تخبط حوثي وتهرب من مسؤولية رواتب الموظفين العموميين

الميليشيات هددت بالتنكيل بالمطالبين بحقوقهم

تسبب انقطاع رواتب الموظفين اليمنيين في اتساع دائرة الفقر وحالة من السخط الشعبي العام (غيتي)
تسبب انقطاع رواتب الموظفين اليمنيين في اتساع دائرة الفقر وحالة من السخط الشعبي العام (غيتي)
TT

تخبط حوثي وتهرب من مسؤولية رواتب الموظفين العموميين

تسبب انقطاع رواتب الموظفين اليمنيين في اتساع دائرة الفقر وحالة من السخط الشعبي العام (غيتي)
تسبب انقطاع رواتب الموظفين اليمنيين في اتساع دائرة الفقر وحالة من السخط الشعبي العام (غيتي)

أدت مطالبات الموظفين العموميين برواتبهم وإضراب المعلمين عن العمل في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين، إلى إرباك موقف قادة الجماعة، ودفعاهم إلى التخبط في التعاطي مع الأزمة، والتلويح بالعودة إلى المواجهات العسكرية والتهديد بتشديد القيود ومعاقبة المطالبين بحقوقهم.

وهدّد عبد الملك الحوثي زعيم الانقلابيين في آخر خطبه بالعودة إلى التصعيد العسكري وتنفيذ الهجمات العدائية على الأعيان المدنية والاقتصادية، مجددا تهربه من المسؤولية عن إيقاف رواتب الموظفين العموميين منذ سبع سنوات، ملقيا بالمسؤولية، كالعادة، على التحالف الداعم للشرعية والحكومة اليمنية.

وبينما واصل الحوثي تهديداته بعدم السكوت على ما زعم أنه حرمان له ولجماعته من الثروات الوطنية، دعا ابن عمه محمد علي الحوثي أنصار جماعته إلى الاستعداد للمعركة العسكرية، مدعيا أن «التحالف» والحكومة الشرعية يقفان خلف منع صرف الرواتب.

منذ 7 أعوام ينتظر الموظفون اليمنيون رواتبهم في ظل تنصل جماعة الحوثي من المسؤولية (رويترز)

وتأتي هذه التهديدات والتصريحات عقب اتساع دائرة المطالبة بصرف رواتب الموظفين العموميين، وتحولها إلى حراك شعبي من خلال إضراب المعلمين في مناطق سيطرة الانقلابيين، والمستمر منذ ما يقارب الشهر، والمصحوب بحملات على وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم «راتبي كرامتي».

قلق داخلي

في محاولة للالتفاف على هذه المطالب، دفع الانقلابيون الحوثيون أنصارهم إلى إطلاق حملة تغريدات عبر موقع التواصل الاجتماعي تطالب بإعادة تسليم البنك المركزي اليمني إلى إدارة الانقلاب، بحجة أن نقله إلى العاصمة المؤقتة عدن كان سببا في توقف رواتب الموظفين العموميين.

إلا أن تلك المحاولات لم تغير من وجهة نظر المطالبين برواتبهم، التي انتقل تأثيرها إلى داخل جماعة الحوثي نفسها، حيث أبدى عدد من قادتها مخاوف من تحول هذا الحراك إلى انتفاضة شعبية، فأطلقوا التحذيرات والتهديدات، التي بدأها عبد الملك الحوثي في خطابه الأخير بالدعوة إلى العمل على «تثبيت الاستقرار الداخلي، وإفشال المؤامرات لإثارة الفتن في الداخل».

وتبعه في ذلك ابن عمه محمد علي الحوثي في لقاء قبلي حذر فيه مما سماه «خلخلة الجبهة الداخلية» ومن التفاعل مع أي «موقف صغير وتافه أو تغريدة شخص أو مقطع فيديو تحريضي»، في إشارة إلى مطالبات الموظفين برواتبهم عبر حملات على مواقع التواصل الاجتماعي، موجهاً بما وصفه «الوعي الكامل بمؤامرات العدو التي تستهدف تماسك اليمنيين والجبهة الداخلية».

من جهته أبدى القيادي هاشم شرف الدين قلقه من اتساع حالات النقد العلني لممارسات الجماعة، على وسائل التواصل الاجتماعي من داخل الجماعة نفسها، متمنيا من قادة الانقلاب وضع قيود لحماية ما سماه «الأمن القومي والاستقرار وفق أحكام عرفية، وتجريم أشكال الانتقاد أو الأنشطة» التي قال إنها تشكل تهديداً لأمن جماعته.

مدارس صنعاء خاوية منذ بدء العام الدراسي بسبب إضراب المعلمين (إكس)

وزعم بدوره أن قادة الانقلاب أتاحوا حرية الرأي والتعبير «بدرجة كبيرة» إلى حد التأثير على أفراد ميليشيات الانقلاب أنفسهم، وعلى حالة التعبئة والحشد إلى الجبهات وتفكيك التضامن وشق الجبهة الداخلية وإضعاف الروح المعنوية للمقاتلين، مستنكراً أن تلك الانتقادات طالت زعيم الانقلاب عبد الملك الحوثي شخصياً، والجرأة على التحريض ضد قيادة الانقلاب.

اتساع دائرة الغضب

أعلنت الشخصيات الاجتماعية المؤيدة للانقلاب تضامنها مع الموظفين العموميين والمعلمين في المطالبة برواتبهم ومستحقاتهم، وكشفوا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عن زيف مزاعم قيادات الانقلاب بشأن عدم قدرتهم على صرف الرواتب.

وذكر القاضي عبد الوهاب قطران أنه رفقة النائب في البرلمان الخاضع للانقلاب أحمد سيف حاشد وأحد قيادات جماعة الحوثي ومجموعة من تجار الوقود، قاموا بحساب إيرادات النفط التي يتم تحصيلها من سلطات الانقلاب، ليجدوا أن تلك الإيرادات تكفي لدفع رواتب الموظفين ثلاث مرات شهريا، دون الحاجة للتفاوض عليها مع الحكومة والتحالف الداعم للشرعية.

تنتشر على جدران صنعاء كتابات وشعارات تطالب برحيل جماعة الحوثي (إكس)

في غضون ذلك تحدثت مصادر محلية في العاصمة صنعاء عن ظهور كتابات وشعارات على الحوائط والجدران تطالب بإنهاء الانقلاب ورحيل جماعة الحوثي، وصرف مرتبات الموظفين العموميين، وتصف الانقلابيين باللصوصية والفساد والانتهازية والإجرام وتمزيق المجتمع ونسف السلم الاجتماعي.

ووفقاً للمصادر فإن سلطات الانقلاب الحوثي حمّلت مسؤولي الأحياء السكنية المعروفين بـ«عقال الحارات» المسؤولية عن انتشار وظهور هذه الشعارات، وطالبتهم بالكشف عمن يقفون خلفها، وتعهدت لهم بتقديم مكافآت مجزية في حال الإبلاغ عن أي شخص يكتب تلك الشعارات أو على علاقة بها.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.