10 أيام مرت على تمرير مجلس الأمن الدولي خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ونشر قوات استقرار، دون أن تترجم على أرض الواقع وسط تصعيد عسكري إسرائيلي غير مسبوق.
وقابل ذلك التباطؤ تسريبات إعلامية عن جداول زمنية أميركية، وضعت بشأن نشر القوات في يناير (كانون الثاني) المقبل، ونزع سلاح القطاع في أبريل (نيسان) من العام ذاته، وهو ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» طموحاً أميركياً يحمل ملامح إعطاء تقدم في «خطة ترمب»، لكن سيواجه بتعقيدات ميدانية خاصة في نشر القوات ونزع السلاح، بخلاف تحفظات إسرائيلية على الانتقال للمرحلة الثانية.
وحددت الولايات المتحدة الأميركية منتصف يناير المقبل موعداً لبدء انتشار قوة الاستقرار الدولية في غزة، ونهاية أبريل المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، وفقاً للقناة «الـ14» الإسرائيلية.
واعتبرت القناة أن «كلا الهدفين، وخاصة الثاني، طموح للغاية، فضلاً عن كونهما منفصلين عن الوضع الميداني»، موضحة أن «منطقة رفح تقع تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، وخارج الأراضي التي تسيطر عليها (حماس) في القطاع، وبالتالي فليس من المعقول أن نرى أول الجنود الأجانب يتولون مواقعهم في قطاع غزة في غضون خمسين يوماً فقط».
الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن الجداول الزمنية الأميركية بشأن اتفاق غزة بعد قرار مجلس الأمن هذا الشهر بشأن دعم «خطة ترمب»، محاولة لإظهار الوفاء بوعوده بشأن الاتفاق، متسائلاً: «لكن لماذا لا يكون الآن؟»، قبل أن يجيب قائلاً إن «واشنطن تدرك أن هناك تعقيدات على الأرض، خصوصاً أن نشر القوات ونزع السلاح بندان عالقان ولم يتضحا بعد».
ويشكك عكاشة في قدرة واشنطن على تنفيذ هذه الجداول الزمنية، في ظل مواقف «حماس»، وقبلها المحاولات الإسرائيلية لعدم الدخول للمرحلة الثانية وتأخيرها أكثر وقت ممكن.

أما المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، فأكد أن أميركا تريد أن تقول إن هناك تقدماً ملموساً؛ لكنه «تغطية على التعقيدات الحالية»، والمسألة لم تعد تفاوض؛ ولكنها صراع تشعله إسرائيل لإعادة صياغة سبل الوصول للمرحلة الثانية، مشيراً إلى أن «حماس» ستقدم نفسها أنها غير معطلة؛ لكن ستخوض مع الوسطاء مناقشات بشأن نزع السلاح ونشر القوات، وبالتالي ليس قريباً تنفيذ تلك الجداول.
وهذا الخيار الأميركي أكدته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الخميس، مشيرة إلى أن «واشنطن تضغط على إسرائيل للتقدم نحو المرحلة التالية من اتفاق غزة، لكن إسرائيل تُصرّ على إعادة الرهينتين المتبقيتين أولاً، وفي غضون ذلك تتعثر جهود تشكيل قوة استقرار بقيادة إسلامية».
وأوضحت أنه «مع إعادة جثمان الرهينة درور أور، تحتجز (حماس) الآن رفات أسيرين آخرين: الرقيب أول ران غفيلي والمواطن التايلاندي سودثيساك رينثالاك. وتبدو إسرائيل أقرب من أي وقت مضى لدخول المرحلة الثانية من الاتفاق، تحت ضغط أميركي متزايد، لكن المسؤولين في إسرائيل ما زالوا مُصرّين على أنهم لن يمضوا قدماً في (خطة ترمب) المكونة من 20 نقطة دون إعادة جميع الأسرى».

واعتبرت «حماس»، في بيان، الخميس، أن «تصفية» القوات الإسرائيلية لمقاتليها العالقين في أنفاق في مدينة رفح جنوب قطاع غزة يشكّل «خرقاً» لاتفاق وقف إطلاق النار، محمّلة إياها المسؤولية عن حياتهم.
وأضافت: «لقد بذلت الحركة، طوال الشهر الماضي، جهوداً كبيرة مع مختلف القيادات السياسية والوسطاء لحلّ مشكلة المقاتلين وعودتهم إلى بيوتهم، وقدّمت أفكاراً وآليات محدّدة لمعالجة هذه المشكلة، في تواصلٍ كامل مع الوسطاء والإدارة الأميركية بصفتها أحد ضامني اتفاق وقف إطلاق النار، غير أن الاحتلال نسف كل هذه الجهود».
وصباح الخميس، قال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إن مقاتلاته الحربية شنت غارة جوية على مدينة رفح، موضحاً أن عناصره قاموا خلال الأسبوع الأخير «بالقضاء على أكثر من 20 مخرباً وقبضوا على 8 آخرين»، على حد وصفه.
ووفق وسائل إعلام عدة، قد يكون ما يصل إلى 200 مقاتل من «حماس» محاصرين في أنفاق رفح، تحت جزء من القطاع الفلسطيني أجرت القوات الإسرائيلية إعادة انتشار فيه، في إطار اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وكان وفد من «حماس» برئاسة كبير مفاوضي الحركة، خليل الحية، تناول، الأحد، خلال محادثات في القاهرة مع رئيس المخابرات العامة المصرية، حسن رشاد، المنخرطة بلاده في جهود الوساطة لحل النزاع، مصير «مقاتلي رفح» الذين انقطع التواصل معهم، وفق بيان صادر عن الحركة.
ويرى عكاشة أن «خطة ترمب» أمام اختبار شديد، والتعقيدات أكبر من فرص الانتقال لجداول زمنية تطلق المرحلة الثانية، مشيراً إلى أن «اتفاق غزة» بات مهدداً في ظل تلك التعقيدات. فيما يعتقد نزال أن خيارات «حماس» محدودة، وسط مرحلة ضبابية يشهدها الاتفاق ومستقبله، مراهناً على تحرك الوسطاء لا سيما مصر وقطر لإيجاد انفراجة حقيقية قبل نهاية العام.




