وجبة غداء تعيد التذكير بفساد قادة الانقلاب الحوثي في اليمن

ملايين اليمنيين يواجهون خطر المجاعة ونقص الخدمات

الحوثيون يقرون تحويل مواقف مبنى وزارة الإعلام في صنعاء إلى مزرعة للحبوب (إعلام حوثي)
الحوثيون يقرون تحويل مواقف مبنى وزارة الإعلام في صنعاء إلى مزرعة للحبوب (إعلام حوثي)
TT

وجبة غداء تعيد التذكير بفساد قادة الانقلاب الحوثي في اليمن

الحوثيون يقرون تحويل مواقف مبنى وزارة الإعلام في صنعاء إلى مزرعة للحبوب (إعلام حوثي)
الحوثيون يقرون تحويل مواقف مبنى وزارة الإعلام في صنعاء إلى مزرعة للحبوب (إعلام حوثي)

بالتزامن مع تحذيرات محلية وأممية من مواجهة ملايين اليمنيين خطر المجاعة بسبب نقص المساعدات الغذائية، وتزايد الأصوات المطالبة بصرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، أظهرت تكاليف وجبة غداء صرفها أحد القيادات حالة البذخ التي تعيشها عناصر الميليشيات ومدى اتساع رقعة الفساد في صفوفهم.

وفيما لا يزال الشارع اليمني في صنعاء منشغلاً بالحديث عن الصراع بين أجنحة الجماعة والاتهامات المتبادلة بين قادتها بالفساد ورعاية الفاسدين، تسربت وثائق بخصوص وجبة غداء لقيادة مؤسسة الحبوب الخاضعة للجماعة الحوثية لتكشف عن حال البذخ التي يعيشها قادتها.

الكشف عن الوثائق أثار موجة غضب عارمة، حيث وجّهت انتقادات شديدة للعبث بالأموال العامة، خاصة مع استمرار قطع رواتب مئات الآلاف من الموظفين المدنيين والعسكريين منذ نهاية عام 2016.

الوثائق المسربة بيّنت أن مدير مؤسسة تنمية وإنتاج الحبوب مطالب من أحد المطاعم الشهيرة بصنعاء بدفع فاتورة قيمتها نحو 1500 دولار أميركي، تكاليف وليمة أقامها لبعض قادة وزارة الزراعة في حكومة الانقلاب غير المعترف بها.

وثيقة تطالب قيادياً حوثياً بدفع نحو 1500 دولار قيمة وجبة غداء (تويتر)

ومع انتشار هذه الوثائق في مواقع التواصل الاجتماعي، انبرت مجموعة من إعلاميي الجماعة للدفاع عن المسؤول، وقالوا إن المسؤولين في العهد السابق للانقلاب كانوا ينفقون أكثر من ذلك، لكن هؤلاء ووجهوا بسيل من الانتقادات والسخرية التي شارك فيها مؤيدون للجماعة الانقلابية حيث استنكروا هذا الفساد، في حين أن الموظفين من دون رواتب منذ نحو 7 أعوام.

اتهامات للجماعة بالفساد

واصل نشطاء وموظفون هجومهم على قيادة الجماعة ومسؤوليها، واتهموهم بالفساد والاستيلاء على عائدات الدولة، وحرمان الموظفين من رواتبهم، وحمّلوهم مسؤولية فشل المقترحات التي قدّمتها الحكومة والتحالف الداعم لها، بشأن صرف رواتب جميع الموظفين، وسخروا من اعتراف رئيس مجلس حكم الانقلاب مهدي المشاط بأن جماعته هي التي أفشلت ذلك المقترح، لأنها تريد حصة من عائدات تصدير النفط، واعتبروا ذلك إقراراً صريحاً بأن الجماعة الانقلابية تستخدم بند المرتبات ومعاناة الموظفين للابتزاز السياسي.

القيادي السابق في ما تسمى اللجنة الثورية العليا للحوثيين، محمد المقالح، شارك في هذه الانتقادات، ورأى أن مؤسسة الحبوب ذاتها ووزارة الزراعة تنهبان لصالح سلطة أخرى هي اللجنة الزراعية، في إشارة إلى الكيانات الموازية التي أوجدتها الجماعة الانقلابية بدلاً عن مؤسسات الدولة اليمنية، وقال المقالح: «في هذه اللجنة الزراعية ستجدون المليارات تهدر والإنفاق على مشروعات وهمية بمبالغ لا يتصورها خيالكم المحدود».

وانتقد المقالح المدافعين عن فساد مدير مؤسسة الحبوب، وقال: «إن الوقاحة التي لا تعرف الحياء هي حين تقول له إنك فاسد، وهذا المبلغ الكبير أخذته من خزينة الدولة اليوم، وبالتالي من جيوب الفقراء والمعدمين، فيرد عليك؛ لكن فلاناً أخذ من خزينة الدولة بالأمس أكثر مني».

وفي إطار الحملة التي يقودها نشطاء ضد فساد جماعة الحوثي الانقلابية، كشف هؤلاء أن وزير الصناعة والتجارة في حكومة الانقلاب محمد المطهر متورط في الفساد عندما تم تعيينه نائباً لرئيس شركة الغاز، كما أن تعيينه في المنصب مخالفة للقانون، لأنه لم يكن موظفاً في الأساس، علماً أن المطهر هو الذي يقود الحرب ضد اتحاد الغرف التجارية، وهو من قام باقتحام مقر الغرفة التجارية في صنعاء، وعيّن أحد قادة الميليشيات على رأس قيادتها.

يعيش قادة الجماعة الحوثية حالة بذخ بينما ملايين اليمنيين مهددون بالمجاعة (إعلام حوثي)

وبحسب وثيقة من إحدى الهيئات التي شكّلتها الجماعة لمكافحة الفساد، فإن مطهر استولى على أكثر من 400 ألف دولار أثناء توليه منصب نائب رئيس شركة الغاز، وكان يجب محاكمته واستعادة الأموال التي نهبها، إلا أن الانقلابيين بدلاً عن ذلك عيّنوه وزيراً للصناعة والتجارة.

وتؤكد الوثيقة أن الرجل لم يكن من ضمن الكادر الوظيفي للدولة، ولم يتدرج في السلم الوظيفي، وأنه تم إسقاط اسمه من الشكوى المنظورة أمام نيابة الأموال العامة الخاصة بفساد قيادة شركه الغاز.

النشطاء ذكروا أيضاً أن شقيق الوزير الحوثي، واسمه نبيل، وهو الذي عيّن مديراً لمنشأة رأس عيسى على البحر الأحمر، لم يكن ضمن الكادر الوظيفي للدولة، كما أنه متورط بقضايا فساد، وقد تم استدعاء كل قيادات شركة النفط بالحديدة للنيابة للتحقيق معهم، في حين تم استبعاده لأسباب غير معروفة.

أطفال ينقلون المياه على ظهور الحمير قرب مخيم للنازحين في مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة اليمنية (أ.ف.ب)

وعلى صعيد متصل بالفساد، كشفت مصادر مطلعة في وزارة التربية والتعليم في حكومة الانقلاب أن العائدات الشهرية لصندوق دعم المعلمين تتجاوز المليون ونصف المليون دولار، وأن الصندوق قام بإقراض وزارة مالية الانقلاب، فيما المعلمون من دون رواتب ولا حوافز.

وذكرت المصادر أن الوزارة التي يقودها يحيى الحوثي، وهو شقيق زعيم الميليشيات، تحصل سنوياً على ملايين الدولارات لطباعة كتب المناهج الدراسية، التي يتم طبعها أساساً في مطبعة الكتاب المدرسي التابعة للوزارة، ومع ذلك تقوم مكاتب وزارة التربية والتعليم في المحافظات ببيع الكتب المدرسية للطلاب بمبالغ مالية باهظة.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.