الحوثيون يهددون بمحاكمة المطالبين بصرف رواتبهم

الجماعة رفعت الضرائب بنسبة تصل إلى 140‎ %

أدى انقلاب الحوثيين إلى تدمير المؤسسات وحرمان المعلمين من رواتبهم (نادي المعلمين اليمنيين)
أدى انقلاب الحوثيين إلى تدمير المؤسسات وحرمان المعلمين من رواتبهم (نادي المعلمين اليمنيين)
TT

الحوثيون يهددون بمحاكمة المطالبين بصرف رواتبهم

أدى انقلاب الحوثيين إلى تدمير المؤسسات وحرمان المعلمين من رواتبهم (نادي المعلمين اليمنيين)
أدى انقلاب الحوثيين إلى تدمير المؤسسات وحرمان المعلمين من رواتبهم (نادي المعلمين اليمنيين)

دخلت المواجهة بين الانقلابيين الحوثيين في اليمن والمعلمين المضربين عن العمل للمطالبة بصرف رواتبهم الموقوفة منذ 7 أعوام مرحلة جديدة، مع اتساع رقعة المؤيدين لهذه المطالب، ومحاولة الانقلابيين الهروب من هذه الاستحقاقات بالحديث عن مؤامرة والتهديد بمحاكمة المطالبين.

مصادر في الدوائر الحكومية الخاضعة للجماعة الحوثية وأخرى تجارية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ذكرت أن الحكومة غير المعترَف بها تعيش حالة من الارتباك مع اتساع قاعدة التأييد الشعبي لمطالب المعلمين بصرف رواتبهم، والسخرية من المبررات التي يقدمها الانقلابيون لاستمرار قطع المرتبات.

وأكدت هذه المصادر أن الضغوط الشعبية جعلت هذه الجماعة تلجأ إلى التهديد بمحاكمة المطالبين برواتبهم، وفرض المزيد من الضرائب على البضائع، في خطوة يأمل الانقلابيون أن تساعدهم في إفشال الإضراب وإحداث انقسام في صفوف المعلمين والمعلمات.

ووفق هذه المصادر، فإن القيادة التي عيَّنها الانقلابيون على رأس إدارة الغرفة التجارية والصناعية تواطأت مع وزارة الصناعة والتجارة في الحكومة غير المعترف بها، وأقرا معاً رفع الرسوم الضريبية بنسبة وصلت إلى 140 في المائة على ضرائب الأرباح المتعلقة بواردات البضائع الجديدة عبر موانئ الحديدة أو المنافذ البرية المستحدثة مع مناطق سيطرة الحكومة.

القيادي الحوثي مهدي المشاط هدد بمحاكمة المطالبين بالرواتب (إعلام حوثي)

كما رفع الانقلابيون رسوم دعم صندوق المعلم ورسوم صندوق أسر قتلى الانقلاب بنسبة 2 في المائة على كل بيان جمركي خلافاً للدستور اليمني الذي يمنع فرض أي جبايات مالية إلا بوجود قانون.

جبايات متعددة

المصادر ذكرت أن اجتماعاً ضمَّ قيادة الغرفة التجارية الصناعية بصنعاء المعينة من قبل حكومة الانقلاب ووزير الصناعة والتجارة فيها محمد المطهر المدان بقضايا فساد، وأنه خلال هذا الاجتماع تم إقرار زيادة على الرسوم الجمركية والضريبة وضريبة القيمة المضافة وضريبة الدخل وضريبة الأرباح، بنسبة تصل إلى 140 في المائة على كل الواردات الجديدة.

وبحسب هذه المصادر، فإن الاجتماع الذي جمع قيادة الغرفة التجارية المعينة ووزير الصناعة في حكومة الانقلاب أقر أيضاً بزيادة الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، كما تم فرض نسبة ضريبة بمقدار 2 في المائة من كل بيان جمركي لصالح ما يُسمَّى دعم المعلم والتعليم، ومثلها لصندوق دعم أسر القتلى إلى جانب ما يتم تحصيله من مبالغ تحت اسم الزكاة وصندوق النظافة والتحسين وغيرها من الجبايات.

ووسط حالة الارتباك التي تواجهها سلطة الانقلاب بسبب استمرار المعلمين في الإضراب الشامل للمطالبة بصرف رواتبهم والتأييد الشعبي الواسع لتلك المطالب، تراجعت وزارة التربية والتعليم في حكومة الانقلاب عن قرار وقف صرف الحوافز الشهرية للمعلمين (50 دولاراً في الشهر)، وقالت إنها بصدد صرف هذه المبالغ لمن يلتزمون بالدوام، ويرفضون دعوة نادي المعلمين والمعلمات إلى استمرار الإضراب.

يواجه الانقلابيون الحوثيون أصعب التحديات مع اتساع رقعة مطالبة الموظفين برواتبهم (فيسبوك)

مصادر عاملة في مجال التعليم تحدثت إليها «الشرق الأوسط» قالت إن الخطوة أتت مع فشل كل الإجراءات التي اتبعتها سلطة وزارة التربية التي يقودها يحيى الحوثي شقيق زعيم الجماعة، ومن بينها خفض عدد الحصص الدراسية إلى خُمس المقررات، واختطاف قيادات في نادي المعلمين وتهديد آخرين، وإحلال عشرات الآلاف من العناصر الطائفية بدلاً من المعلمين الذين تم فصلهم أو بسبب انتقالهم إلى مناطق سيطرة الحكومة.

حملات تسفيه وتهديد

إلى ذلك، شنَّت قيادات حوثية وخطباء مساجد حملة تسفيه عنيفة ضد المطالبين برواتبهم، واتهموهم بالعمالة ومعاداة الدين الإسلامي، وزعموا أن الرواتب ليست من الدين، وأن مَن يطالبون برواتبهم وينتقدون الإنفاق الباذخ على المناسبات الطائفية منافقون ويعملون ضمن استراتيجية أعداء الجماعة.

حملات التسفيه والتهديد جاءت في ظل اتساع نطاق السخط الشعبي من الإنفاق الباذخ لعائدات الدولة على قيادات الانقلاب وشراء الولاءات، وعلى المناسبات الطائفية وحرمان الموظفين، وفي طليعتهم المعلمون من رواتبهم، بينما يستمر صرف الرواتب الشهرية للمسؤولين في مجلس حكم الانقلاب والحكومة غير المعترف بها، وفي المؤسسات المهمة وما يُسمى مجلسَي النواب والشورى.

من جهته، أقرَّ مهدي المشاط الرئيس الصوري لمجلس الحكم في مناطق سيطرة الانقلاب بالمسؤولية عن رواتب الموظفين، لكنه حاول مجدداً الهروب من مواجهة الموظفين، زاعماً عدم وجود إمكانية لدى جماعته للصرف، متهماً المطالبين بالرواتب والمؤيدين لهم بالعمل «بحسن نية أو بسوء نية»، لتبرير موقف الحكومة الشرعية من التزاماتها بصرف الرواتب للموظفين في مناطق سيطرة الجماعة.

معلم في مدينة إب اليمنية اضطر لبيع التين الشوكي بعد قطع الحوثيين راتبه (فيسبوك)

وواصل المشاط (الذي ينظر إليه قطاع واسع من اليمنيين على أنه مجرد موظف لدى مدير مكتبه أحمد حامد) هجومه ضد المطالبين برواتبهم، ووصفهم بـ«الغوغائيين»، وقال إنهم خففوا على الحكومة الشرعية من الضغوط، وأنهم «مَن أعاقوا وأخَّروا تسليم الراتب؛ سواء بحماقة أو بسوء نية».

وهدَّد المشاط بمحاكمة مَن يطالبون برواتبهم ومن يؤيدونهم، وقال إن «القانون سيردعهم»، ووصف الحلول التي تأتي من هنا أو هناك بخصوص صرف الرواتب بأنها «هرطقات»، في إشارة إلى رفضهم إرسال المرتبات إلى المستفيدين مباشرة وسعيهم لتسلمها للتحكم بها وحرمان عشرات الآلاف من الموظفين منها.

المشاط، وفي خطاب ألقاه خلال لقاء مع قبائل محافظة عمران شمال صنعاء، هاجم بشدة انتفاضة المطالبين بصرف رواتبهم ووصفهم بـ«المزايدين والحمقى»، وقال إن عليهم الكف عما سماه «المزايدة بمعاناة الموظفين لسنوات»، وهدد بالدخول في تصعيد عسكري جديد للهروب من دفع رواتب الموظفين.


مقالات ذات صلة

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون بسجون مخابرات الجماعة الحوثية أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق قيادات «المؤتمر الشعبي»

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دخان كثيف إثر استهداف مدينة الحديدة بغارات إسرائيلية رداً على هجوم صاروخي حوثي (إكس)

سفينة تبلغ عن انفجارات في محيطها قبالة الحديدة باليمن

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على بعد 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت عن عدة انفجارات في محيطها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

يشهد اليمن زيادة في أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في حين ينتظر النازحون، بسبب الحرب وتطرفات المناخ، شتاء قاسياً في ظل التردي الاقتصادي.

وضاح الجليل (عدن)

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
TT

​تنسيق عربي - أميركي لحلحلة الأزمة السودانية

شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين سودانيين تابعين للجيش يوم الاثنين في ولاية القضارف شرق البلاد (أ.ف.ب)

كشف مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» عن جهود عربية - أميركية جديدة لدفع جهود التهدئة في السودان. وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن دول «السعودية ومصر والإمارات تعمل مع الولايات المتحدة، على التنسيق على أمل حلحلة الأزمة السودانية».

وأفاد المصدر المصري بأن «اجتماعاً ضم مسؤولين من الدول الأربع، استضافته السعودية نهاية الأسبوع الماضي، ناقش دفع الجهود المشتركة؛ لتحقيق انفراجة بالأزمة».

وسبق أن شاركت الدول الأربع في اجتماعات «جنيف»، التي دعت لها واشنطن لإنهاء الحرب بالسودان، منتصف أغسطس (آب) الماضي، إلى جانب ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، غير أنها لم تحقق تقدماً، في ظل مقاطعة الحكومة السودانية المحادثات.

غير أن المصدر المصري، قال إن «اجتماع السعودية، الذي عقد يومي الخميس والجمعة الماضيين (ليس امتداداً لمبادرة جنيف)، وإن الآلية الرباعية الحالية هي للدول صاحبة التأثير في المشهد السوداني، وتستهدف دفع الحلول السلمية للأزمة». ورجح المصدر «انعقاد اجتماعات أخرى؛ لدفع جهود الدول الأربع، نحو وقف الحرب، وإيصال المساعدات الإغاثية للمتضررين منها».

صورة جماعية بختام اجتماعات جنيف حول السودان في أغسطس الماضي (إ.ب.أ)

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «ما يفوق 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وعقب اندلاع الحرب، استضافت مدينة جدة العام الماضي، بمبادرة سعودية - أميركية، محادثات بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، أفضت إلى توقيع «إعلان جدة الإنساني»، الذي نصّ على حماية المدنيين، والمرافق الخاصة والعامة، والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية. وتتمسك الحكومة السودانية بتنفيذ مخرجات «اتفاق جدة»، قبل الانخراط في أي مفاوضات مباشرة مع «قوات الدعم السريع».

توحيد الجهود

وترى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفيرة منى عمر، أن «توحيد جهود الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية، سيسهم في تحريك حلول وقف إطلاق النار»، موضحة: «أدى تضارب الرؤى والمسارات الدولية، بسبب كثرة المبادرات والتدخلات التي خرجت من دول أفريقية وإقليمية ودولية، إلى إضعاف أي تحركات لوقف الحرب السودانية».

وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «التنسيق الرباعي بين مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة، سيسهم في دفع جهود إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب على الأقل بصورة أكثر فاعلية»، مشيرة إلى أن «هناك مناطق مثل الفاشر في دارفور وولاية الجزيرة، تعاني من أوضاع إنسانية مأساوية».

ودعت إلى ضرورة تركيز تحرك الرباعي الدولي على «جهود وقف إطلاق النار، وأعمال الإغاثة، وصياغة خريطة طريق سياسية، تنهي الأزمة السودانية».

سودانيون يتلقون العلاج في مستشفى ميداني أقيم بمدينة أدري التشادية المحاذية للحدود مع السودان أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ويواجه السودان «واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية حالياً»، حسب تقديرات الأمم المتحدة، وأشار مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم، إلى أن «أكثر من نصف سكان السودان، يواجه خطر المجاعة والكوارث الطبيعية، مما يؤدي لانتشار الأوبئة»، وخلال زيارته لمدينة بورتسودان، في سبتمبر (أيلول) الماضي، شدّد على أن «الأزمة الإنسانية بالسودان، لا تجد اهتماماً كافياً دولياً».

دول مؤثرة

وباعتقاد الباحث السياسي السوداني المقيم في مصر، صلاح خليل، فإن «تشكيل رباعية من الدول صاحبة التأثير في الساحة السودانية، قد يحرك مسار الحلول السلمية، وتفعيل مسار جدة»، مشيراً إلى أن «توحيد جهود هذه الأطراف، سيسهم في تغيير مسار الأزمة السودانية»، منوهاً بأن «الدول الأربع تؤيد العودة لمسار جدة».

ورجح خليل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مشاركة الحكومة السودانية في مسار مفاوضات «الآلية الرباعية حال العودة إلى مسار جدة، ولن تقاطعه كما فعلت في مبادرة جنيف».

وأشار إلى أن «فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية، قد يغير من معادلة التأثير الدولي في الحرب داخل السودان».

وكان السفير السوداني في القاهرة عماد الدين عدوي، شدّد على «تمسك بلاده بمسار جدة، بوصفه آلية للتفاوض لوقف الحرب»، وقال في ندوة استضافتها نقابة الصحافيين المصرية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده ترفض المشاركة في أي مبادرة أفريقية، إلا بعد عودة عضوية السودان للاتحاد الأفريقي».