أعلن الأمن اليمني في محافظة تعز، السبت، توقيف المتهمين المباشرين باغتيال الموظف الأممي مؤيد حميدي، إلى جانب 10 آخرين قال إنهم ضمن عصابة مسؤولة عن الاستهداف، وسط سعي رئاسي وحكومي لاحتواء تبعات الحادث على التدخلات الأممية الإنسانية في البلاد.
وكان مسلحان مجهولان يستقلان دراجة نارية أطلقا النار ظهر الجمعة على مسؤول برنامج الأغذية العالمي في محافظة تعز (الجنوب الغربي) مؤيد حميدي (أردني الجنسية) عندما كان في مطعم في منطقة التربة، قبل أن يلوذا بالفرار، ما أدى إلى مقتل الضحية وإصابة يمني آخر.
وأكد مسؤول الإعلام الأمني في تعز، في بيان مقتضب، أن أجهزة الأمن ألقت القبض على المسؤولين المباشرين عن مقتل حميدي، إلى جانب 10 آخرين ضمن عصابة متورطة في الجريمة.
شرطة تعز تعلن ضبط المنفذين المباشرين وأكثر من 10 آخرين مشاركين في جريمة اغتيال مدير برنامج الأغذية العالمي "مؤيد حميدي" في مدينة التربة جنوبي المحافظة pic.twitter.com/EZR6k9UY8J
— نسيم البعيثي (@Naseem_13) July 22, 2023
وفي وقت سابق، قال الأمن اليمني في تعز إنه توصل إلى تحديد هوية المتهمين بجريمة اغتيال منسق برنامج الأغذية العالمي، في مدينة التربة، جنوب المحافظة، وشرع في ملاحقتهم.
وكشف مدير عام شرطة المحافظة، العميد منصور الأكحلي، عن خروج حملة أمنية مشتركة بقيادته حيث باشرت إجراءات التحقيق في حادثة اغتيال منسق مكتب برنامج الغذاء العالمي مؤيد حميدي (50 عاماً) وإصابة المواطن صالح الشحطري من قبل اثنين يستقلان دراجة نارية أمام مطعم الشيباني وسط مدينة التربة.
من جهتها، وجّهت وزارة الداخلية اليمنية الأجهزة الأمنية في كافة المحافظات المحررة والمنافذ بضبط المتهم بقتل رئيس فريق برنامج الغذاء العالمي في تعز، وقالت إن المتهم يدعى أحمد يوسف الصرة.
تنديد دولي وأممي ويمني
برنامج الأغذية العالمي عبّر في بيان عن حزنه العميق لمقتل أحد موظفيه، في حين لقيت عملية الاغتيال تنديداً أممياً ودولياً، وسط مساعٍ يمنية رسمية لاحتواء تداعيات الحادث على العمل الإنساني الأممي في البلاد.
وأوضح برنامج الأغذية أن حميدي، وهو أحد العاملين الإنسانيين المتفانين في عمله، كان قد وصل أخيراً إلى اليمن لتولي منصبه الجديد رئيساً لمكتب برنامج الأغذية العالمي في تعز، حيث عمل لدى برنامج الأغذية العالمي لما يقرب من 18 عاماً، منها مناصب سابقة في اليمن والسودان وسوريا والعراق.
وقال ريتشارد راجان، ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير القطري في اليمن: «إن فقدان زميلنا مأساة عميقة لنا وللمجتمع الإنساني كله».
وأضاف راجان: «أي خسارة في الأرواح في سبيل العمل الإنساني تعتبر مأساة غير مقبولة. ويجب تقديم الذين يقفون وراء هذا الهجوم إلى العدالة».
في السياق نفسه، أدان المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، مقتل الموظف حميدي. وقال في بيان: «ندين مقتل مؤيد حميدي، الموظف المتفاني في برنامج الأغذية العالمي في تعز».
وقدّم المبعوث تعازيه لأسرة الضحية وأصدقائه، وأضاف أنه «يشاطرهم الحزن والأسى مع مجتمع العمل الإنساني في اليمن لهذه الخسارة الأليمة».
الأحزاب السياسية اليمنية في محافظة تعز نددت، بدورها، بالجريمة، داعية إلى وضع خطة أمنية لحماية الشخصيات والمنظمات الدولية ومنع تكرار ما حدث، كما دعت إلى سرعة التحرك لكشف ملابسات الجريمة والقبض على الجناة وتقديمهم للعدالة.
تعهد رئاسي وحكومي
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، ومعه مسؤولون حكوميون، أجروا اتصالات مكثفة مع الجهات الأممية المعنية لاحتواء تداعيات الحادث.
وأفادت المصادر الرسمية بأن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أبلغ العليمي أن الحادث الإرهابي «لن يؤثر على تدخلات الأمم المتحدة، وبرامجها الإغاثية المقدمة للشعب اليمني في مختلف المجالات»، وأنه أكد التزام المنظمة الدولية بمواصلة مساعيها الحميدة من أجل إحلال السلام والأمن والاستقرار في اليمن.
ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن العليمي أكد التزام بلاده «بتأمين الأعمال الإنسانية وملاحقة الجناة الذين حددت الأجهزة الأمنية هوياتهم واتخاذ الإجراءات اللازمة لضبطهم وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم الرادع».
من جهته، هاتف رئيس الحكومة معين عبد الملك المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة سيندي ماكين، لتقديم التعازي في مقتل حميدي، مؤكداً أنه تم تحديد هوية القتلة والقبض عليهم تمهيداً لمحاكمتهم لينالوا جزاءهم العادل والرادع جراء ما اقترفوه من جريمة إرهابية.
وأكد عبد الملك التزام حكومته بتأمين الأعمال الإنسانية وتمكين المنظمات الإغاثية من القيام بعملها وتيسير وصول المساعدات إلى مستحقيها لتخفيف معاناة الشعب اليمني جراء الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي الإرهابية والحد من نهبها للمساعدات وتسخيرها لما تسميه المجهود الحربي. بحسب ما نقله عنه الإعلام الرسمي.
وأبدى رئيس الوزراء اليمني ثقته بأن العمل الإنساني والإغاثي لن يتأثر بهذا الحادث المستنكر والوحشي، وقال: «إن اليمنيين أحوج ما يكونون في الفترة العصيبة التي يعيشونها لكل جهد لتخفيف معاناتهم، وعدم إعطاء الفرصة للمجرمين ممن أقدموا على فعلتهم الشنيعة لتحقيق مآربهم وأهدافهم من وراء عمليتهم الغادرة».
ونقلت وكالة «سبأ» عن المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي قولها إن جريمة اغتيال الموظف الأممي أمر «غير مقبول، يستهدف المجتمع الإنساني العامل من أجل خدمة المحتاجين»، إلى جانب تأكيدها «أن الحادث الإرهابي لن يؤثر على أعمال وأنشطة البرنامج في اليمن».
مخاطر في وجه الإغاثة
الحادث أعاد التذكير بالمخاطر التي يواجهها عمال الإغاثة في اليمن، منذ 2014 حيث خلق الصراع بيئة صعبة للغاية وخطيرة للعاملين في المجال الإنساني، الذين يحاولون تقديم المساعدة والدعم للمتضررين من الحرب، خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين.
ومع انعدام الأمن واتساع العنف، غالباً ما يجد عمال الإغاثة أنفسهم في خضم الأعمال العدائية المستمرة، ما يعرضهم لخطر العنف، بما في ذلك الهجمات وعمليات الخطف والقتل المستهدف.
وكانت عمليات خطف عمال الإغاثة مصدر قلق كبير في اليمن، حيث استهدفت الجماعات المتطرفة والعناصر الإجرامية العاملين في المجال الإنساني للحصول على فدية أو لممارسة الضغط على المنظمات العاملة في المنطقة.
كما أدى الصراع إلى أضرار جسيمة للبنية التحتية وتقييد الوصول إلى كثير من المناطق، ما يجعل من الصعب على عمال الإغاثة الوصول إلى السكان المعرضين للخطر وتقديم الإمدادات والخدمات الأساسية.
وإلى جانب ذلك، تواجه المنظمات الإنسانية عقبات وقيوداً بيروقراطية تفرضها أطراف النزاع المختلفة، ما يعيق قدرتها على تقديم المساعدة بشكل فعّال. فضلاً عن استهداف المنشآت الإنسانية، بما في ذلك المستشفيات والعيادات والمستودعات التي تخزن إمدادات الإغاثة في النزاع، ما أدى إلى انخفاض القدرة على إيصال المساعدات.
كما يتعين على عمال الإغاثة اجتياز كثير من نقاط التفتيش الأمنية التي تديرها مجموعات مسلحة مختلفة، ما قد يكون محفوفاً بالمخاطر ولا يمكن التنبؤ به.
ومع تدهور الأوضاع الأمنية تقوم منظمات الإغاثة العاملة في اليمن باستمرار بتقييم وتكييف استراتيجياتها للتخفيف من هذه المخاطر مع تقديم المساعدة الحاسمة للمحتاجين.