الحكومة اليمنية تهدد بإعادة النظر في فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة

الإرياني طالب المجتمع الدولي بالخروج من مربع الصمت «المخزي»

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
TT

الحكومة اليمنية تهدد بإعادة النظر في فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

دخلت الأزمة اليمنية منعطفاً جديداً، بعد أن أعلنت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، نيتها إعادة النظر في التسهيلات التي قدمتها لدعم جهود السلام مع جماعة الحوثي الانقلابية، ومنها فتح مطار صنعاء الدولي، وتشغيل ميناء الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

واصطدمت الجهود الإقليمية والدولية الرامية لوقف إطلاق النار وبدء عملية سياسية شاملة في اليمن، بتعنت الميليشيات الحوثية ورفض كافة جهود السلام، بعد أن ظهرت مؤشرات إيجابية في الملف الشهرين الماضيين.

وهدد معمر الإرياني، وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، بأن «الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الحرب التي تشنها ميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران على الاقتصاد الوطني».

ولفت الإرياني إلى أن الحكومة «ستضطر لمراجعة الخطوات التي اتخذتها ضمن بنود الهدنة الأممية، وإعادة النظر في التسهيلات المتصلة بتشغيل ميناء الحديدة ومطار صنعاء، واتخاذ كافة التدابير التي تحفظ مصالح ومقدرات الشعب اليمني»، على حد تعبيره.

رئيس الأركان اليمني مجتمعاً مع قادة عسكريين في حضرموت يوليو الحالي (سبأ)

وكانت أربع من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، والصين) قد طالبت جماعة الحوثي بالتخلي عن الخيار العسكري، والعودة إلى طاولة المفاوضات، بينما حذرت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا الحوثيين بالعزل التام من قبل المجتمع الدولي، في حال عودة الصراع.

وأوضح وزير الإعلام اليمني أن «الحكومة قدمت خلال مرحلتي (الهدنة الأممية، والهدنة غير المعلنة) تنازلات عدة للدفع بمسار التهدئة والحل السلمي للأزمة، وتخفيف حدة المعاناة الإنسانية عن كاهل اليمنيين، إلا أن ميليشيا الحوثي استغلت هذه التنازلات، لتحقيق مكاسب مادية، وشن حرب على الاقتصاد الوطني، ضمن سياسة التجويع والإفقار التي تنتهجها بحق المواطنين»، وفقاً لما نقلت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ».

وتوصلت الأمم المتحدة إلى هدنة بين الأطراف اليمنية في أبريل (نيسان) 2022 لمدة 6 أشهر، وذلك تماشياً مع مبادرة السعودية المعلنة في مارس (آذار) 2021، ورغم عدم تمديدها في أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه، فإن الهدنة استمرت بشكل غير معلن، وسط مناوشات متقطعة في بعض الجبهات.

منظر عام لمدينة تعز اليمنية المحاصرة من قبل الحوثيين (سبأ)

ولفت الإرياني إلى أن ميليشيا الحوثي شنت هجمات إرهابية على السفن والناقلات النفطية في مواني محافظتي حضرموت وشبوة، بهدف وقف تصدير النفط والإضرار بإيرادات الدولة، والموازنة العامة، والحيلولة دون قدرة الحكومة الشرعية على الوفاء بالتزاماتها، بما في ذلك دفع مرتبات الموظفين في المناطق المحررة.

وأضاف: «كما منعت دخول قاطرات الغاز المحلي القادمة من محافظة مأرب للمناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، واستبدلت به الغاز المجاني القادم من إيران عبر ميناء الحديدة، وباشرت بيعه للمواطنين بتكلفة أكبر وكميات أقل للأسطوانة الواحدة».

وتابع: «كما منعت ميليشيا الحوثي الإرهابية حركة البضائع والناقلات في المنافذ بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها، بهدف إجبار التجار على وقف الاستيراد من ميناء عدن، والاستيراد عبر ميناء الحديدة الواقع تحت سيطرتها، وقامت باقتحام مقر الغرفة التجارية الصناعية في العاصمة المختطفة صنعاء، وفرضت قيادة جديدة موالية له، في مخالفة للقانون واللوائح المنظمة، وذلك ضمن مخططها لتدمير القطاع الخاص والقضاء على البيوت التجارية، والسيطرة والتحكم في الاقتصاد الوطني».

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني (سبأ)

وحذر الوزير اليمني من استمرار ميليشيا الحوثي الإرهابية في مسارها التصعيدي الذي ينذر بانهيار الأوضاع الاقتصادية، ويفاقم المعاناة الإنسانية لليمنيين.

وطالب الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بمغادرة مربع الصمت الذي وصفه بـ«المخزي»، والقيام بواجباتهم في الضغط على ميليشيا الحوثي لوقف الحرب الاقتصادية الممنهجة التي تُهدد بنسف فرص وجهود التهدئة وإحلال السلام، وجر الأوضاع في البلد لمزيد من التعقيد.


مقالات ذات صلة

أنقرة تدين هجوم الحوثيين على سفينة شحن تركية

شؤون إقليمية ناقلة نفط في البحر الأحمر (رويترز)

أنقرة تدين هجوم الحوثيين على سفينة شحن تركية

أدانت وزارة الخارجية التركية، اليوم (الأربعاء)، الهجوم الصاروخي الذي شنّه الحوثيون المتحالفون مع إيران على سفينة الشحن ذات الملكية التركية «أناضولو إس».

«الشرق الأوسط» (أنقرة )
العالم العربي خسائر بشرية بصفوف الحوثيين جراء استمرار خروقهم الميدانية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يشيّدون مقابر جديدة لقتلاهم ويوسّعون أخرى

خصصت الجماعة الحوثية مزيداً من الأموال لاستحداث مقابر جديدة لقتلاها، بالتزامن مع توسيعها لأخرى بعد امتلائها في عدد من مناطق العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مسلحون حوثيون يشاركون في تظاهرة باليمن (د.ب.أ)

«الحوثيون» يعلنون مهاجمة سفينة في البحر الأحمر

أعلن المتمردون الحوثيون في اليمن، الثلاثاء، استهداف سفينة شحن في البحر الأحمر، غداة تقرير من «مركز المعلومات البحرية المشترك» عن انفجارين منفصلين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

الحوثيون يصعّدون ضد إسرائيل... ولا أضرار مؤثرة

واصل الحوثيون تصعيد هجماتهم باتجاه إسرائيل على الرغم من عدم الإعلان عن تسجيل أي خسائر لهذه العمليات، بالتوازي مع استمرار هجماتهم البحرية ضد السفن.

«الشرق الأوسط» (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.