أدلى المصريون في الخارج، الجمعة، بأصواتهم في اليوم الأول من المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، داخل 139 سفارة وقنصلية في117 دولة، وسط «مشاركة لافتة»، خاصة في دول الخليج، وذلك قبل انطلاق التصويت داخل مصر يومي 24 و25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
تأتي هذه المرحلة على وقع نقاش وجدل واسعَين صاحَبا قرار «الهيئة الوطنية للانتخابات» إبطال نتائج 19 دائرة في المرحلة الأولى بسبب «خروقات مؤثرة»، وُصفت بأنها «غير مسبوقة»، سبقها تدخل مباشر من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالدعوة إلى «أقصى درجات الشفافية».
وفي السعودية، التي يقيم فيها نحو 1.47 مليون مصري، بحسب إحصائيات رسمية، سُجل حضور كثيف في المقرين الانتخابيين بالرياض وجدة.
وعقب الإدلاء بصوته في الانتخابات في القنصلية المصرية بالرياض، قال المواطن المصري إبراهيم محمود الذهبي لـ«الشرق الأوسط»، إن مشهد التصويت «كان لافتاً»، مع «طوابير طويلة وتنظيم واضح من سلطات الأمن السعودية». وأشار إلى أن قطاعات من الجالية المصرية «تحمّست للمشاركة بعد تصريحات الرئيس السيسي بشأن تحرّي الشفافية والنزاهة في العملية الانتخابية».
وشدد سفير مصر لدى السعودية، إيهاب أبو السريع، على أن البعثات الدبلوماسية «تلتزم الحياد الكامل» تجاه جميع المرشحين، مع التنسيق مع «الهيئة الوطنية للانتخابات» ووزارة الخارجية؛ «لتطبيق إجراءات مشددة تكفل نزاهة التصويت».
وأكد السفير المصري لدى سلطنة عمان، ياسر شعبان، لـ«الشرق الأوسط»، أن «العملية الانتخابية تسير بانضباط وشفافية».
وفي الكويت، حيث يعيش نحو 474 ألف مصري، وفق إحصاءات في يونيو (حزيران) 2024، افتتح السفير المصري محمد أبو الوفا، اللجنة الانتخابية، مؤكداً أن «التصويت يجري بكثافة وسلاسة»، مشيراً إلى «استعدادات لوجيستية مكثفة على مدار 48 ساعة».
كما شهدت الإمارات (دبي) والبحرين وأربيل بالعراق وسيدني بأستراليا توافداً لمصريين على اللجان، بحسب مسؤولين قنصليين أكدوا «سلاسة الإجراءات»، وغياب أي معوقات مؤثرة.

وتشمل المرحلة الثانية للتصويت في «النواب» داخل البلاد 13 محافظة هي: القاهرة، القليوبية، الدقهلية، المنوفية، الغربية، كفر الشيخ، الشرقية، دمياط، بورسعيد، الإسماعيلية، السويس، شمال سيناء، جنوب سيناء. ومن المقرر انتهاء التصويت في الخارج، السبت، على أن يبدأ الاقتراع داخل مصر يومي الاثنين والثلاثاء... أما جولة الإعادة فستُجرى في الخارج يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وفي الداخل يومي 17 و18 من الشهر ذاته.
ويتيح القانون المصري للمواطنين المقيمين في الخارج التصويت شرط القيد في قاعدة بيانات الناخبين وحمل بطاقة رقم قومي أو جواز سفر سارٍ متضمّناً الرقم القومي، فيما تشير أحدث أرقام رسمية إلى أن «عدد المصريين بالخارج نحو 11.8 مليون مواطن»، ووفق «إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء».
وقد شكلت «تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين» و«مجلس الشباب المصري» غرف عمليات لمتابعة تصويت المصريين بالخارج.
وبحسب رئيس أمناء «مجلس الشباب المصري»، محمد ممدوح، فقد أظهرت المتابعة الدقيقة للانتخابات «تنافساً على الإقبال الكثيف بين المصريين في السعودية والكويت، فيما شهد التصويت تزايداً تدريجياً في دول أوروبية، خصوصاً في إيطاليا وفرنسا بعد إقبال محدود في الساعات الأولى من التصويت، الجمعة».
وأشار ممدوح، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى «رصد مخالفات فردية ومحدودة خاصة بالدعاية أمام المقرات الانتخابية لصالح مرشحين على مقاعد فردية، وبعضهم مستقلون». لكنه عاد ليبيّن أن «هذه المخالفات لا تقارن بمخالفات ممنهجة طغت في المرحلة الأولى»، وهو ما عزاه إلى «توجيهات صارمة من (الهيئة الوطنية للانتخابات) إلى الأحزاب السياسية بتحرّي الحياد والالتزام بقواعد حظر الدعاية».

وجاءت الانتخابات الحالية وسط جدل واسع بعد إعلان «هيئة الانتخابات» إلغاء التصويت في 19 دائرة في سبع محافظات خلال المرحلة الأولى، بعد «رصد مخالفات أثّرت على العملية الانتخابية».
هذا التطور غير المسبوق في التاريخ البرلماني المصري، جاء غداة تدخل السيسي، الذي دعا إلى تدقيق شامل في الطعون وتعزيز الشفافية، وضمان حصول المندوبين على محاضر الفرز، مؤكداً دعمه لـ«الهيئة» لاتخاذ القرار الصحيح، بما في ذلك الإلغاء الجزئي أو الكامل عند تعذر التحقق من إرادة الناخبين. كما طالب الرئيس بـ«الإعلان عن الإجراءات المتخذة تجاه مخالفات الدعاية الانتخابية»؛ لضمان عدم تكرارها في الجولات المقبلة.
وقال البرلماني والإعلامي المصري، مصطفى بكري، لـ«الشرق الأوسط»، إن عملية التصويت في الخارج «تعطي مؤشرات مهمة على شكل الإقبال خلال المرحلة الثانية في الداخل»، مضيفاً أن تدخل الرئيس السيسي «بدأ يدخل حيّز التنفيذ» عبر «تعزيز الشفافية»، ما يمنح «زخماً إيجابياً للعملية الانتخابية، وضمانات لنزاهتها».
ورغم أن الانتخابات لم تشهد خروج أحزاب من السباق بعد المرحلة الأولى، فإن بكري استبعد «تكرار مشاهد المرحلة الأولى من الانتخابات، نظراً لتوجيهات الهيئة العامة للانتخابات التي ألزمت الأحزاب بتحري الشفافية، وهو ما تظهر بوادره على نحو تدريجي».




