الأمطار وممارسات الانقلابيين الحوثيين تهدّد قصر غمدان الأثري بالانهيار

جانب من انهيارات تعرّض لها سور قصر غمدان الأثري في صنعاء (فيسبوك)
جانب من انهيارات تعرّض لها سور قصر غمدان الأثري في صنعاء (فيسبوك)
TT

الأمطار وممارسات الانقلابيين الحوثيين تهدّد قصر غمدان الأثري بالانهيار

جانب من انهيارات تعرّض لها سور قصر غمدان الأثري في صنعاء (فيسبوك)
جانب من انهيارات تعرّض لها سور قصر غمدان الأثري في صنعاء (فيسبوك)

يواجه قصر غمدان الأثري في العاصمة صنعاء خطر الانهيار، وظهر ذلك أخيراً بتساقط عشرات الأحجار من سوره، بعد تعرّضه لأضرار بالغة نتيجة الأمطار والسيول الغزيرة التي تضرب البلاد حالياً، إلى جانب عوامل جوية أخرى، في ظل إهمال الانقلابيين الحوثيين المتعمد وعبثهم، واستخدامه لأغراض عسكرية وتحويل منشآته سجوناً.

وأطلق ناشطون ومتخصصون في علم الآثار في صنعاء نداء استغاثة بعد تهدّم أجزاء من سور قصر غمدان، أو ما يسمى بـ«قصر السلاح»، محذرين من انهيار القصر بما يمثله من قيمة تاريخية ومعنوية لليمنيين، إلى جانب الخطر الذي يتهدد سكان المنازل المجاورة للقصر.

وتسبب تقاعس وإهمال الانقلابيين الحوثيين ونهبهم مخصصات الهيئات المعنية بالحفاظ على الآثار والمتاحف والمدن التاريخية بتعرض العديد من المواقع والمعالم الأثرية للعبث والنهب والتدمير المنظم، ومنها قصر غمدان الذي يتعرض سوره الضخم حالياً للانهيار، باعتراف القيادات الانقلابية التي تدير هيئة الآثار في صنعاء.

تهدد أحجار سور قصر غمدان المتساقطة حياة سكان المنازل المجاورة وسلامتهم (فيسبوك)

وخلال الشهر الحالي زارت هذه القيادات قصر غمدان الواقع شرق العاصمة صنعاء، وأقرّت بوجود أضرار بالغة في القصر وأسواره ومكوناته ومرافقه المعمارية وفي المسجدين اللذين ما زالا قائمين في باحته، إلا أنها اكتفت بمناشدة رجال المال والأعمال تقديم المساعدة لإنقاذ القصر، وهو ما يتبعه الانقلابيون عادة في تنصل واضح من المسؤولية.

وتحدث سكان في محيط القصر لـ«الشرق الأوسط»، مبدين مخاوفهم الكبيرة من استمرار تهدم أجزاء من سور القصر وسقوط أحجار منه على مقربة من منازلهم؛ ما يُهدد حياتهم وسلامتهم وأطفالهم، خصوصاً في ظل استمرار هطول الأمطار، والتي يتوقع أن تتزايد خلال الأسابيع المقبلة.

مطالب بالصيانة

من جهتها، أكدت المصادر المطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن القصر الذي يعدّ مدينة متكاملة ويحوي مساحات كبيرة؛ يتعرض للإهمال والعبث والتخريب المتعمد، خصوصاً بعد تحويل الميليشيات الحوثية أجزاء كبيرة منه معسكراً تدريبياً ومخازن للسلاح، واستخدام بعض منشآته سجوناً وأقبية سرية للمعتقلين والمخفيين قسرياً.

يظهر سور قصر غمدان بحالة سليمة في الصور التي تعود إلى ما قبل الانقلاب (إكس)

ودعا السكان والعاملون في مجال الآثار في صنعاء المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، إلى تحمل مسؤولياتها والقيام بواجباتها في الضغط على حكومة الانقلاب غير المعترف بها للالتزام بترميم أسوار ومكونات وملحقات القصر الأثري وصيانته بشكل دوري، وإزالة الاعتداءات والاستحداثات التي ارتكبها الانقلابيون في باحاته.

وأوضحوا لـ«الشرق الأوسط»، أن غالبية الآثار اليمنية، لا تزال تحت سيطرة الانقلابيين الحوثيين، وتواجه خطر الهدم والسرقة والنهب، محذرين من «فقدان مدينة صنعاء القديمة قيمتها ضمن مواقع التراث العالمي، بفعل ما تتعرض له منازلها وأسوارها وأسواقها من استهداف حوثي بالتشويه والهدم والعبث وطمس المعالم، وممارسات أخرى تستهدف روح المدينة وذاكرتها».

استهداف متعمد

وعلى مدى السنوات الماضية من عمر الانقلاب، اتهمت تقارير محلية ودولية الانقلابيين الحوثيين بشنّ حرب وحشية منظمة استهدفت مواقع ومعالم اليمن الأثرية والتاريخية، تارةً بالنهب والتهريب والبيع، وأخرى بالتفجير والقصف أو تحويلها مخازن أسلحة وثكنات عسكرية.

تتعرض أجزاء واسعة من سور قصر غمدان للانهيار بسبب الأمطار والإهمال (إكس)

وكان مسؤولون في هيئة الحفاظ على المدن التاريخية الخاضعة للانقلاب، اتهموا في وقت سابق الميليشيات الحوثية بالوقوف خلف استهداف ما يزيد على 150 مَعْلَماً وموقعاً أثرياً وتاريخياً بالتدمير والنهب والقصف والتحويل ثكنات منذ انقلابها على السلطة أواخر عام 2014.

وأفاد المسؤولون في أحاديث سابقة لـ«الشرق الأوسط»، بأن آلة التدمير والتفجير الحوثية ظهرت بشكل علني وواضح ضد الموروث اليمني، عقب الانقلاب، وأشار إلى وقوف إيران وراء ذلك، حيث ظهر أن «بصماتها واضحة، وهي مَن تقف خلف تلك الجرائم المرتكَبة بحق ذاكرة المجتمع اليمني والعربي على حد سواء».

ويعدّ قصر غمدان الشهير في صنعاء من أهم الأماكن الأثرية التاريخية، حيث يتميز بروعة الهندسة المعمارية وبنائه من البوفير والجرانيت والمرمر ومواد أخرى، ويتكون من 20 طابقاً بين الطابق والآخر مسافة عشرة أقدام، ويبلغ ارتفاعه نحو 360 متراً، حسب مؤرخين.

جانب من انهيارات تعرّض لها سور قصر غمدان الأثري في صنعاء (فيسبوك)

كما يعدّ قصر غمدان واحداً من أقدم القصور ومن عجائب الهندسة المعمارية اليمنية، ويروى أن الملك سيف بن ذي يزن آخر ملوك الدولة الحميرية الذي حكم في القرن السادس الميلادي سكن فيه، وجاء ذكره في كتاب «الإكليل» للمؤرخ اليمني أبو محمد الحسن الهمداني، ووصفه الرحالة محمد القزويني بإحدى عجائب بلاد العرب. وتزايدت في السنوات الأخيرة، خلال فترة الانقلاب والحرب، أعمال سرقة وتهريب الآثار بشكل كبير إلى خارج البلاد، ونشطت عمليات بيع الآثار اليمنية في مزادات عالمية متخصصة حول العالم.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.