تصاعدت المطالب في مصر بإلغاء انتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) على خلفية أحكام قضائية ببطلان نتائج نحو 60 في المائة من نتائج دوائر المرحلة الأولى.
وأصدرت «المحكمة الإدارية العليا» بمجلس الدولة، وهي أعلى محكمة إدارية، مساء السبت، أحكاماً ببطلان الانتخابات في نحو 28 دائرة بانتخابات المرحلة الأولى، عقب فحصها طعوناً تقدم بها مرشحون.
وشهدت المرحلة الأولى من الانتخابات «سلسلة من الاعتراضات والمخالفات»؛ ما دفع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى مطالبة «الهيئة الوطنية للانتخابات» بمراجعة التجاوزات، وأدّى ذلك إلى إلغاء نتائج 19 دائرة في 7 محافظات، ومن المقرر إعادة الانتخابات فيها أيضاً. وعقب أحكام «المحكمة الإدارية العليا» ببطلان الانتخابات في بعض الدوائر، وصلت نسبة الدوائر التي أبطلت بها الانتخابات بالمرحلة الأولى حتى الآن نحو 60 في المائة من عدد الدوائر الانتخابية الذي يبلغ 70 دائرة.
ومع تزايد عدد الدوائر التي أبطلت بها الانتخابات بالمرحلة الأولى، وسيناريو صدور أحكام مشابهة خلال المرحلة الثانية، تصاعدت مطالب إلغاء الانتخابات كلياً، وناشد المحامي الحقوقي طارق العوضي، الرئيس السيسي باتخاذ إجراءات لمحاسبة المسؤولين. وكتب العوضي عبر منصة «إكس»، الأحد: «أدعو الرئيس إلى تشكيل (هيئة وطنية) مستقلة تُمنح كامل الصلاحيات لكشف ما جرى، وتحديد المسؤوليات بوضوح، ومساءلة كل من تورّط أو شارك أو قصّر أياً كان موقعه أو اسمه أو صفته».

وقبل أيام، قال السيسي إن «بعض ملاحظاته على عملية التصويت في انتخابات مجلس النواب كانت بمثابة (فيتو) لعدم رضاه عنها، واعتراضاً على بعض الممارسات».
وانطلقت المرحلة الأولى من انتخابات «النواب» في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، ومن المقرر أن تُجرى جولة الإعادة للمصريين بالخارج يومي 1 و2 ديسمبر (كانون الأول) 2025، وفي الداخل يومي 3 و4 من الشهر نفسه، ويتم إعلان نتائجها النهائية في موعد أقصاه 11 ديسمبر، بينما جرت انتخابات المرحلة الثانية يومي 24 و25 نوفمبر 2025، ويُتوقع أن تعلن نتائجها، الثلاثاء المقبل.
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، وصف ما يحدث في انتخابات مجلس النواب بـ«المأزق السياسي»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأحكام القضائية ببطلان النتائج في كثير من الدوائر، وقبلها حديث السيسي عن تجاوزات، أديا إلى تصاعد مطالب إلغاء الانتخابات كلها»، لافتاً إلى أن «استكمال الانتخابات رغم كل هذه التجاوزات سينتج عنه برلمان مشكوك في شرعيته».
ويرى السيد أنه «يجب إلغاء الانتخابات وتعديل قانون النظام الانتخابي، إذ إن إلغاءها وإجراءها مرة أخرى بنفس القانون سيؤديان لنفس النتائج، ويكرران نفس المشهد».

ويعتمد قانون الانتخابات الحالي نظاماً انتخابياً مختلطاً، بواقع انتخاب نصف المقاعد فردياً، في حين أن النصف الآخر يُنتخب بنظام «القوائم المغلقة المطلقة»؛ ما يعني فوز أعضاء القائمة بالكامل حال تحقيقها أعلى الأصوات. في حين تطالب أحزاب معارضة وقوى سياسية عدة بتطبيق نظام «القائمة النسبية»، الذي ترى أنه يضمن «تمثيلاً عادلاً» لجميع القوى السياسية، ويحول دون سيطرة الأغلبية على المقاعد.
رئيس «الائتلاف المصري لحقوق الإنسان والتنمية»، سعيد عبد الحافظ يرى أن المطالبة بإلغاء الانتخابات كلياً «مطلب سياسي مشروع»، لكن في المشهد الراهن تكون الكلمة العليا للإطار الدستوري والقانوني المطبق، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «يجب عدم الخلط بين المطالب السياسية المشروعة، والقواعد الدستورية والقانونية، وبحسب هذه القواعد سيتم استكمال الانتخابات وفق القانون الانتخابي الحالي، حيث ستتم إعادة الانتخابات بالدوائر التي صدرت أحكام ببطلان نتائجها، إضافة إلى تلك التي ألغتها (الهيئة الوطنية)».
وأكد عبد الحافظ أنه «يوجد أكثر من 50 طعناً نظرتهم (المحكمة الإدارية العليا) بشأن دوائر أعلن فيها الفائزون في المنافسة، ولأنهم من الناحية القانونية اكتسبوا صفة (العضوية البرلمانية) بمجرد إعلان النتيجة؛ لذا قامت (الإدارية العليا) بإحالة الطعون إلى محكمة النقض المختصة، والتي ستنظر الطعون لاحقاً»، موضحاً أنه «على الرغم من أحكام البطلان واللغط بشأن الانتخابات، فسيكون للبرلمان القادم شرعية دستورية، لكن أعضاءه سيقعون تحت ضغوط كبيرة من الرأي العام».




