تعالي الأصوات المطالبة بصرف الرواتب في مناطق سيطرة الحوثيين

«الغذاء العالمي» يوقف المساعدات عن 1.4 مليون طالب يمني

ينهمك الانقلابيون الحوثيون باليمن في فرض رؤيتهم الطائفية على الموظفين (إعلام حوثي)
ينهمك الانقلابيون الحوثيون باليمن في فرض رؤيتهم الطائفية على الموظفين (إعلام حوثي)
TT

تعالي الأصوات المطالبة بصرف الرواتب في مناطق سيطرة الحوثيين

ينهمك الانقلابيون الحوثيون باليمن في فرض رؤيتهم الطائفية على الموظفين (إعلام حوثي)
ينهمك الانقلابيون الحوثيون باليمن في فرض رؤيتهم الطائفية على الموظفين (إعلام حوثي)

خلافاً للسنوات التي سبقت سريان التهدئة، صعّد الموظفون في مناطق سيطرة الحوثيين من مطالبهم بصرف رواتبهم المقطوعة منذ نهاية عام 2016، مؤكدين أن كل المبررات التي كانت تساق من قبل انتهت، وأن ما تجمعه الجماعة من عائدات موانئ الحديدة وضرائب الاتصالات وغيرها من الإيرادات، كافية لتغطية صرف الرواتب بشكل شهري.

هذه التحركات تزامنت وإعلان برنامج الغذاء العالمي أنه سيوقف المساعدات الغذائية التي تقدَّم لطلاب المدارس في اليمن عن مليون وأربعمائة ألف طالب بسبب نقص التمويل، وتأكيده أنه يستعد لتعليق كامل أعماله في برنامج مكافحة سوء التغذية للأسباب ذاتها.

ومع بداية العام الدراسي الجديد ودعوة نادي المعلمين للإضراب العام إذا لم يتم صرف رواتب العاملين في قطاع التعليم والمقطوعة منذ سبعة أعوام، اتسعت قاعدة الموظفين الذين يطالبون برواتبهم واتهموا جماعة الحوثي بالاستحواذ على عائدات الدولة في مناطق سيطرتهم وإنفاقها لصالح قياداتها ومقاتليها، وحرمان الموظفين الذين يُرغَمون على العمل منذ ذلك الوقت من دون رواتب.

وباتت هذه المطالب تلاحق قادة الحوثيين في الشوارع وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وفق ما قاله سكان وعاملون في عدد من الجهات الحكومية في تلك المناطق.

يمنية تحمل طفلاً يعاني من سوء التغذية في انتظار العلاج في مركز صحي بمديرية الخوخة غرب البلاد (أ.ف.ب)

وحسبما يقول أحمد صالح، وهو موظف في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» فإن التهدئة التي مضى عليها أكثر من 15 شهراً أسقطت كل المبررات التي كان الحوثيون يقدمونها للناس كسبب لاستمرار قطع رواتب مئات الآلاف من الموظفين في مناطق سيطرتهم، حيث باتت الغالبية منهم على قناعة بأن قادة الجماعة يستحوذون على كل عائدات الدولة لإنفاقها على المسؤولين والمقاتلين.

الرواتب حديث الشارع

صالح الذي اضطر للعمل سائقاً لنقل البضائع لدى شركة صناعات محلية يذكر أن الموظفين عندما كانوا يطالبون برواتبهم يرد عليهم الحوثيون بأن هناك حرباً، وأن الموانئ مغلقة، وأن ما يتم جمعه من أموال يُنفق على الجبهات، لكن الآن وبعد مرور نحو عام ونصف العام على التهدئة وتوقف القتال وإعادة تشغيل موانئ الحديدة، ومضاعفة الجمارك على البضائع، لم يعد لديهم أي مبرر ولا يمكن استمرار استغفال الناس.

ووفق سكان في صنعاء تحدثوا مع «الشرق الأوسط» فإن هذا الموقف أصبح حديث الشارع العام وأن الانتقادات للحوثيين تُسمع في وسائل النقل وفي أماكن العمل بشكل واضح، بخاصة بعد أن رفضوا مقترح الحكومة صرف الرواتب كخطوة أولى تواكب اتفاقاً لوقف إطلاق النار وفتح الطرق بين المحافظات، وقال السكان إن الغالبية تعتقد أن الحوثيين لا يهمهم وضع الموظفين ولا رواتبهم ولهذا يرفضون أي مقترح بهذا الخصوص.

ويبيّن فهد عبد الله، وهو معلم في محافظة ذمار، أن توقف القتال، ورفض الحوثيين المقترحات التي قُدمت بصرف رواتب جميع الموظفين أكدت للناس أنهم يريدون استمرار الوضع كما هو لأنهم مستفيدون من تحصيل موارد الدولة دون أن يكون عليهم أي التزام، وأنهم يريدون استخدام ورقة الرواتب للضغط من أجل الحصول على نسبة من صادرات النفط لتعزيز سلطتهم فقط وليس التوصل لاتفاق سلام.

ينفق الحوثيون عائدات الدولة على شراء الولاءات السياسية والقبلية (إعلام حوثي)

وتجزم عفاف، وهي موظفة حكومية ورواتبها متوفقة منذ نحو سبعة أعوام، بأن الحوثيين لا يبحثون عن حل للحرب التي يعيشها اليمن، ولكن يريدون تقاسم النفط حتى يستمروا في حكم المناطق الخاضعة لسيطرتهم، واستخدموا ورقة المرتبات فترة معينة، والآن تنازلوا عنها وأصبحوا يبحثون عن مكاسب سياسية، ويريدون إسقاط أسماء عشرات الآلاف من الموظفين من قوائم الرواتب وإدخال أتباعهم الذين تم إحلالهم بدلاً عن المفصولين.

موارد كافية لصرف الرواتب

خلافاً لما كان يقوله الحوثيون من أنهم لا يمتلكون موارد مالية كافية لتغطية بند الرواتب، أكدت الحكومة الشرعية أن إجمالي المبالغ التي يحصلون عليها من عائدات الضرائب والجمارك والموانئ وقطاع الاتصالات تزيد على أربعة مليارات دولار في السنة، بينما لا تحصل الحكومة إلا على نصف هذا المبلغ في حين أنها ملتزمة بصرف رواتب أكثر من نصف الموظفين، كما تقوم بتقديم خدمات الرعاية الصحية والمياه والكهرباء في كل المناطق الخاضعة لسيطرتها.

القاضي عرفات جعفر رد على تصريحات قادة الانقلابيين واتهامهم الحكومة بحجز رواتب الموظفين، وقال إن عائدات الضرائب في مناطق سيطرة الحوثيين وصلت إلى 627 مليار ريال يمني، أي ما يعادل مليارين ومائة وأربعة وثمانين مليون دولار.

إلى ذلك يسخر الموظفون من مواقف الحوثيين ويقولون إنها «تدليس وضحك على الذقون واستهتار بشعب بأكمله، فكلما ضاقت أحوال الناس وارتفعت أصواتهم بالمطالبة بصرف الرواتب، يُخرج الحوثيون بياناً يندد بأميركا وبريطانيا بتهمة عرقلة صرف الرواتب».

ولا تقتصر المطالبة برواتب الموظفين على قطاع معين من السكان بل إنها اتسعت إلى شخصيات من مؤيدي الحوثي، حيث يقول إبراهيم الكبسي إنه وفيما الموظف الصابر والمكافح الذي عمل طوال هذه السنوات الماضية من دون مرتب ينتظر صرف حقوقه، يناقش الحوثيون قضايا تهم مصالحهم ومكاسبهم وهي ما تسبّب تأخر صرف المرتبات.

الكبسي الذي تحول إلى أبرز معارضي حكم الحوثيين قال إن «أي كائن طفيلي يقول إن المطالبة بحقوق الشعب والموظفين ومحاربة الظالمين وفضح الفاسدين واللصوص خدمة للأعداء، اعلموا أن هذا الكائن وأمثاله هم العدو الحقيقي لليمن وللشعب، بل هم عدو داخلي أقبح وأقذر وأشد خطراً من أي عدو خارجي»، وفق تعبيره.

وقف المساعدات

تحركات الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين للمطالبة بالرواتب، أتت مواكبةً وإعلان برنامج الأغذية العالمي أنه يستعد للتعليق الكامل لتدخلاته، للوقاية من سوء التغذية في اليمن في وقت مبكر من شهر أغسطس (آب) المقبل بسبب النقص الحاد في التمويل، وهو ما سيؤثر على 2.4 مليون شخص تم استهدافهم أصلاً.

كما أعلن أنه سيوقف مساعداته عن أكثر من مليون و400 طالب من أصل 3.2 مليون طالب يحصلون على الدعم سنوياً.

نازحون يتلقون مواد إيواء مقدَّمة من منظمة تابعة لمجلس اللاجئين الدنماركي في مخيم بمحافظة حجة اليمنية (أ.ف.ب)

وذكر البرنامج في تقرير حديث أنه يتوقع أن يكون قادراً فقط على مساعدة ما يقرب من 1.8 مليون طالب من أصل 3.2 مليون مخطط له بسبب نقص التمويل، حيث دعم البرنامج 36600 شخص في إطار نشاطه المتعلق بالصمود وسبل العيش في يونيو (حزيران) الماضي، حيث عمل على إعادة تأهيل الطرق الريفية، وخطط حصاد المياه والمشاريع الزراعية في 11 مديرية في ست محافظات.

وحسب التقرير فإن البرنامج ساعد خلال الفترة ذاتها ما يقدَّر بنحو 3.4 مليون شخص عبر أنشطته في اليمن، حيث وزّع على 2.9 مليون شخص حصصاً غذائية، فيما حصل 46 ألف شخص على نصف مليون دولار من التحويلات النقدية، حيث يوزّع برنامج الأغذية العالمي المساعدة الغذائية العامة في دورات تدوم نحو 45 يوماً، ويستهدف حالياً 13.1 مليون شخص في كل دورة.


مقالات ذات صلة

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

العالم العربي عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

أقرت الجماعة الحوثية بدفن دفعة جديدة من الجثث مجهولة الهوية في محافظة صعدة (معقلها الرئيسي) وسط تجدد الشكوك حول حدوث تصفيات داخل المعتقلات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر باليوم العالمي للمعلم فيما يعاني المعلمون في اليمن من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون وتوقف الرواتب والاعتقالات.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)

دعوة ماكرون لوقف تسليح إسرائيل... هل يمكن تفعيلها؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في القمة الفرنكوفونية التاسعة عشرة في باريس (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في القمة الفرنكوفونية التاسعة عشرة في باريس (رويترز)
TT

دعوة ماكرون لوقف تسليح إسرائيل... هل يمكن تفعيلها؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في القمة الفرنكوفونية التاسعة عشرة في باريس (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في القمة الفرنكوفونية التاسعة عشرة في باريس (رويترز)

وسط تصعيد إسرائيلي للحرب في لبنان وتواصلها في قطاع غزة، أثارت دعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن الكف عن تسليم أسلحة لإسرائيل، تساؤلات بشأن مدى إمكانية تفعيلها وتأثيرها على الصراع بالمنطقة، خاصة أنها لاقت ترحيباً من دولتي الوساطة مصر وقطر ومطالبة بتنفيذها.

الدعوة الفرنسية، التي تأتي من ماكرون، الذي يملك علاقات متينة مع لبنان، تأتي بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بهدف تحقيق ضغوط على نتنياهو للتراجع عن تصعيده على الأراضي اللبنانية، مشيرين إلى أن تنفيذها، بعيداً عن الرفض الإسرائيلي، يحتاج انضمام دول أوروبية مصدّرة للسلاح لإسرائيل لتكون المبادرة ذات جدوى وتأثير.

وفي سياق خلافات مع إسرائيل، قال ماكرون في تصريحات لإذاعة «فرنس إنتر»، السبت، إن «الأولوية اليوم هي العودة إلى حل سياسي، والكف عن تسليم الأسلحة (لإسرائيل) لخوض المعارك في غزة». ورفض نتنياهو الموقف الفرنسي قائلاً: «الرئيس ماكرون وغيره من القادة الغربيين يدعون الآن إلى حظر الأسلحة عن إسرائيل، يجب أن يشعروا بالعار»، وهو ما رد عليه الإليزيه بأنه «كلام مفرط ولا علاقة له بالصداقة بين فرنسا وإسرائيل».

تلك الخطوة من ماكرون، لم تكن الأولى ذات الصلة بالمشهد المتصاعد في غزة ولبنان؛ فقد اقترحت فرنسا والولايات المتحدة مع دول عربية وغربية، في 26 سبتمبر (أيلول)، هدنة لمدة 21 يوماً في لبنان، ورد نتنياهو بالرفض والتمسك باستمرار الغارات، لضمان الاستقرار في الشمال لعودة النازحين الإسرائيليين لمنازلهم بالأراضي المحتلة، ووضع حد للمواجهات بين إسرائيل و«حزب الله» المستمرة من اليوم التالي لحرب غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وباعتقاد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، فإن «الرئيس ماكرون يتخذ مواقفه بناء على حساب الأحداث خاصة أن التوقيت مرتبط بالتصعيد على لبنان المرتبط بعلاقات مع فرنسا»، مرجحاً أن تكون «وسيلة ضغط فرنسية على إسرائيل لمنع تصعيد عدوانها بلبنان».

ويستبعد هريدي أن يقصد ماكرون بدعوته حلاً في غزة، قائلاً: «لو كان يقصد قطاع غزة، وهذا غير مرجح، فهذه دعوة متأخرة تحمل شعارات خاصة بعدما تم تدمير نسبة كبيرة من القطاع».

في حين يرى المحلل السياسي الفرنسي، بيير لويس ريموند، أن دعوة ماكرون هي «عودة إلى تفعيل المبادئ التقليدية الأساسية للدبلوماسية الفرنسية لتحقيق وقف إطلاق النار والعودة للمفاوضات، واستمرار حضور صوت فرنسا بين الدبلوماسيات الفاعلة رغم الصعوبات»، مؤكداً أن «باريس ستبدأ بالفعل في تفعيل مبادرة وقف تسليم الأسلحة، خاصة أنه قرار من الرئيس».

وسبق دعوة فرنسا، إعلان وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، أوائل سبتمبر، أن بلاده، الحليف التاريخي لإسرائيل، قررت تعليقاً فورياً لنحو 30 رخصة تصدير لمعدات عسكرية إلى إسرائيل، وذلك بعد مراجعة امتثال إسرائيل للقانون الإنساني الدولي خلال عملياتها العسكرية في غزة، ويومها وصف نتنياهو القرار بأنه «مخزٍ»، مؤكداً أنه «سواء بالأسلحة البريطانية أو من دونها، ستفوز إسرائيل في هذه الحرب (بغزة)».

وفي يناير (كانون الثاني) 2024، أعلن وزير الخارجية الإيطالي، أنتونيو تاياني، أن روما، ثالث أكبر مورد معدات عسكرية لإسرائيل، قررت بعد (حرب) السابع من أكتوبر عدم إرسال مزيد من الأسلحة إلى إسرائيل، وهو الموقف ذاته الذي أكده نظيره الإسباني، خوسيه مانويل ألباريز، بالشهر ذاته. وفي مارس (آذار) 2024، وافق البرلمان الكندي على وقف المبيعات العسكرية المستقبلية إلى إسرائيل.

وبخلاف تلك الدول الأوروبية، لم تصدر دول لديها تعاون عسكري لافت مثل ألمانيا والدنمارك أي تعليق على دعوة ماكرون، ومثلهما الولايات المتحدة.

كان «سيكون اقتراح فرنسا جاداً وله أثر» لو خرج من أكثر من دولة من الدول الأوروبية التي تصدّر السلاح مثل ألمانيا، وفق ما يرى السفير حسين هريدي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة غير مرجح أن تتخذ مثل هذه المواقف قياساً على دعمها المستمر لإسرائيل منذ بدء الحرب، وعدم ممارسة ضغوط حقيقية عليها. غير أن المحلل السياسي الفرنسي، بيير لويس ريموند، يعتقد أن مبادرة ماكرون لن تتوقف عليه وحده، مضيفاً: «أقرب من يحاول الرئيس الفرنسي استدراجهم لهذه المبادرة ألمانيا؛ للتركيز على ما يسمى بالثنائية الفرنسية - الألمانية لتفعيل دبلوماسية أوروبية في هذا الصدد»، مستبعداً حالياً انضمام واشنطن، قائلاً: «سنرى مدى استجابة الدبلوماسية الأميركية لهذا النهج، مع ما ستفرز عنه الانتخابات الرئاسية المقبلة».

ولاقت دعوة ماكرون ترحيباً من دولتَي الوساطة بشأن الهدنة في غزة؛ مصر وقطر، وأكدت وزارة الخارجية المصرية في بيان الأحد، أنها «تتماشى تماماً مع احترام مبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني، وتعكس الاستياء العارم والمتزايد على المستوى الدولي من العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة ولبنان»، وطالبت «المجتمع الدولي بوضع الدعوة محل التنفيذ»، وكررت مطالبتها بـ«الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار في كل من قطاع غزة ولبنان».

وبالمثل، رحبت قطر، في بيان صحافي للخارجية، بدعوة ماكرون، وعدّتها «خطوة مهمة ومقدّرة في اتجاه وقف الحرب».

وبرأي السفير هريدي، فإن إسرائيل ستواصل تعطيل أي جهود للوسطاء أو دعوات للدول التي تدعمهما بشأن وقف الحرب، لافتاً إلى أن الحديث بعيد بشأن أي تأثير للمبادرة على الهدنة، خاصة في ظل الانشغال الأميركي بالانتخابات الرئاسية «التي ستقودنا نتائجها لمزيد من المؤشرات بشأن إمكانية تحقيق تهدئة بغزة من عدمها».

وبتفاؤل، يرى المحلل السياسي الفرنسي، أنه «قد نرى نهاية عسكرية قريبة في غزة»، مستدركاً: «لكن لن تكون هناك نهاية حقيقية ما لم تكن هناك نهاية سياسية للقضية الفلسطينية بحذافيرها تصل بطرفي النزاع إلى (حل الدولتين)».