بن مبارك: عدوان الحوثيين مستمر بأساليب «غير أخلاقية»

اتهم الجماعة بإحباط جهود المساعي نحو السلام

زورق حوثي في مياه البحر الأحمر حيث تسيطر الجماعة على موانئ الحديدة (إ.ب.أ)
زورق حوثي في مياه البحر الأحمر حيث تسيطر الجماعة على موانئ الحديدة (إ.ب.أ)
TT

بن مبارك: عدوان الحوثيين مستمر بأساليب «غير أخلاقية»

زورق حوثي في مياه البحر الأحمر حيث تسيطر الجماعة على موانئ الحديدة (إ.ب.أ)
زورق حوثي في مياه البحر الأحمر حيث تسيطر الجماعة على موانئ الحديدة (إ.ب.أ)

رغم التهدئة اليمنية الهشة المستمرة بين الحكومة اليمنية والجماعة الحوثية، أكد وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك (الخميس) استمرار ما وصفه بـ«العدوان الحوثي وبأساليب غير أخلاقية»، متهماً الجماعة بإحباط جهود المساعي نحو السلام.

وفي حين تسعى الحكومة اليمنية إلى تشكيل مواقف دبلوماسية داعمة لموقفها الشرعي، قال بن مبارك: إن الكثير من السرديات التي كانت سائدة في أوروبا بشأن الصراع في بلاده تم تصحيحها، وإنه لا يزال هناك بعض السرديات التي تحتاج إلى التصحيح، وفي مقدمتها التوصيف الواقعي لطبيعة الصراع.

وأوضح الوزير اليمني خلال محاضرة قدمها أمام الدبلوماسيين في الأكاديمية المجرية على هامش زيارته للعاصمة بودابست، أن «الصراع الدائر هو بين شعب تمثله حكومة شرعية يسعى للحفاظ على حريته وحقوقه الأساسية وتحرير أرضه وميليشيا طائفية عدوانية مدعومة من إيران تسعى لتأسيس نظام قمعي استبدادي بدعوى الحق الإلهي في الحكم»، في إشارة إلى الحوثيين.

ونقل الإعلام الرسمي، أن بن مبارك تطرق للتدخل الإيراني في الشأن اليمني واستمرار طهران في سياسة تصدير الثورة وإنشاء ميليشيات طائفية لضرب النسيج الاجتماعي في الدول العربية، ومحاولاتها إحلال الطوائف بدلاً عن الدول والميليشيات بدلاً عن الجيوش تحقيقاً لأطماعها التوسعية.

وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك متحدثاً خلال محاضرة سياسية في بودابست (سبأ)

بحسب الوزير اليمني، فإن العدوان الحوثي ما زال مستمراً وبأساليب غير أخلاقية، في إشارة إلى الحرب الاقتصادية التي تشنّها الجماعة للإضرار بالحكومة والشعب اليمني من خلال استهداف المقدرات الاقتصادية والمنشآت والناقلات النفطية بالمسيرات الإيرانية؛ وهو ما أدى إلى توقف تصدير النفط.

وأشار بن مبارك إلى أن الجماعة تضغط على التجار في مناطق سيطرة الميليشيا لوقف الاستيراد عبر ميناء عدن ومنع توزيع الغاز المنزلي المدعوم من الحكومة والمستخرج من مأرب في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الميليشيا والاستعاضة عنه بالغاز الإيراني والذي يباع لصالح ميليشيا الحوثي بأسعار باهظة لدعم آلتها الحربية.

وتحدث وزير الخارجية اليمني عن الموقف السلبي وغير البنّاء لميليشيا الحوثي تجاه عملية السلام، واتهمها بإحباط الجهود والمساعي الهادفة لوقف الحرب وإنهاء تداعياتها الإنسانية الكارثية التي تسببت بها.

وفي حين تشهد المساعي الأممية والإقليمية لإحلال السلام في اليمن حالة من الجمود بسبب تعنت الحوثيين، ذكرت وكالة «سبأ» الحكومية، أن بن مبارك التقى في بودابست، السفراء العرب المعتمدين لدى المجر، وناقش معهم تطورات الأوضاع السياسية في بلاده وموقف ميليشيات الحوثي السلبي تجاه جهود تحقيق السلام.

تدهور اقتصادي

تصريحات بن مبارك، جاءت في وقت تعاني فيه الحكومة اليمنية ضائقة اقتصادية حادة بسبب توقف تصدير النفط جراء هجمات الحوثيين، بالتزامن مع تدهور في الخدمات، ومخاوف مع عودة الجماعة الحوثية إلى المواجهة الميدانية.

وفي أحدث شكاوى الحكومة اليمنية، قال وزير التخطيط والتعاون الدولي، واعد باذيب، في كلمة أمام المنتدى السياسي الرفيع المستوى للعام الحالي (2023)، الذي اختتم أعماله في مدينة نيويورك الأميركية: إن بلاده تواجه أزمة متفاقمة في مختلف المجالات.

وزير التخطيط اليمني واعد باذيب مجتمعاً في نيويورك مع مسؤولين أمميين (سبأ)

وأوضح أن نسبة انعدام الأمن الغذائي وصلت إلى 60 في المائة من السكان، وأن هناك 80 في المائة من السكان يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، فضلاً عن نزوح نحو 4.3 ملايين إنسان يفتقرون إلى الخدمات الأساسية.

وأشار باذيب إلى ارتفاع المديونية الخارجية في بلاده وانكماش الاقتصاد بأكثر من 50 في المائة من الناتج المحلي، مؤكداً تراجع الإيرادات العامة، وارتفاع نسبة الفقر إلى نحو 80 في المائة، وتفاقم الوضع المالي نتيجة استهداف ميليشيا الحوثي موانئ تصدير النفط بالطيران المسيّر؛ وهو ما أدى إلى تضرر الموانئ وتوقف تصدير النفط الذي يمثل ما نسبته 65 في المائة من الإيرادات العامة.

وفي ظل غياب أي مؤشرات للتوصل إلى اتفاق قريب لتجديد الهدنة الأممية وتوسيعها أو الشروع في مفاوضات شاملة نحو السلام، كان رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي أكد عدم وجود أي تقدم جراء الجهود الأممية والدولية والإقليمية، متهماً الجماعة بالمزايدة بالملفات الإنسانية والسعي إلى تكريس الفوضى وتجويع اليمنيين في كل المناطق.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

يشار إلى أن الجماعة كانت هددت بتكرار هجماتها على موانئ تصدير النفط واستهداف سفن الشحن في حال استأنفت الحكومة الشرعية عملية التصدير، وذلك في سياق سعيها لابتزاز الحكومة للحصول على حصة من عائدات بيع الخام.

ورفضت الميليشيات مقترحات أممية وإقليمية من أجل تجديد الهدنة وتوسيعها والاتفاق على خطوات منسقة لصرف رواتب موظفي القطاع الحكومي، مع استمرارها في الاستيلاء على موارد موانئ الحديدة وبقية القطاعات مثل الجمارك والضرائب والاتصالات.


مقالات ذات صلة

خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

العالم العربي صورة وزّعها الحوثيون للطائرة المسيّرة التي استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

خفوت هجمات الحوثيين خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية

خفتت هجمات الجماعة الحوثية ضد السفن، خلال أسبوع من الضربات الإسرائيلية على ميناء الحديدة، فيما واصل الجيش الأميركي عملياته الاستباقية الدفاعية ضد الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي منشأة نفطية يمنية حيث يعد إنتاج وتصدير النفط أحد أهم موارد الاقتصاد الهش (أرشيفية - غيتي)

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

يرجح غالبية المراقبين أن استمرار الصراع في اليمن سيظل عائقاً أمام إمكانية السماح بالتعافي واستعادة نمو الأنشطة الاقتصادية واستقرار الأسعار وثبات سعر صرف العملة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

يأمل اليمنيون أن تفضي المشاورات بين الحكومة اليمنية والحوثيين إلى إنهاء الانقسام المصرفي ودفع الرواتب واستئناف تصدير النفط، وسط مخاوف من تعنت الجماعة الانقلابية

محمد ناصر (تعز) علي ربيع (عدن)
العالم العربي للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال، من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سوق سوداء لبيع غاز الطهي في صنعاء (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يخصصون أسطوانات غاز الطهي لأتباعهم

خصصت الجماعة الحوثية ملايين الريالات اليمنية لتوزيع أسطوانات الغاز على أتباعها دون غيرهم من السكان الذين يواجهون الصعوبات في توفير الحد الأدنى من القوت الضروري.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
TT

​اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا... وتكتم حوثي على الإصابات

تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)
تشغيل مركز حورة الطبي بشبوة اليمنية أسهم في مواجهة انتشار الكوليرا (الأمم المتحدة)

كان الصياد اليمني محمد يحصل بسهولة على رزقه اليومي، وتوفير احتياجات أسرته الغذائية، حيث يذهب إلى البحر في سواحل محافظة شبوة الواقعة إلى الشرق من مدينة عدن، لكن هذا الأمر أصبح صعباً بعد أن اضطر للجلوس بجوار طفله الذي أصيب بالكوليرا.

تعلّم محمد الصيد في سن مبكرة، وورث معرفة البحر من أسلافه، ويُكافح لتوفير احتياجات أسرته المكونة من تسعة أفراد، حيث تقع قرية حورة التي يسكنها على بُعد 50 كيلومتراً من أقرب مركز طبي، وكانت هذه الرحلة تمثل سفراً مرعباً لمعظم القرويين الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف التنقل أو العلاج. ويقول الرجل إنه عندما يمرض أحد من السكان، يصبح توفير الرعاية الصحية اللازمة له عبئاً ثقيلاً.

اليمن يكافح لمواجهة الكوليرا بعد تسجيل أكثر من 100 ألف إصابة (الأمم المتحدة)

وتؤكد الأمم المتحدة أن عودة انتشار الكوليرا تسبب في تسجيل عشرات الآلاف من حالات الاشتباه، منها أكثر من 30 ألف حالة منذ بداية العام، ورصدت ازدياد عدد الحالات في محافظة شبوة بشكل مُلاحظ ضمن أكثر الفئات ضعفاً ممن لديهم وصول محدود للخدمات الصحية الأساسية أو ليس لهم القدرة على الوصول إلى هذه الخدمات أصلاً.

وفي حين أن الأمطار الغزيرة والفيضانات زادت من انتشار الكوليرا، يذكر الصياد أنه شهد وفاة امرأة في الطريق إلى أقرب مركز صحي بسبب توقف الحركة بفعل الفيضانات الأخيرة، ولهذا ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أنها استجابت لهذه الأزمة وقامت بإعادة فتح مركز «حورة» الطبي الذي صُمم لمعالجة مجموعة واسعة من المشكلات الصحية، مع التركيز بشكل رئيسي على الكوليرا.

تطوع مجتمعي

بينت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير حديث أنه وفي سبيل تمكين المجتمعات أسهمت جهودها في مكافحة الكوليرا بأكثر من مجرد تقديم الخدمات الطبية، حيث حشدت فريقها من متطوعي المجتمع المحلي لرفع الوعي بمكافحة الوباء، والالتزام بمساعدة المجتمعات في إدارة مواجهة تفشيه.

وتقول المتطوعة جميلة إنها تأثرت بشدة بمعاناة المجتمع، لذا قررت أن تصبح عاملة صحية لمساعدتهم. وذكرت أنه وطوال فترة تفشي الكوليرا تضمنت الأهداف الرئيسية تقديم الخدمات الصحية الأساسية، وتحسين الثقافة الصحية للمجتمع، والترويج لممارسات الصحة العامة، من خلال المتطوعين الذين ساعدوا بشكل كبير في تقديم الإرشادات الصحية العامة.

متطوعون يمنيون يتولون توعية السكان بطرق الوقاية من الكوليرا (الأمم المتحدة)

ووفق التقرير الأممي، فإن تغيير ممارسات المجتمع والتأسيس لعادات جديدة كانت مهمة مليئة بالتحديات، ولكن هِمّة المتطوعين كانت عالية، وإنه ومن خلال الزيارات المنزلية، شجعوا العائلات على تنفيذ أنشطة تحمي صِحتهم وسلامتهم، ابتداء من الترويج للوعي بنظافة اليدين وانتهاء بالدعوة لتطبيق ممارسات المياه النظيفة، وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية.

وبحسب الهجرة الدولية بدأت فرق التطوع أنشطتها في مركز «حورة» الطبي، ولكن تفشي الكوليرا تعدى سكان القرية، حيث أثر أيضاً على المهاجرين من القرن الأفريقي الذين يواجهون تحديات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية، وللتعامل مع هذه الاحتياجات طلبت المنظمة مساعدة فرقها الطبية المتنقلة الموجودة على طرق الهجرة الرئيسية.

تعاون وثيق

طبقاً لما ذكرته منظمة الهجرة الدولية، فإنها وبالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن والمكاتب الصحية المحلية، وسّعت جهودها بشكل مستمر لتقديم المساعدات الفورية للمناطق المتأثرة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد.

وتضمنت استراتيجية المنظمة إيجاد خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة داخل المراكز لمنع انتقال العدوى بين المرضى والطاقم الطبي. وتقديم أجهزة الكلورة ذاتية العمل، ومواد معالجة المياه، وحقائب النظافة والتعامل مع الكوليرا للمجتمعات الضعيفة.

وزير الصحة اليمني يتفقد مركز عزل الكوليرا في محافظة أبين (إعلام حكومي)

وتبين «الهجرة الدولية» أن المتطوعين في مركز «حورة» الطبي تعاملوا مع المشاكل الصحية الفورية بخاصة الكوليرا، ولم يقتصر دورهم على إحداث تغيرات إيجابية لتعزيز الرعاية الصحية للجماعات الضعيفة فحسب، ولكن ومنذ بدء التفشي، كان المتطوعون يقدمون خدمات الرعاية الصحية والجلسات التثقيفية للنساء والأطفال والرجال الذين لطالما حُرموا من هذه الخدمات في السابق.

وتواصل الحكومة اليمنية الكفاح بالتعاون مع المنظمات الدولية لمواجهة هذا الوباء، خاصة مع بدء موسم الأمطار الحالي، إذ سارعت إلى افتتاح مراكز لعلاج حالات الإصابة بالكوليرا في جميع المحافظات الخاضعة لسيطرتها، إلا أن الحوثيين يواصلون التكتم على أرقام الإصابات ويرفضون تخصيص مراكز لعلاج هذا الوباء.

وتظهر أحدث بيانات منظمة الصحة العالمية أن عدد الإصابات في مناطق سيطرة الحوثيين بلغت أكثر من 93 ألف حالة، حتى مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي، فيما تم تسجيل بقية الحالات وتمثل نسبة 17 في المائة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.