الأمم المتحدة: تضاعف وفيات الحصبة في اليمن خلال 7 أشهر

حملة مرتقبة بتعاون دولي لتطعيم أكثر من مليون طفل

نقص التمويل يدفع الصحة العالمية إلى استهداف الأطفال دون الخامسة فقط واستثناء من هم بين الخامسة والعاشرة (الأمم المتحدة)
نقص التمويل يدفع الصحة العالمية إلى استهداف الأطفال دون الخامسة فقط واستثناء من هم بين الخامسة والعاشرة (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة: تضاعف وفيات الحصبة في اليمن خلال 7 أشهر

نقص التمويل يدفع الصحة العالمية إلى استهداف الأطفال دون الخامسة فقط واستثناء من هم بين الخامسة والعاشرة (الأمم المتحدة)
نقص التمويل يدفع الصحة العالمية إلى استهداف الأطفال دون الخامسة فقط واستثناء من هم بين الخامسة والعاشرة (الأمم المتحدة)

يشهد اليمن انتشاراً متفاقماً لوباء الحصبة، أدى خلال 7 أشهر من العام الحالي إلى وفاة أكثر من 400 شخص ونحو 34 ألف إصابة، بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية، في ظل استمرار الحرب التي يشنها الانقلابيون الحوثيون على اللقاحات، والتي تقوض الجهود الحكومية والدولية لمنع عودة انتشار الأمراض الوبائية التي يمكن الوقاية منها باللقاحات.

وأعربت المنظمة الأممية في بيان حديث عن قلقها بسبب زيادة الحالات المُصابة بالحصبة والحصبة الألمانية بين أطفال اليمن، حيث بلغت الوفيات نتيجة هذين الوباءين 413 حالة وفاة، في حين بلغ عدد الحالات المشتبه بإصابتهما 34 ألفاً و300 حالة منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية يوليو (تموز) الماضي، بينما لم تتجاوز الوفيات خلال العام الماضي 220 حالة، إلى جانب 27 ألف إصابة.

134 ألف إصابة بالحصبة في اليمن خلال العام الحالي (الأمم المتحدة)

وأشارت المنظمة إلى أن هذه الزيادة تأتي هذا العام، في سياق التدهور الاقتصادي وانخفاض الدخل والنزوح وظروف العيش في مخيمات النزوح، بالإضافة إلى النظام الصحي المرهق في اليمن، وانخفاض معدلات التطعيم في ظل انعدام القدرة على الوصول إلى عدد كبير من الأطفال خلال حملات التطعيم.

وأعلنت الصحة العالمية عن مساعيها لزيادة التدخلات التطيعيمية الروتينية، وتنفيذ حملة تطعيم جديدة خلال الشهر الحالي بالشراكة مع وزارة الصحة اليمنية، لتطعيم 1.2 مليون طفل يمني، والعمل على تقديم الدعم الفني والمالي لتحسين التغطية بين الأطفال، مشيرة إلى أنها دعمت حماية أكثر من 913 ألف طفل من الوباءين العام الماضي.

سعي للاحتواء

المنظمة الأممية أفادت في بيانها بأنه، وحتى يوليو الماضي، واصلت وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية، بدعم أممي، السعي إلى تحقيق معدل تغطية يبلغ نحو 65 في المائة من جميع الأطفال، وذلك بجرعتي الحصبة والحصبة الألمانية، إلى جانب حملة تطعيم للاستجابة لتفشي المرض بين جميع الأطفال دون سن العاشرة على الأقل لتكون شاملة وفعالة.

أدى تحريض الحوثيين على اللقاحات في اليمن إلى عودة انتشار الأمراض الوبائية (فيسبوك)

ومع ذلك، نبهت المنظمة إلى فجوة التمويل الحالية التي قالت إنها أدت إلى تآكل الدعم وقصر الهدف على الأطفال دون سن الخامسة، مشيرة إلى أن هناك معلومات محدودة حول تأثير تفشي المرض على النساء الحوامل اللاتي يبقين في خطر كبير.

وذكر أرتورو بيسيجان، ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن، أن هذه الزيادة في حالات الحصبة والحصبة الألمانية بين الأطفال هذا العام؛ تأتي في سياق التدهور الاقتصادي وانخفاض الدخل والنزوح والظروف المعيشية المكتظة في المخيمات، إلى جانب النظام الصحي المثقل، وانخفاض معدلات التحصين، وعدم القدرة على الوصول إلى عدد كبير من الأطفال.

وقدرت الصحة العالمية و«اليونيسف» العام الماضي، أن 27 في المائة من الأطفال دون سن عام واحد في اليمن غير محصنين ضد الحصبة والحصبة الألمانية ولم يحصلوا على الحد الأدنى من مجموعة اللقاحات للحماية الكاملة.

عودة الأوبئة

منذ انقلاب جماعة الحوثي في اليمن؛ عاد عدد من الأمراض الوبائية الفتاكة للانتشار، رغم الإعلان الرسمي عن خلو البلاد منها في منتصف العقد قبل الماضي، بعد أكثر من 3 عقود على إطلاق برنامج التحصين الموسع عام 1974، بهدف تقليل معدلات الإصابة بمرض الكزاز عند الأمهات والأطفال حديثي الولادة.

وهدف البرنامج إلى ضمان التحصين الكامل للأطفال دون سن سنة واحدة، والتدخلات الصحية الوقائية للأطفال في جميع المناطق، لتقليل الوفيات المرتبطة بالأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات.

يعد تلوث المياه أحد أسباب انتشار الأمراض الوبائية في اليمن (الأمم المتحدة)

ووفق البيانات الحكومية والأممية، فإنه؛ ومنذ ذلك الحين، تم تقديم لقاحات مختلفة لأمراض الطفولة، وحالياً أصبح التحصين ضد الخناق، والسعال الديكي، والكزاز، وشلل الأطفال، والحصبة، والمكورات الرئوية، والتهاب الكبد الوبائي، والإسهال، والالتهاب الرئوي، والسل، متاحاً لكل طفل.

وتم إنشاء نظام مراقبة للإبلاغ عن أي تفشٍ يتعلق بالأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات والتحقيق فيها والاستجابة لها في إطار برنامج التحصين الموسع في اليمن، فيما تقود منظمة الصحة العالمية حالياً الجهود العالمية لتوسيع التغطية الصحية الشاملة، وتوجيه وتنسيق استجابات العالم لحالات الطوارئ الصحية وربط الدول والشركاء والشعوب لتعزيز الصحة وسلامة العالم.


مقالات ذات صلة

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

العالم العربي عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

أقرت الجماعة الحوثية بدفن دفعة جديدة من الجثث مجهولة الهوية في محافظة صعدة (معقلها الرئيسي) وسط تجدد الشكوك حول حدوث تصفيات داخل المعتقلات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر باليوم العالمي للمعلم فيما يعاني المعلمون في اليمن من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون وتوقف الرواتب والاعتقالات.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)

مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
TT

مصر موقنة بـ«حتمية» عودة الملاحة لطبيعتها في قناة السويس

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (هيئة قناة السويس)

توقن مصر بـ«حتمية» عودة حركة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها، بصفتها «الخيار الأول» لشركات الشحن العالمية، في حال استقرار الأوضاع في المنطقة.

وأقر رئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، في كلمته خلال الاحتفال بذكرى «اليوم البحري العالمي»، مساء السبت، تحت شعار «الملاحة في بحار المستقبل: السلامة أولاً»، بأن «الأوضاع الراهنة والتحديات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة البحر الأحمر تُلقي بظلالها على معدلات الملاحة بقناة السويس».

وأشار إلى «انخفاض أعداد السفن المارة بالقناة من 25887 سفينة خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 20148 سفينة خلال العام المالي 2023 - 2024».

ولفت ربيع إلى «تراجع إيرادات القناة من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023 إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024». مضيفاً أن «إحصائيات الملاحة بالقناة منذ بداية العام الحالي حتى الآن سجلت انخفاضاً في أعداد السفن المارة بالقناة بنسبة 49 في المائة، وانخفاض الإيرادات المحققة بنسبة قدرها 60 في المائة، مقارنةً بالمعدلات المحققة خلال ذات الفترة من العام الماضي»، مرجعاً السبب إلى «اتخاذ عديد من السفن طرقاً بديلة في ظل التحديات الأمنية في المنطقة».

وأشار رئيس هيئة قناة السويس إلى «تأثير التداعيات السلبية للأوضاع الراهنة في المنطقة على استدامة واستقرار سلاسل الإمداد العالمية، وما ترتب عليها من تحديات ملاحية واقتصادية تمثلت في تجنب الإبحار في المنطقة، واتخاذ طرق ملاحية بديلة بعيداً عن قناة السويس».

وقال ربيع: «أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة رسوم التأمين البحري، إضافةً إلى تحديات أمنية وبيئية ومخاوف من حدوث تسرب للنفط وللمواد الكيميائية وتهديد الحياة البحرية».

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غيَّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد الماضي، إن «بلاده فقدت ما بين 50 في المائة إلى 60 في المائة، من دخل قناة السويس، بما قيمته أكثر من 6 مليارات دولار خلال الأشهر الثمانية الماضية».

ولمواجهة التحديات أوضح ربيع، في كلمته، أن «قناة السويس عكفت على فتح خطوط اتصال مباشرة مع الأطراف المعنية كافة، عبر عقد لقاءات موسعة مع كل المؤسسات البحرية الدولية والخطوط الملاحية، والتشاور مع العملاء حول تداعيات الأزمة الراهنة»، مشيراً إلى أن تلك اللقاءات «شهدت طرح الرؤى المحتملة لمواجهة التحديات المختلفة المرتبطة بالأزمة في محاولة لتقليل تأثيرها على حركة التجارة العالمية».

وقال ربيع: «خلصت نتائج المباحثات المشتركة مع العملاء إلى عدم وجود بديل مستدام للقناة على المدى المتوسط أو البعيد»، لافتاً في هذا الصدد إلى ما أكده أكبر الخطوط الملاحية بأن «قناة السويس ستظل الخيار الأول، وأن عودتهم حتمية للعبور عبر القناة فور استقرار الأوضاع في المنطقة».

وشهدت الفترة الماضية اتصالات مصرية مكثفة مع شركات الشحن أو قادة المجتمع الدولي لوضع حد لتوترات البحر الأحمر، كما أعلنت هيئة قناة السويس حوافز تسويقية وتخفيضات لتنشيط حركة الملاحة وتجاوز تداعيات تراجع الإيرادات.

وقال ربيع إن «قناة السويس بذلت جهوداً نحو تنويع مصادر الدخل، وتلبية متطلبات المرحلة الراهنة عبر تقديم حزمة متنوعة من الخدمات الملاحية الجديدة التي لم تكن متاحة من قبل؛ مثل خدمات التزود بالوقود في مدخلي القناة الشمالي والجنوبي، وخدمات مكافحة التلوث وإزالة المخلفات الصلبة والسائلة من السفن، فضلاً عن خدمات الإنقاذ البحري وصيانة وإصلاح السفن في الترسانات التابعة للهيئة وغيرها».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وسبق وتوقع «البنك الدولي»، في أبريل (نيسان) الماضي، أن «يتسبب استمرار الأزمة في خسائر بنحو 3.5 مليار دولار في العائدات الدولارية لمصر، أي ما يعادل 10 في المائة من صافي الاحتياطيات الدولية في البلاد».

ورغم اتفاقه على «حتمية» عودة الملاحة في قناة السويس لطبيعتها فور استقرار الأوضاع، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة، إلى أن «الأمر لن يكون بهذه السهولة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لو توقفت الحرب اليوم، فإن عودة الملاحة لطبيعتها في السويس قد تستغرق فترة تصل إلى عامين».

وأوضح بدرة أن «الأمر مرتبط بتقييم شركات الشحن الكبرى للمخاطر وهو أمر لا يحدث بين يوم وليلة»، مشيراً إلى أن «تداعيات حرب غزة الاقتصادية على قناة السويس كانت متوقَّعة حتى قبل بدء هجمات (الحوثي)، لا سيما مع عدم الاستقرار السياسي في المنطقة».

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن أي جهود تُبذل لمواجهة التداعيات سواء من قبيل تخفيضات الرسوم أو تقديم خدمات جديدة في قناة السويس «لن تستطيع الحد من الخسائر»، وذلك لأن «النشاط الرئيسي للقناة هو عبور سفن الشحن، أما باقي الأنشطة فيدخل في نطاق ما يستجد من أعمال»، محذراً من «استمرار نزيف الخسائر لا سيما مع اتساع نطاق الحرب في المنطقة، وعدم وجود أفق واضح لحل الصراع حتى الآن».