الحوثيون يؤجّرون أسطح مدارس إب اليمنية لشركات كهرباء الألواح الشمسية

بالتوازي مع تحذير دولي من تراجع جودة التعليم

إحدى المنشآت التعليمية في محافظة إب التي تسعى الجماعة الحوثية لاستثمارها لجني الأموال (فيسبوك)
إحدى المنشآت التعليمية في محافظة إب التي تسعى الجماعة الحوثية لاستثمارها لجني الأموال (فيسبوك)
TT

الحوثيون يؤجّرون أسطح مدارس إب اليمنية لشركات كهرباء الألواح الشمسية

إحدى المنشآت التعليمية في محافظة إب التي تسعى الجماعة الحوثية لاستثمارها لجني الأموال (فيسبوك)
إحدى المنشآت التعليمية في محافظة إب التي تسعى الجماعة الحوثية لاستثمارها لجني الأموال (فيسبوك)

في سياق مساعيها لتسليع التعليم وجباية المزيد من الأموال من خلاله، أقدمت الجماعة الحوثية أخيراً على تأجير أسطح عدد من المدارس والمجمعات التربوية الحكومية في محافظة إب اليمنية لشركات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، بالتزامن مع تأكيد دولي على تراجع جودة التعليم في اليمن.

وكشفت مصادر تربوية لـ«الشرق الأوسط» عن إقدام قيادات حوثية، يتصدرهم محمد الغزالي، المنتحل صفة مدير التربية والتعليم في المحافظة، على تأجير أسطح 4 مدارس في مدينة إب ومديرية يريم لتجار موالين للجماعة يعملون في توليد الكهرباء بالطاقة البديلة منذ أيام، في حين تواصل الجماعة تجاهل مطالب المعلمين بصرف رواتبهم المنقطعة منذ سنوات.

ولفتت المصادر إلى أن تأجير هذه المدارس يعدّ مرحلة أولى، حيث تنوي الجماعة توسيعها مستقبلاً لتشمل مدارس حكومية أخرى في مناطق متفرقة من المحافظة.

مبنى مكتب التربية والتعليم في محافظة إب اليمنية (فيسبوك)

ومن ضمن المدارس التي شرعت الجماعة في إبرام صفقات تأجيرها مقابل جني مبالغ شهرية تعادل ما بين 500 و600 دولار، مدرسة «عائشة» في مدينة إب، ومدرسة «خالد بن الوليد» و«مجمع 22 مايو التعليمي» في يريم شمال شرقي إب.

وطبقاً للمصادر، تستمر الجماعة الحوثية في تحركاتها الحالية من أجل استثمار نحو 16 مدرسة في 11 مديرية عبر وضع منظومات الطاقة الشمسية، منها مدارس الوحدة، 7 يوليو، صلاح الدين، بلقيس، 22 مايو، الصمود، القادسية، عائشة، أبو ذر الغفاري، الزهراء، اليرموك، الميثاق، طارق بن زياد، إلى جانب مجمعات تربوية منها مجمع «الزبيري» التربوي و«الصالح» و«زيد الموشكي».

ولاقت هذه الإجراءات استياءً وغضباً واسعين في الأوساط التعليمية والتربوية، ووصف المعلمون والتربويون تلك الممارسات بأنها غير مشروعة، فبدلاً من سعي الجماعة لصرف مرتبات المعلمين، ذهبت لمزاولة أعمال تجارية مشبوهة تدر لها مزيداً من المال على حساب العملية التعليمية، بينما يعاني نحو 170 ألف معلم الويلات جراء توقف رواتبهم منذ سنوات.

متاجرة بأرواح الطلاب والمعلمين

تعدّ محافظة إب (192 كلم جنوب صنعاء) من أكثر محافظات اليمن التي يعاني معلموها وتربويوها أوضاعاً معيشية كارثية بسبب مواصلة جماعة الحوثي نهب رواتبهم منذ سنوات، باعتبارها ثاني محافظة يمنية من حيث عدد عاملي قطاع التربية والتعليم على مستوى الجمهورية.

قيادات حوثية في زيارة لمدرسة حكومية في إب للإشراف على ممارسات تطييف التعليم (فيسبوك)

وأعرب معلمون وتربويون من محافظة إب لـ«الشرق الأوسط»، عن استنكارهم لتأجير أسطح المدارس ما يشكل، حسبما قالوا، خطراً حقيقياً على حياة الطلبة والتربويين، في ظل استمرار تهالك عديد من المدارس الحكومية دون أي تدخل من قبل سلطات الانقلاب لإصلاحها وترميمها.

ولجأت الجماعة الحوثية إلى تعميم مثل هذه الإجراءات التي سبق لها أن بدأتها قبل أشهر في مدارس حكومية في صنعاء، ضمن ما تعده الأوساط التربوية مواصلةً للاعتداءات المتكررة ضد ما تبقى من مؤسسات التعليم في مناطق سيطرتها.

ويكشف قيادي تربوي سابق في إب لـ«الشرق الأوسط»، عن أن ذلك الإجراء الانقلابي لا يقتصر على تأجير أسطح المدارس لتجار كهرباء الطاقة الشمسية فحسب؛ بل إن الجماعة تعتزم أيضاً تأجير أسطح مدارس ومنشآت تعليمية أخرى في إب وبعض مديرياتها لشركات اتصالات، عبر إبرام صفقات بوضع أبراج تقوية شبكات اتصال وإنترنت مقابل جني مبالغ شهرية.

جانب من مظاهرة احتجاجية سابقة للمعلمين في إب للمطالبة بالرواتب (فيسبوك)

ويضيف التربوي: «في الوقت الذي يعيش فيه المعلم أصعب حال جراء انقطاع الرواتب، تواصل الميليشيات الحوثية ابتكار مزيد من الطرق والأساليب التي تمكنها من جني المال الذي تسخره في سبيل استهداف اليمنيين بالتطييف وتمويل جبهاتها القتالية».

تراجع جودة التعليم

يأتي هذا النهج المستمر من طرف الجماعة الحوثية بالتوازي مع تأكيد تقرير دولي حديث أن الصراع في اليمن قاد إلى مزيد من تدهور جودة التعليم وتسرب الطلاب من مدارسهم.

وذكر البنك الدولي في تقرير «أصوات من اليمن» أن الصراع المستمر منذ 8 أعوام أدى إلى تدهور جودة التعليم في اليمن، وقاد إلى تسرب الطلاب، مضيفاً أنه بعد أربعة أعوام من المقابلات وجمع البيانات، تم التوصل إلى أن التعليم عالي الجودة يمثل مشكلة في اليمن، وأنّ الأسر تواجه صعوبات كبيرة في إرسال أطفالها إلى المدرسة.

جانب من وقفة احتجاجية سابقة للمعلمين نظمتها نقابة حقوقية في إب اليمنية (فيسبوك)

ولفت إلى إمكانية أن يؤدي الغياب المطول للتعليم الجيد إلى تغذية الصراع من خلال خفض تنمية رأس المال البشري في اليمن، كاشفاً عن وجود أسباب رئيسية للتدهور الملحوظ في الجودة والتسرب من التعليم، تتمثل في النقص في توفر المعلمين، ونقص الكتب المدرسية المطبوعة، وأوجه القصور في البنية التحتية، واكتظاظ الفصول الدراسية، وتدهور دخل الأسر، وطول المسافة إلى المدارس، وعدم توفر خيارات النقل.

ونقل التقرير عن بعض السكان قولهم: «إن جودة التعليم في اليمن تدهورت بدرجة كبيرة، حيث تعمل معظم المدارس وفقاً لجدول زمني طارئ، ممّا أدى إلى دروس بدوام جزئي ودروس غير مستمرة في كثير من الأحيان».

وأوضح البنك الدولي أن نحو 18 في المائة من الأسر اليمنية لديها طفل واحد على الأقل في سن المدرسة، لم يذهب إلى المدرسة خلال الـ30 يوماً الماضية.


مقالات ذات صلة

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

المشرق العربي التطرفات المناخية باليمن أسهمت إلى جانب الانقلاب والحرب في مضاعفة معاناة اليمنيين (أ.ف.ب)

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

تعتزم الحكومة اليمنية بدء حملة للحصول على تمويلات تساعدها في مواجهة تطرفات المناخ بينما ينفذ برنامج أممي مشروعاً لحماية البيئة والثروة السمكية.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي طفلة تعاني من سوء التغذية وتنتظر العلاج في أحد مستشفيات العاصمة صنعاء (رويترز)

الكوليرا والحصبة تفتكان بمئات آلاف اليمنيين

تتزايد أعداد المصابين بالكوليرا والحصبة وأمراض أخرى في اليمن، بموازاة تفاقم سوء التغذية الذي تعتزم الحكومة مواجهته بالتعاون مع الأمم المتحدة بمناطق غرب البلاد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

TT

طائرات سورية وروسية تقصف شمال غربي سوريا الخاضع لسيطرة المعارضة

قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)
قوات جوية روسية وسورية تقصف مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال غرب سوريا قرب الحدود مع تركيا (أ.ب)

قال الجيش السوري ومصادر من قوات المعارضة إن قوات جوية روسية وسورية قصفت مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة، شمال غربي سوريا، قرب الحدود مع تركيا، اليوم (الخميس)، لصد هجوم لقوات المعارضة استولت خلاله على أراضٍ لأول مرة منذ سنوات.

ووفقاً لـ«رويترز»، شن تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوماً، أمس (الأربعاء)، اجتاح خلاله 10 بلدات وقرى تحت سيطرة قوات الرئيس السوري بشار الأسد في محافظة حلب، شمال غربي البلاد.

وكان الهجوم هو الأكبر منذ مارس (آذار) 2020، حين وافقت روسيا التي تدعم الأسد، وتركيا التي تدعم المعارضة، على وقف إطلاق نار أنهى سنوات من القتال الذي تسبب في تشريد ملايين السوريين المعارضين لحكم الأسد.

وفي أول بيان له، منذ بدء الحملة المفاجئة قال الجيش السوري: «تصدَّت قواتنا المسلحة للهجوم الإرهابي الذي ما زال مستمراً حتى الآن، وكبَّدت التنظيمات الإرهابية المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح».

وأضاف الجيش أنه يتعاون مع روسيا و«قوات صديقة» لم يسمِّها، لاستعادة الأرض وإعادة الوضع إلى ما كان عليه.

وقال مصدر عسكري إن المسلحين تقدموا، وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريباً من مشارف مدينة حلب، وعلى بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء الشيعيتين اللتين بهما حضور قوي لجماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران.

كما هاجموا مطار النيرب، شرق حلب، حيث تتمركز فصائل موالية لإيران.

وتقول قوات المعارضة إن الهجوم جاء رداً على تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقاً لأي هجمات من جانب الجيش السوري الذي يحشد قواته بالقرب من خطوط المواجهة مع قوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، اليوم (الخميس)، أن البريجادير جنرال كيومارس بورهاشمي، وهو مستشار عسكري إيراني كبير في سوريا، قُتل في حلب على يد قوات المعارضة.

وأرسلت إيران آلاف المقاتلين إلى سوريا خلال الصراع هناك. وبينما شمل هؤلاء عناصر من الحرس الثوري، الذين يعملون رسمياً مستشارين، فإن العدد الأكبر منهم من عناصر جماعات شيعية من أنحاء المنطقة.

وقالت مصادر أمنية تركية اليوم (الخميس) إن قوات للمعارضة في شمال سوريا شنَّت عملية محدودة، في أعقاب هجمات نفذتها قوات الحكومة السورية على منطقة خفض التصعيد في إدلب، لكنها وسَّعت عمليتها بعد أن تخلَّت القوات الحكومية عن مواقعها.

وأضافت المصادر الأمنية أن تحركات المعارضة ظلَّت ضمن حدود منطقة خفض التصعيد في إدلب التي اتفقت عليها روسيا وإيران وتركيا في عام 2019، بهدف الحد من الأعمال القتالية بين قوات المعارضة وقوات الحكومة.

وقال مصدر بوزارة الدفاع التركية إن تركيا تتابع التطورات في شمال سوريا عن كثب، واتخذت الاحتياطات اللازمة لضمان أمن القوات التركية هناك.

ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنِّفها الولايات المتحدة وتركيا منظمة إرهابية، هدفاً للقوات الحكومية السورية والروسية.

وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا، وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على الحدود مع تركيا، شمال غربي سوريا.

وتقول قوات المعارضة إن أكثر من 80 شخصاً، معظمهم من المدنيين، قُتلوا منذ بداية العام في غارات بطائرات مُسيرة على قرى تخضع لسيطرة قوات المعارضة.

وتقول دمشق إنها تشن حرباً ضد مسلحين يستلهمون نهج تنظيم القاعدة، وتنفي استهداف المدنيين دون تمييز.