قرار حوثي تعسفي يحرم ذوي الإعاقة من مدارسهم الخاصة

TT

قرار حوثي تعسفي يحرم ذوي الإعاقة من مدارسهم الخاصة

صعدت الميليشيات الحوثية من حجم تعسفها بحق ذوي الاحتياجات الخاصة (المعاقين) في العاصمة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها بالتزامن مع اتهامات وجهتها تقارير محلية وأخرى دولية للجماعة باستمرار استغلالها لأبناء تلك الشريحة من خلال حشدهم للمشاركة في فعاليات تعبوية طائفية.
وفي هذا السياق ذكرت مصادر حقوقية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن انتهاكات الجماعة المدعومة من إيران بحق المعاقين شمل بعضها الحرمان من الرعاية والمساعدات وإغلاق العشرات من الجمعيات والمؤسسات الخاصة بهم بعد نهب مخصصاتها ومحتوياتها.
وقالت المصادر إن آخر تلك الاستهدافات تمثل باتخاذ الجماعة قبل أيام قرارا يقضي بإغلاق ما تبقى من مدارسهم الخاصة في صنعاء والدفع بهم إلى المدارس الحكومية التي تعاني تدهورا كبيرا نتيجة القبضة الحوثية وسياسة التدمير والفساد والتطييف المتبعة.
وفي حين زعمت الجماعة أن تلك الخطوات التي وصفت بـ«التعسفية» بحق الفئة الأشد ضعفا في اليمن تأتي بذريعة دمجهم في المدارس الحكومية، أكدت المصادر أن تلك المدارس لا تتناسب نفسيا مع الأطفال الأصحاء بسبب الازدحام ونقص الكوادر المتخصصة والمناهج التعليمية المفخخة وتهالك البنية التحتية وهو ما يجعلها غير مهيأة مطلقا لاستيعاب تلك الشريحة.
وأوضحت المصادر أن إخراج الميليشيات للمعاقين ممن يعانون الإعاقات الذهنية والبصرية والسمعية والحركية من مدارسهم سيشكل خطورة كبيرة عليهم، ما سيدفع بأسرهم نتيجة الخوف عليهم إلى عدم تعليمهم بشكل كامل. ووصفت ذلك القرار بأنه «انتهاك سافر لحقوق الأطفال المعاقين من ذوي الاحتياجات الخاصة، خصوصا أن الغالبية منهم بحاجة إلى عناية خاصة وفائقة».
وكشفت المصادر، عن مساع حوثية لإلغاء دور ما تبقى من مراكز وجمعيات رعاية ذوي الإعاقة بهدف السيطرة على الأموال والتبرعات التي تصلهم من فاعلي الخير ومن المنظمات الدولية.
على الصعيد نفسه، حذر تربويون ومختصون في رعاية وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة بصنعاء من خطورة قرار الجماعة وما سيترتب عليه من وضع كارثي للمعاقين الذين يحتاجون لرعاية ومناهج وطرق تدريس خاصة.
وقالوا إن الميليشيات وفي حال أصرت على المضي بتنفيذ ذلك القرار الجائر فهي ترتكب جريمة كبرى بحق الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، خصوصا في ظل التدهور الكبير الذي يشهده قطاع التعليم بشكل عام بعموم مدن سيطرة الجماعة.
وأفادوا بأن الجماعة تسعى لدمج المعاقين في مدارسها المتهالكة بطريقة ارتجالية ودون تنفيذ أي شروط أو معايير خاصة بالدمج، منها على سبيل المثال تهيئة المعلمين للتعاون مع الأشخاص سواء كانوا معاقين حركياً أو ذهنياً أو متوحدين.
وأشار التربويون والمختصون إلى أن المعاقين بشكل عام لا يمكنهم الدراسة بتلك المدارس ودمجهم دون خطط وآليات متعبة سيجعلهم عرضة للتنمر وسيعرضهم لضغوط نفسية كبيرة.
وكانت تقارير محلية تحدثت في وقت سابق عن أن انقلاب الجماعة وإشعالها فتيل الحرب رفع أعداد المعاقين في البلاد إلى أكثر من 4 ملايين معاق، حيث تزامن ذلك مع مواصلة الميليشيات تسخيرها أغلب الدعم الإنساني لإعادة تأهيل جرحاها، مع تجاهل الآلاف من ذوي الإعاقة من بقية الفئات اليمنية.
وتحدث عاملون في صندوق رعاية وتأهيل المعاقين الخاضع لسيطرة الجماعة بصنعاء عن تكثيف الانقلابيين طيلة العام الماضي من انتهاكاتهم بحق المعاقين والجمعيات والمؤسسات التي تقدم الرعاية لهم.
وكشف العاملون في وقت سابق، لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق الجماعة خلال تلك الفترة ما يزيد على 60 منظمة ومؤسسة وجمعية مدنية وخيرية كانت تقدم الدعم والرعاية والخدمات للمعاقين، وتعمل بنطاق عدد من القرى والمديريات والمحافظات تحت سيطرتها، واستحدثت في مقابل ذلك ما يقرب من 80 جمعية حوثية بمجال الرعاية وتأهيل المعاقين ووفرت لها كل الإمكانات بغية السيطرة على المساعدات المقدمة في هذا الجانب.
ورغم اعتبار ذوي الإعاقة من بين أكثر الفئات اليمنية التي دفعت أثماناً باهظة جراء التعسفات الحوثية على مدار سنوات الانقلاب، قدرت تقارير حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة لا يقل عن 4 ملايين ونصف المليون نسمة؛ أي نحو 15 في المائة من عدد السكان، بعد أن كانت نسبتهم قبل انقلاب وحرب الجماعة تتراوح بين 10 و13 في المائة من إجمالي عدد السكان.
وأشار تحالف «رصد» (تحالف حقوقي يمني) إلى أن أعداد ذوي الإعاقة في اليمن في تزايد بسبب ألغام الجماعة التي تزرعها بكل منطقة، والتي تصل إلى أكثر من مليوني لغم على أقل تقدير.
ووفقا لتقارير محلية أخرى، فإن أعداد المعاقين في اليمن في تصاعد يوما بعد آخر. حيث قدرت بعض التقارير أن هناك ما بين 50 إلى 100 شخص ينضمون يوميا إلى فئة المعاقين في اليمن لأسباب كثيرة، أبرزها الحرب الحالية والتقزم وسوء التغذية لدى الأطفال والتشوه الخلقي وغيرها.
وطبقا لآخر الإحصاءات الصادرة عن الاتحاد الوطني لجمعيات المعاقين اليمنيين ومنظمات محلية ودولية، فإن 90 في المائة من إجمالي عدد الأشخاص من ذوي الإعاقة في اليمن باتوا يعيشون تحت خط الفقر.
وتقول هذه التقارير إن عدداً كبيراً منهم كانوا يتلقون قبل الانقلاب والحرب رعاية صحية وتعليمية ونفسية عن طريق جمعيات خيرية ومنظمات محلية ودولية وجهات رسمية، كصندوق رعاية وتأهيل المعاقين، لكن ذلك الصندوق الحكومي توقف عن دعم مراكز العلاج الطبيعي والمستشفيات الخاصة بذوي الإعاقة، وتم إيقاف حسابه بتلك المستشفيات نتيجة نهب الجماعة الحوثية لإيراداته.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».