الأمم المتحدة تحض على الإسراع بالسلام اليمني

تراجع أعداد الضحايا إلى أدنى مستوى منذ 5 أعوام

مزارعون يمنيون يجمعون الطماطم من مزرعة في ضواحي صنعاء (إ.ب.أ)
مزارعون يمنيون يجمعون الطماطم من مزرعة في ضواحي صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الأمم المتحدة تحض على الإسراع بالسلام اليمني

مزارعون يمنيون يجمعون الطماطم من مزرعة في ضواحي صنعاء (إ.ب.أ)
مزارعون يمنيون يجمعون الطماطم من مزرعة في ضواحي صنعاء (إ.ب.أ)

حضّت الأمم المتحدة على الإسراع في التوصُّل إلى تسوية سياسية في اليمن وإحلال السلام، وذلك لجهة إنقاذ الاقتصاد المتدهور، مشيرة إلى تراجع أعداد الضحايا هذا العام في صفوف المدنيين إلى أقل مستوى منذ 5 أعوام.

وفي حين يواصل الحوثيون عرقلة الوساطة السعودية - العمانية، أظهرت بيانات حديثة وزّعها «برنامج الغذاء العالمي» أن الصراع المطول في البلاد أدى إلى تدمير الاقتصاد، وقلّص الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 50 في المائة بين عامي 2011 و2022.

قيود حوثية جديدة أدت إلى تراجع واردات الغذاء عبر موانئ الحديدة (الأمم المتحدة)

وذكرت البيانات أن القدرة المؤسسية المجزأة، والقرارات السياسية المتضاربة والعجز المالي المتزايد، أدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية العميقة في جميع أنحاء البلاد، مما جعل اليمن من أفقر البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبحسب البرنامج، التابع للأمم المتحدة، فإن الآفاق الاقتصادية لليمن خلال الفترة المتبقية من العام الحالي لا تزال «متقلبة للغاية»، وتوقّع «أن تتدهور أكثر، إذا لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية للصراع».

وأوضح أن سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الريال اليمني ارتفع بنسبة 3 في المائة خلال الربع الثاني من هذا العام، في المناطق الخاضعة لسلطة الحوثيين، مقارنة بالربع السابق، وبنسبة 6 في المائة على أساس سنوي.

قيود حوثية جديدة

البرنامج الأممي أكد أن الهدنة استمرت في تحقيق نتائج جيدة حتى بعد انتهاء صلاحيتها رسمياً في أكتوبر (تشرين الأول) 2022. وقال إن تراجع تصعيد العمليات العسكرية داخل اليمن وعبر الحدود أدى إلى انخفاض في عدد الضحايا من المدنيين خلال الربع الثاني من هذا العام بنسبة 28 في المائة مقارنة بالربع السابق، مشيراً إلى أن هذا الربع يمثل أدنى عدد رُبع سنوي للضحايا المدنيين في البلاد منذ عام 2018.

تقرير «الغذاء العالمي»، أكد أن إجمالي حجم الواردات الغذائية عبر موانئ الحديدة، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، انخفض خلال النصف الأول من هذا العام بنسبة 8 في المائة، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.

خفض الحصص الغذائية بنسبة 41 في المائة بسبب نقص التمويل (الغذاء العالمي)

وقال إن هذا الانخفاض ارتبط جزئياً بالقيود التي فرضها فرع البنك المركزي اليمني في صنعاء، ومنع بموجبها التجار هناك من شراء الدولار الأميركي من خلال مزادات البنك المركزي في عدن. وحسب هذه البيانات ارتفع مستوى الواردات الغذائية إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة بنسبة 13 في المائة.

البرنامج، في تقريره، ذكر أن الإجراءات الرقابية التي اتخذها الحوثيون في مناطق سيطرتهم، مثل حظر تداول الأوراق النقدية الجديدة التي طبعها البنك المركزي اليمني في عدن، وتقييد تحويل العملات الأجنبية إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة، أسهمت إلى حد كبير في ارتفاع قيمة العملة هناك.

وأوضح أن إمدادات الوقود تحسّنت بشكل ملحوظ منذ أبريل (نيسان) 2022 عندما سهّل اتفاق الهدنة دخول سفن الوقود إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين، حيث ارتفع حجم الواردات إلى هذه الموانئ خلال النصف الأول من هذا العام، بنسبة 80 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبقه.

انخفاض سعر العملة

وفق البيانات الأممية، شهد الريال اليمني في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة انخفاضاً بنسبة 9 في المائة، مقارنة بالربع السابق، وبنسبة 19 في المائة على أساس سنوي، ليصل الدولار إلى 1.371 ريال يمني، بحلول نهاية يونيو (حزيران) الماضي.

وقدم «برنامج الغذاء العالمي» عوامل عدة كانت سبباً في هذا الانخفاض، منها الانخفاض المستمر في احتياطات العملات الأجنبية، وتوقف صادرات النفط الخام؛ بسبب استهداف الحوثيين موانئ التصدير منذ نحو عام، إلى جانب الانخفاض المبلّغ عنه في تدفقات التحويلات المالية من المغتربين.

وأشاد البرنامج بالإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في عدن، وقال «إن مزادات العملة التي أطلقها البنك منذ أواخر عام 2021 خففت جزئياً الضغط على الريال». لكنه شدد على أن الوضع الاقتصادي الحالي يفرض الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات هيكلية، كما أن الدعم المالي من دول الخليج العربي، والودائع المعلنة من صندوق النقد الدولي في شكل حقوق سحب خاصة أمران بالغا الأهمية؛ من أجل تعزيز إطار الاقتصاد الكلي، وتأمين احتياجات البلاد من الواردات الغذائية، وتجنب الاتساع الكبير في فجوة التمويل.

أدت الصراعات إلى تقلص الناتج المحلي الإجمالي لليمن بنسبة 50 في المائة (الأمم المتحدة)

وأكد البرنامج مواصلة استهداف 13 مليون شخص في كل دورة توزيع، ولكن بحصة مخفضة تعادل 41 في المائة من سلة الأغذية القياسية، بسبب النقص الحاد والمستمر في التمويل.

وقال إنه اضطر إلى تحويل أكثر من 900 ألف مستفيد من المساعدات الغذائية النقدية إلى المساعدات العينية بدءاً من دورة التوزيع الرابعة. ونبه إلى أنه من الممكن أن يؤثر مزيد من التخفيضات في المساعدات في نسبة كبيرة من السكان، ما لم يتم تأمين تمويل إضافي عاجل.

وكشف البرنامج الأممي عن أنه بدأ بالفعل عملية إعادة استهداف على أساس نقاط الضعف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المؤقتة، وأن العملية جارية في المناطق الخاضعة للحوثيين.


مقالات ذات صلة

السعودية تجدد حرصها على عودة السلام إلى اليمن

الخليج آسيا باعكضة تلقي كلمتها أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف (البعثة السعودية)

السعودية تجدد حرصها على عودة السلام إلى اليمن

أكدت السعودية حرصها على عودة السلام إلى اليمن، ودعمها جميع الجهود الرامية لحل الأزمة، ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم العربي زيادة أسعار الخضراوات حرمت غالبية اليمنيين من وجباتهم اليومية المفضلة (إعلام محلي)

أسعار الخضراوات تثير سخط اليمنيين

أزالت الحكومة اليمنية نقاط جباية غير قانونية فيما ارتفعت أسعار الخضراوات بشكل كبير ما أثار سخط قطاع عريض من السكان الذين يعتمدون عليها في وجباتهم الرئيسية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عناصر حوثيون استهدفوا مشروعاً استثمارياً يتبع نادياً رياضياً في إب (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يستولون على استثمارات نادٍ رياضي في إب

عادت الجماعة الحوثية لاستهداف أبرز الأندية الرياضية في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) من خلال محاولتها الاستيلاء بالقوة على ما تبقى من استثماراته

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مجسم وهمي لطائرة دون طيار من صنع الحوثيين (إ.ب.أ)

الحوثيون يصعّدون هجماتهم ضد إسرائيل دون أضرار

صعّدت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجماتها باتجاه إسرائيل في الذكرى الأولى لأحداث السابع من أكتوبر 2023 دون حدوث أي أضرار.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)

«مركز إنساني» أسسه الحوثيون يشرف على «حرب السفن»

أظهر تحقيق من منظمة غير حكومية سويسرية أن الهجمات البحرية التي يشنها الحوثيون قبالة سواحل اليمن يشرف عليها مركز لتنسيق العمليات الإنسانية أسسه الانقلابيون.


أسعار الخضراوات تثير سخط اليمنيين

زيادة أسعار الخضراوات حرمت غالبية اليمنيين من وجباتهم اليومية المفضلة (إعلام محلي)
زيادة أسعار الخضراوات حرمت غالبية اليمنيين من وجباتهم اليومية المفضلة (إعلام محلي)
TT

أسعار الخضراوات تثير سخط اليمنيين

زيادة أسعار الخضراوات حرمت غالبية اليمنيين من وجباتهم اليومية المفضلة (إعلام محلي)
زيادة أسعار الخضراوات حرمت غالبية اليمنيين من وجباتهم اليومية المفضلة (إعلام محلي)

ارتفعت أسعار الخضراوات في اليمن بشكل كبير، ما أثار سخط قطاع عريض من السكان الذين يعتمدون عليها في تحضير وجباتهم الغذائية الأساسية. يأتي ذلك بالتزامن مع تمكن حملة يشرف عليها مجلس القيادة الرئاسي من إزالة عدد من نقاط الجبايات غير القانونية على البضائع والمواد الغذائية على الطريق الرابطة بين محافظة أبين ومدينة عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد.

وفي حين أصبحت الزيادة الكبيرة في أسعار الطماطم مادة للسخرية والتندر في مواقع التواصل الاجتماعي، ذكر سكان في عدن وتعز وأبين لـ«الشرق الأوسط» أن أسعار الطماطم والبصل والبطاطا ارتفعت إلى أكثر من الضعفين أخيراً، وأنه بات من الصعوبة على كثير من الأسر شراء هذه الخضراوات بعد أن وصل سعر الكيلوغرام الواحد منها إلى نحو دولار ونصف الدولار، فيما متوسط راتب الموظف الحكومي لا يزيد على خمسين دولاراً في الشهر.

يمنيون يتسوقون من متجر في صنعاء (رويترز)

ووفق رواية عبد العزيز، وهو أحد سكان عدن، فإن سعر الكيلوغرام من الطماطم ارتفع مما يعادل أقل من ربع دولار أميركي إلى أكثر من دولار ونصف الدولار.

ويعيد الباعة أسباب ذلك إلى انتهاء موسم زراعة هذا المحصول، إلى جانب ارتفاع تكاليف النقل والجبايات التي يفرضها الحوثيون، لأن معظم المحصول يزرع في مناطق سيطرة الحوثيين. كما أن فارق سعر العملة المحلية بين مناطق سيطرة الحكومة وتلك المناطق أسهم في ارتفاع الأسعار.

البصل والبطاطا

بشأن أسعار البصل، يبين محمود، وهو من سكان مدينة تعز، أن الباعة يبررون ارتفاع السعر إلى تصدير معظم المنتج إلى الأسواق الخارجية، حيث يباع هناك بأضعاف سعره في السوق المحلية، خاصة مع زيادة الطلب على المنتج اليمني في دول الجوار والقرن الأفريقي بسبب خصائصه التي تجعله يحتفظ بطراوته لفترة من الوقت، بخلاف أنواع أخرى تتأثر بارتفاع درجة الحرارة.

وأكد مصدر في وزارة الزراعة لـ«الشرق الأوسط» أن الوزارة كانت قد أوقفت تصدير البصل إلى الأسواق الخارجية بغرض تغطية احتياجات السوق المحلية، والحد من ارتفاع سعره، إلا أن المزارعين والمصدرين احتجوا على ذلك وأكدوا أنهم تكبدوا خسائر كبيرة، وهو ما اضطر الوزارة إلى التراجع؛ لأن المزارعين كانوا الأكثر تضرراً. وقال المصدر إن الوزارة تدرس حالياً كيفية مواجهة هذا الارتفاع الكبير في أسعار بعض الخضراوات.

أدت كثرة الجبايات والتصدير للخارج إلى زيادة أسعار الخضراوات في اليمن (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، ارتفعت أسعار البطاطا أيضاً بمقدار الضعفين، حيث كان سعر الكيلوغرام الواحد نحو نصف دولار، لكنها الآن تباع بنحو دولار ونصف الدولار، وأعيد سبب ارتفاع سعرها إلى قلة المنتج الذي يأتي غالباً من مناطق سيطرة الحوثيين في محافظات إب وذمار وعمران، في حين أن الكمية التي يتم إنتاجها في مناطق أخرى لا تغطي حاجة السوق.

وذكر كمال، وهو أحد الباعة، أن عدداً من المشتغلين بتجارة الخضراوات اتجهوا لزراعة هذه المنتجات في محافظة أبين وفي مديرية حيس التابعة لمحافظة الحديدة الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، بصفتها مناطق خصبة، وتتوفر فيها المياه الجوفية التي تحتاجها زراعة مثل هذه المحاصيل، لكنه أكد أن الكمية الكبيرة لا تزال تأتي حالياً من مناطق سيطرة الحوثيين.

ووفق أحدث بيانات الأمم المتحدة، انخفضت قيمة الريال اليمني في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً بنسبة 24 في المائة على أساس سنوي، وخسر 68 في المائة من قيمته على مدى السنوات الخمس الماضية.

الحكومة اليمنية أزالت نقاط الجبايات غير القانونية بهدف خفض أسعار السلع (إعلام محلي)

وأرجعت المنظمة الأممية ذلك في المقام الأول إلى انخفاض الاحتياطيات الأجنبية، وتعليق صادرات النفط الخام. وأكدت أن أسعار الوقود بلغت مستويات قياسية، حيث ارتفع البنزين بنسبة 20 في المائة، والديزل بنسبة 24 في المائة أغسطس (آب) الماضي.

ووفق هذه البيانات، ارتفعت تكلفة سلة الغذاء الدنيا بنسبة 23 في المائة على أساس سنوي، مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الغذائية الرئيسية إلى مستوى لا يستطيع الملايين تحمله لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

منع الجبايات

واصلت الحكومة اليمنية حملتها لمنع الجبايات غير القانونية على ناقلات البضائع والمواد الغذائية، وتمكنت من إزالة عدد من هذه النقاط من المدخل الشرقي لمدينة عدن.

وبعد شكاوى متعددة ومستمرة منذ سنوات، أكد سائقو قاطرات نقل البضائع أنه تم رفع عدد من نقاط تحصيل الجبايات غير القانونية في مداخل العاصمة المؤقتة؛ تنفيذاً لتوجيهات عبد الرحمن المحرمي، عضو مجلس القيادة الرئاسي، والخاصة بمنع تحصيل الجبايات غير القانونية في جميع النقاط الأمنية والعسكرية.

ارتفاع سعر الوقود في اليمن زاد من تكاليف النقل وانعكس على أسعار السلع (إعلام محلي)

ومع تعبير هؤلاء عن ارتياحهم للخطوة الرئاسية، أكدوا أن هذه النقاط كانت تفرض دفع مبالغ تصل إلى 50 دولاراً على القاطرة الواحدة في كل نقطة، وقد يقل المبلغ قليلاً بحسب نوعية القاطرة وحمولتها من البضائع، بما في ذلك المواد الغذائية.

يأتي ذلك في الوقت الذي يستمر فيه سائقو ناقلات مادة غاز الطهي في الاعتصام المفتوح منذ أكثر من أسبوع في نقطة حسان بمحافظة أبين؛ احتجاجاً على استمرار النقاط الأمنية المنتشرة من محافظة مأرب، مروراً بمحافظة شبوة في فرض جبايات غير قانونية.

وذكر السائقون أنهم يدفعون مبالغ مالية تصل إلى 200 دولار في كل رحلة لنقل الغاز من محطة التعبئة في منطقة صافر بمحافظة مأرب، وحتى وصولهم عدن أو محافظة تعز.