رغم تصاعد انتهاكات الحوثيين وتعنتهم لجهة التوصل إلى سلام يطوي صفحة الصراع اليمني، جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، التزام المجلس والحكومة الشرعية بدعم المساعي الأممية، محملاً المجتمع الدولي مسؤولية تنفيذ قرارات مجلس الأمن.
تصريحات العليمي التي جاءت خلال استقباله في الرياض المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، تزامنت مع تصعيد ميداني للميليشيات الحوثية في جبهات تعز، بالتوازي مع تصعيد الانتهاكات بحق السكان والتجار في مناطق سيطرة الجماعة، وتهديد الميليشيات بنسف التهدئة والعودة إلى تفجير الأوضاع عسكرياً.
وذكرت المصادر الرسمية أن العليمي استقبل مع عضوي مجلس الحكم: عبد الله العليمي، وعثمان مجلي، المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ؛ حيث أطلعهم المبعوث على نتائج لقاءاته الأخيرة على المستويين الإقليمي والدولي، وفرص البناء على الحراك الدبلوماسي الراهن، لإطلاق عملية سياسية شاملة تلبي تطلعات الشعب اليمني في استعادة مؤسسات الدولة، والأمن والاستقرار، والسلام المستدام.
العليمي، حسبما نقلته وكالة «سبأ» أكد التزام المجلس والحكومة بدعم المساعي الحميدة للمبعوث الأممي الخاص، بموجب قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، مشدداً على أهمية تكامل الجهود الأممية والدولية مع المبادرات السعودية من أجل إحياء مسار السلام، وتخفيف المعاناة الإنسانية عن اليمنيين.
وجدد رئيس مجلس الحكم اليمني التذكير بالانتهاكات الحوثية الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القيود المفروضة على حركة الأفراد والسلع، والإجراءات التعسفية بحق المصارف والغرف التجارية، وأنشطة القطاع الخاص، والحريات العامة، وعدم اكتراث الميليشيات بالأوضاع الإنسانية الكارثية في البلاد.
واتهم العليمي الميليشيات بأنها تسعى إلى مصادرة كافة الفوائد المصرفية على مدى السنوات الماضية بأثر رجعي، من خلال جهاز بنكي جديد تابع لها على غرار «حزب الله»، و«الحرس الثوري» الإيراني، وما يترتب على ذلك من أنشطة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية عن العليمي أنه حمَّل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مسؤولية تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وفي المقدمة الكشف عن مصير السياسي محمد قحطان، والإفراج الفوري عنه، بعيداً عن أي نقاشات في هذا الملف الإنساني الذي قال إنه «يتطلب ضغوطاً أكبر للإفراج عن كافة المحتجزين والمختطفين والمختفين قسراً في سجون الميليشيات المدعومة من النظام الإيراني، وفقاً لقاعدة (الكل مقابل الكل)».
وكان المبعوث الأممي قد التقى في الرياض وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك؛ حيث جدد الأخير -حسب الإعلام الرسمي- الحرص على إنهاء معاناة الشعب اليمني، ودعم مساعي المبعوث الخاص للأمم المتحدة، والجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى استئناف العملية السياسية، وتحقيق التطلعات المشروعة للشعب اليمني في إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة، وتحقيق السلام العادل والدائم المبني على المرجعيات الثلاث المعتمدة.
وكان المبعوث الأممي غروندبرغ قد دعا أطراف الصراع في اليمن إلى البناء على ما تم تحقيقه من تقدم في عملية السلام، واتخاذ خطوات جادة من أجل سلام دائم ينهي النزاع القائم منذ أكثر من 8 أعوام، وذلك خلال زيارته إلى طوكيو.
وقال غروندبرغ في بيان، إن اتساق جهود المجتمع الدولي ووحدة أهدافه حول ما يتعلق باليمن، هي عوامل محورية في هذا الصدد، مشدداً على الحاجة إلى استمرار وتعزيز المناصرة الدولية للوصول إلى تسوية سياسية مستدامة، تستهل مستقبلاً يسوده السلام الدائم والتنمية.
والتقى غروندبرغ نائب وزير الخارجية الياباني، كي تاكاجي، ومسؤولين حكوميين كباراً آخرين، بحث معهم الجهود الجارية لدعم الأطراف للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في اليمن، واستئناف عملية سياسية جامعة وشاملة برعاية الأمم المتحدة، ووصف الوقت الذي تمر به جهود السلام في البلاد بـ«الحرج».
وشدّد المبعوث الأممي على الحاجة إلى استمرار وتعزيز المناصرة الدولية، للوصول إلى تسوية سياسية مستدامة تؤسس لمستقبل يسوده السلام الدائم والتنمية، معرباً عن شكره لليابان التي قدمت دعماً ثابتاً للأمم المتحدة، بشأن جهود الوساطة وتقديم الدعم الإنساني في اليمن، ودورها في مجلس الأمن.
وتزامنت التصريحات اليمنية والتحركات الأممية مع تشكيك معهد الشرق الأوسط الأميركي(MEI) في وفاء الانقلابيين الحوثيين بالتزاماتهم التي تعهدوا بها في المفاوضات السابقة، التي تعود على الأقل إلى اتفاق استوكهولم عام 2019، مذكراً بمطالبهم المتطرفة مثل طلبهم من الحكومة الالتزام بدفع؛ ليس رواتب الخدمة المدنية في المناطق الخاضعة لهم إلى جانب المناطق المحررة فقط؛ بل ورواتب عناصرهم، ما يتطلب فعلياً من الحكومة اليمنية دفع رواتب أولئك الذين يحاولون الإطاحة بها.
وتوقع المعهد الأميركي أن الانقلابيين الحوثيين لن يفوا بأي اتفاقات يبرمونها في غياب الضغط الخارجي، كما لم يخوضوا مفاوضات بحسن نية في الماضي، موضحاً أن الحرب بدأت بانقلاب سبتمبر (أيلول) 2014 الذي أدى إلى استيلاء الحوثيين على صنعاء، قبل التدخل العسكري للتحالف بقيادة السعودية بوقت طويل في مارس (آذار) 2015.
واستبعد المعهد أن تتخلى إيران عن مكاسبها في اليمن لمجرد موافقتها على تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع السعودية، رغم أنها وافقت على وقف تسليح الحوثيين، وثنيهم عن تنفيذ هجمات عبر الحدود داخل المملكة؛ خصوصاً مع سجلها الحافل بانتهاك حظر الأسلحة المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216؛ إذ أرسل الحوثيون سلسلة من الإشارات التصعيدية الأخيرة للتأكيد على استقلاليتهم عن طهران، والنأي بأنفسهم عن اتفاقها مع السعودية.
ودعا المعهد الولايات المتحدة الأميركية والجهات الفاعلة الدولية إلى مواصلة دعم الجهود الدبلوماسية للأمم المتحدة، وقال إن أي حل دائم للصراع سيحتاج إلى جمع جميع الأطراف معاً، ما يمكنهم من إعادة تأكيد دعمهم لوحدة وسيادة اليمن وكذلك الأمن والاستقرار الإقليميين.