدوجو الجنسية يعرضون وثائقهم لعبور معبر رفح الحدودي مع مصر (أ.ف.ب)
TT

الرئيس المصري يدعو لتحرك دولي سريع «يوقف الحرب»

فلسطينيون مزدوجو الجنسية يعرضون وثائقهم لعبور معبر رفح الحدودي مع مصر (أ.ف.ب)
فلسطينيون مزدوجو الجنسية يعرضون وثائقهم لعبور معبر رفح الحدودي مع مصر (أ.ف.ب)

تلقت القاهرة دعماً أميركياً جديداً برفض مخطط «تهجير» الفلسطينيين من غزة إلى سيناء المصرية، فيما دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى ضرورة تحرك المجتمع الدولي بصورة عاجلة للدفع باتجاه وقف إطلاق النار في غزة.

وجاءت تصريحات السيسي خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الهولندي مارك روته، الخميس، تناولا فيه مستجدات التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة، وفق متحدث باسم الرئاسة المصرية.

وأشار السيسي إلى «الأوضاع الإنسانية شديدة الخطورة، فضلاً عن التدمير الواسع الذي يشهده قطاع غزة»، مناشداً بـ«موقف دولي حازم لحقن الدماء، وإنفاذ المساعدات الإنسانية، وإتاحة الفرصة للحلول السياسية».

وتسعى مصر، عبر تحركات سياسية متنوعة، إلى تفعيل هدنة سريعة في غزة، وضمان تدفق أكبر للمساعدات الإغاثية. وضمن تلك التحركات تلقى وزير الخارجية المصري سامح شكري، الخميس، اتصالات من سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي، ونانايا ماهوتا وزيرة خارجية نيوزيلاندا، وجوزيب بوريل الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي.

ووفق بيان للخارجية المصرية، فإن شكري تبادل مع المسؤولين التقييمات بشكل مفصل حول الأوضاع الأمنية والإنسانية في غزة، وتداعياتها المحتملة على السلم والأمن الإقليمي والدولي، وأكد «ضرورة التوصل لهدنة إنسانية فورية؛ حفظاً لأرواح الفلسطينيين، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، ورفض الانتهاكات وسياسات العقاب الجماعي التي تضطلع بها إسرائيل؛ من حصار، وتهجير قسري لأهالي قطاع غزة».

وشدد الوزير المصري على أهمية اضطلاع مجلس الأمن بمسؤوليته القانونية والإنسانية تجاه «إنهاء هذا الوضع المأساوي في غزة، وتسمية الانتهاكات ومقترفيها بمسمياتها، والتدخل الفوري لوقف التصعيد».

وفي بيان روسي، قالت الخارجية الروسية إن آراء الطرفين «توافقت بشأن وقف فوري لإطلاق النار، ودخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بصورة مستدامة، وإطلاق سراح الرهائن».

من جهة أخرى، تلقت مصر، الخميس، دعماً أميركياً جديداً برفض ضمني لمخططات إسرائيلية بتهجير سكان غزة إلى سيناء المصرية. وقالت القائمة بأعمال السفير الأميركي في مصر إليزابيث جونز، إن «الولايات المتحدة تحترم بشكل كامل سيادة مصر واحتياجات أمنها القومي»، مضيفة في بيان للسفارة أن «الولايات المتحدة ملتزمة تماماً بضمان عدم تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر أو أي دولة أخرى»، مرحبة أيضاً بالأخبار الواردة من معبر رفح الحدودي بشأن عبور عدد من حاملي الجنسيات الأجنبية للمعبر قادمين من الجانب الفلسطيني.

وأشارت إلى أن القيادة الأميركية ممتنة للقيادة المصرية لتسهيل العبور الآمن للمواطنين الأجانب من غزة.

وسبق أن أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في مناسبات عدة، موقف مصر الثابت بـ«رفض سياسات العقاب الجماعي والتهجير»، مشدداً على أن مصر «لم ولن تسمح بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضي المصرية».

وكانت وزارة الاستخبارات الإسرائيلية اقترحت في وثيقة رسمية «نقل سكان قطاع غزة، البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، إلى شبه جزيرة سيناء»، وفقاً لما نقلته وكالة أنباء «أسوشييتد برس». وتضمنت الوثيقة التي اعترفت السلطات الإسرائيلية، قبل أيام، بصحتها، نقل السكان المدنيين في غزة إلى «مدن خيام في شمال سيناء، ثم بناء مدن دائمة لهم وإنشاء منطقة أمنية داخل إسرائيل لمنع النازحين الفلسطينيين من الدخول».

ونهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن في اتصال مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، العمل على «ضمان عدم دفع فلسطينيي غزة إلى النزوح إلى مصر أو أي دولة أخرى».

ولليوم الثاني، تواصلت في مصر عمليات إجلاء للجرحى والأجانب، بموجب اتفاق بين إسرائيل ومصر وحركة «حماس» والولايات المتحدة، يسمح لبعض حاملي جوازات السفر الأجنبية وعائلاتهم وبعض الجرحى من سكان غزة، بالخروج من القطاع المحاصر.

وتستعد مصر لاستقبال نحو 7 آلاف أجنبي ضمن عملية الإجلاء من قطاع غزة عبر معبر رفح الحدودي، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية المصرية في بيان، الخميس.

وقال مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية والمصريين في الخارج إسماعيل خيرت، إن «عدد الذين ستستقبلهم بلاده «نحو 7000 مواطن أجنبي يحملون جنسية أكثر من 60 دولة».

وفي اليوم الأول من فتح المعبر، الأربعاء، استقبلت مصر 76 جريحاً، في حين بلغ عدد الأجانب وحاملي الجنسيات المزدوجة الذين خرجوا من قطاع غزة 335، وفق المسؤول المصري عن معبر رفح.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» أشرف القدرة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه تم إرسال قائمة إلى السلطات المصرية تضم 4 آلاف جريح يحتاجون إلى رعاية غير موجودة في قطاع غزة. وأضاف: «نأمل أن يتمكنوا من المغادرة في الأيام المقبلة؛ لأنهم بحاجة إلى تدخلات جراحية... يجب أن ننقذ حياتهم».


مقالات ذات صلة

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

منذ أن قطعت الحكومة الإسرائيلية الكهرباء عن غزة بفعل حربها المستمرة ضد القطاع منذ نحو 14 شهراً، اعتمد السكان على البديل الوحيد المتوفر، وهو الطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون في أحد شوارع غرب مدينة غزة اليوم (أ.ف.ب)

حكومة غزة: مئات آلاف النازحين يستعدون للعيش في الشوارع دون مساعدات أو مأوى

قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن مئات آلاف النازحين في القطاع يستعدون للعيش في الشوارع دون مساعدات أو مأوى.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يتحدث خلال مؤتمر حوارات المتوسط ​​في روما بإيطاليا 25 نوفمبر 2024 (رويترز)

مصر تشدد على ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية لاستعادة وضعها في قطاع غزة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية من استعادة وضعها في قطاع غزة، قائلاً إن مصر ترفض تماماً تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.

«الشرق الأوسط» (روما)
شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.