«الرواتب» تفخخ التحالف الشكلي بين الحوثيين و«مؤتمر صنعاء»

تصاعد التهديد باجتثاث جناح الحزب وتصفية زعيمه «أبو راس»

مكاشفة زعيم «مؤتمر صنعاء» جعلته في مرمى تهديدات الحوثيين (إعلام المؤتمر الشعبي)
مكاشفة زعيم «مؤتمر صنعاء» جعلته في مرمى تهديدات الحوثيين (إعلام المؤتمر الشعبي)
TT

«الرواتب» تفخخ التحالف الشكلي بين الحوثيين و«مؤتمر صنعاء»

مكاشفة زعيم «مؤتمر صنعاء» جعلته في مرمى تهديدات الحوثيين (إعلام المؤتمر الشعبي)
مكاشفة زعيم «مؤتمر صنعاء» جعلته في مرمى تهديدات الحوثيين (إعلام المؤتمر الشعبي)

دخل جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء إلى مرمى النيران الحوثية بعد أن تبنى قادته تأييد مطالب صرف رواتب الموظفين العموميين في مناطق سيطرة الانقلاب، وهو الأمر الذي ردت عليه الجماعة بتصعيد تهديدها باجتثاث الحزب وتصفية زعيمه صادق أمين أبو راس.

يأتي ذلك في وقت يدرك فيه قطاع عريض من اليمنيين أن ما جمع جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء مع الانقلابيين الحوثيين هو تحالف الضرورة منذ 2016 ولا يعكس قناعة أو ثقة أي طرف بالآخر.

عنصر حوثي يراقب تجمعا لأتباع الجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

فبعد أيام من توجيه محمد علي الحوثي عضو مجلس الحكم في مناطق سيطرة الانقلابيين بمصادرة وبيع ممتلكات الحزب وقياداته لصالح ما يسمى «صندوق دعم المعلم»، خرج قيادي آخر في الجماعة مطالبا بحل الحزب ومحاكمة قيادته وإعدام من أسماهم الخونة، وامتد الطلب إلى حزب «الإصلاح» مع أنه تم تجميد أنشطته في تلك المناطق منذ بداية الانقلاب.

علي المداني وهو شقيق القيادي الحوثي البارز طه المداني الذي قاد هجوم الانقلابيين على عدن في العام 2015 وجه رسالة إلى عبد الملك الحوثي زعيم الميليشيات طالبه فيها بحل حزب «المؤتمر» ومحاكمة قياداته وإعدام الخونة منهم‏، كما طالب بحل حزب «الإصلاح» والبرلمان الخاضع للجماعة في صنعاء، وتشكيل ما أسماه بـ«تجمع وطني موحد». ‏

وهاجم المداني صادق أبو راس رئيس جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء ووصفه بـ«المريض» وقال إنه على وشك تقديم استقالته ليفسح المجال لنائبه أحمد علي عبد الله صالح ‏نجل الرئيس اليمني الأسبق، مشددا على عدم السماح بمرور ما وصفه بـ«المخطط»، كما اتهم أبو راس بعرقلة جبهات الجماعة ومشاريعها.

ومع أن أبو راس يحتل موقع نائب رئيس مجلس الحكم في مناطق سيطرة الانقلابيين إلا أنه لا يؤدي أي دور في هذا المجلس وقد أعلنها صراحة خلال حفل إحياء ذكرى تأسيس الحزب منتقدا الشراكة الصورية واستئثار الحوثيين بكل شيء واحتكار القرار، كما انتقد التوجهات الطائفية واستهداف المرأة واستمرار قطع مرتبات الموظفين، مطالبا بالكشف عن حجم العائدات وأين تصرف.

مهادنة خشية البطش

بحسب اثنين من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء تحدثت إليهما «الشرق الأوسط» بشرط عدم الإفصاح عن هويتهما لأسباب أمنية، فإن الحوثيين يدركون منذ قتلهم الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح أن الحزب لا يؤيدهم ولا يقف مع توجهاتهم المعادية للنظام الجمهوري والساعية لإعادة نظام حكم الإمامة، وأنه يهادنهم حفاظا على أعضائه وكوادره من القمع والاعتقالات، خاصة أن معظم الجهاز الإداري للدولة من أنصار الحزب والرئيس الأسبق، وكذلك الحفاظ على ممتلكات الحزب من المصادرة.

نفد صبر حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء تجاه سعي الحوثيين لإعادة نظام الإمامة (إعلام المؤتمر الشعبي)

وأكد القياديان أن أموال الحزب تصرف تحت رقابة من جهاز المخابرات الداخلية للانقلابيين الحوثيين كما أن اجتماعاته وأنشطته تخضع للرقابة وأن وسائله الإعلامية لا تتسلم موازناتها إلا بموجب تقارير رقابية من مخابرات الحوثيين حول أدائها والتزامها بالنهج الذي فرض عليها، لأن الحوثيين، وفق المصدرين، يعلمون أن حزب «المؤتمر» وقيادته وكوادره يعارضون المشروع الطائفي للحوثيين.

ويتعامل الحوثيون -بحسب ما ذكره المصدران- مع ما تبقى من نشاط حزبي في مناطق سيطرتهم بقبضة مخابراتية، حيث وضعوا حدودا واضحة لأي نشاط أو تصريحات بحيث لا تصطدم أو تتعارض مع توجهاتهم.

وفيما يهدد الانقلابيون الحوثيون عند أي خلاف بإغلاق مقرات تلك الأحزاب، قبل أن يهددوا الآن باجتثاث حزب «المؤتمر الشعبي» الذي يعد أكبر الأحزاب جماهيرية في البلاد، طالب القياديان التعامل بجدية مع تهديدات الحوثيين بحل الحزب ومحاكمة قيادته.

عنتريات فارغة

على خلاف هذه المخاوف من اجتثاث جناح حزب «المؤتمر» في صنعاء يرى القاضي عبد الوهاب قطران أن تهديدات الحوثيين مجرد «عنتريات فارغة»، بحسب تعبيره، لأن رئيس جناح الحزب صادق أبو راس هو «كبير قبيلة بكيل».

ويقول قطران إن من يعرف خفايا الأمور يدرك أن هذه القبيلة (بكيل) هي سند الحوثيين وأنه لولاها ما وصلوا إلى السلطة، لأنهم وفق العرف القبلي «مجرد هجرة» لا قدرة عسكرية لهم دون القبيلة.

الحضور الشعبي الواسع لـ«المؤتمر الشعبي» في اليمن يؤرق الحوثيين (إعلام المؤتمر الشعبي)

‏بدوره توقع النائب المعارض أحمد سيف حاشد انهيار سلطة الانقلاب وقال إنها لن تدوم طويلا، طالما أنها تستعدي كل يوم مزيدا من الأفراد والفئات والشرائح الاجتماعية، وتلحق بهم كثيرا من الفاقة والعوز، والظلم والعار.

ووصف الجماعة بأنها «سلطة أمر واقع جائرة ترفض التنازل قيد أنملة عن منح مرتب لموظف، رغم أن هذا المرتب فقد قدرته الشرائية مرة ومرتين وثلاثا».

ورأى حاشد في تعليقات له على ردود فعل الحوثيين تجاه المطالبين بصرف رواتبهم، أن مصطلح سلطة الأمر الواقع تراجع كل يوم لصالح ما هو دونه، وبات يدنو إلى مقاربة وصف «العصابة».

وقال النائب حاشد إن الجماعة الحوثية تستعدي اليمنيين، ولا ترى فيهم إلا محاطب حرب عندما تشتد الحاجة إليهم، وغنيمة حرب بعدها بهدن معلنة أو غير معلنة وأنهم «مجرد كلاب ينبغي تجويعهم لتظفر بولائهم». على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يختصون عائلات قتلاهم المنتمين إلى سلالة زعيمهم بوحدات سكنية

العالم العربي 
قيادات حوثية تدشن مشروعات سكنية لذوي القتلى في ريف صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يختصون عائلات قتلاهم المنتمين إلى سلالة زعيمهم بوحدات سكنية

اختصت الجماعة الحوثية عائلات قتلاها من المنتمين إلى سلالة زعيمها دون غيرهم، بوحدات سكنية جرى بناؤها وتجهيزها على أراضِ منهوبة تعود ملكيتها للدولة والسكان

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي نسبة الاستهلاك الغذائي المقبول في اليمن ارتفعت من 26 في المائة إلى 53 في المائة (الأمم المتحدة)

2.3 مليون يمني يستفيدون من مشروع أوروبي لدعم صمود الريف

اختتم في عدن برنامج أوروبي استمر 10 سنوات لتعزيز التعافي والقدرة على الصمود المعيشي في اليمن، حيث قدم المساعدة في قطاعات متعددة منها تعزيز الأمن الغذائي

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مشهد لانفجارات على متن سفينة الشحن الغارقة «ماجيك سيز» والتي هاجمها الحوثيون (أ.ف.ب)

خطورة الهجمات الحوثية البحرية تتصاعد... والجماعة تتوعد

مع تأكد مقتل وفقدان 15 بحاراً دخل تهديد الجماعة الحوثية للملاحة في البحر الأحمر طوراً أكثر خطورة إثر غرق سفينتي شحن يونانيتين خلال أسبوع.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي محافظة الحديدة الخاضعة للحوثيين سجلت أعلى معدلات الاحتياجات الغذائية (إعلام محلي)

تصعيد الحوثيين يدفع ملايين اليمنيين نحو المجاعة

تدفع ممارسات الحوثيين ما يقارب ثلاثة ملايين يمني نحو المجاعة، إذ يواصلون اعتقال العشرات من عمال الإغاثة، كما صعّدوا هجماتهم وأغرقوا سفينتين في البحر الأحمر.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن قلق من التصعيد الحوثي الإقليمي والمحلي (الأمم المتحدة)

غروندبرغ يرسم صورة قاتمة للتصعيد الحوثي ويحذر من انهيار التهدئة

خلال إحاطة أمام مجلس الأمن الأربعاء رسم المبعوث الأممي هانس غروندبرغ صورة قاتمة عن تدهور الوضع في اليمن بسبب التصعيد الحوثي على المستويين المحلي والإقليمي

«الشرق الأوسط» (عدن ـ نيويورك)

الحوثيون يختصون عائلات قتلاهم المنتمين إلى سلالة زعيمهم بوحدات سكنية


قيادات حوثية تدشن مشروعات سكنية لذوي القتلى في ريف صنعاء (إعلام حوثي)
قيادات حوثية تدشن مشروعات سكنية لذوي القتلى في ريف صنعاء (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يختصون عائلات قتلاهم المنتمين إلى سلالة زعيمهم بوحدات سكنية


قيادات حوثية تدشن مشروعات سكنية لذوي القتلى في ريف صنعاء (إعلام حوثي)
قيادات حوثية تدشن مشروعات سكنية لذوي القتلى في ريف صنعاء (إعلام حوثي)

اختصَّت الجماعة الحوثية في اليمن عائلات قتلاها من المنتمين إلى سلالة زعيمها، بوحدات سكنية جرى بناؤها وتجهيزها على أراضٍ منهوبة تعود ملكيتها للدولة والسكان في محيط العاصمة المختطفة، صنعاء، وذلك ضمن مساعي الجماعة لاستكمال مُخطَّط التغيير الديموغرافي.

وفي حين تواصل الجماعة جرائم النهب المنظَّم لما تبقى من الأراضي والممتلكات العامة في صنعاء ومدن أخرى خاضعة لسيطرتها، فإنها لا تزال تحصر الأموال في الأتباع، في سبيل إقامة مشاريع تروج لأفكارها ذات البُعد الطائفي، بينما يعيش الملايين بمناطق قبضتها ظروفاً بائسة جراء اتساع رقعة الفقر والجوع وانقطاع المرتبات وغياب الخدمات.

ودشن قادة في الجماعة بإحدى مديريات ضواحي صنعاء، قبل أيام، ما سموه «توزيع المرحلة الثانية من الوحدات السكنية لأسر الشهداء»، وتشمل 8 وحدات سكنية، بينما سبق ذلك بفترة إعلان الجماعة عبر ما تسمى «رعاية أسر الشهداء» و«مؤسسة بيت الحسن» توزيع 6 وحدات سكنية أخرى على الأتباع، بمبلغ 130 مليون ريال يمني (ما يعادل 240 ألف دولار).

تخصيص مساكن لعائلات قتلى الحوثيين المنحدرين من سلالة زعيمهم (فيسبوك)

وقال القيادي، عبد الباسط الهادي، المعيَّن في منصب محافظ ريف صنعاء إن الهدف من المشروع الذي سيشهد توسعاً ملحوظاً بالفترات المقبلة ليشمل بقية المناطق في ريف صنعاء، هو توفير مأوى لذوي القتلى في الجبهات، بمن فيهم القادمون من صعدة، حيث معقلهم الرئيسي.

وبحسب ما ذكرته مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، فقد شهدت عدة مناطق في ريف صنعاء بالأيام الأخيرة موجة جديدة من عمليات الاستيلاء والنهب المنظَّم لأراضي وعقارات الدولة والسكان، أقدم عليها قادة حوثيون، ضمن سلوكهم الرامي للإثراء من جهة، وتأمين مأوى لأتباعهم من المنتمين إلى سلالة زعيمهم.

انتقائية وتمييز

اشتكى سكان بريف صنعاء من عمليات سطو ونهب مستمرة تقوم بها قيادات بارزة في الجماعة الحوثية طالت ولا تزال أراضيهم ومزارعهم بمركز المحافظة ونحو 16 مديرية تابعة لها.

وأبدت عائلات قتلى حوثيين غضبها حيال تخصيص الجماعة مساحات كبيرة من الأراضي المنهوبة وتوفير مبالغ طائلة لبناء وحدات سكنية لعائلات القتلى المنتمين إلى سلالة عبد الملك الحوثي، بينما يُحرَم منها ذوو القتلى غير المنتمين إلى سلالته، ووصفوا هذه الانتقائية بـ «العنصرية».

وأكدت بعض العائلات، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة لم تكتفِ بذلك، بل تُواصِل منذ سنوات عدة أعقبت الانقلاب والحرب تسخير مختلف المساعدات النقدية والعينية والعلاجية والزراعية والطبية وغيرها، لمصلحة المنتمين إلى صعدة وإلى سلالة زعيم الجماعة.

وتقول أم خالد إنها فقدت زوجها نتيجة زج الجماعة به قبل ثلاث سنوات إلى جبهة الضالع، ثم ألحقت نجلها الأكبر بعد ذلك بأشهر قليلة بالجبهة ذاتها، بدعوى الانتقام لوالده».

الحوثيون صادروا مساحات شاسعة من الأراضي في محيط صنعاء (تويتر)

وأفادت بأنها وأربعة من أولادها يعانون الأمرَّين منذ فقدان معيلهم، حيث لا يمتلكون مأوى، ويعيشون في منزل صغير يتبع والدها، ويعجزون عن توفير الحد الأدنى من القوت الضروري والدواء للبقاء على قيد الحياة.

وأضافت أنها وأطفالها لا يستفيدون شيئاً من أي معونات أو مساعدات تُخصصها الجماعة الحوثية، مؤكدة أن الجماعة اكتفت، عقب إبلاغها بمقتل زوجها وابنها بإطلاق وعود لها بالتكفل بنفقات عائلتها، وهو الأمر الذي لم يحدث منه شيء على أرض الواقع.

من جهته، يقول «حميد»، وهو شقيق أحد قتلى الجماعة: «كان الأجدر توزيع الوحدات السكنية وإنفاق الأموال على ذوي القتلى بالعدل، عوضاً عن الانتقائية والتمييز العنصري».

الانتقائية الحوثية في التمييز بين القتلى تزامنت مع تحذيرات أممية حديثة من تعرض أكثر من 2.4 مليون طفل يمني دون سن الخامسة، لخطر سوء التغذية الحاد خلال النصف الثاني من العام الحالي، في ظل استمرار الصراع وتدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية.