انقلابيو اليمن يوسّعون التسهيلات للغزو الثقافي الخميني

حوافز في جامعة صنعاء ومراكز تدريب وأهازيج موجهة

أطلق الحوثيون اسم دفعة قاسم سليماني على أول مجموعة تتخرج في قسم اللغة الفارسية بجامعة صنعاء (إعلام حوثي)
أطلق الحوثيون اسم دفعة قاسم سليماني على أول مجموعة تتخرج في قسم اللغة الفارسية بجامعة صنعاء (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يوسّعون التسهيلات للغزو الثقافي الخميني

أطلق الحوثيون اسم دفعة قاسم سليماني على أول مجموعة تتخرج في قسم اللغة الفارسية بجامعة صنعاء (إعلام حوثي)
أطلق الحوثيون اسم دفعة قاسم سليماني على أول مجموعة تتخرج في قسم اللغة الفارسية بجامعة صنعاء (إعلام حوثي)

بينما كان اليمنيون يتابعون بسخرية بثّ أناشيد باللغة الفارسية على إحدى قنوات الانقلابيين الحوثيين، ويسترجعون ذكريات أطفال مجندين في الجبهات يؤدون أناشيد باللغة نفسها؛ استهدف إعلان داخل جامعة صنعاء الطلاب بإغراءات ومزايا لدراسة اللغة الفارسية، في مسعى حثيث لإغراق المجتمع اليمني بالثقافة الخمينية.

ويقدم الإعلان امتيازات عديدة للملتحقين بقسم اللغة الفارسية في كلية اللغات بالجامعة، حيث سيحصل الطلاب الذين يجتازون المستوى الأول على أدوات علمية تساعدهم في تعلم أساسيات اللغة الفارسية، وبعد انتهائهم من المستوى الثاني سيحصلون على فرصة للسفر إلى إيران خلال الإجازة الصيفية للتعرف عن قرب على اللغة الفارسية والثقافة الإيرانية.

وعند تخرج الطالب من المستوى الرابع بتقدير متميز؛ يحصل على فرصة استكمال دراساته العليا والابتعاث إلى إيران.

تقول مصادر في العاصمة صنعاء إن مراكز تدريس اللغة الفارسية بدأت بالانتشار منذ سنوات عديدة بشكل لافت؛ غير أنها ما زالت لا تحظى بالإقبال عليها برغم تدني تكاليف الدراسة فيها.

وبحسب المصادر، فإن أغلب الملتحقين بالدراسة في تلك المراكز من موظفي المؤسسات العمومية الخاضغة لسيطرة الانقلابيين الحوثيين والكيانات الحوثية التي جرى إنشاؤها بمنافسة مؤسسات عمومية، وجميعهم من أنصار وأتباع الانقلابيين، مرجحة أن توجيههم لدراسة اللغة الفارسية بهدف نقل خبرات وتجارب نظام الخميني في إدارة المؤسسات والسيطرة على المجتمع.

إنتاج الحافز

بحسب المصادر، فإن الالتحاق بمراكز تعليم الفارسية في صنعاء أكبر من الإقبال على تلقي دراسة أكاديمية للغة الفارسية في كلية اللغات في جامعة صنعاء، ويقدم مدرس في جامعة صنعاء تفسيراً لذلك بأن الدراسة في المراكز تأتي تحفيزاً لأنصار الانقلابيين لمنحهم مزيداً من الامتيازات في مواقعهم الوظيفية في المؤسسات العمومية والكيانات الموازية، في حين لا يجد الطالب الجامعي حافزاً مماثلاً.

يوضح المدرس الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته أن الامتيازات التي وردت في الإعلان تكشف ما يعلمه غالبية العاملين في جامعة صنعاء من ضعف الإقبال على دراسة اللغة الفارسية، حتى بين أولئك الموالين للانقلاب الحوثي.

فبرغم أن الموالين للانقلاب يحصلون على تسهيلات للالتحاق بالجامعة وكلياتها وأقسامها بمجرد إثبات ولائهم للجماعة أو من خلال توصيات قيادات حوثية؛ فإن الإقبال على هذه اللغة متدنِ جداً.

ويضيف المدرس أنه، وبناء على معلوماته؛ فإن هناك إغراءات أخرى لم يتضمنها الإعلان؛ ومنها الحصول على امتيازات في الوظيفة العامة في مؤسسات الدولة التي يسيطر عليها الانقلابيون الحوثيون، حتى قبل إكمال الدراسة، لكن بشرط الولاء للجماعة، حيث يتداول الموظفون والمدرسون في الجامعة وعوداً حوثية بمناصب دبلوماسية عقب التخرج.

أنشأ الانقلابيون الحوثيون قبل عامين جداراً عازلاً بين الطلاب والطالبات في إحدى قاعات التدريس في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

ويبرر المدرس ضعف الإقبال على دراسة اللغة الفارسية بعدم وجود دافع أو حافز لدى الطلاب، فاللغة الفارسية لا تمثل طموحاً أو رغبة إلا لدى فئة محدودة، والمجتمع اليمني، كغيره من المجتمعات العربية؛ لا يربطه بالمجتمعات الإيرانية ما يستحق أن يدرس لغتها، لا الاقتصاد ولا الثقافة ولا الحدود الجغرافية.

من الإعجاب إلى الرفض

يوضح المدرس أن حافز دراسة أي لغة قد يكون معرفياً، خصوصاً لدى المهتمين بالعلوم والترجمات للدراسة باللغة المطلوبة، وهذا الحافز لدراسة اللغة الفارسية كان متوفراً في الأوساط العلمية العربية في العقود الماضية نظراً للإعجاب بالثقافة الإيرانية، التي تلاقحت طوال قرون بالثقافة العربية، غير أن نظام الخميني حول هذا الإعجاب إلى رفض، بمحاولاته الهيمنة على المجتمعات العربية وطمس هويتها.

ويتساءل: ما الحافز الذي يدفع طالباً يمنياً لدراسة اللغة الفارسية؟ ويجيب: هذه الرغبة لن تتوفر إلا لدى قلة ممن يتبعون جماعة الحوثي ولديهم طموح أن يكونوا جزءاً من منظومة العلاقات الحوثية - الإيرانية، وهؤلاء قلة على أي حال؛ فالجماعة قد أوفدت المئات وربما الآلاف من عناصرها للدراسة في إيران منذ عقود.

ومنذ انقلابها الذي أسفر بالضرورة عن سيطرتها على جامعة صنعاء؛ سعت الميليشيات الحوثية إلى إحلال الثقافة الإيرانية داخل المجتمع اليمني وفرضها بمختلف الطرق، وبعد عامين من الانقلاب، أي في 2016؛ أنشأت قسماً للغة الفارسية في كلية اللغات في جامعة صنعاء، لتتخرج أول دفعة في هذا القسم عام 2020، التي أطلقت عليها اسم دفعة «قاسم سليماني».

ويتناقل اليمنيون بسخرية واستنكار مقاطع فيديو لمنشدين حوثيين يرددون أناشيد تحضّ على العنف والكراهية والقتال لصالح مشروع الانقلاب الحوثي باللغة الفارسية، وأعادت هذه المقاطع التذكير بمقاطع أخرى لأطفال جنَّدهم الانقلابيون الحوثيون للقتال حيث ظهروا وهم يرددون تلك الأناشيد خلال وجودهم في الجبهات.

وفي منتصف مايو (أيار) الماضي أعلنت الميليشيات الحوثية تخفيض نسبة القبول بقسم اللغة الفارسية إلى 55 في المائة لخريجي الثانوية العامة بقسميها العلمي والأدبي، وبحسب المعلومات الواردة حينها؛ فإن الميليشيات وعدت الملتحقين بالقسم اللغة الفارسية بمنح ثقافية وعسكرية إلى إيران.

وسبق لجامعة صنعاء افتتاح قسم للغة الفارسية في كلية اللغات قبل حوالي عقدين، قبل أن تتراجع عن ذلك وتغلق القسم بقرار سياسي بسبب تدخلات إيران في اليمن ودعمها الميليشيات الحوثية، وترافق ذلك مع إغلاق عدد من المؤسسات الطبية والمراكز البحثية.

رعاية إيرانية مباشرة

في مارس (آذار) من العام الماضي؛ شاركت السفارة الإيرانية في صنعاء في حفل تخرج ثلاث دفعات من طلاب اللغة الفارسية، ونشرت صوراً لمشاركة مندوب إيران لدى الحوثيين حسن إيرلو في احتفالات سابقة قبل مصرعه في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي. وفي الحفل وعد المشرفون الحوثيون على كلية اللغات في جامعة صنعاء بتوفير فرص عمل للخريجين.

وقبل ذلك بشهر افتتحت السفارة نفسها مركزاً للدراسات وقاعة للتعليم عن بُعد في جامعة صنعاء، بهدف تحسين وتطوير جودة التعليم الجامعي كما جاء في تصريحات قادة السفارة الذين أكدوا أن هذا المشروع كان من تخطيط حسن إيرلو قبل رحيله، إلى جانب مشاريع أخرى أغلبها تعليمية.

اجتماع بين مسؤولي السفارة الإيرانية في صنعاء وقادة حوثيين في جامعة صنعاء (إعلام إيراني)

كانت الحكومة اليمنية انتقدت هذه الإجراءات من المساعي الإيرانية لبسط الهيمنة على القطاع التعليمي والثقافي في اليمن، ووصفتها بالغزو الثقافي الممنهج، وإعداد مناهج لتجريف الهوية وتخريج الإرهابيين، واستقبال عدد من العناصر الحوثية في إيران وإعادتهم كقنابل مفخخة كما جاء في تصريحات لوزير الإعلام معمر الإرياني.

ووفقاً للوزير اليمني فإن إطلاق اسم قاسم سليماني على إحدى دفعات التخرج من كلية اللغات بجامعة صنعاء يثبت ارتهان الميليشيات الحوثية الواضح لإيران ومحاولة توطين اللغة الفارسية في مناطق سيطرتها وصناعة حالة من التعبئة اللغوية والفكرية في أوساط الشباب اليمني.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.