انقلابيو اليمن يستحدثون مركزَي تدريب للمهاجرين الأفارقة

الميليشيات متهمة بخطف وإخفاء مئات اللاجئين

مهاجر أفريقي على متن حافلة في إحدى المحافظات اليمنية (الأمم المتحدة)
مهاجر أفريقي على متن حافلة في إحدى المحافظات اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

انقلابيو اليمن يستحدثون مركزَي تدريب للمهاجرين الأفارقة

مهاجر أفريقي على متن حافلة في إحدى المحافظات اليمنية (الأمم المتحدة)
مهاجر أفريقي على متن حافلة في إحدى المحافظات اليمنية (الأمم المتحدة)

اتهم ناشطون يمنيون الميليشيات الحوثية باستحداث معسكرين تدريبيين جديدين بمحافظتي حجة وصعدة (المعقل الرئيسي الميليشيات) بغية استقطاب أعداد جديدة من المهاجرين الأفارقة الواصلين تباعاً إلى الأراضي اليمنية، وإلحاقهم بجبهات القتال، إلى جانب استخدامهم بمهام استخباراتية وتنفيذ مخططات استهدافية وتهريب ممنوعات.

جاء ذلك في وقت يستمر فيه مسلحون تابعون لما يسمى جهاز الأمن الوقائي الحوثي، بشن حملات تعقب ومطاردة بحق مهاجرين أفارقة بمحافظة صعدة، أسفرت خلال شهر عن خطف 2288 شخصاً من مناطق متفرقة في المحافظة، واقتيادهم إلى مواقع احتجاز، وفق اعترافات بثها مركز الإعلام الأمني التابع للجماعة.

في هذا السياق، أفاد الإعلامي والناشط الحقوقي اليمني فارس الحميري بأن الميليشيات الحوثية استحدثت معسكرين تدريبيين؛ أحدهما بمحافظة صعدة، وآخر قرب مزارع «الجر» غرب مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة، حيث تستقطب الجماعة إليهما مئات المهاجرين الأفارقة، يتصدّرهم من يحملون الجنسية الإثيوبية، وتعمل على تدريبهم على الأسلحة وطرق التهريب وأشكاله.

وأشار الناشط الحميري بمنشور على «فيسبوك» إلى قيام شبكات تهريب ومهربين على ارتباط بميليشيات الحوثي باستخدام مناطق حدودية في صعدة (معقل الجماعة) منطلقاً لتهريب البشر ونبتة «القات»، ومختلف أنواع الممنوعات إلى الدول المجاورة تحت إشراف مباشر من قبل قيادات حوثية.

يتدفق المهاجرون الأفارقة إلى الأراضي اليمنية عبر شبكات التهريب والاتجار بالبشر (الأمم المتحدة)

وأوضح أن الجماعة تقدم مكافآت مالية ضخمة لمهاجرين أفارقة كانت قد استقطبتهم سابقاً إلى صفوفها، وهم ممن نجحوا في تنفيذ مهام أوكلتها لهم من قبيل تنفيذ مخططات استهدافية والقيام بأعمال تهريب ممنوعات، متهماً الميليشيات بأنها تزود مهاجرين أفارقة ممن استقطبتهم عبر حملات تعقب وملاحقة وخطف سابقة، بالأسلحة الشخصية ضمن مساعيها لتمكينهم من تنفيذ تلك المهام.

وأضاف أن الميليشيات تقوم عبر عمليات وصفها بـ«المنظمة» باستقدام وتسيير أعداد من المهاجرين الأفارقة إلى مناطق حدودية بمحافظتي صعدة وحجة، ثم الدفع قسراً بأعداد منهم بينهم نساء وأطفال إلى القيام بمهام وأعمال خطرة.

خطف وإخفاء

الممارسات الانقلابية ضد اللاجئين الأفارقة جاءت بالتوازي مع اتهامات جديدة وجهتها الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، للجماعة الحوثية بإخفاء قسري لنحو 2406 مواطنين يمنيين من مختلف الفئات والأعمار، مضافاً إليهم 382 لاجئاً أفريقياً في 17 محافظة، في الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 2017 وحتى منتصف العام الحالي.

ويمثل اليمن ممراً لهجرة الآلاف من الأفارقة القادمين من الساحل الشرقي لأفريقيا، الراغبين في الانتقال إلى دول الخليج المجاورة؛ الأمر الذي يجعلهم عرضة للعنف والاستغلال من قبل جماعة الانقلاب الحوثي.

ويتعرَّض المهاجرون الأفارقة من مختلف الأعمار الذين يصلون تباعاً إلى مناطق سيطرة الميليشيات لشتى صنوف الانتهاك والابتزاز، حسبما ذكرته مصادر حقوقية وتقارير دولية.

وتشير تقديرات أممية سابقة إلى وجود أكثر من 280 ألف لاجئ أفريقي في اليمن، معظمهم من الجنسيتين الإثيوبية والصومالية.

وتوضح التقارير أن آلاف المهاجرين الأفارقة في مناطق سيطرة الانقلابيين يتعرضون بشكل متكرر لعمليات استهداف وتصفية ممنهجة، خصوصاً الرافضين منهم الانخراط في عمليات التجنيد أو عصابات التهريب التابعة للجماعة الحوثية.

موظفون أمميون يقدمون التوعية للاجئين أفارقة وصلوا إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وكانت قيادات في ميليشيات الحوثي افتتحت في مطلع مايو (أيار) الماضي، مركزاً غير قانوني لتجميع اللاجئين الأفارقة بمعقلها الرئيسي في صعدة، دون وجود أي تنسيق مع أي من المنظمات الدولية المعنية بالدفاع عن قضايا وحقوق اللاجئين.

وتزامن ذلك التوجه الانقلابي حينها مع إعلان مركز الهجرة المختلط عن وصول 41 ألف لاجئ ومهاجر أفريقي إلى اليمن في الربع الأول من العام الحالي.

وأكدت مصادر محلية بصعدة في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، أن هدف الميليشيات من ذلك هو تجميع آلاف اللاجئين الأفارقة لإخضاعهم فيما بعد تحت الضغط والإجبار لتلقي دورات تعبوية مكثفة، ثم الزج بهم في جبهاتها وتهريب الممنوعات.


مقالات ذات صلة

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

المشرق العربي التطرفات المناخية باليمن أسهمت إلى جانب الانقلاب والحرب في مضاعفة معاناة اليمنيين (أ.ف.ب)

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

تعتزم الحكومة اليمنية بدء حملة للحصول على تمويلات تساعدها في مواجهة تطرفات المناخ بينما ينفذ برنامج أممي مشروعاً لحماية البيئة والثروة السمكية.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي طفلة تعاني من سوء التغذية وتنتظر العلاج في أحد مستشفيات العاصمة صنعاء (رويترز)

الكوليرا والحصبة تفتكان بمئات آلاف اليمنيين

تتزايد أعداد المصابين بالكوليرا والحصبة وأمراض أخرى في اليمن، بموازاة تفاقم سوء التغذية الذي تعتزم الحكومة مواجهته بالتعاون مع الأمم المتحدة بمناطق غرب البلاد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».