فرنسا تمنع إعلان «استقلال القبائل» لإنقاذ العلاقات مع الجزائر من الانهيار

وسط غضب جزائري واسع... وتحدّي الانفصاليين لقرار الحظر

الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
TT

فرنسا تمنع إعلان «استقلال القبائل» لإنقاذ العلاقات مع الجزائر من الانهيار

الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

بينما كانت العلاقات الجزائرية - الفرنسية تسير في منحى تصعيدي، بسبب النشاط اللافت لانفصاليي منطقة القبائل، قررت باريس في اللحظة الأخيرة، إلغاء حفل كان الانفصاليون يعتزمون تنظيمه، الأحد، لإعلان «دولة القبائل المستقلة»، وهو ما يعني إنقاذ العلاقات الثنائية من انهيار كامل وشيك.

وأفادت «حركة الحكم الذاتي في القبائل» النشطة بفرنسا، ليل السبت - الأحد، في بيان، أن «لجنة تنظيم إعلان استقلال القبائل أخذت علماً، وبأسف، بالقرار الصادر عن محافظة إيفلين (غرب باريس)، القاضي بمنع إقامة المراسم التي كان من المقرر تنظيمها يوم الأحد 14 ديسمبر (كانون الأول) 2025 في قصر المؤتمرات بفرساي».

فرحات مهني زعيم الحركة الانفصالية خلال تجمع سابق في باريس (متداول)

وحسب البيان، «يستند القرار إلى دوافع أمنية... وبرغم اطلاع اللجنة على هذا التعليل، فإنها تُبدي تحفظات جدّية بشأن الطبيعة الحقيقية لهذه المبررات، التي قد تكون ناتجة عن ضغوط مارستها السلطات الجزائرية»، مشيراً إلى أنه «تقرر رفع دعوى استعجالية، تحت إجراء حماية الحريات، من أجل الحصول على تعليق عاجل لهذا القرار طبقاً للأحكام القانونية المعمول بها».

وأضاف بيان الانفصاليين: «في حال إلغاء القرار من طرف القضاء الإداري، ستُقام المراسم كما كان مخططاً لها في الأصل. أما في حال عدم إلغاء القرار، فسيتم إعلان استقلال القبائل هذا الأحد، في صيغة أكثر محدودية وفي مكان غير مُعلن. وسيُبث الإعلان علناً عبر وسائلنا الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي ابتداءً من الساعة السادسة مساءً».

ولفت البيان نفسه إلى أن «ضيوفاً أجانب مرموقين كانوا سيحضرون الحفل، إلى جانب مناضلين ومتعاطفين قطعوا مسافات طويلة للمشاركة في هذه المراسم التاريخية».

ويشار إلى أن التنظيم الانفصالي، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، وضعته الجزائر على لائحة «الإرهاب» عام 2021، وأطلق قضاؤها مذكرة اعتقال دولية ضد زعيمه المطرب الأمازيغي اللاجئ بفرنسا فرحات مهني، بعد إدانته بالسجن 20 سنة بتهمة «الإرهاب».

براغماتية سياسية

ويفهم قرار منع تظاهرة «إعلان دولة القبائل المستقلة» على أنه «مبادرة ودية» من جانب فرنسا تجاه الجزائر، في تقدير مراقبين، خصوصاً أنها أظهرت حرصاً كبيراً على ترميم العلاقات مع مستعمرتها السابقة، التي شهدت تدهوراً غير مسبوق منذ أكثر من عام على خلفية غضب الجزائر من انحياز «الإليزيه» للمغرب في نزاع الصحراء.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (الرئاسة)

وجاء هذا المنع في سياق ترتيبات جارية منذ أسبوعين، لزيارة وزير الداخلية الفرنسي لوران نونييز إلى الجزائر للبحث في ملفات متعلقة بالأمن والهجرة غير النظامية... ولم يكن ممكناً، في تقدير المراقبين، أن تسمح فرنسا بمبادرة كانت ستتسبب في انهيار التقارب الذي شهدته العلاقات الثنائية في المدة الأخيرة.

وحول هذا الموضوع، كتب الناشط السياسي الجزائري المقيم بفرنسا، خالد فرحات، بحسابه بالإعلام الاجتماعي: «إن قرار محافظة إيفلين بمنع حركة الحكم الذاتي في القبائل، من تنظيم حفل موقع عمومي، لا يندرج في إطار الحفاظ على النظام العام، بل يعكس خياراً سياسياً واضحاً ومتعمداً. فقد أدركت فرنسا تماماً أن السماح للتنظيم الانفصالي بإعلان استقلال القبائل علناً على أراضيها، سيُعدّ عملاً سياسياً بالغ الخطورة، قد تترتب عليه تداعيات جسيمة على أي مسعى مستقبلي لتطبيع العلاقات أو تعزيز التعاون الدبلوماسي مع الجزائر».

وصرح الناشط بأن السلطات الفرنسية «حرصت، من خلال هذا المنع، على تجنب استفزاز الدولة الجزائرية، وهي تدرك أن مثل هذا الحدث كان سيُفسَّر على أنه اعتراف ضمني بحركة انفصالية. ويُجسّد هذا القرار مرة أخرى واقع البراغماتية السياسية الفرنسية، حيث تتقدّم المصالح الاستراتيجية والدبلوماسية على المبادئ المعلنة لحرية التعبير والتعددية السياسية».

تظاهرة في منطقة القبائل رافضة للانفصال (ناشطون)

وأضاف: «بهذا، اختارت فرنسا منطق الوقاية من الأضرار الدبلوماسية، معترفة ضمنياً بأن القضية القبائلية ملف شديد الحساسية، وقادر على زعزعة العلاقات الثنائية. كما يُظهر هذا الرفض أنه عندما ترتفع الرهانات الجيوسياسية، تصبح الحقوق السياسية مشروطة وانتقائية». وتابع الناشط قراءته للحدث: «بالنسبة إلى القبائل، يؤكد هذا الحدث أن مطلبها في تقرير المصير لا يصطدم فقط بالقمع الداخلي، بل كذلك بالقيود التي تفرضها التوازنات الدولية، حيث يتغلب الاستقرار الدبلوماسي على عالمية الحقوق».

داخلياً كانت السلطات قد شنّت في الأيام الأخيرة، حملة عنيفة ضد فرنسا عن طريق وسائل الإعلام، واتهمتها بـ«التساهل مع حركة تبحث عن تقسيم الجزائر»، وبأن «ما عجزت فرنسا عن تحقيقه خلال فترة الاستعمار (1954-1962) تسعى اليوم لاستدراكه بواسطة خونة ومرتزقة يعيشون بكل حرية فوق أرضها».

استنكار حزبي

كما اتخذت أصوات كثيرة مواقف رافضة للمغامرة الانفصالية لحركة «ماك»؛ إذ أثار مشروعها الانفصالي موجة استنكار غير مسبوقة، حيث جدّد كلٌّ من «جبهة القوى الاشتراكية» و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» و«حزب العمال»، وهي ثلاثة أحزاب راسخة الحضور في منطقة القبائل، تمسّكها بوحدة الجزائر.

وقالت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية في بيان السبت، إنها «تابعت ببالغ الاستنكار والرفض، الانزلاقات الخطيرة والمناورات اليائسة الصادرة عن كيان (ماك) المصنف إرهابياً، وما يروج له من دعوى انفصالية، تندرج ضمن مخططات تقسيم وتفكيك الوحدة الوطنية وضرب استقرار الجزائر، خدمة لأجندات خارجية معادية مرتبطة بالخلفيات الاستعمارية والمشاريع الوظيفية».

متظاهر من «ماك» (ناشطون)

من جهته، كتب المؤرخ والمثقف محمد أرزقي فراد، المعروف بكتاباته عن تراث وتاريخ منطقة القبائل، في مقال نشره موقع «الخبر» الأحد: «لا شكّ أنّ النزعة الانفصالية بذرة غريبة عن مجتمعنا، خرجت من رحم المخابر الكولونيالية في القرن الـ19 في إطار سياسة فرّق تسد وقد تصدى لها أجدادنا بنجاح طيلة فترة الاحتلال الفرنسي، لكنها لم تلبث أن عادت إلى الواجهة بعد استرجاع السيادة الوطنية، لأسباب كثيرة، منها إقصاء العنصر الأمازيغي من الشخصية الوطنية، وهو خطأ ارتكب في مطلع الاستقلال حسب شهادة الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي»، وزير الثقافة والتعليم بين 1965 و1970 الذي توفي في 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2025.


مقالات ذات صلة

«الدفاع» الجزائرية تنفي إنشاء وحدات مرتزقة لتنفيذ عمليات سرية بالساحل

شمال افريقيا السعيد شنقريحة رئيس أركان الجيش الجزائري (وزارة الدفاع)

«الدفاع» الجزائرية تنفي إنشاء وحدات مرتزقة لتنفيذ عمليات سرية بالساحل

نفت وزارة الدفاع الوطني في الجزائر قطعياً، السبت، ما وصفته بـ«الأخبار المضللة، والاتهامات غير المؤسسة» التي تحدثت عن إنشاء الجزائر وحدات مرتزقة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
رياضة عربية عادل بولبينة حضر في تشكيلة الجزائر للـ«كان» (رويترز)

بولبينة وبركان ضمن تشكيلة الجزائر لأمم أفريقيا

أعلن فلاديمير بيتكوفيتش مدرب الجزائر، السبت، تشكيلته لكأس أمم أفريقيا لكرة القدم المقررة في المغرب.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا ناشطون ببجاية في تجمع ضد مشروع الانفصال (حسابات خاصة)

القبائل الجزائرية تتوحد ضد مشروع «ماك» الانفصالي

تشهد منطقة القبائل الجزائرية زخماً وحركةً غير مألوفين تمثلا في أنشطة ميدانية معارضة لمسعى تنظيم انفصالي إطلاق «دولة القبائل المستقلة».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس التونسي أكد على تميّز العلاقات التونسية - الجزائرية وعلى عراقة التعاون بين تونس والجزائر (أ.ف.ب)

تونس والجزائر توقعان 25 اتفاقية في أشغال اللجنة المشتركة الكبرى

وقعت تونس والجزائر، اليوم الجمعة، 25 اتفاقية تعاون ومذكرة ضمن أشغال الدورة 23 للجنة المشتركة الكبرى بين البلدين التي تجري في تونس.

«الشرق الأوسط» (تونس)
شمال افريقيا عناصر «ماك» خلال مظاهرة في فرنسا (ناشطون)

المعارضة الجزائرية تستنكر مشروع «دولة القبائل المستقلة»

توالت ردود أفعال المعارضة الجزائرية رفضاً لما يُسمّى «دولة القبائل المستقلة» التي يعتزم انفصاليون إعلانها الأحد المقبل في باريس.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

فيضانات تودي بحياة 14 شخصا في آسفي بالمغرب

سيارة تسير عبر شارع غمرته المياه بعد الفيضانات في منطقة زاكورة بالمغرب في 7 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارة تسير عبر شارع غمرته المياه بعد الفيضانات في منطقة زاكورة بالمغرب في 7 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

فيضانات تودي بحياة 14 شخصا في آسفي بالمغرب

سيارة تسير عبر شارع غمرته المياه بعد الفيضانات في منطقة زاكورة بالمغرب في 7 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارة تسير عبر شارع غمرته المياه بعد الفيضانات في منطقة زاكورة بالمغرب في 7 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت السلطات المغربية إن «تدفقات فيضانية استثنائية» ناجمة عن أمطار غزيرة أودت بحياة 14 شخصا على الأقل، وتسببت في إصابة 32 آخرين، اليوم الأحد، في إقليم آسفي الساحلي المطل على المحيط الأطلسي، والواقع على بُعد 330 كيلومتراً جنوب الرباط.

وأوضحت السلطات، في بيان، أن الأمطار الغزيرة التي استمرت ساعة واحدة أدت إلى غمر نحو 70 منزلاً ومتجراً بالمياه، وجرف 10 سيارات، وقطع كثير من الطرق في مدينة آسفي وضواحيها، في حين تتواصل جهود الإنقاذ، وفقاً لوكالة «رويترز».


مصر لـ«تعاون اقتصادي أعمق» مع قطر

فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري» بالقاهرة الأحد (وزارة الاستثمار المصرية)
فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري» بالقاهرة الأحد (وزارة الاستثمار المصرية)
TT

مصر لـ«تعاون اقتصادي أعمق» مع قطر

فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري» بالقاهرة الأحد (وزارة الاستثمار المصرية)
فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري» بالقاهرة الأحد (وزارة الاستثمار المصرية)

سعياً لتعميق التعاون الاقتصادي بين القاهرة والدوحة، أعلنت الحكومة المصرية عن «تسهيلات استثمارية» جديدة خلال منتدى «الأعمال المصري - القطري» في القاهرة.

وأكد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، حسن الخطيب، الأحد، «تشكيل لجنة متخصصة لتيسير إجراءات الاستثمار والتجارة بين بلاده وقطر»، في خطوة يراها خبراء «تعكس تطور الشراكة الاقتصادية بين القاهرة والدوحة».

وافتتح الخطيب، فعاليات منتدى «الأعمال المصري - القطري»، الأحد، بحضور وزير الدولة القطري لشؤون التجارة الخارجية، أحمد بن محمد السيد، وبمشاركة واسعة من ممثلي مجتمع الأعمال في البلدين.

وتشهد العلاقات المصرية - القطرية تطوراً نوعياً الفترة الحالية، بعد زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للدوحة في أبريل (نيسان) الماضي، وأعلنت قطر وقتها «دعم الشراكة الاقتصادية مع مصر، من خلال الإعلان عن حزمة من الاستثمارات المباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار».

وهناك تطور في مؤشرات التعاون الاقتصادي بين مصر وقطر، وفق وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، وقال، الأحد، إن «حجم الاستثمارات القطرية في مصر بلغ نحو 3.2 مليار دولار، موزعة على أكثر من 266 شركة، تعمل في قطاعات متنوعة، منها المالي والصناعي والسياحي»، وأشار إلى «ارتفاع التبادل التجاري بين البلدين، ليصل إلى 143 مليون دولار خلال العشرة أشهر الأولى من العام الحالي، في مقابل 80 مليون دولار عام 2023 بمعدل نمو يقترب إلى 80 في المائة».

ولفت الخطيب إلى أن علاقات بلاده مع قطر «شهدت دفعة قوية، خصوصاً بعد زيارة الرئيس السيسي إلى الدوحة في أبريل الماضي»، وقال إن «الزيارة نتج عنها الإعلان عن حزمة من الاستثمارات القطرية الجديدة، وفي مقدمتها مشروع تطوير منطقة (علم الروم) بالساحل الشمالي المصري».

ووقّعت مصر وقطر، في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عقد شراكة استثمارية لتنمية منطقة «سملا وعلم الروم» بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح (شمال غربي مصر) بقيمة تبلغ نحو 29.7 مليار دولار، وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وقتها، إن توقيع عقد الشراكة الاستثمارية مع الجانب القطري «يشكل تتويجاً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويعكس عمق الروابط التاريخية بينهما».

خلال التوقيع على صفقة مصرية - قطرية لتنمية منطقة «علم الروم» بالساحل الشمالي في نوفمبر الماضي (مجلس الوزراء المصري)

ودعماً للمستثمرين القطريين، أعلن وزير الاستثمار المصري عن «تشكيل لجنة متخصصة لتيسير إجراءات الاستثمار والتجارة، بهدف دعم الشركات القطرية، وتذليل التحديات، وذلك لتعزيز التعاون الاقتصادي»، مؤكداً «حرص بلاده لدفع التعاون مع الدوحة لمستوى استراتيجي أعمق».

وشدد وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية القطري على «أهمية تعزيز الشراكات الاقتصادية بين بلاده والقاهرة»، وأشار خلال محادثات ثنائية مع وزير الاستثمار المصري، إلى «دور القطاع الخاص في دعم النمو وخلق فرص استثمارية جديدة»، وأكد أن «التعاون المستمر بين الشركات في البلدين، يعزز من تبادل الخبرات ويتيح استثمارات نوعية تحقق التنمية المستدامة»، حسب إفادة لوزارة الاستثمار المصرية، الأحد.

ووفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير يوسف الشرقاوي، فإن العلاقات المصرية - القطرية «دخلت مرحلة جديدة من التعاون السياسي والاقتصادي»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجانب الاقتصادي يشكل قاطرة للمشاركة الاستراتيجية بين القاهرة والدوحة لتعميق الاستثمارات بين البلدين». ويعتقد الشرقاوي أن «الدوحة تحاول الاستفادة من مناخ الاستثمار في مصر حالياً، بالمشاركة بمشروعات استثمارية في الساحل الشمالي المصري، وفي المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وفي قطاعات السياحة والصناعة والعقارات».

وخلال منتدى «الأعمال المصري - القطري»، الأحد، قال وزير الاستثمار المصري، إن «بلاده تتبنى خطة طموحة لتصبح ضمن أفضل 50 دولة عالمياً في مؤشرات تنافسية الاستثمار والتجارة خلال العامين القادمين»، وأشار إلى «بدء تنفيذ هذا التحول، من خلال التوسع في التحول الرقمي الشامل عبر إطلاق منصة التراخيص، وبدء العمل على منصة الكيانات الاقتصادية؛ بما يبسط الإجراءات».

جانب من منتدى «الأعمال المصري - القطري» بالقاهرة الأحد (وزارة الاستثمار المصرية)

عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع»، وليد جاب الله، يرى أن «منتدى (الأعمال المصري - القطري) من الآليات الخاصة بتفعيل حزمة الاستثمارات القطرية لمصر»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الدوحة تستهدف الاستثمارات في قطاعات مختلفة، بالقاهرة، خصوصاً في السياحة والزراعة والتكنولوجيا»، إلى جانب «الاستفادة من حوافز القطاع الصناعي». ويعتقد جاب الله أن «التطور في الشراكات الاقتصادية بين مصر وقطر، انعكس على معدلات التبادل التجاري بين البلدين»، وقال إن «الحكومة المصرية تعمل على تهيئة مناخ الاستثمار أمام المستثمرين القطريين في مختلف المجالات، بهدف تفعيل حزمة الاستثمارات التي جرى الإعلان عنها بين البلدين وقيمتها 7.5 مليار دولار».

وسجل حجم التبادل التجاري المشترك بين مصر وقطر 128.4 مليون دولار خلال العام الماضي، وفق إفادة للجهاز المصري للتعبئة العامة والإحصاء، في أبريل الماضي.

ويتواكب التطور في العلاقات الثنائية بين القاهرة والدوحة، مع تحرك إقليمي ودولي نشط بين مصر وقطر، وفق الشرقاوي، وقال إن «تنسيق البلدين لتثبيت وقف إطلاق النار، ودفع التهدئة في المنطقة، يواكبه تنامي مستوى العلاقات المصرية - القطرية». وأعلنت الدوحة، في مارس (آذار) 2022 ضخ استثمارات في مصر بنحو 5 مليارات دولار، في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري مع القاهرة، بحسب «مجلس الوزراء المصري».


ليبيا: ترحيب من «الوحدة» و«الاستقرار» بإجراء الانتخابات البلدية المؤجلة

صناديق الاقتراع داخل مراكز الانتخابات البلدية المؤجلة (مفوضية الانتخابات)
صناديق الاقتراع داخل مراكز الانتخابات البلدية المؤجلة (مفوضية الانتخابات)
TT

ليبيا: ترحيب من «الوحدة» و«الاستقرار» بإجراء الانتخابات البلدية المؤجلة

صناديق الاقتراع داخل مراكز الانتخابات البلدية المؤجلة (مفوضية الانتخابات)
صناديق الاقتراع داخل مراكز الانتخابات البلدية المؤجلة (مفوضية الانتخابات)

رحبت الحكومتان في شرق ليبيا وغربها، بإجراء الانتخابات الخاصة بتسعة مجالس بلدية مؤجلة، تقع بنطاق سيطرة «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر، السبت، وأظهرا توافقا نادراً على «أهمية هذه الخطوة نحو إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية»، في بلد يشهد انقسامات سياسية وعسكرية مستمرة.

ففي الغرب، ورغم الانقسام السياسي، وصف رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، إجراء هذه الانتخابات بأنه «ركيزة أساسية لدعم الوصول إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية في جميع أنحاء البلاد، وتحقيق الاستقرار وترسيخ دولة القانون والمؤسسات»، وذلك في منشور عبر صفحته الرسمية على موقع «فيسبوك».

الإشادة نفسها، جاءت من حكومة «الاستقرار» المكلفة من البرلمان في الشرق، حيث عدّ رئيسها، أسامة حماد، أن «نجاح الانتخابات البلدية محطة أساسية على طريق إجراء الانتخابات العامة، وتلبية تطلعات الشعب». وفي السياق ذاته، جدّد رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، دعمه الكامل للاستحقاقات الانتخابية كافة، واصفاً إياها بأنها «السبيل الدستوري والقانوني لتجديد الشرعيات، وتحقيق الاستقرار السياسي». كما أكد القائد العام لـ«الجيش الوطني»، أن هذه الانتخابات تسهم في «تعزيز المشاركة المدنية الفاعلة، وتطوير المؤسسات الوطنية، بما يخدم مصالح المواطنين، ويعزز قدرات الدولة».

لقاء المنفي والنائب الثاني لرئيس «المجلس الأعلى للدولة» في طرابلس (المجلس الرئاسي)

وأجريت الانتخابات، وسط استمرار الانقسام السياسي بين حكومتين، إحداهما تسيطر على غرب البلاد برئاسة الدبيبة، وأخرى في الشرق وأجزاء من الجنوب برئاسة حمّاد. وتجدر الإشارة إلى أن المرحلة الأولى من انتخابات المجالس البلدية، التي أجريت العام الماضي وشملت 58 بلدية، شهدت مشاركة تجاوزت 77 في المائة، فيما تعرضت المرحلة الثانية، لبعض التأجيلات بسبب اعتداءات مسلحة على مكاتب «المفوضية» في عدة بلديات غربية، ما يعكس التحديات السياسية والأمنية المستمرة التي تواجه البلاد.

وفي جولة الاقتراع التي جرت، السبت، بلغت نسبة المشاركة 69 في المائة، حيث توجه الناخبون إلى 311 مركز اقتراع في بنغازي وطبرق وسبها وسرت وقصر الجدي وتوكرة وسلوق والأبيار وقمينس، لاختيار 87 ممثلاً من بين 922 مرشحاً.

وفي تطور لافت، نفت «المفوضية الوطنية العليا للانتخابات» ما تردد حول وجود مخالفات في مركز اقتراع سرت، مؤكدة أن الفيديوهات المتداولة تظهر أوراق تصويت تخص موظفي الاقتراع والعناصر الأمنية داخل المركز، وأن الإجراءات المتعلقة بذلك تقع ضمن مسؤولية المفوضية.

وسبق أن أعلن رئيس المفوضية، عماد السائح، أن جميع المراكز التي زارها كانت «بمستوى أمني مرتفع جداً، وأن عملية تأمين الانتخابات كانت دقيقة للغاية، سواء بالنسبة للجان الاقتراع أو المواطنين»، مشيراً إلى «وعي أكبر لدى الناخبين مقارنة بالانتخابات السابقة، خصوصاً فيما يتعلق بمنح التزكيات». وأضاف: «أنظارنا تتجه الآن إلى الانتخابات العامة الرئاسية والبرلمانية، ونحن مستعدون لبدء إجراءاتها حال توفر الدعم المالي، والغطاء القانوني اللازم».

استهداف مقر «هيئة مكافحة الفساد» بطرابلس (متداولة)

في السياق ذاته، عبّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، عن ترحيبها باستكمال عملية التصويت، مشيدة بجهود السلطات المحلية والأجهزة الأمنية وفريق المفوضية، لكنها شددت في بيان، الأحد، على «ضرورة احترام نزاهة العملية الانتخابية، واستخدام الآليات القانونية، لمعالجة أي نزاعات محتملة».

وفي إطار تعزيز التنسيق السياسي، بحث رئيس «المجلس الرئاسي»، محمد المنفي، مع النائب الثاني لرئيس «المجلس الأعلى للدولة»، موسى فرج، سبل «تعزيز التشاور بين المؤسستين لدعم مسار العملية السياسية، وتهيئة المناخ الملائم لتحقيق توافق وطني شامل، مؤكدين على أهمية توحيد الجهود الوطنية والحفاظ على الاستقرار، وترسيخ دعائم الدولة».

وتزامنت هذه التطورات، مع استهداف مسلحين مجهولين مقر «الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد» في منطقة جنزور غرب طرابلس، الأحد، بقذائف «آر بي جي»، ورصدت وسائل إعلام محلية آثار القصف، دون صدور تفاصيل رسمية حول الأضرار أو الملابسات، ما يعكس استمرار المخاطر الأمنية في العاصمة، رغم جهود تأمين العملية الانتخابية.