وعود الحوثي تتبخر... وتخطيط لاستهداف «مؤتمر صنعاء» من الداخل

يواجه زعيم الحوثيين صعوبات في إنهاء صراع الأجنحة داخل جماعته (إعلام حوثي)
يواجه زعيم الحوثيين صعوبات في إنهاء صراع الأجنحة داخل جماعته (إعلام حوثي)
TT

وعود الحوثي تتبخر... وتخطيط لاستهداف «مؤتمر صنعاء» من الداخل

يواجه زعيم الحوثيين صعوبات في إنهاء صراع الأجنحة داخل جماعته (إعلام حوثي)
يواجه زعيم الحوثيين صعوبات في إنهاء صراع الأجنحة داخل جماعته (إعلام حوثي)

تبخرت الوعود التي أطلقها عبد الملك الحوثي، قائد الانقلابيين في اليمن، بإحداث تغيير جذري في سلطة إدارة مناطق سيطرة أتباعه، مع تصاعد الإضراب الشامل للمعلمين واتساع القاعدة الشعبية المنددة بفساد الجماعة، وهو ما أغضب الجناح الذي كان يتطلع لتولي مهمة الحكم هناك بقيادة محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الجماعة.

وفي حين تخطط الجماعة لضرب جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء من الداخل، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر وثيقة الاطلاع أن عبد الملك الحوثي استدعى مهدي المشاط رئيس مجلس الحكم، إلى محافظة صعدة، وحدد له ملامح التغييرات المطلوبة.

تهدد الجماعة الحوثية باجتثاث كافة القوى المناهضة لفساد قادتها (إ.ب.أ)

وأوضحت المصادر أن التغييرات تستهدف من يوصفون بـ«الطابور الخامس»، والمقصود بهم العناصر الذين ينتقدون فساد سلطة الانقلاب، وبينهم كوادر وقيادات من المنتمين لجناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء، وأولئك الذين يعارضون النهج الطائفي للجماعة.

وخلافاً للتوقعات من أنصار الانقلابيين بأنه سيتم تغيير المشاط وأحمد حامد اللذين يتهمان بالفساد، وكذا إنهاء صراع الأجنحة المتفاقم على الأموال، تم إيكال مهمة إجراء التغييرات المتوقعة إلى المشاط ومدير مكتبه، وهو ما يعني استمرار النهج ذاته وتنامي الصراع على الأموال بين الأجنحة المكونة للجماعة الانقلابية.

مرحلة قمع مرتقبة

المصادر بيّنت أن القرار شكل صدمة لجناح محمد علي الحوثي الذي كان يتطلع لتولي السلطة هناك، لأن عزل المشاط سيعني إنهاء سطوة ونفوذ مدير مكتبه الذي يتحكم في كل شيء، ورأت في الخطوة إطلاق يد جناح حامد لقمع واستبعاد المعارضين بحجة أنهم «طابور خامس»، وتوقعت أن تشهد مناطق سيطرة الميليشيات مرحلة قمع جديدة تستهدف المطالبين برواتبهم، وفي طليعتهم المعلمون الذين ينفذون إضراباً شاملاً منذ ما يزيد على شهرين.

الحملة التي يقودها جناح حامد ضد المطالبين برواتبهم واعتبارهم طابوراً خامساً يخدم أعداء الجماعة الانقلابية، تشير - بحسب المصادر - إلى أنها رسالة واضحة لطبيعة المرحلة التي سيكون في مقدمة ضحاياها أعضاء وكوادر جناح «المؤتمر الشعبي» في السلطة الحاكمة هناك، حيث يتهمون بعدم الإخلاص، وبعرقلة الإصلاحات الحوثية المزعومة.

الجماعة الحوثية بعثت رسائل طمأنة لجناح حزب «المؤتمر» في صنعاء عقب التهديدات (إعلام حوثي)

وفيما يتوقع أن يكون النشطاء المؤيدون لإضراب المعلمين في طليعة المستهدفين، أفادت المصادر بأن المشاط، وعقب عودته من صعدة حدد أولوياته بشكل واضح، وقال إن التغيير سيأتي بعد مواجهة ما يسميه «العدوان»، وبعد توحيد الجبهة الداخلية.

مصادر في حزب «المؤتمر الشعبي» وصفت الخطاب الجديد الذي عاد به المشاط من صعدة بأنه «تراجع واضح عن وعود التغييرات الجذرية» التي حاول من خلالها عبد الملك الحوثي امتصاص النقمة الشعبية، وأوضحت أن الجماعة تبرر التراجع عن الخطوة بالحفاظ على الجبهة الداخلية وتماسكها مع الجبهة العسكرية؛ لأن التغييرات ستنعكس سلباً على تماسك الجبهتين.

وأضافت أن الذين تم تعيينهم على رأس المؤسسات العامة كانت أهم معايير اختيارهم أنهم من المؤمنين بالفكر الطائفي والمقاتلين في الجبهات، وهو ما يثير مخاوف الجماعة من تفجر صراعات داخلية على خلفية تقاسم الأموال والمناصب، والمطالبة باستحقاقات المشاركة في الحرب.

استهداف «المؤتمر»

مع الحملة الحوثية المستمرة الرامية إلى اجتثاث «مؤتمر صنعاء)، قللت المصادر التي تحدثت مع «الشرق الأوسط» من أهمية اللقاء الذي جمع صادق أبو رأس رئيس جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء مع المشاط وأحمد حامد ومحمد الحوثي، وقالت إنها محاولة طمأنة لا أكثر بعد التهديدات بالقتل التي تلقاها «أبو رأس» من قبل قيادات وسطية في الجماعة الانقلابية.

وأكدت المصادر أن حزب «المؤتمر» يدرك جيداً أنه مستهدف بسبب انحيازه لمطالب السكان، وفي المقدم منها صرف رواتب الموظفين، والكشف عن حجم الأموال التي تتم جبايتها، وكيف يتم إنفاق تلك الأموال.

وأوضحت أن الحزب أبلغ الطرف الحوثي خلال اللقاء بأنه لا يتفق مع الإجراءات التي تتخذها الجماعة الانقلابية، والتي تستهدف النظام الجمهوري، وفرض الطائفية، واستهداف مكتسبات المرأة اليمنية.

وعلى وقع تنامي حركة الموظفين المطالبين بصرف رواتبهم، بينت المصادر أن حجم الأموال التي يتم جمعها وإنفاقها قادر على تغطية رواتب الموظفين المدنيين الذين لا يزيد عددهم على 300 ألف موظف.

الحوثيون يعتقلون رئيس نادي المعلمين اليمنيين محافظة المحويت (نادي المعلمين)

وبخصوص موقف حزب «المؤتمر» من هذه القضية، ذكرت المصادر أنه موقف واضح ولا لبْس فيه، ويدعم أولوية أي اتفاق يؤدي إلى صرف رواتب الموظفين أو أن تتولى حكومة الانقلاب صرفها من الأموال التي يتم جمعها من عائدات الجمارك والضرائب وموانئ الحديدة الثلاثة.

واتهمت المصادر الحوثيين بالعمل على دعم عناصر مفصولة من قيادة جناح حزب «المؤتمر»، والتي تقود حملة تحريض وتشويه لرئيس الحزب من خلال فتح وسائل إعلام الانقلابيين لهذه الأصوات وتمويل حملة هذه العناصر بهدف ضرب الحزب من الداخل.

وتأتي تحركات الميليشيات الحوثية على النقيض من حديث أحد أجنحتها حول ضرورة استمرار الشراكة مع جناح حزب «المؤتمر» في صنعاء.


مقالات ذات صلة

اليمن يطالب بحزم أممي لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

العالم العربي وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)

اليمن يطالب بحزم أممي لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

شدد وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني على ضرورة اتخاذ إجراءات أممية حازمة لمنع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، بينما تبنت الجماعة هجمات بالمسيَّرات على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي صندوق حوثي لجمع التبرعات النقدية في أحد شوارع صنعاء (إكس)

رفض مجتمعي لجبايات الحوثيين تحت اسم «مساندة لبنان وغزة»

واجهت حملات الجباية الحوثية التي أطلقتها الجماعة تحت مزاعم التبرع للفلسطينيين في غزة و«حزب الله» في لبنان رفضاً مجتمعياً في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الانقلاب.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)

تضرر 30% من الأراضي الزراعية في اليمن خلال عام

أفاد وزير المياه والبيئة اليمني، توفيق الشرجبي، بأن بلاده خسرت 30 في المائة من الأراضي الزراعية خلال عام، داعياً إلى تمويل دولي إضافي لمواجهة آثار المناخ.

«الشرق الأوسط» (تعز)
العالم العربي منظر عام لقلعة «القاهرة» التاريخية في مدينة تعز اليمنية (إكس)

مبادرتان أميركيتان لتعزيز حماية التراث الثقافي في اليمن

أعلنت السفارة الأميركية لدى اليمن عن دعم مبادرتين؛ الأولى لترميم قلعة تاريخية في تعز، والثانية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية في اليمن.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي أب إثيوبي عثر على ابنه بعد أن تقطعت به السبل داخل الأراضي اليمنية عدة أشهر (الأمم المتحدة)

ارتفاع المهاجرين الأفارقة إلى اليمن 136 %

ارتفع عدد المهاجرين من القرن الأفريقي إلى اليمن بنسبة 136 في المائة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وفق بيانات وزعتها المنظمة الدولية للهجرة.

محمد ناصر (تعز)

تضرر 30 % من الأراضي الزراعية في اليمن خلال عام

جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)
جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)
TT

تضرر 30 % من الأراضي الزراعية في اليمن خلال عام

جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)
جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)

أفاد وزير المياه والبيئة اليمني، توفيق الشرجبي، بأن بلاده خسرت 30 في المائة من الأراضي الزراعية خلال عام واحد بسبب الأمطار والسيول الجارفة، داعياً المجتمع الدولي إلى سد الفجوة التمويلية لمواجهة آثار المناخ.

تصريحات الوزير اليمني جاءت على هامش مؤتمر قمة المناخ الدولي في العاصمة الأذربيجانية باكو، في الجلسة رفيعة المستوى الخاصة ببناء الشبكات لتعزيز السلام والقدرة على الصمود في البيئات المعرضة لتغيُّر المناخ، التي نظمتها مؤسسة «أودي» العالمية.

وزير المياه والبيئة اليمني توفيق الشرجبي التقى في باكو مسؤولين باليونيسيف (سبأ)

وأكد الشرجبي أن بلاده عازمة على مواصلة جهودها مع دول العالم لمواجهة تداعيات تغيُّر المناخ، مشدداً على أهمية إيجاد حلول شاملة للأزمة المناخية تشمل الجميع، بوصف الانتقال العادل جزءاً من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ واتفاق باريس للمناخ.

وأشار إلى أن اليمن شهد 6 أعاصير في 6 سنوات، وقال إن السيول والفيضانات خلال عام واحد أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية في بلد يعتمد، إلى حد كبير، على الزراعة، وهو ما يجعله من أكثر البلدان تأثراً بالتغيرات المناخية.

وشدّد الوزير الشرجبي على أهمية تسهيل الوصول للتمويلات المناخية لأغراض التكيف في البلدان الأكثر تضرراً من المناخ التي باتت تواجه تهديدات وجودية بسبب الآثار المتفاقمة للتغيرات المناخية، والتي تتسبب في زيادة حدَّة النزاعات والصراعات، وتقويض الاستقرار العالمي.

ودعا وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية المنظمات الدولية إلى التحرُّك لسد الفجوة التمويلية، من خلال تسهيل وزيادة التمويل المخصص للتكيف مع تغير المناخ، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية، وبناء القدرات في الدول النامية، ودعم الخطط الوطنية للدول النامية والأقل نموّاً، ومساعدتها على التكيُّف والانتقال نحو الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر.

برنامج وطني

على هامش فعاليات مؤتمر الأطراف، المُنعقد في العاصمة الأذربيجانية باكو، أطلقت الحكومة اليمنية البرنامج الوطني لتمويل المناخ للفترة من 2025 وحتى 2030، والذي يهدف إلى تعزيز قدرة البلاد على التكيف مع التحديات المناخية المتزايدة.

وأكد عضو مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، عبد الله العليمي، خلال فعالية خاصة ضمن أعمال مؤتمر المناخ، التزام القيادة السياسية والحكومة بتحقيق الأهداف المناخية رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة في بلاده.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عبد الله العليمي خلال مشاركته في قمة المناخ في باكو (سبأ)

وأوضح العليمي أن التغير المناخي يمثل تحدياً عالمياً، إلا أنه يُشكل تهديداً أكبر لليمن؛ إذ يعاني الشعب من تبعات الحرب التي أشعلها الحوثيون المدعومون من النظام الإيراني، ما أدّى إلى تدهور الموارد الحيوية، وزاد من هشاشة البلاد تجاه تأثيرات التغيرات المناخية.

في السياق نفسه، أكد توفيق الشرجبي أن اليمن يواجه تحديات بيئية متصاعدة بفعل التغيرات المناخية، مثل الجفاف المتكرر، وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة منسوب مياه البحر، ما يؤثر سلباً على الموارد المائية والزراعة والبنية التحتية.

وأكد الشرجبي، أن البرنامج الذي جرى إطلاقه يهدف إلى استجابة شاملة للاحتياجات الوطنية في مجال تمويل المناخ، من خلال تعزيز القدرات الوطنية وتطوير البنية التحتية وتشجيع الاستثمارات الخضراء.

وشهدت فعالية إطلاق البرنامج مشاركة واسعة من جهات محلية ودولية، منها صندوق المناخ الأخضر، والبنك الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إضافة إلى ممثلين من وزارة الزراعة والري والثروة السمكية في الحكومة اليمنية.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني أن البرنامج الوطني المتعلق بالمناخ يأتي استجابة للظروف البيئية الصعبة التي واجهت البلاد خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك الجفاف والفيضانات والأعاصير، التي أسهمت في زيادة هشاشة البلاد تجاه تأثيرات المناخ.

كما يهدف البرنامج إلى دعم جهود اليمن في مواجهة التحديات المناخية، وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، بما يسهم في استقطاب استثمارات مناخية مستدامة.

تحذير دولي

في وقت سابق، وقَّعت 11 دولة على بيان يُحذر من آثار التغيرات المناخية على السلام والأمن في اليمن الذي يعاني نتيجة الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية منذ عام 2014.

وأكد البيان، الذي وقّعت عليه فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وجوب التعاون مع المجتمع الدولي في السعي إلى معالجة آثار تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية في اليمن بوصفه جزءاً من جهود المساعدات الإنسانية وبناء السلام الأوسع نطاقاً.

الوفد اليمني المشارك في قمة المناخ بالعاصمة الأذربيجانية باكو (سبأ)

وطالب البيان بضرورة تعزيز تنسيق الجهود العالمية لبناء القدرات المحلية على الصمود في مواجهة المخاطر المناخية وتعزيز إدارة الكوارث والاستجابة لها.

ومع تنبيه البيان إلى أهمية تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين مراقبة موارد المياه الجوفية، دعا منظومة الأمم المتحدة إلى دعم جهود إيجاد أنظمة غذائية أكثر استدامة، واستخدام المياه والطاقة بكفاءة، فضلاً عن زيادة استخدام الطاقة المتجددة.

وذكر البيان أن الصراع المزمن في اليمن أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية وانهيار اقتصادي، وجعل أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وبحاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، 75 في المائة منهم من النساء والأطفال.