انقلابيو اليمن يستحدثون نظام تعليم موازياً... وطائفياً

الميليشيات أسست مدارس داخلية رصدت لها موازنة ضخمة

الحوثيون قطعوا رواتب المعلمين ووجّهوا العائدات لمدارس التعليم الطائفي (إعلام حوثي)
الحوثيون قطعوا رواتب المعلمين ووجّهوا العائدات لمدارس التعليم الطائفي (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يستحدثون نظام تعليم موازياً... وطائفياً

الحوثيون قطعوا رواتب المعلمين ووجّهوا العائدات لمدارس التعليم الطائفي (إعلام حوثي)
الحوثيون قطعوا رواتب المعلمين ووجّهوا العائدات لمدارس التعليم الطائفي (إعلام حوثي)

كشفت مصادر عاملة في قطاع التعليم في اليمن وناشطون، عن تأسيس جماعة الحوثي نظاماً تعليمياً طائفياً في موازاة التعليم العام، عبر سلسلة من المدارس رصدت لها موازنات ضخمة، يحصل فيها الطلاب على الكتب الدراسية مجاناً إلى جانب السكن ووجبات الغذاء، كما يحصل المعلّمون فيها على رواتب شهرية ضعفي رواتب معلمي التعليم العام المقطوعة منذ سبع سنوات.

ووفق المصادر، فإن الجماعة الحوثية بدأت العمل بهذا النظام بشكل محدود في محافظة صعدة (معقلها الرئيسي) ومن ثم محافظة حجة المجاورة، وانتقلت بعد ذلك إلى صنعاء، لكنها هذا العام وسّعت هذه المدارس الطائفية إلى المحافظات الأخرى ووصلت إلى مدينة إب السنية، مع تجنبها التغطية الإعلامية لهذه المدارس؛ خشية ردة الفعل المجتمعية الغاضبة.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

المصادر ذكرت أن النظام التعليمي الطائفي الجديد، وُضعت له مناهج دراسية خاصة وكادر تعليمي خاص، تحت مسمى «مدارس شهيد القرآن» نسبة إلى مؤسس الجماعة حسين الحوثي الذي يطلقون عليه هذه التسمية.

وأفادت المصادر بأن هذا النظام التعليمي الطائفي تأسس تحت إشراف عناصر من جماعة «حزب الله» اللبناني، وأنه يحظى بكل الرعاية والاهتمام، وقد وفّرت له كل الإمكانات بما فيها صرف مبالغ إعاشة شهرية للطلبة بهدف خلق جماعة طائفية وتجزئة اليمن على هذا الأساس.

تكتم خشية الرد المجتمعي

وفي حين فرضت وزارة التربية والتعليم في حكومة الانقلاب الحوثية رسوماً مرتفعة على الطلاب الملتحقين بالتعليم العام، أوضحت المصادر أن هناك ثلاث مدارس في صنعاء على الأقل ومثلها في حجة وعمران، ومدارس أخرى في عدد من المديريات في محافظة ذمار، وقالت: إن يحيى الحوثي شقيق زعيم الجماعة الذي يشغل موقع وزير التربية في حكومة الانقلاب زار أخيراً ثلاثاً من هذه المدارس في محافظة حجة (شمال غرب) دون غيرها من المدارس ولم يتم الإعلان عن تلك الزيارة في وسائل إعلام الجماعة.

ويقول جميل محمد، وهو اسم مستعار لأحد العاملين في قطاع التعليم في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، لـ«الشرق الأوسط»: إن هذه المدارس وُجدت في عدد من عواصم المحافظات وبعض المديريات، وإن الجماعة افتتحت العام الحالي مدرسة للتعليم الطائفي في مدينة إب عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم نفسه.

وأكد أن الجماعة افتتحت العشرات من هذه المدارس، ولكنها تمنع تغطية ذلك في وسائل الإعلام حتى تتمكن من إيجاد جيل طائفي بهدوء ومن دون مقاومة مجتمعية.

ونبّه محمد إلى أن الجماعة تتبع النهج نفسه الذي اختطته عند تأسيسها في نهاية الثمانينات، حيث عملت بسرية مطلقة على تشكيل مجاميع طائفية اعتماداً على الانتماء السلالي وتحت مبرر تعليم الفقه المذهبي، حتى فوجئ اليمنيون في منتصف عام 2004 بوجود تنظيم طائفي مسلح استطاع استقطاب الآلاف من المراهقين من خلال المخيمات الصيفية التي كانت تقام في محافظة صعدة.

موالون للجماعة الحوثية في صنعاء يردّدون شعاراتها الطائفية (رويترز)

غير أن محمود، وهو أحد العاملين في قطاع التعليم، يبيّن أن هذا النظام التعليمي الموازي يقوم على فكرة مدارس داخلية يتم فيها توفير المسكن والملبس للطلاب ومبلغ إعاشة شهرية مع الوجبات الغذائية، والطاقة الاستيعابية لكل مدرسة لا تزيد على 350 طالباً كل عام، ويوضح أن كل مدرّس يعمل في هذه المدارس يحصل على راتب شهري يساوي 320 دولاراً، إضافة إلى الوجبات الغذائية والسكن المجاني، في حين أن راتب المدرس في التعليم العام يساوي 120 دولاراً في الشهر، وهذه الرواتب مقطوعة منذ نهاية عام 2016.

غرس الطائفية

يجزم عبد العزيز، وهو عامل في قطاع التعليم أيضاً، أن هذه المدارس تعمل على غرس الطائفية السلالية، ونشر الأحقاد والكراهية بين أبناء المجتمع اليمني، ويحذّر من أنه وفي ظل فرض رسوم دراسية كبيرة في مدارس التعليم العام، والفقر الذي تعيشه الأسر، فإن هذه الأسر قد تضطر إلى إلحاق أبنائها في هذه المدارس؛ لأنهم يحصلون على وجبات غذائية مجانية ومصاريف شهرية وسكن مجاني، ولأن أسرهم لا تستطيع تحمّل نفقات إلحاقهم بالتعليم العام.

كثَّف الحوثيون من مساعي فرض الطائفية والتغيير المذهبي (إعلام حوثي)

أما كمال أحمد، وهو رب أسرة، فيتساءل عن السر الذي جعل وزارة التربية في حكومة الانقلاب قادرة على تغطية تكاليف هذه المدارس الطائفية، وكذلك الدورات الصيفية الطائفية، مع أن تلك ليست مهمة الوزارة، في حين تعجز عن تغطية تكاليف التعليم العام، من مرتبات وكتب ونفقات، حيث إن أولياء الأمور ملزمون بدفع مبالغ رسوم غير قانونية، كما أنهم مرغمون على شراء كتب المناهج الدراسية من الأرصفة، حيث تباع هناك.

وتؤكد مصادر في حكومة الانقلاب أن الجماعة الحوثية وجّهت عائدات صندوق المعلمين والأموال الأخرى لدعم هذه المدارس التي تعمل بسرية، ولدعم المراكز الطائفية بهدف الترويج لما تدعيه أنه الحق الإلهي لسلالة الحوثي في حكم اليمن.

وربطت المصادر بين ذلك وفشل كل جهود الجماعة في فرض الطائفية داخل التعليم العام رغم أنهم قاموا بتغيير المناهج الدراسية للتعليم العام، وأكدت أن حالة الرفض المجتمعي الواسعة؛ لذلك كانت الدافع لاستحداث هذا النظام التعليمي.

ويعلق الأستاذ الجامعي إبراهيم الكبسي على ما يحدث من فساد الجماعة الحوثية ويقول: إنها تعيش في تخمة وغنى والشعب من حولها يعيش في الجوع والفقر.


مقالات ذات صلة

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

بدأت الجماعة الحوثية الإفراج عن بعض المختطفين بسبب احتفالهم بذكرى ثورة سبتمبر (أيلول)، في حين تقدر أعداد المختطفين بالآلاف في مختلف مناطق سيطرة الجماعة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

الجماعة الحوثية تجبر طلاباً وأكاديميين وموظفين في جامعة البيضاء على التعبئة القتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النيران تشتعل في الناقلة «سونيون» بالبحر الأحمر بعد هجوم سابق من قبل الجماعة الحوثية (رويترز)

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

الحوثيون يعلنون عن هجمات على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر بالتزامن مع تولي قوات أسترالية قيادة قوات البحرية المشتركة لحماية الأمن البحري في المنطقة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية، الثلاثاء، بأن طائرة مسيَّرة أصابت سفينة قبالة سواحل اليمن، حيث يشنّ المتمردون الحوثيون منذ أشهر هجمات على سفن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)

غارات غربية تضرب 15 موقعاً حوثياً في اليمن

الدخان يتصاعد من موقع الضربات الأميركية - البريطانية على صنعاء (رويترز)
الدخان يتصاعد من موقع الضربات الأميركية - البريطانية على صنعاء (رويترز)
TT

غارات غربية تضرب 15 موقعاً حوثياً في اليمن

الدخان يتصاعد من موقع الضربات الأميركية - البريطانية على صنعاء (رويترز)
الدخان يتصاعد من موقع الضربات الأميركية - البريطانية على صنعاء (رويترز)

قالت القيادة المركزية الأميركية، الجمعة، إنها نفّذت غارات على 15 هدفاً تتبع جماعة «الحوثي» في اليمن. وأوضحت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، أن الغارات استهدفت قدرات عسكرية هجومية لجماعة «الحوثي». وأشارت إلى أن غاراتها تأتي في سياق حماية حرية الملاحة وتأمين المياه الدولية التي تمر بها ناقلات تجارية.

وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية، نقلاً عن قناة «المسيرة» التابعة للمتمردين الحوثيين، اليوم (الجمعة)، بأن طائرات أميركية وبريطانية شنّت سلسلة غارات على 3 مدن يمنية، من بينها صنعاء والحديدة الساحلية في غرب البلاد.

وقالت القناة إن «عدواناً أميركياً بريطانياً استهدف صنعاء بـ4 غارات (...)، و7 غارات على الحديدة، وغارة على مدينة ذمار». وأفاد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» في صنعاء والحديدة، بسماع دوي انفجارات قوية في المدينتين.

وأعلن زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي، أمس (الخميس)، أن اليمن تعرض هذا الأسبوع لـ39 غارة إسرائيلية وأميركية، مشيراً إلى أن جماعته استهدفت 188 سفينة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، حيث يواصل الحوثيون استهداف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، ويقولون إن هذه العمليات تأتي «نصرة لقطاع غزة» الذي يشهد حرباً إسرائيلية.

وقالت جماعة الحوثي، يوم الاثنين الماضي، إنها ستصعّد عملياتها العسكرية ضد إسرائيل رداً على هجماتها على اليمن.