دعت الولايات المتحدة إلى تحرك دولي لقطع إمدادات الأسلحة عن «قوات الدعم السريع» التي حمّلتها مسؤولية التصعيد الدامي للنزاع في السودان، في وقت استهدفت فيه طائرات مسيّرة، الخميس، مدينة مروي في شمال السودان، التي تضم أحد أكبر السدود في البلاد، وتقع ضمن منطقة خاضعة لسيطرة الجيش الذي اتهم «قوات الدعم السريع» بتنفيذ الهجوم.
وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، لصحافيين أثناء مغادرته اجتماع وزراء خارجية مجموعة السبع في كندا: «أعتقد أنه يجب القيام بشيء ما لقطع إمدادات الأسلحة والدعم الذي تتلقاه (قوات الدعم السريع) مع تواصل تحقيقها تقدماً»، مضيفاً: «ما يحدث هناك أمر مرعب».
وألقى روبيو باللوم على «قوات الدعم السريع»، التي سيطرت أخيراً على مدينة الفاشر الرئيسية، رغم أنها أعلنت موافقتها على مقترح هدنة أميركي. وأضاف: «أعتقد أن المشكلة الأساسية التي نواجهها هي أن (قوات الدعم السريع) توافق على أشياء، ثم لا تمضي فيها».

وقال روبيو إن «قوات الدعم السريع» تعتمد على الأموال والدعم الخارجيين؛ لأنها تفتقر إلى مرافق تصنيع الأسلحة الخاصة بها، مشيراً إلى أنهما يأتيان «من بعض البلدان، ونحن نعرف مَن هي، وسنتحدث معها بشأن ذلك، ونجعلها تفهم أن ذلك سينعكس بشكل سيّئ عليها وعلى العالم إذا لم نتمكن من وقف ما يحدث».
ترحيب سوداني
ورحبت وزارة الخارجية السودانية بتصريحات روبيو، ودعت لجعلها بداية لمعاملة ومحاسبة تلك القوات وداعميها، في حين عدّتها «قوات الدعم السريع» «غير موفقة»، ولا تخدم مسار وقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية.
وقال وزير الخارجية السوداني، محيي الدين سالم، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية «سونا»، إنه يتطلع لأن تكون تصريحات الوزير روبيو بداية حقيقية لمحاسبة «قوات الدعم السريع» ومساءلتها، ولكل من أعانها أو زوّدها بالسلاح، أو سمح باستخدام أراضيه لإدخال السلاح و«المرتزقة»، أو قدّم لها الدعم السياسي وروّج لها إقليمياً ودولياً. وأضاف: «تصنيفها منظمة إرهابية يُمهّد الطريق لتصحيح رؤية المجتمع الدولي لما يجري في السودان».
من جهته، وصف مستشار قائد «قوات الدعم السريع»، الباشا طبيق، تصريحات روبيو بأنها «موقف غير موفق يُعرقل جهود الهدنة الإنسانية، ولا يخدم مسار الرباعية الدولية، ولا المبادرة الأميركية بشأن الهدنة في السودان».
وأوضح أن «الطرف الآخر» قد يُفسّر هذه التصريحات على أنها «انتصار سياسي ودبلوماسي يعزز رفضه لأي هدنة، ويدفعه إلى مواصلة التصعيد العسكري». ودعا الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي لتوجيه جهودهما، لوقف تدفقات الأسلحة من «إيران وتركيا» للجيش السوداني وحلفائه من «ميليشيات الجيش، وحركات الارتزاق، وكتائب (البراء) الإرهابية».
تصريحات ماركو روبيو.. موقف غير موفق يعرقل جهود الهدنة الإنسانية
تُعدّ التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عقب اجتماع وزراء دول السبع خطوة غير موفقة، ولا تخدم مسار الرباعية الدولية ولا المبادرة الأمريكية بشأن الهدنة الإنسانية في السودان.
فهذه التصريحات تُقرأ من…— Elbasha Tibeig - الباشا طبيق (@ElbashaTibeig) November 13, 2025
استهداف مروي
واستهدفت طائرات مسيّرة، الخميس، مدينة مروي في شمال السودان. وقال مصدر في الاستخبارات السودانية إن 7 صواريخ أُطلقت على المدينة، في حين سُمع 10 انفجارات. وأكّد شهود عيان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن عدد الانفجارات بلغ نحو 28 بين منتصف الليل والفجر.
وبات استخدام الطائرات المسيّرة شائعاً في النزاع الدامي المستمر منذ أكثر من عامين بين الجيش، بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وقالت «الفرقة التاسعة عشرة» في الجيش السوداني، في بيان الخميس، إن الهجمات استهدفت مقر القيادة العامة للجيش، ومطار المدينة، وسد مروي، موضحة أن القوات تصدّت للطائرات بعد إطلاقها. وأكد شهود أن المدينة غرقت في الظلام بعد انقطاع تام للكهرباء.
وشنّت «قوات الدعم السريع» مراراً هجمات على منشآت عسكرية ومدنية، أبرزها في الخرطوم في أكتوبر (تشرين الأول)، وفي بورتسودان بشرق البلاد في الربيع الماضي، في حين يواصل الجيش استهداف مواقعها. وفي أواخر أكتوبر، سيطرت «قوات الدعم السريع» على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور، لتُحكم بذلك سيطرتها على المنطقة الغربية الشاسعة.
البرهان: مناطقنا آمنة
في السياق، عدّ قائد الجيش السوداني، رئيس «مجلس السيادة الانتقالي»، عبد الفتاح البرهان، نزوح المواطنين من مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع» إلى مناطق سيطرة قواته، «عدم ثقة» بتلك القوات، وأرجعه إلى انعدام الأمن والخدمات، ما يدفعهم للتوجه للمناطق الخاضعة لسيطرة «الحكومة».
المواطنون الذين تم تهجيرهم قسراً من الفاشر وبارا والنهود لم يذهبوا إلى نيالا أو الفولة أو إلى أي منطقة تحت سيطرة المليشيا في مدن دارفور أو غرب كردفان بل اختاروا السير آلاف الكيلومترات إلى مناطق تحت سيطرة الدولة والقوات الحكومية حيث يجدون الأمن ومقومات الحياة.
— A.fatah Alburhan (@aftaburhan) November 13, 2025
وقال البرهان في تغريدة على حسابه بمنصة «إكس» إن المواطنين لا يستطيعون العيش في المناطق التي توجد فيها «قوات الدعم السريع»، ويفرّون من القتال ليتجهوا إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. وأضاف: «المواطنون الذين جرى تهجيرهم من الفاشر وبارا والنهود لم يتجهوا إلى نيالا أو الفولة، ولا إلى أي منطقة خاضعة لسيطرة (قوات الدعم السريع) في دارفور وغرب كردفان، بل فضّلوا قطع مسافات طويلة نحو المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة».
وأوضح أن هذا السلوك يعكس ثقة النازحين بتوفر الأمن والخدمات الأساسية في المناطق الحكومية، في مقابل انعدام مقومات الحياة في المناطق التي تُسيطر عليها «قوات الدعم السريع».
ومن بين نحو 90 ألف نزحوا من الفاشر بعد سقوطها إلى مناطق «طويلة» الواقعة تحت سيطرة قوات عبد الواحد محمد النور، وبلدة الطينة في تشاد، ومناطق أخرى، فإن نحو 9 آلاف شخص نزحوا من الفاشر إلى بلدة الدبة بشمال البلاد، ليبلغ عدد النازحين إلى المدينة نحو 57 ألفاً، «حسب الأمم المتحدة».
وكان البرهان قد زار هذا الأسبوع مخيم العفاض بمدينة الدبة، الذي يؤوي آلاف النازحين من الفاشر بعد فرارهم عقب سيطرة «قوات الدعم السريع» على المدينة؛ حيث تصدّر مشهد احتضان امرأة قائد الجيش والبكاء على كتفه منصات التواصل الاجتماعي. ووعد البرهان النازحين الذين التقاهم بإعادتهم إلى مدينتهم قريباً، مؤكّداً أن «الحكومة تضع قضية النازحين في أعلى سلم أولوياتها»، ووجّه الأجهزة الحكومية بالاهتمام بتوفير الخدمات الضرورية لهم والعمل على إزالة المعوقات التي تعترض عودتهم إلى حياتهم الطبيعية.




