تتجه الأنظار في مصر إلى المحكمة الإدارية العليا التي من المقرر أن تُصدر حكمها خلال الساعات المقبلة بشأن الطعون المقدمة إليها على نتيجة المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان)؛ وذلك قبل انطلاق جولة الإعادة لهذه المرحلة، الاثنين المقبل، ما سيُحدد شكل إجراءات تلك الجولة.
وقررت المحكمة الإدارية العليا، السبت، نظر 187 طعناً انتخابياً، وطالبت «الهيئة الوطنية للانتخابات» (المشرفة على انتخابات مجلس النواب) بإحضار محاضر الفرز والتجميع الخاصة بنتائج المرحلة الأولى، على أن تُصدر حكمها النهائي خلال ساعات.
وشهدت المرحلة الأولى من الانتخابات «سلسلة من الاعتراضات والمخالفات»، ما دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مطالبة «الهيئة الوطنية للانتخابات» بمراجعة التجاوزات، وأدّى ذلك إلى إلغاء نتائج 19 دائرة في 7 محافظات، ومن المقرر إعادة الانتخابات فيها أيضاً، يوم الاثنين.
وقبل أيام، قال السيسي إن «بعض ملاحظاته على عملية التصويت في انتخابات مجلس النواب كانت بمثابة (فيتو) لعدم رضاه عنها، (واعتراضاً على بعض الممارسات)».
وتنوعت طلبات المرشحين داخل الطعون بين «إلغاء العملية الانتخابية في بعض الدوائر، أو إلغاء جولة الإعادة، أو وقف إعلان النتائج بزعم وجود أخطاء في الفرز والتجميع، أو إلغاء فوز (القائمة الوطنية الموحدة)»، حسب المحامي ورئيس الهيئة القانونية والاستشارية لحزب «الوعي»، محمود سويلم.
وتنظر المحكمة هذه الطعون بعد أن سبق لها الفصل في 14 طعناً بعدم القبول، وإحالة 59 طعناً إلى «محكمة النقض» للاختصاص.
وقال سويلم لـ«الشرق الأوسط» إن حكم «الإدارية العليا» يُحدد شكل جولة الإعادة، وكذلك الانتخابات برمّتها، وذلك بعد أن طالبت المحكمة (الهيئة الوطنية للانتخابات) بتقديم كشوف الفرز، وهي تشكل أساس الحكم، لأنه في حال لم يتم إثبات تسلم وكلاء المرشحين نسخة من هذه الكشوف بتوقيع المتسلم، فإن ذلك قد يقود إلى إلغاء الانتخابات بتلك الدوائر.
وأوضح أن «تقديم طعون من جانب وكلاء المرشحين والأحزاب لعدم تسلّمهم كشوف النتائج يُبرهن على أنهم حضروا إلى أماكن الفرز ولم يحصلوا عليها، غير أن الحكم النهائي يبقى للمحكمة وفقاً لما تتوفر لديها من أدلة وبراهين»، مشيراً إلى أن «بعض الدوائر جرى تقديم أكثر من طعن فيها، وهو ما يُفسر زيادة عدد الطعون مقارنة بالدوائر الانتخابية».

وجرت المرحلة الأولى من الانتخابات في 70 دائرة انتخابية، وقررت «الهيئة الوطنية» إلغاء الانتخابات في 19 دائرة منها، فيما يخوض 120 مرشحاً جولة «الإعادة» للمرحلة الأولى في 31 دائرة داخل 10 محافظات، وفقاً لأرقام «هيئة الانتخابات».
وانطلقت المرحلة الأولى من انتخابات «النواب» في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ومن المقرر أن تُجرى جولة الإعادة للمصريين بالخارج يومي 1 و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وفي الداخل يومي 3 و4 من الشهر ذاته، ويتم إعلان نتائجها النهائية في موعد أقصاه 11 ديسمبر المقبل.
أستاذ العلوم السياسية بـ«مركز البحوث الجنائية والاجتماعية»، حسن سلامة، قال إن قانون الانتخابات المصري حدد إجراءات للاعتراض على النتيجة، بينها الطعون القضائية، وأن «وجود عدد كبير من الطعون أمر متوقع، وهناك بعض المرشحين وجدوا هناك فرصة لتفادي الخسارة، وأقدموا على الخطوة دون أسانيد واضحة، خصوصاً مع (فيتو) الرئيس على بعض الممارسات».
وأكّد لـ«الشرق الأوسط» أن «العبء الآن يقع على (المحكمة الإدارية العليا)، وهي جزء من السلطة القضائية، والعبرة بقبول ما سوف يصدر عن المحكمة دون التأثير على سير الانتخابات»، لافتاً إلى أن «فكرة إلغاء الانتخابات برمتها في مصر ليست جديدة، وحدثت من قبل خلال العقدين الماضيين؛ لكنها ليست الحل الأمثل في الوقت الحالي».
وتختص «المحكمة الإدارية العليا» وحدها بالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بسير العملية الانتخابية وصحة إجراءات الفرز والتجميع ومشروعية النتائج المعلنة من «الهيئة الوطنية للانتخابات»، على أن تُصدر أحكامها خلال 10 أيام فقط من تاريخ تقديم الطعن، وهي مدة قانونية ملزمة، وفق قانون الانتخابات.

وشدد مدير «الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات»، المستشار أحمد بنداري، في تصريحات لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية في مصر، الجمعة، على أن «الهيئة ستواصل نهجها في التعامل بكل حزم ومسؤولية مع أي خروقات قد تطرأ خلال العملية الانتخابية وإعلانها أمام الرأي العام، واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة حيالها، وذلك في إطار حرصها على حقوق الناخبين وحماية إرادتهم الحرة في انتخاب من يرونه مناسباً لعضوية البرلمان».
غير أن عضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، رئيس حزب «الجيل الديمقراطي»، ناجي الشهابي، أشار إلى أن «الانتخابات شهدت بعض المخالفات في المرحلة الأولى تستوجب إعادتها برمتها، بوصفها عيوباً جوهرية تؤثر على صورة المؤسسة التشريعية، والقضاء الإداري سوف يفصل في هذه المخالفات، خصوصاً مع صدور قرارات سابقة من (هيئة الانتخابات) بإلغاء الانتخابات ببعض الدوائر».
وتوقع في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تشهد المرحلة الثانية وجولة الإعادة طعوناً أخرى، خصوصاً مع «استمرار حضور المال السياسي خلال المرحلة الثانية».
ومن المقرر إعلان النتيجة الرسمية للمرحلة الثانية من الانتخابات، الثلاثاء، ووفق البنداري، فإن «(الهيئة الوطنية للانتخابات) تسلّمت، الجمعة، من اللجان الانتخابية العامة كل محاضر الحصر العددي لأعمال فرز أصوات الناخبين في المرحلة الثانية، وتتم مراجعتها بدقة لإعداد التقرير اللازم، وعرضه على مجلس إدارة (الهيئة الوطنية للانتخابات) لدراسته واتخاذ اللازم بشأنه».




