حفتر يجدّد دعوته للشعب الليبي إلى «التحرك لتغيير مصيره»

«المفوضية» تعلن إنهاء عملية انتخاب عمداء 16 مجلساً بلدياً

مشايخ وأعيان من غريان يكرمون المشير حفتر («الجيش الوطني» الليبي)
مشايخ وأعيان من غريان يكرمون المشير حفتر («الجيش الوطني» الليبي)
TT

حفتر يجدّد دعوته للشعب الليبي إلى «التحرك لتغيير مصيره»

مشايخ وأعيان من غريان يكرمون المشير حفتر («الجيش الوطني» الليبي)
مشايخ وأعيان من غريان يكرمون المشير حفتر («الجيش الوطني» الليبي)

حذّر المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي، مجدداً، من أن الأزمة السياسية في البلاد بلغت مرحلة تهدد وحدتها ومستقبلها، مكرراً دعوته العلنية والمباشرة لحراك شعبي يعيد الأمور إلى نصابها.

وشدد حفتر، في لقائه مساء السبت بمدينة بنغازي بشرق البلاد، مع مشايخ وأعيان وحكماء قبائل مدينة غريان، على أن «الحلول الحقيقية لا تأتي إلا من إرادة الشعب الليبي، لينتزع حقه في تقرير مصيره، ويرسم المسار الذي يعالج الأزمة ويبني الدولة التي يطمح إليها بما يحافظ على وحدة الوطن، ويضمن له حقه في العيش الكريم».

كما رأى أن تداعيات الأزمة السياسية باتت تلامس ما وصفه بـ«الخط الأحمر»، مهددة وحدة البلاد ومستقبلها، مؤكداً أن «الأزمة أصبحت العلامة المميزة للوضع في ليبيا، ومعرقلة للمسار الديمقراطي».

وقال حفتر: «ليس أمام الليبيين إلا خيار واحد، هو انتزاع حقهم المسلوب في تقرير مصيرهم بأنفسهم، لبناء الدولة التي يتطلعون إليها»، لافتاً إلى أنه «ليس في هذا العالم من هو أحرص على ليبيا من الليبيين أنفسهم، ولا من يملك حق الوصاية عليهم أو تقرير مصيرهم نيابة عنهم».

وتحدث عما وصفه بـ«الإنجازات والمكاسب التي تحققت في شرق ووسط وجنوب البلاد، بدءاً بهزيمة الإرهاب وبناء (الجيش الوطني)، وما نتج عن ذلك من أمن واستقرار ونهضة في مجالات البناء والإعمار، وترسيخ هيبة الدولة»، مشيراً إلى أن بعض المدن والقرى في باقي مناطق الوطن لا تزال تعاني الإهمال، حيث يعيش أهلها في ظروف أمنية مضطربة، وتفتقر إلى مشاريع التطوير والبنية التحتية، بسبب الانقسام في رأس السلطة التنفيذية والتجاذبات السياسية.

ونقل حفتر عن المشايخ تقديرهم جهود الجيش في حفظ الأمن والاستقرار، مؤكدين دعمهم الكامل لها باعتبارها الضامن الأول لأمن البلاد واستقرارها وحماية مؤسساتها.

ودأب حفتر - الذي احتفل بعيد ميلاده الـ82 قبل أسبوعين - منذ أشهر على استقبال وفود قبلية واجتماعية من مختلف مناطق ليبيا بمقره في شرق البلاد، في محاولة واضحة لإعادة بناء تحالف قبلي واسع يتجاوز قاعدته التقليدية.

وبحسب مراقبين، تعكس دعوته المتكررة والمباشرة للشعب الليبي لـ«التحرك لتغيير مصيره» و«انتزاع حقه المسلوب» رسالة تحريضية موجهة ضد المنظومة السياسية في غرب البلاد، وخاصةً حكومة «الوحدة» التي يعتبرها فاقدة الشرعية.

كما تعد تلك الاستراتيجية للتعبئة العلنية محاولةً لإضفاء طابع شعبي على أي خطوة عسكرية أو سياسية قادمة ومحتملة لـ«الجيش الوطني»، في مواجهة حالة الانسداد السياسي الراهنة.

ويستهدف هذا النهج أيضاً توجيه رسائل داخلية وخارجية، مفادها أن القاعدة الاجتماعية في الشرق والجنوب وأجزاء من الغرب لا تزال ترى في المؤسسة العسكرية بالمنطقة الشرقية قوة ضامنة، وهو ما يسعى حفتر إلى تحويله إلى رصيد سياسي في ظل تجدد الخلافات حول السلطة التنفيذية والمسار الانتخابي.

من جهة أخرى، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات، الأحد، إنهاء عملية انتخاب عمداء 16 مجلساً بلدياً، واعتماد نتائج انتخابهم، ضمن المرحلة الثالثة من انتخابات المجالس البلدية، بما يعزز مبدأ التداول على السلطة في الإدارة المحلية.

وأكدت المفوضية أنها ستحيل نتائج العملية الانتخابية كاملة إلى وزارة الحكم المحلي بحكومة «الوحدة»، مشيرة إلى أن عملية الانتخاب جرت وفق القوانين واللوائح المنظمة، ومشيدة بالتزام لجان الإشراف على الانتخابات وما بذلوه من جهود لضمان سير العملية بشفافية ونزاهة.

صورة وزعها سفير الاتحاد الأوروبي للقائه مع الدبيبة في طرابلس

إلى ذلك، قال نيكولا أورلاندو سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، إنه أجرى الأحد في طرابلس ما وصفه بنقاش صريح وبنّاء مع رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، حول وضع ومستقبل الشراكة بين الطرفين.

وبعدما أكد دعم الاتحاد الأوروبي الكامل لجهود المبعوثة الأممية هانا تيتيه الرامية إلى تعزيز الوحدة وتمهيد الطريق للانتخابات الوطنية، رحب أورلاندو بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين مجلسَي النواب و«الدولة» برعاية محافظ مصرف ليبيا المركزي بشأن توزيع عادل ومسؤول للإنفاق على التنمية، لافتاً إلى اتفاقه مع الدبيبة على أهمية ضمان تنفيذه بشفافية وفاعلية.

وأوضح أن النقاش تضمن المجالات التي تتطلب مزيداً من الجهود المشتركة، ولا سيما الطيران المدني وإدارة الهجرة القائمة على حقوق الإنسان، مشيداً بالخطوات الليبية الأخيرة لتسهيل العودة الطوعية للمهاجرين إلى بلدانهم الأصلية بالتنسيق مع سفاراتهم، ومعرباً عن الاستعداد الأوروبي لتعميق التعاون في إدارة الحدود البرية ومكافحة شبكات تهريب البشر.

كما أكد اتفاقه مع الدبيبة على استكشاف سبل معالجة تهريب النفط والوقود على نطاق واسع، باعتباره عاملاً رئيسياً في الصراع والانقسام.

اللافي يلتقي في طرابلس سفير روسيا (حكومة «الوحدة» الليبية)

بدوره، أكد وليد اللافي وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية بحكومة «الوحدة»، خلال لقائه الأحد السفير الروسي آيدار أغانين، حرص حكومته على تقوية الشراكة الليبية - الروسية بما يخدم المصالح المشتركة ويسهم في تعزيز الاستقرار ودعم مسارات التنمية، مشيراً إلى بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتوسيع آفاق التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية.


مقالات ذات صلة

حفتر يبحث مع «أفريكوم» التعاون الأمني والعسكري

شمال افريقيا اجتماع حفتر ونجليه مع قائد «أفريكوم» في مقر «الجيش الوطني» الثلاثاء (القيادة العامة)

حفتر يبحث مع «أفريكوم» التعاون الأمني والعسكري

قال مكتب قائد «الجيش الوطني» الليبي إن حفتر ناقش مع أندرسون التنسيق والتعاون الأمني والعسكري المشترك، خاصة في مجالات مكافحة الإرهاب وشبكات مهربي البشر.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من المظاهرات التي شهدتها شرق ليبيا الجمعة الماضي (مديرية أمن بنغازي)

هل تدفع الاحتجاجات في شرق ليبيا نحو «كسر الجمود السياسي»؟

يرى ليبيون أن «قطاعاً كبيراً» ممن شاركوا في المظاهرات، المعروفة بـ«حراك وطن»، لن يوقفوا خطواتهم التصعيدية للمطالبة بالانتخابات.

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا حفتر متحدثاً إلى مجموعة من النشطاء والإعلاميين (الجيش الوطني)

حفتر يدعو مجدداً إلى تصحيح «المسار المنحرف» في ليبيا

حذَّر المشير حفتر من أن الأزمة السياسية في ليبيا «الناتجة عن التشبث بالسلطة ورفض التداول الديمقراطي لها وصلت إلى الخطوط الحمراء».

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا عضو المجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني يتوسط المبعوثة الأممية هانا تيتيه والمبعوث السابق غسان سلامة خلال لقاء في سلطة عمان الأحد (حساب الكوني على «فيسبوك»)

قذائف «عشوائية» تصيب مدنيين في عين زارة جنوبي العاصمة الليبية

نقلت وسائل إعلام محلية عن شهود عيان ومصادر أمنية وطبية سقوط عدد من الجرحى المدنيين وتضرر ممتلكات بعض المواطنين جرّاء سقوط مقذوفات عشوائية.

خالد محمود
شمال افريقيا المنفي والدبيبة وتكالة عقب الإعلان عن تشكيل الهيئة الجديدة مساء الخميس (حكومة «الوحدة»)

تشكيل «العليا للرئاسات» بطرابلس يشعل صراعاً سياسياً في ليبيا

خاطب أسامة حمّاد، رئيس الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان، المجتمع الدولي ودعاه إلى عدم الاعتراف بأي مخرجات أو ممثلين أو توصيفات تنجم عن هذه الهيئة.

جمال جوهر (القاهرة)

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)
أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)
TT

بريطانيا تنهي تقييد حركة ناشط مصري تصدى لـ«حصار السفارات»

أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)
أحمد عبد القادر (ميدو) رئيس اتحاد شباب المصريين في الخارج (صفحته على فيسبوك)

أنهت السلطات البريطانية تقييد حركة رئيس «اتحاد شباب المصريين في الخارج»، أحمد عبد القادر (ميدو)، الذي سبق توقيفه على ذمة اشتباكات أمام السفارة المصرية في لندن خلال تصديه لما عرف بحملة «حصار السفارات المصرية بالخارج»، في أغسطس (آب) الماضي.

وأعلن الشاب المصري عبر حسابه على «فيسبوك»، الخميس، «إلغاء قرار منعه من السفر وتحديد إقامته والمراقبة، واتخاذه قرار بالعودة إلى مصر»، مشيراً إلى إسقاط غالبية التهم الموجهة ضده، فيما تتبقى أمامه قضية واحدة مرتبطة بـ«تهديد المتظاهرين» ستنظر في أغسطس 2026.

وترجع وقائع القضية إلى إيقاف ميدو من جانب الشرطة البريطانية برفقة نائبه أحمد ناصر عدة ساعات على خلفية الاشتباك مع محتجين مصريين وعرب أمام سفارة مصر في لندن اتهموا خلالها السلطات المصرية بمنع إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، قبل الإفراج عن الموقفين إثر اتصال بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ومستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول.

ورغم عودة ناصر بعدها إلى مصر على الفور، ظل ميدو ممنوعاً من مغادرة بريطانيا لحين نظر المحكمة في قضيته التي بدأت في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واستكملت في جلسة الخميس الرابع من ديسمبر (كانون الأول).

ومنذ نهاية يونيو (حزيران) الماضي، شهدت سفارات وبعثات دبلوماسية مصرية حول العالم احتجاجات ومحاولات «حصار وإغلاق»، بدعوى مطالبة القاهرة بفتح «معبر رفح» على الحدود مع غزة، وإيصال المساعدات لأهالي القطاع الذين يعانون «التجويع»، وذلك رغم تأكيدات مصرية رسمية متكررة على عدم إغلاق المعبر من الجانب المصري، وأن منع دخول المساعدات يعود للقوات الإسرائيلية المسيطِرة على الجانب الفلسطيني من المعبر.

وقال مسؤولون وبرلمانيون مصريون إن حصار السفارات المصرية في الخارج يأتي ضمن «حملات تحريضية» تدبرها جماعة «الإخوان المسلمين»، المحظورة في مصر، بهدف «تشويه الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية».

وفي رسالته على «فيسبوك»، الخميس، وجه ميدو الشكر إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية عبد العاطي الذي قال إنه لم يتأخر عن الوقوف بجانبه خلال الفترة الماضية.

جانب من استقبال الشاب المصري أحمد ناصر بعد عودته من لندن في أغسطس الماضي (صفحته على فيسبوك)

وقال نائبه ناصر لـ«الشرق الأوسط» إن هناك بلاغات متبادلة بينهما واثنين ممن هاجموا السفارة وإنها ستُنظر أمام القضاء في مايو (أيار) المقبل، بينما ستُنظر بلاغات أخرى مقدمة ضد ميدو في أغسطس، متوقعاً الحصول على براءة من الادعاءات التي ينظرها القضاء البريطاني كونها «احتوت على معلومات غير صحيحة».

وأضاف: «ميدو لا يواجه أي مشكلات قانونية في العودة إلى بريطانيا خلال الفترة المقبلة»، مشيراً إلى أنه سيعود معه لاستكمال مشاريعهما ونشاطهما التجاري مع استمرار سريان إقامتهما الدائمة.

وعَدَّ عضو مجلس النواب مصطفى بكري القرار البريطاني «متوقعاً» ويعكس نجاح جهود الدبلوماسية المصرية في الدفاع عن المواطنين المصريين بالخارج.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ميدو لم يرتكب أي جريمة يعاقَب عليها، وإنما الجريمة هي التي ارتكبها المتطرفون الذين ذهبوا إلى السفارة لمحاصرتها».


عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)
مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)
TT

عشرات «الطعون» الجديدة تلاحق انتخابات «النواب» المصري

مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)
مصريون يستعدون لدخول أحد مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)

تلاحق عشرات الطعون القضائية نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري، لتضاف إلى سلسلة الطعون التي رافقت المرحلة الأولى، وأدت إلى إعادة الانتخابات في عدة دوائر، وسط جدل سياسي حول إجراءات الاستحقاق البرلماني.

وصوت المصريون، الخميس، في اليوم الثاني (الأخير) للانتخابات في الدوائر الـ19 الملغاة، بالإضافة إلى دائرة إعادة بالفيوم، ضمن المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب.

وجرت عمليات التصويت في 1775 لجنة فرعية على مستوى الـ20 دائرة في 7 محافظات، والتي يتنافس فيها 455 مرشحاً على 43 مقعداً.

وتوالت الطعون على المحكمة الإدارية العليا ضد قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات بإعلان نتائج الجولة الأولى للمرحلة الثانية، حيث بلغ عددها حتى منتصف اليوم 200 طعن من مختلف المحافظات المشمولة بالمرحلة، وفق وسائل إعلام محلية.

وتحفظت الهيئة الوطنية للانتخابات عن التعليق على هذا العدد من الطعون، فيما قال المستشار أحمد بنداري، مدير الجهاز التنفيذي بالهيئة الوطنية للانتخابات، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهيئة ما زالت تنتظر نهاية يوم الخميس، وهو آخر موعد قانوني لتقديم الطعون، وفق الجدول الزمني المعتمد».

وأوضح مصدر قضائي مصري أن الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا ستبدأ فحص ملفات الطعون، وحددت الجلسة الأولى لنظرها في 7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. كما يحق للمرشحين غير الفائزين التقدم بطعونهم خلال 48 ساعة من إعلان النتيجة.

لقطة من أمام إحدى اللجان الانتخابية بمحافظة الجيزة (المنظمة المصرية لحقوق الإنسان)

ونظراً لتزايُد الطعون المرتبطة بالمرحلة الثانية للانتخابات، يرجح أستاذ القانون الدستوري عبد الله المغازي احتمال إعادة الانتخابات في عدد من دوائر المرحلة الثانية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الاحتمال «يتوقف على طبيعة الأسباب التي يستند إليها المرشحون في طعونهم، ومدى اقتناع المحكمة بصلابة الحجج القانونية المقدَّمة».

وشدّد المغازي على أن المحكمة تعتمد معياراً رئيسياً يتمثل في التحقق من سلامة العملية الانتخابية، وضمان الالتزام الصارم بالأطر القانونية المنظمة لها قبل إصدار أي قرار بإعادة الاقتراع.

وتوزعت الطعون على المرحلة الثانية للانتخابات على 10 محافظات هي: القاهرة، والدقهلية، والقليوبية، والشرقية، وكفر الشيخ، والغربية، وشمال سيناء، والمنوفية، والإسماعيلية، ودمياط، بحسب وسائل إعلام محلية.

يأتي هذا وسط حالة من الجدل السياسي والقانوني، عقب سلسلة المخالفات التي رافقت التصويت في المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، ودفعت الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مطالبة الهيئة الوطنية للانتخابات بمراجعة التجاوزات.

وبعد إلغاء نتائج 19 دائرة في سبع محافظات دفعة واحدة، أصدرت المحكمة الإدارية العليا قرارات أبطلت فيها نتائج 30 دائرة أخرى؛ لتقفز نسبة الدوائر الملغاة في النظام الفردي إلى ما يتجاوز 60 في المائة.

وتؤكد الهيئة الوطنية للانتخابات أن الإجراءات المتخذة لتصحيح المسار «تعكس قوة مجلس النواب المقبل»، وفقاً للمستشار بنداري الذي قال في تصريحات متلفزة إن كل الإجراءات القانونية والرقابة القضائية اتُّخذت لضمان أن يكون المجلس منتخباً بإرادة الناخبين.

لكن الكاتب الصحافي عبد الله السناوي يرى أن حجم الدوائر الملغاة والأحكام القضائية التي انتقدت امتناع الجهة المشرفة عن تقديم محاضر الفرز في المرحلة الأولى، «لا يمكن اعتبارهما مجرد خلل إجرائي عابر».

وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الطعون المتزايدة وإعادة الانتخابات في هذا العدد الكبير من الدوائر «ليستا دليلاً على تصحيح المسار، بل هما مؤشر على اضطراب أعمق في البيئة القانونية والتنظيمية»، مشدداً على أن أنصاف الحلول «لا تبني شرعية مستقرة للبرلمان»، ودعا إلى «إصلاح عميق للبنية القانونية للانتخابات، وفتح المجال العام، وإطلاق الحريات السياسية؛ كخطوة أولى لإصلاح هذا المشهد».

ومن المقرر إعادة التصويت في الدوائر الثلاثين الملغاة بحكم «الإدارية العليا» للمرحلة الأولى، بحيث تُجرى الجولة الأولى يومي 8 و9 ديسمبر الحالي للمصريين بالخارج، ويومي 10 و11 ديسمبر للداخل، على أن تعلن النتيجة يوم 18 من الشهر.

وفي حالة الإعادة، تُجرى الانتخابات في الخارج يومي 31 ديسمبر و1 يناير (كانون الثاني)، وفي الداخل يومي 3 و4 يناير، وتُعلن النتيجة النهائية يوم 10 يناير.


تصاعد التوتر المصري - الإثيوبي في النزاع المائي

سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
TT

تصاعد التوتر المصري - الإثيوبي في النزاع المائي

سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)
سد النهضة الإثيوبي (أ.ف.ب)

صعّدت إثيوبيا لهجتها ضد مصر على خلفية نزاع «سد النهضة»، متهمة إياها بالسعي إلى «احتكار نهر النيل» استناداً لاتفاقيات أُبرمت خلال «الحقبة الاستعمارية»، وعرقلة المفاوضات بين البلدين، وهو ما عدَّه خبراء ومحللون «لغة تصعيدية» قد تضاعف الخلافات القائمة.

وفي بيان صدر، الأربعاء، قالت الخارجية الإثيوبية إن المسؤولين المصريين «يدَّعون احتكار مياه النيل تحت ذريعة معاهدات تم إبرامها خلال الحقبة الاستعمارية». وأثار البيان حفيظة المصريين.

ورغم استمرار المفاوضات بين البلدين بمشاركة السودان لأكثر من 12 عاماً بحثاً عن التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن بناء «سد النهضة» وتشغيله، اتهم البيان الإثيوبي مصر بـ«عرقلة المفاوضات»، ودعت أديس أبابا الجهات المعنية إلى إدانة ما وصفته بـ«السلوك غير المسؤول من جانب مصر بالتظاهر بالانخراط في التفاوض والحوار دون جدوى».

وصدر البيان بعد ساعات من تحذير وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي من «الممارسات الإثيوبية غير المسؤولة» على حوض نهر النيل الشرقي، مؤكداً خلال مؤتمر صحافي في برلين مع وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول، الثلاثاء، أنها «تُشكل خطراً داهماً على مصالح مصر المائية وأمنها القومي».

مؤتمر صحافي بين وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي والألماني يوهان فاديفول الثلاثاء تحدث فيه عن موقف مصر من سد النهضة (الخارجية المصرية)

وكانت إثيوبيا قد افتتحت سد النهضة رسمياً في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد 14 عاماً من بدء أعمال البناء، وهو أكبر سد لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا.

واتفق خبراء مصريون في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن بيان إثيوبيا «حمل لغة تصعيدية» قد تضاعف من خلافات البلدين فيما يتعلق بالتعامل مع الملف المائي، ويفتح الباب أمام إقدام القاهرة على اتخاذ إجراءات قانونية إزاء ما تراه عدم التزام بالقوانين المنظمة لاستخدامات المياه في الأنهار الدولية، دون استبعاد أي حلول حال تعرض مصالحها للضرر.

وأبدت إثيوبيا من خلال البيان تمسكها بما تعده حقها في «استخدام مواردها المائية»، مؤكدة أنها «غير ملتزمة مطلقاً بأن تطلب الإذن من أي جهة لاستخدام الموارد الطبيعية الموجودة داخل حدودها».

والنيل الأزرق الذي بنت عليه إثيوبيا «سد النهضة» هو المنبع الرئيسي لنهر النيل في مصر.

القانون الدولي

وقال رئيس لجنة الشؤون الأفريقية في مجلس النواب المصري، شريف الجبلي، إن البيان «تجاوز الأعراف الدبلوماسية، ويزيد صعوبة العودة إلى الحوار البناء بين إثيوبيا ومصر والسودان».

وأضاف: «البيان لا يعترف بالاتفاقيات المعمول بها سابقاً بشأن الحقوق المائية التاريخية لدولتي المصب، ويتجاوز قوانين إدارة الأنهار الدولية التي تنص على الاستخدام العادل والمعقول للمياه».

وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن البيان «يتجاهل مسألة عدم الإضرار بالدول الأخرى، وهو ما يشير إلى إصرار إثيوبيا على اتخاذ موقف أحادي بشأن استخدامات مياه النهر، ما يفتح الباب أمام إقدام مصر على اتخاذ إجراءات قانونية لمواجهة انتهاكات القانون الدولي».

وتابع قائلاً: «لدى مصر حقوق تاريخية وقانونية لا يمكن تجاهلها»، مشيراً إلى أن البيان الإثيوبي «يهدد الأمن المائي، ويتطلب خططاً استراتيجية تعمل على مواجهة أي تصعيد غير محسوب في قضية المياه قد يضر بالأمن في منطقة القرن الأفريقي».

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لدى افتتاحه سد النهضة (الخارجية الإثيوبية)

وتتمسَّك القاهرة بما تعده «الحق التاريخي» لها في مياه النيل وفقاً لاتفاقيات دولية تضمن لها حصة تقدر بـ55.5 مليار متر مكعب من المياه.

وأكد الجبلي أهمية استمرار المطالبات المصرية بتطبيق القانون الدولي والتوصل إلى اتفاق قانوني بشأن «سد النهضة» بإشراف جميع الأطراف الدولية بما فيها الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، «لضمان إدارة الموارد المائية بشفافية واستحداث آلية مراقبة مشتركة تتضمن الرقابة التقنية الدقيقة لتتبع تدفقات مياه النيل ومنع الإجراءات الأحادية».

الخيارات المتاحة

مساعد وزير الخارجية المصري لشؤون السودان السابق، حسام عيسى، قال إن البيان الإثيوبي جاء رداً على النشاط الدبلوماسي المصري الرافض لتصرفات أديس أبابا «الأحادية» بشأن تشغيل السد، «التي أدت إلى فيضانات في السودان وصلت تأثيراتها إلى مصر».

وقبل أيام فندت وزارة الري المصرية إجراءات إثيوبيا التي أدت إلى «عدم انتظام تصريف المياه»، ما دفعها إلى إعلان إجراءات حمائية لاستيعاب المياه الزائدة.

وقال عيسى لـ«الشرق الأوسط»: «مصر تضع الآن جميع أوراقها على الطاولة، ولديها الوسائل المتاحة كافة لحماية مصالحها وأمنها المائي، ولن تقبل بنقص قطرة مياه واحدة، وسعيها إلى تجنب المشاكل والصراعات لا يعني عدم سلكها الطرق كافة التي تضمن أمنها».

وأضاف: «الخلاف المصري مع إثيوبيا يتركز في نهجها القائم على عدم وضع اعتبار للأضرار التي قد يتعرض لها جيرانها، سواء كان ذلك بشأن سد النهضة أو سعيها إلى الوصول لمنفذ بحري على البحر الأحمر».

ويرى الخبير في الشأن الأفريقي، رامي زهدي، أن مصر يمكنها التحرك لحفظ الحقوق المائية عبر استخدام «الوسائل الدبلوماسية، أو اللجوء إلى المحاكم الدولية، أو استخدام وسائل خشنة حالة الضرورة».

وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن حالات الضرورة تتمثل في «وجود مهددات لاستقرار الدولة المصرية، أو التأثير سلباً على الأمن في منطقة البحر الأحمر، أو الاستمرار في إجراءات تهديد الأمن المائي عبر تصريف كميات هائلة من المياه بما يشكل خطراً داهماً أو شح المياه».

وسبق أن أعلنت مصر انتهاء مسار التفاوض بشأن السد، متهمة إثيوبيا بالتعنت وإفشال المفاوضات، مؤكدة أنها تحتفظ بحقها في الحفاظ على مصالحها الوجودية وفقاً للقانون الدولي، على أساس أن نهر النيل شريان الحياة في البلاد ومصدرها الوحيد للمياه.