يمنيات يؤسّسن مشروعات منزلية للتغلب على صعوبة العيش

في ظل انقطاع الرواتب وتدهور قطاع الأعمال

منتجات نسوية تم عرضها بأحد المعارض في العاصمة صنعاء (فيسبوك)
منتجات نسوية تم عرضها بأحد المعارض في العاصمة صنعاء (فيسبوك)
TT

يمنيات يؤسّسن مشروعات منزلية للتغلب على صعوبة العيش

منتجات نسوية تم عرضها بأحد المعارض في العاصمة صنعاء (فيسبوك)
منتجات نسوية تم عرضها بأحد المعارض في العاصمة صنعاء (فيسبوك)

دفعت الظروف المعيشية الحرجة مئات اليمنيات من مختلف الأعمار إلى مزاولة مهن مختلفة ومتعددة، وابتكار مشروعات منزلية تدر الدخل لتحسين أوضاعهن المعيشية المتدهورة، في ظل الحرمان من أقل الحقوق في مختلف المناطق اليمنية.

وتواصل أم أحمد، وهي ربة منزل، تقطن بضواحي صنعاء، وأم لخمسة أولاد، منذ عام إعداد قِطع «الآيس كريم» في منزلها وتوزيعها على بعض المحال التجارية لتوفير أبسط متطلبات أفراد أسرتها.

منتجات نسوية تم عرضها بأحد المعارض في العاصمة صنعاء (فيسبوك)

تؤكد أم أحمد لـ«الشرق الأوسط»، أن وفاة زوجها قبل ثلاث سنوات إثر مرض عضال، ألقى بكامل العبء على عاتقها في تحمل المسؤولية والبحث عن فرصة عمل لتوفير القوت الضروري لأبنائها.

وعقب فشلها غير مرّة في الحصول على عمل، استطاعت أم أحمد بعد تفكير عميق تأسيس مشروعها الخاص، ويتمثل في تجهيز قطع «الآيس كريم» بنكهات الفراولة والبرتقال والتوت، حيث تقوم في كل مساء بإعدادها ووضعها بثلاجة التبريد في منزلها، وتنتظر حتى الصباح لإخراجها ثم تضعها في حافظات تبريد صغيرة وتوزيعها على المحال لبيعها للزبائن في الحي الذي تقطنه بصنعاء.

وتحصد أم أحمد بين 20 و30 دولاراً بنهاية كل يوم، وهو مبلغ تقول إنه لا يغطي التزامات عائلتها من مأكل، ومشرب، وملبس، ومدارس، وإيجار منزل، ولا حتى توفير بعض متطلبات إعداد المثلجات كعلب النكهات المجففة والسائلة، والسكر، والماء المعدني، وقيمة فاتورة الكهرباء التجارية.

مجابهة ظروف الصراع

تُعدّ أم أحمد واحدة من بين آلاف النساء اليمنيات اللواتي أجبرتهن ظروف الحرب المشتعلة في اليمن منذ أكثر من تسع سنوات على البحث عن عمل أو إيجاد مشروعات صغيرة تمكنهن من مجابهة قساوة الظروف والفاقة.

يمنية تقدم منتجات منزلية بمهرجان ترويجي أقيم في صنعاء (فيسبوك)

وبحسب ما يقوله مختصون اجتماعيون واقتصاديون، فإن آلاف الأسر باليمن يتصدرهم النساء والأطفال (الشريحة الأضعف) لا يزالون يواجهون أوضاعاً معيشية بالغة الصعوبة بسبب استمرار الصراع الدائر في البلاد منذ سنوات، بينما تشير تقارير دولية إلى أن معظم العائلات في اليمن لم تعد تواجه النزوح الجماعي فحسب، بل باتت تعاني انهياراً اقتصادياً مدمراً وانهياراً لعدد كبير من الخدمات الأساسية وأنظمة الحماية الاجتماعية، وغيرها.

وإلى جانب أم أحمد، لجأت ابتسام الحميدي التي تعول ثلاثة من أشقائها بعد فقدان والديها إثر حادث مروري قبل سنوات، للعمل في الصناعات المنزلية بإعداد بعض الحلوى وحياكة الملابس وصنع مشغولات يدوية وحرفية مختلفة.

ولتحسين مستوى معيشة أسرتها، تلجأ ابتسام في كل مرة إلى بيع مصنوعاتها اليدوية لملاك محال في أسواق عدة بصنعاء، في حين تضطر إلى بيع أخرى إما عبر حساباتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإما عبر مشاركتها بمهرجانات وأسواق ومعارض تنظمها بين كل فترة وأخرى مبادرات في العاصمة صنعاء.

ملبوسات أعدّتها نساء وشاركن بها بمعارض في صنعاء (فيسبوك)

وتكشف ابتسام في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، عن مشاركتها سابقاً في معارض ومهرجانات وأسواق عدة أقامتها مبادرات خاصة بصنعاء، منها على سبيل المثال، مهرجان «صيف صنعاء» و«المدرهة التراثي» و«سوق الخميس» وهي سوق خاصة بالنساء نُظمت أواخر العام الفائت بميدان التحرير وسط العاصمة، وخصصت للترويج لمنتجات الأسر اليمنية.

وتقول الشابة اليمنية إن منتجاتها المتنوعة لاقت في السابق ولا تزال إقبالاً ملحوظاً من قِبل السكان، وكذا الزائرون للمعارض والمهرجانات المقامة في صنعاء، حيث تبيعها لهم بأسعار متفاوتة.

دفع النساء للعمل

يؤكد مركز صنعاء للدراسات أن النزاع المطول دفع كثيراً من النساء بمختلف مناطق اليمن إلى سوق العمل في صور جديدة ومختلفة.

وفي تقرير له، أوضح المركز أن المرأة في اليمن ونتيجة الحرب بدأت تعمل بمهن هيمن عليها الرجال في الماضي، في حين بدأ بعض النساء في حالات أخرى بإنشاء مشروعات جديدة من منازلهن، والبعض الآخر لجأن إلى ممارسة أعمال بدنية شاقة متدنية الأجور استجابة للأزمة الاقتصادية أو بسبب فقدان الرجل المعيل.

وأجبرت الحاجة المادية عدداً متزايداً من النساء اليمنيات على بدء مشروعات جديدة، غالباً ما تكون أعمالاً منزلية مثل إنتاج الطعام في المنزل لبيعه، أو بيع الملابس والإكسسوارات عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث تمكن أولئك اللاتي أسسن مشروعات ناجحة من دعم أقاربهن بدخلهن.

يمنية تشارك بمعرض ترويجي لمنتجات الأسر في صنعاء (فيسبوك)

وعلى الرغم من عدم توفر إحصائيات نهائية، تشير تقديرات ما قبل الصراع إلى أن ما بين 12.5في المائة و25 في المائة من القوى القادرة على العمل كانت فعلياً عاطلة عن العمل، مع ارتفاع هذه الأرقام بشكل كبير بين الشباب والنساء. وكانت نحو 42.4 في المائة من القوى العاملة تعمل لحسابها الخاص أو في شركات مملوكة للعائلة.

وأكد مركز صنعاء للدراسات أن الصراع المستمر دمّر الاقتصاد اليمني، وترك ملايين السكان غير قادرين على تأمين الاحتياجات الأساسية، كما أدى الانهيار الاقتصادي إلى وقوع كارثة إنسانية.

ووفقاً للتقرير، أدى استمرار النزاع إلى بعض الزيادات في عمالة النساء، إلى جانب ارتفاع كبير بعدد الأسر اليمنية التي تقودها النساء؛ نظراً لفقد كثير من الرجال دخلهم بسبب الصراع، وفي بعض الحالات أصبحت المرأة هي المعيل.

ورأى المركز أن معدلات مشاركة النساء في القوى العاملة باليمن تعدّ من أدنى المعدلات على مستوى العالم، وقد أدى الانهيار الاقتصادي الناجم عن الصراع الجاري إلى تدمير هيكل سوق العمل في اليمن؛ إذ تشير البيانات المتاحة إلى أن النساء العاملات تضررن عموماً جراء الصراع أكثر من أقرانهن من الرجال.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يعول على «هدنة غزة» لعودة مسار السلام في اليمن

العالم العربي غروندبرغ يحيط مجلس الأمن بمستجدات الحالة اليمنية (الأمم المتحدة)

غروندبرغ يعول على «هدنة غزة» لعودة مسار السلام في اليمن

أبدى المبعوث الأممي هانس غروندبرغ أمله في أن يؤدي إبرام «هدنة في غزة» إلى عودة مسار السلام بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية محذراً من عواقب وخيمة للتصعيد.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي 38 ألف أسرة تضررت جراء الفيضانات التي ضربت اليمن (إعلام حكومي)

الحوثيون والكوارث الطبيعية يهجرون اليمنيين

أظهرت بيانات مبادرة دولية معنية برصد الأزمات والنزوح والكوارث أن التغيرات المناخية باتت وكأنها تنافس الحوثيين في تهجير اليمنيين خلال العامين الأخيرين وفق ناشطين

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

زعم الحوثيون مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أنصار الحوثيين يرددون شعارات ويرفعون أسلحتهم خلال احتجاج مناهض للولايات المتحدة وإسرائيل في صنعاء 10 يناير 2025 (إ.ب.أ)

الحوثيون يزعمون استهداف حاملة طائرات أميركية في البحر الأحمر

أعلن الحوثيون تنفيذ عملية عسكرية مشتركة استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وقطعاً بحرية تابعة لها شمال البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 (غيتي)

انقلابيو اليمن يحولون المدارس إلى ثكنات 

تعسفت الجماعة الحوثية مع موظفي قطاع التعليم وحرمتهم من صرف نصف راتب شهري تعهدت به سابقاً وأجبرت طلاب المدارس على المشاركة في دورات قتالية

وضاح الجليل (عدن)

«حماس» وافقت على اتفاق وقف النار... واجتماع مرتقب لحكومة نتنياهو لإقراره

TT

«حماس» وافقت على اتفاق وقف النار... واجتماع مرتقب لحكومة نتنياهو لإقراره

أنباء عن التوصل لاتفاق بشأن غزة (د.ب.أ)
أنباء عن التوصل لاتفاق بشأن غزة (د.ب.أ)

بينما كشفت مصادر عن موافقة «حماس» على مقترح اتفاق وقف إطلاق النار، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الأربعاء، بأن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تستعد للاجتماع اليوم الأربعاء أو صباح غد الخميس للتصديق على الاتفاق.

ونقلت صحيفة «هآرتس» نقلا عن مصدر لم تذكره بأن إسرائيل في إطلاق سراح أول دفعة من الرهائن في بداية الأسبوع المقبل، قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يوم الاثنين.

وفي السياق نفسه، نقلت شبكة «سي إن إن» الإخبارية عن مصدرين مطلعين القول إن الحكومة الإسرائيلية تتوقع الإعلان عن الاتفاق في وقت لاحق اليوم الأربعاء أو غدا الخميس. وقال أحد المصدرين «نحن قريبون جدا» من الاتفاق.

 وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الأربعاء، إنه قطع زيارته إلى أوروبا اليوم الأربعاء ليتمكن من المشاركة في تصويت مجلس الوزراء الأمني ​​والحكومة على اتفاق إطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار في غزة.وقالت وزارة الخارجية في بيان «بعد التقدم المحرز في مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، قطع الوزير ساعر زيارته الدبلوماسية، التي كان من المقرر أن تستمر غدا في المجر. وسيعود إلى إسرائيل الليلة للمشاركة في المناقشات والتصويت المتوقع في مجلس الوزراء الأمني ​​والحكومة».

وأفادت صحيفة «جيروزاليم بوست» بأن تعليمات صدرت إلى وزارة الدفاع والجيش في إسرائيل للاستعداد لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن في قطاع غزة. وأضافت الصحيفة دون ذكر مصدر أن التعليمات تتعلق بالقوات في القطاع وعلى حدوده وبالجبهة الداخلية بالإضافة إلى تنظيم الطواقم الطبية وسلاح الجو.

رد «حماس»

إلى ذلك، صرح مصدران فلسطينيان قريبان من مفاوضات الدوحة أن حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وافقتا على الصفقة. وأكد مصدر لوكالة الصحافة الفرنسية أن «(حماس) و(الجهاد الإسلامي) أبلغتا الوسطاء بالموافقة على المسودة النهائية لاتفاق وقف النار وصفقة تبادل الأسرى»، بينما قال مصدر آخر إن «(حماس) سلمت إسرائيل عبر الوسطاء الرد الإيجابي... بعد الاتفاق حول كافة النقاط والتفاصيل. 

وأوضح أحد المصدرين أن «حماس تسلمت عبر الوسطاء خرائط الانسحابات الإسرائيلية وفقاً للجدول الزمني المحدد بين الجانبين والتي تشملها المرحلة الأولى من الاتفاق». وقال «لم تعد أي نقطة بحاجة إلى التفاوض» مشيراً إلى أن «الوسطاء القطريين والمصريين والأميركيين سيعلنون الاتفاق في بيان مشترك بعد توقيعه من قبل «حماس» وإسرائيل في الدوحة، ويتضمن ضمانات لتنفيذه».

وأضاف أن «(حماس) عقدت مشاورات مع فصائل المقاومة وهي (الجهاد) والجبهتان الشعبية والديموقراطية والجبهة الشعبية القيادة العامة والتي أبدت موافقتها على الاتفاق من أجل وقف العدوان والحرب من أجل حماية شعبنا».

ونوّه إلى أنه «من المتوقع أن توقع (حماس) وإسرائيل لى الاتفاق في أقرب وقت قبل إعلانه، ومن ثم ننتقل إلى مرحلة التنفي»"، من دون تقدير موعد محدد.

وفي وقت لاحق، قال مصدر مشارك في المحادثات لـ«رويترز» إن رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يلتقي بمفاوضي «حماس» في مكتبه لإعطاء دفعة نهائية لمساعي وقف إطلاق النار.