حديث الانقلابيين الحوثيين عن مكافحة الفساد يثير سخرية اليمنيين

الجماعة كرّمت قيادياً متهماً باختلاس 1.7 مليون دولار

عمال يحملون أكياس حبوب في أحد المستودعات بصنعاء وسط ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية (إ.ب.أ)
عمال يحملون أكياس حبوب في أحد المستودعات بصنعاء وسط ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية (إ.ب.أ)
TT

حديث الانقلابيين الحوثيين عن مكافحة الفساد يثير سخرية اليمنيين

عمال يحملون أكياس حبوب في أحد المستودعات بصنعاء وسط ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية (إ.ب.أ)
عمال يحملون أكياس حبوب في أحد المستودعات بصنعاء وسط ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية (إ.ب.أ)

بينما كان رواد مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن يستنكرون شراء نائب وزير خارجية الانقلابيين الحوثيين فيلا ضخمة في صنعاء بمليون ونصف المليون دولار، كان قيادي آخر يحشد المئات من موظفي مصلحة الجمارك للاحتفاء بتوديعه بعد أن اتُهم بنهب نحو مليار ريال يمني (نحو مليون و700 ألف دولار أميركي في مشهد ألفه السكان منذ الانقلاب على الشرعية، حيث يكثر الانقلابيون من الحديث عن النزاهة ويمارسون أشكالاً متعددة من الفساد.
ففي تسجيل مصور ظهر أحد المواطنين وهو يسخر من حالة الفقر التي يعيشها والسكان في مناطق سيطرة الانقلابيين، ويبارك للقيادي حسين العزي، نائب وزير خارجية الجماعة الحوثية، شراء فيلا جديدة في صنعاء بقيمة تجاوزت مليوناً ونصف المليون دولار، وسبقه في ذلك عدد من القيادات، حيث تم تسخير كل عائدات الدولة لهذه القيادات التي احتكرت أيضاً تجارة المشتقات النفطية والمبيدات والأدوية، وغيرها.
وكان عبد الملك الحوثي زعيم الميليشيات ومع تنامي السخط الشعبي على حكم جماعته، قد سمح بتوزيع مقتطفات من تقرير جهاز الرقابة والمحاسبة عن الفساد، وتم بموجبه إقالة رئيس مصلحة الجمارك الخاضعة في صنعاء يوسف زبارة، بعد أن اتُهم بالاستيلاء على مليار ريال يمني (الدولار نحو 560 ريالاً في مناطق سيطرة الميليشيات)، لكن وبعد مرور خمسة أيام على قرار الإقالة حشد زبارة موظفي المصلحة وفروعها وعددهم يزيد على 300 موظف، وأقام حفل وداع كبيراً، انتهى بتكريمه عن فترة عمله وشكره على جهوده.
الخطوة كانت محل استغراب الموظفين والمواطنين على حد سواء، وتساءل أحد الموظفين عن كيفية تكريم مسؤول أقيل بسبب ضلوعه في الفساد، في حين قال آخر، إنها تكشف حقيقة مواجهة الفساد، حيث تظهر أن ما قامت به قيادة الانقلابيين من إقالة رئيس مصلحة الجمارك ومن بعده رئيس مصلحة الضرائب للأسباب ذاتها مجرد محاولة لامتصاص النقمة الشعبية والتغطية على الفساد وليس محاربته.
وكان الانقلابيون الحوثيون عيّنوا أيضاً القيادي عبد الجبار الجرموزي (أبو يونس) والذي كان يتولى منصب وكيل محافظة الحديدة في حكم الميليشيات، رئيساً لمصلحة الضرائب وهو الذي عُرف عنه مضاعفته مبالغ الضرائب التي يتم تحصيلها على البضائع والمنتجات الزراعية؛ ما يشير إلى أن الجماعة تتجه لمضاعفة الضرائب من خلال وضعه على رأس المصلحة.
وفي وقت سابق، تجاهلت هيئة مكافحة الفساد الخاضعة للحوثيين في صنعاء من يوصفون شعبيا بـ«هوامير الفساد»، وأعلنت توقيف ثلاثة متهمين من الموظفين العموميين عن العمل «لثبوت وقائع الفساد من قبلهم في قضية التزوير والاختلاس للمتحصلات الضريبية»، وقالت، إن مخابرات الميليشيات تتعقب ثلاثة آخرين «لمعرفة حجم الضرائب العقارية المختلسة»، وإنها أحالت أيضاً ثلاثة من المتهمين في هذه القضية إلى نيابة مكافحة الفساد بوقائع التزوير والاختلاس لضريبة العقارات البالغة 354 مليون ريال (أكثر من نصف مليون دولار)
وما يثير السخرية، أن تقرير مراجعة حسابات المعونات الخارجية التي حصلت عليها وزارة الصحة في حكومة الانقلاب تحدثت عن ضعف رقابة الوزارة على الأنشطة وحملات برنامج التحصين المنفذة في عدد من المحافظات والتي صرفت تمويلاتها من قِبل المنظمات مباشرة لمكاتب المحافظات دون توفر الوثائق والمستندات الثبوتية التي تؤكد تنفيذ الأنشطة وصحة الاستحقاق والصرف.
وتجاهل التقرير فساد الوزير الحوثي طه المتوكل وتوجيه إمكانات قطاع الصحة الذي يديره لخدمة المستشفى الخاص الذي يمتلك، كما تجاهل كارثة الأدوية المهربة والمغشوشة والتي كانت سبباً في وفاة عشرين طفلاً.
ولأن اهتمامات الانقلابيين هو كيفية الاستيلاء على المساعدات الخارجية؛ ذكر تقرير المراجعة، أن المختصين في قطاع الصحة لم يقوموا بقيد وتسجيل العديد من المعونات النقدية والعينية التي حصلت عليها الجماعة والبرامج التابعة لها في الدفاتر والسجلات المحاسبية وعدم إظهار تلك المبالغ في حسابها الختامي للعام نفسه.
وبشأن الفساد في الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد الخاضعة للحوثيين، أشار التقرير إلى عدم تحقيق أهداف عملية الجرد كأداة رقابية على أصول وممتلكات الهيئة، لافتاً إلى أن لجان الجرد لم تقم بإجراء المطابقة بين نتائج الجرد الفعلي والأرصدة الدفترية لتحديد أي فروق وبحث أسبابها واتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها.
وتحدث التقرير عن ضعف الإجراءات المتبعة في صرف العهد وعدم متابعة وإلزام أربابها بتقديم المستندات والوثائق المؤيدة للصرف في الأغراض التي صرفت لها أو توريدها لحسابات الهيئة.
أما عن الفساد في مؤسسة موانئ البحر الأحمر، فتحدث التقرير عن ارتفاع المديونيات المستحقة لصالح المؤسسة طرف الشركات الملاحية والمدينين الآخرين وعدم القيام باتخاذ الإجراءات القانونية لتحصيلها، وانتقد بلطف «توسع المؤسسة في صرف المكافآت» وبدل العمل الإضافي دون الالتزام بالأسس والضوابط المنظمة لعملية الصرف والتي تكفل توجيه تلك المصروفات بما يخدم نشاط المؤسسة ويحسّن من أداء الموظفين.
واعترف التقرير الحوثي بوجود عدد من جوانب القصور في احتساب إيرادات المؤسسة من أجور مدة إشغال المربط على السفن وعدم دقة البيانات المدخلة في النظام الآلي لحركة السفن وعدم شموليتها للبيانات الأساسية كافة الواجب إدخالها لاحتساب الأجور والعوائد المستحقة.
والأغرب، أن التقرير لم يرصد أي فساد في أداء السلطات الانقلابية في محافظة صعدة معقل ميليشيات الحوثي باستثناء في مكتب الزراعة والري، الذي أشار إلى أنه يقوم بفرض وتحصيل إيرادات تحت مسمى رسوم تسويق المنتجات الزراعية دون وجود سند قانوني يجيز ذلك، والصرف من الإيرادات المحصلة من تلك الرسوم مباشرة بالمخالفة لأحكام القانون المالي.
وفي حين باتت تجارة المبيدات الزراعية حكراً على قادة ميليشيات الحوثي الذين يقومون بإدخال وتهريب أنواع محرمة من المبيدات مسؤولة عن زيادة معدلات الإصابة بالسرطان يتحدث التقرير عن ضعف الدور الرقابي والإشرافي للمكتب على المحال التجارية التي تمارس نشاط بيع مبيدات الآفات الزراعية، وقال، إن نسبة المحال المرخصة بلغت 37 في المائة، فقط من إجمالي عدد المحال التي تم حصرها، ورأى أن ذلك «يمثل مخاطر كبيرة في بيع مبيدات غير مطابقة للمواصفات أو منتهية تلحق الضرر بالنباتات والبيئة».


مقالات ذات صلة

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الحوثيون يجبرون التجار والباعة والطلاب على التبرع لدعم «حزب الله» اللبناني (إعلام حوثي)

​جبايات حوثية لصالح «حزب الله» وسط تفاقم التدهور المعيشي

تواصل الجماعة الحوثية فرض الجبايات والتبرعات الإجبارية لصالح «حزب الله» اللبناني وسط توقعات أممية بارتفاع أعداد المحتاجين لمساعدات غذائية إلى 12 مليوناً

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مجسم طائرة بدون طيار خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل نظمتها الجماعة الحوثية في صنعاء منذ شهرين (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعترض باليستياً حوثياً

عاودت الجماعة الحوثية هجماتها الصاروخية ضد إسرائيل بصاروخ فرط صوتي بالتزامن مع استهدافها سفينة تجارية جديدة ووعيد باستمرار هذه الهجمات.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تفجير مجموعة من الألغام التي تم نزعها خلال الأيام الماضية في تعز (مسام)

«مسام» ينتزع 840 لغماً في اليمن

يواصل مشروع «مسام» تطهير الأراضي اليمنية من الألغام، وفي موازاة ذلك يقدم مركز الملك سلمان للإغاثة أنواعاً مختلفة من الدعم الإنساني في البلاد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

الحوثيون يتبنون هجوماً باتجاه إسرائيل بالاشتراك مع فصائل عراقية

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
صاروخ وهمي من صنع الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يتبنون هجوماً باتجاه إسرائيل بالاشتراك مع فصائل عراقية

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
صاروخ وهمي من صنع الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

تبنت الجماعة الحوثية، الأحد، هجوماً بالطائرات المسيرة على إسرائيل بالتنسيق مع فصائل عراقية موالية لإيران، في حين أكد الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخين أُطلقا من اليمن يومي السبت والأحد دون تسجيل أضرار.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

الحوثيون انخرطوا في ما يسمونه «محور المقاومة» بقيادة إيران (إ.ب.أ)

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع، في بيان متلفز، إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومةِ الإسلاميةِ في العراق»، عمليةً عسكريةً استهدفت «هدفاً حيوياً جنوب فلسطين المحتلة بعددٍ من الطائرات المسيرة»، زاعماً أن العملية «حققت هدفها بنجاح».

وإذ توعد المتحدث الحوثي باستمرار الهجمات نصرة للفلسطينيين في غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي من جهته اعتراض صاروخ قادم من اليمن، صباح الأحد، غداة اعتراض صاروخ آخر.

وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» أن الجيش قال إنه اعترض الصاروخ قبل أن يدخل الأراضي الإسرائيلية، وإنه لم يتم إطلاق صفارات الإنذار وفقاً للبروتوكولات الأمنية.

وكان الجيش الإسرائيلي قال إن سلاح الجو اعترض، السبت، صاروخاً أُطلق من اليمن. وكتب الجيش عبر تطبيق «تلغرام»: «قبل فترة قصيرة، اعترض الجيش الإسرائيلي صاروخاً أُطلق من اليمن». وأضاف أنه جرى اعتراض الصاروخ قبل عبوره إلى إسرائيل، ولم يتم إطلاق أي صفارات طبقاً للبروتوكول».

عمليات غير مؤثرة

خلال الأشهر الماضية، تبنّى الحوثيون إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

مسلحون حوثيون خلال تجمّع في صنعاء (رويترز)

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

ورداً على التصعيد البحري، تلقت الجماعة الحوثية منذ يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة غربية بقيادة أميركا، أملاً في الحد من قدرتها على شن الهجمات البحرية.