حذر المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ من هشاشة الوضع الحالي في اليمن رغم حالة خفض التصعيد القائمة في البلاد، مستدلاً بحالات العنف في بعض الجبهات، خاصة الجوف وتعز ومأرب وصعدة.
وخلال إحاطة لمجلس الأمن الأربعاء أكد غروندبرغ الحاجة إلى وقف إطلاق النار بشكل رسمي. وقال إن «العملية السياسية الشاملة يجب أن تبدأ في أقرب وقت ممكن».
وعبر المبعوث عن «تفاؤل حذر» بعدما اتخذت الأطراف اليمنية «خطوات إيجابية» لبناء الثقة، داعياً إلى إطلاق جميع المحتجزين. غير أنه لفت إلى أن «الحلول الجزئية» لا يمكن أن تعالج كل الصعوبات والتحديات التي «لا تعد ولا تحصى» في هذا البلد.
وشارك غروندبرغ في جلسة عقدها مجلس الأمن في نيويورك لمناقشة الوضع في اليمن وجهوده من أجل التوصل إلى اتفاق يمكن أن ينهي النزاع هناك. وأفاد بأنه عقد أخيراً لقاءات مع كل من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي في عدن وقيادة الحوثيين ممثلة بمهدي المشاط في صنعاء، بالإضافة إلى مسؤولين إقليميين ويمنيين كبار في الرياض وأبوظبي، ومسؤولين أميركيين رفيعي المستوى في واشنطن العاصمة.
وأضاف «أن هناك إصراراً واضحاً من كل الأطراف على إحراز تقدم نحو اتفاق في شأن التدابير الإنسانية والاقتصادية، ووقف دائم للنار واستئناف العملية السياسية بقيادة يمنية تحت رعاية الأمم المتحدة».
ورحب بـ«الجهود المتواصلة» التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لدعم وساطة للأمم المتحدة. وإذ أشار إلى «إحراز تقدم»، أكد أن «هناك قضايا لا تزال تتطلب مزيداً من المناقشة»، معتبراً أن الأطراف «ملزمة بالبناء على التقدم المحرز حتى الآن، واتخاذ خطوات حاسمة نحو حل سلمي وشامل».
وقال المبعوث الأممي إن «الهدنة لا تزال مستمرة بعد أكثر من عام على إعلانها، وسبعة أشهر على انتهاء صلاحيتها»، مؤكداً أن الهدنة «وفرت بيئة مواتية ونقطة انطلاق نحو الخطوات التالية»، ومنها الرحلات الجوية التجارية من مطار صنعاء وإليه والوقود والسفن التجارية الأخرى التي تدخل عبر ميناء الحديدة. ولكنه لفت إلى أن التقارير المستمرة عن أعمال العنف، ولا سيما في الجوف وتعز ومأرب وصعدة «تسلط الضوء على هشاشة الوضع الحالي، وتؤكد الحاجة إلى وقف رسمي لإطلاق النار».
وعبّر غروندبرغ عن «قلق» من الوضع الاقتصادي المتدهور والقيود المفروضة على حرية التنقل وتأثيرها على النشاط الاقتصادي، وسبل عيش الناس. ونبه إلى أن «عجز الحكومة اليمنية عن تصدير النفط، الذي حقق أكثر من نصف إجمالي الإيرادات الحكومية العام الماضي، يجهد قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الشعب اليمني». ومع ذلك، عبر المبعوث عن «تفاؤل حذر» بعدما اتخذت الأطراف في الأسابيع الأخيرة «بعض الخطوات الإيجابية الإضافية»، مثل إطلاق 887 محتجزاً، كما عبّر عن ثقته في أن عمليات الإطلاق هذه ستبني مزيداً من الثقة بين الطرفين، وستدعم بيئة مواتية للحوار. ودعا إلى مواصلة العمل من أجل الإفراج عن جميع المحتجزين بما يتماشى مع اتفاقية استوكهولم.
وقال إنه «يجب أن يكون حجر الزاوية في أي اتفاق حول كيفية المضي قدماً هو استئناف العملية السياسية»، مضيفاً أنه «لا يمكن معالجة الصعوبات (...) والتحديات الأخرى التي لا تعد ولا تحصى في اليمن، من خلال حلول جزئية أو مؤقتة».
وشدد المبعوث على أهمية القيام بـ«عملية سياسية شاملة وجامعة تصوغ شراكة سياسية جديدة بشكل مستدام»، لكي «يعود اليمن إلى علاقات سلمية مع جيرانه»، وزاد: «ستحتاج هذه العملية السياسية إلى معالجة القضايا المعقدة المتعلقة بمستقبل اليمن على المدى الطويل، ويجب أن تبدأ في أقرب وقت ممكن».
ورأى غروندبرغ أن الحوار الذي عُقد أخيراً بين عدد من الجماعات السياسية الجنوبية في عدن يؤكد «على الحاجة الملحة لليمنيين لمناقشة جماعية، وتحديد مستقبلهم من خلال عملية يقودها اليمنيون وتدعمها الأمم المتحدة»، داعياً إلى سماع كل الأصوات اليمنية، بما في ذلك النساء والشباب والمجتمع المدني، تماشياً مع قرار مجلس الأمن رقم 1325. وعبر عن تقديره لمشاركة مجلس الأمن ووحدته في شأن اليمن.
وكذلك تحدثت أمام أعضاء المجلس، مديرة العمليات والمناصرة الأممية أديم وسورنو نيابة عن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث، وأملت أن تنتهي الحرب قريباً. وقالت «إنه بالنسبة لملايين الأشخاص في اليمن، لا يزال الوصول إلى الخدمات الأساسية، وإلى السلامة والأمن، بعيداً بشكل مدمر»، مؤكدة أن المجتمع الإنساني لا يزال ملتزماً تماماً ببذل كل ما في وسعه للتعامل مع الحاجات الإنسانية في اليمن. وأكدت أن «الوقت حان لكي يقود الطرفان، بدعم كامل من المجتمع الدولي، التحرك نحو السلام ووضع حد لهذا النزاع».