التعليم الخاص في صنعاء يغلق أبوابه في وجه الأطفال المعاقين

بعد إغلاق مدارسهم النوعية والاستيلاء على التمويل الموجه لهم

يغلق انقلابيو اليمن المدارس الخاصة بالمعاقين ويستثمرونهم في فعاليات دعائية (إعلام حوثي)
يغلق انقلابيو اليمن المدارس الخاصة بالمعاقين ويستثمرونهم في فعاليات دعائية (إعلام حوثي)
TT

التعليم الخاص في صنعاء يغلق أبوابه في وجه الأطفال المعاقين

يغلق انقلابيو اليمن المدارس الخاصة بالمعاقين ويستثمرونهم في فعاليات دعائية (إعلام حوثي)
يغلق انقلابيو اليمن المدارس الخاصة بالمعاقين ويستثمرونهم في فعاليات دعائية (إعلام حوثي)

بينما تزداد أعداد الأطفال اليمنيين المصابين بإعاقات جراء الحرب وتداعياتها، رفضت المدارس الخاصة في العاصمة صنعاء استقبالهم، بعد إغلاق المدارس الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، في حين تخشى أسرهم من تعرضهم للتنمر والاعتداءات في المدارس العمومية.

وبدأ العام الدراسي في مناطق سيطرة الانقلابيين الحوثيين مبكراً هذا العام، بسبب قرار انقلابي بتغيير التقويم المدرسي والاعتماد على التقويم الهجري، ومنذ بدء عملية تسجيل وإلحاق الأطفال بالمدارس، يشكو أهالي الأطفال ذوي الإعاقة من رفض قبول أطفالهم في المدارس، وتجاهل الجهات التعليمية التي يديرها الانقلابيون هذه المعاناة.

الطفل عماد فقد ساقيه بانفجار ويحلم بمعالجة كل الأطفال المصابين في الحرب (اليونيسيف)

ويرى التربوي محمد المقطري، العامل في العاصمة صنعاء، أن على من يملك القدرة المالية من ذوي الأطفال المصابين بأي نوع من أنواع الإعاقة النزوح والانتقال إلى مدينة أخرى، يستطيع فيها تقديم التعليم لطفله، ولو بالحد الأدنى من المعايير المتعارف عليها، نظراً للتمييز الحاصل ضد هؤلاء الأطفال في المدارس، وعدم توفير الحماية لهم.

ويقول المقطري لـ«الشرق الأوسط» إنه حاول مساعدة عدد من العائلات التي أرادت إلحاق أطفالها المعاقين في مدارس خاصة؛ إلا أنه لم يتمكن سوى من تقديم هذه المساعدة لعائلة واحدة فقط، وبحكم معرفته وعلاقاته بطاقم إحدى المدارس الخاصة، أما البقية فاضطر للاعتذار لهم، ونصحهم بنقل أطفالهم إلى مدن أخرى.

ولا ينصح المقطري بإلحاق الأطفال المعاقين بالمدارس العمومية، فحسب رأيه يعدُّ بقاء الطفل في منزله بلا تعليم أفضل من دخوله هذه المدارس التي يتعرض فيها المعاقون للتنمر وإساءة المعاملة، ولا تتوفر لهم حماية كافية، إلى جانب أن المعلمين وأطقم إدارة المدارس لن يتمكنوا من توفير هذه الحماية طوال الوقت.

من 60 مدرسة إلى مدرستين

كانت دراسة محلية قد كشفت في مارس (آذار) الماضي، أن العاصمة اليمنية صنعاء ضمت حتى ما قبل الانقلاب الحوثي واندلاع الحرب، 60 مدرسة خاصة بتعليم الأطفال ذوي الإعاقة، ولم يتبقَّ منها سوى مدرستين فقط، مع زيادة أعداد المعاقين لأسباب عديدة، منها تعرض الأطفال لصدمات نفسية أو إصابات جسدية بسبب الحرب، وانعدام التشخيص المبكر، أو عدم تلقي العلاج والتدخلات الطبية في الوقت المناسب خلال فترة الرضاعة، بسبب نقص وسائل المساعدة، وصعوبة الوصول إلى مراكز الرعاية.

وتتحسر المعلمة إيمان سلام؛ لأن الأطفال ذوي الإعاقة لم يعد بإمكانهم الحصول على التعليم الجيد والحماية من التعرض للاعتداءات أو التنمر حتى في المدارس الخاصة؛ حيث تراجعت جودة التعليم، وذلك بافتراض قدرة أهالي هؤلاء الأطفال على إلحاقهم بهذه المدارس.

وتتابع في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، بأن تسرب الأطفال ذوي الإعاقة من التعليم يمكن أن يعدّ ظاهرة وحدها، لولا أن التسرب من التعليم بشكل عام ولكل الفئات منذ بدء الحرب كان هو الظاهرة الأكثر حضوراً ومعاينة، وبسبب ذلك لم تنتبه الجهات الدولية والمحلية المعنية بالتعليم إلى تسرب هذه الفئة، لانشغالها بمعالجة أوضاع التعليم بشكل عام.

ضاعفت الحرب أعداد الأطفال المصابين بإعاقات في اليمن (رويترز)

ولم يكتفِ الانقلابيون الحوثيون بإغلاق المدارس الخاصة بتعليم الأطفال المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة؛ بل يتهمهم عدد من الجهات والناشطين بالسيطرة على الجمعيات الخاصة بهم والتمويل الموجه لصالحهم.

الفقر والتمويل

تقدر دراسة أكاديمية صادرة عن قسم علم الاجتماع بكلية الآداب في جامعة صنعاء، قبل الانقلاب، أن 76 في المائة من عائلات المعاقين تعيش تحت خط الفقر، وأن ارتفاع تكاليف الرعاية والتأهيل كانت في مقدمة الآثار السلبية على أسر المعاقين؛ حيث استفاد 78 في المائة فقط من خدمات وبرامج التأهيل التربوي.

وحسب الدراسة المحلية السابق ذكرها، والتي أعدها المركز اليمني للسياسات؛ فإن الموارد المالية المخصصة للأطفال ذوي الإعاقة منخفضة جداً، وحتى الآباء الذين توصلوا إلى تشخيص حالات أبنائهم ويمتلكون الوسائل المادية اللازمة لدعم الطفل؛ لا يجدون سوى دعم تعليمي ضئيل أو معدوم، بسبب نقص تدريب الموظفين المؤهلين أو الموارد المحدودة.

ويرى المختص التربوي عبد الواسع الفاتكي، أن إغلاق المدارس الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة يمثل انتهاكاً صارخاً للمواثيق والقوانين المحلية والدولية المتعلقة بهذه الفئة التي أفردت لها تلكم القوانين وضعاً خاصاً من الرعاية والاهتمام، وجرَّمت أي اعتداء على حقوقهم أو أي تقصير في المسؤوليات تجاههم، وبهذا تكون الميليشيات الحوثية حرمتهم من سبل العناية الخاصة المعمول بها في كل دول العالم.

طفل يمني أصابه لغم زرعه الحوثيون (مشروع مسام السعودي)

ويؤكد الفاتكي لـ«الشرق الأوسط»، أن ما أقدمت عليه الميليشيات الحوثية يعرض فئة ذوي الاحتياجات الخاصة للتنمر، وسيسبب لأفرادها انتكاسات نفسية كبيرة مع عدم استطاعتهم مواصلة التعليم، وأنه من الطبيعي أن ترفض المدارس الخاصة استقبالهم لعدم امتلاكها الإمكانات اللازمة والكوادر التعليمية للتعامل معهم، إلى جانب أنها ترغب في أن يكون تلاميذها من نوع واحد بالنسبة للقدرات العقلية والجسدية، حتى لا تتحمل أعباء إضافية للاهتمام بهم.

وفي هذه الظروف التي يعيشها البلد من حرب وتهميش للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة؛ فإنه لا بدائل ممكنة لتعليم الأطفال المعاقين، وفقاً للفاتكي؛ إلا من خلال تدخل منظمات دولية لرعايتهم، أو مؤسسات خيرية، مع ضمان عدم اعتراض الميليشيات الحوثية عليها أو التدخل في شؤونها.

لكن هذا لن يتحقق إلا إذا تبنت المنظمات الدولية ذات الصلة بهذه الفئة هذه القضية، وضغطت على الميليشيات الحوثية للكف عن حرمانهم من حقوقهم التي أكدت عليها القوانين والمواثيق المحلية والدولية.


مقالات ذات صلة

مدير «الصحة العالمية»: أجلينا زميلاً أصيب في الهجوم الإسرائيلي على مطار صنعاء

العالم العربي برج المراقبة في مطار صنعاء بعد الضربة الإسرائيلية (أ.ب)

مدير «الصحة العالمية»: أجلينا زميلاً أصيب في الهجوم الإسرائيلي على مطار صنعاء

قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن موظفاً بالأمم المتحدة أصيب في ضربة جوية إسرائيلية على مطار صنعاء، الخميس، أُجليَ إلى الأردن.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم العربي صاروخ باليستي أرض - أرض تبنى الحوثيون إطلاقه باتجاه إسرائيل (رويترز)

الحوثيون يهاجمون إسرائيل ويستأنفون عمل مطار صنعاء غداة قصفه

تبنى الحوثيون مهاجمة إسرائيل، الجمعة، بصاروخ باليستي وطائرة مسيرة، واستهداف سفينة في البحر العربي، واستأنفوا عمل مطار صنعاء غداة قصفه من قِبل تل أبيب.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي انقلابيو اليمن يسعون إلى إيجاد جهاز شرطة ذي ولاء طائفي (إعلام محلي)

الحوثيون ينفذون عملية اجتثاث لأفراد وضباط الشرطة في صنعاء

ضمن ما سمّته الجماعة الحوثية «الاستعدادات لمواجهة إسرائيل»، نفذت عملية اجتثاث شاملة لضباط وأفراد الشرطة في صنعاء، واستحدثت مواقع عسكرية وسط التجمعات السكانية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي لقطة جوية لمخيم الجفينة في محافظة مأرب الذي يُعدّ أكبر مخيمات النزوح في اليمن (إكس)

النازحون اليمنيون يواجهون الصقيع والطرد من المساكن

تتزايد معاناة النازحين اليمنيين خلال الشتاء، ويتسبب البرد بالأمراض والوفيات، وتؤدي محاولات التدفئة إلى حرائق خطيرة ومميتة، ويعجز كثيرون عن دفع الإيجارات

وضاح الجليل (عدن)
تدهور التعليم وتسرب الأطفال منه يسهم في الزج بهم بمعارك الحوثيين بحثاً عن مصدر دخل (رويترز)

اليمن: اتهامات للانقلابيين بإخفاء 7 قاصرين في ذمار

شكا سكان في محافظة ذمار اليمنية من تصاعد حالات اختفاء القاصرين، في ظل اتهامات مباشرة لقادة حوثيين بالوقوف خلفها بدافع التجنيد والابتزاز والاستغلال

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مدير «الصحة العالمية»: أجلينا زميلاً أصيب في الهجوم الإسرائيلي على مطار صنعاء

برج المراقبة في مطار صنعاء بعد الضربة الإسرائيلية (أ.ب)
برج المراقبة في مطار صنعاء بعد الضربة الإسرائيلية (أ.ب)
TT

مدير «الصحة العالمية»: أجلينا زميلاً أصيب في الهجوم الإسرائيلي على مطار صنعاء

برج المراقبة في مطار صنعاء بعد الضربة الإسرائيلية (أ.ب)
برج المراقبة في مطار صنعاء بعد الضربة الإسرائيلية (أ.ب)

قالت منظمة الصحة العالمية، الجمعة، إن أحد موظفي الأمم المتحدة الذي أصيب بجروح بالغة في ضربة جوية إسرائيلية على مطار صنعاء الدولي، الخميس، قد جرى إجلاؤه إلى الأردن للخضوع لمزيد من العلاج.

وقالت إسرائيل إنها ضربت عدداً من الأهداف المرتبطة بجماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن، تضمنت مطار صنعاء الدولي، وقالت وسائل إعلام الحوثيين إن 6 أشخاص على الأقل قتلوا.

وكتب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس في منشور على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي، مرفق بصورة ظهر فيها جالساً في طائرة، وينظر إلى الرجل المصاب فيما يبدو: «يتعين وقف الهجمات على المدنيين والعاملين في المجال الإنساني في كل مكان. #ليسوا هدفاً».

وكان تيدروس في المطار ينتظر المغادرة حين وقع القصف الجوي الذي أدى إلى إصابة الرجل الذي يعمل في خدمة النقل الجوي الإنساني التابعة للأمم المتحدة. وقال متحدث باسم منظمة الصحة العالمية إن الرجل أصيب بجروح خطيرة.

وأضاف تيدروس أنه وموظف الأمم المتحدة موجودان الآن في الأردن. وتابع أن الرجل خضع لجراحة ناجحة قبل إجلائه للحصول على مزيد من العلاج. وكان تيدروس في اليمن للتفاوض على إطلاق سراح موظفين تابعين للأمم المتحدة محتجزين هناك، وتقييم الوضع الإنساني.