أكد وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، اليوم الخميس، أن باريس تجري «حواراً لا بدّ منه» مع الجزائر للإفراج عن الكاتب الفرنسي-الجزائري، بوعلام صنصال، والصحافي الفرنسي كريستوف غليز. وأوقف صنصال قبل نحو عام في الجزائر، وحكم عليه بالسجن 5 سنوات بتهمة «المساس بوحدة الوطن»، فيما ينتظر غليز محاكمته أمام الاستئناف بعدما قضت محكمة ابتدائية بسجنه 7 سنوات بتهمة «تمجيد الإرهاب».

وقال بارو لإذاعة «فرانس إنفو»، إنه «في حوار لا بد منه يهدف إلى حماية مصالحنا، يتعين علينا أولاً تحقيق نتائج بشأن إطلاق سراح مواطنينا؛ بوعلام صنصال وكريستوف غليز». وأضاف وزير الخارجية الفرنسي، حسب ما أورده تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن هذا الحوار من شأنه أيضاً أن يسمح باستئناف التعاون الأمني «حيث يوجد إلى الجنوب من الجزائر أحد المراكز الرئيسية للإرهاب الإسلامي في العالم»، في إشارة إلى دول الساحل الأفريقي، وخصوصاً مالي حيث تنشط جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، الموالية لتنظيم «القاعدة».
كما تأمل باريس أيضاً في استئناف التعاون في مجال الهجرة لترحيل الجزائريين الذين يواجهون وضعاً غير نظامي في فرنسا. أما بخصوص اتفاقية 1968 بين فرنسا والجزائر، التي تمنح مزايا للمهاجرين الجزائريين، فأكد بارو أنه يؤيد إعادة التفاوض بشأنها. وقال بهذا الخصوص: «يجب إعادة التفاوض بشأنها في إطار احترام سيادة البلدين».
وعلى غرار رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو، حثّ وزير الخارجية السياسيين على «التوقف عن جعل الجزائر موضوعاً للسياسة الداخلية» من أجل السماح بإجراء مناقشات هادئة مع الحكومة الجزائرية، ما يعكس التأثير القوي للأزمة الدبلوماسية بين البلدين. مشيراً إلى أنه بالإضافة إلى صعوبات التعاون في المسائل القضائية والأمنية، هناك «بعد كثيراً ما يتم التغاضي عنه في هذا النقاش، وهو المسألة الاقتصادية».
كما أكد أن «العديد من الشركات في فرنسا، وخصوصاً الشركات الصغيرة والمتوسطة في قطاع الأغذية الزراعية، تعاني جراء التوترات التي شابت العلاقة خلال العام الماضي».

والأزمة بين البلدين غير مسبوقة، وخصوصاً أنها لا تزال مستمرة منذ أكثر من عام، وشهدت طرداً متبادلاً لدبلوماسيين، واستدعاء السفير الفرنسي في الجزائر، وسحب السفير الجزائري من باريس.
ومنذ بداية العام، شهدت العلاقات الثنائية تصعيداً خطيراً، تمثلت في تعليق التبادلات السياسية رفيعة المستوى، واستدعاء السفراء، وذلك على خلفية تباينات بدأت حول قضية الصحراء، قبل أن تمتد الأزمة لتشمل ملف الذاكرة الاستعمارية والهجرة، ومعاملة الرعايا الجزائريين في فرنسا، ورفض السلطات الجزائرية استقبال رعاياها المرحّلين من الأراضي الفرنسية. كما نفخ اليمين التقليدي والمتشدد في فرنسا في هذه التوترات، بتمرير لائحة في البرلمان يوم 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تطالب بنقض اتفاق الهجرة مع الجزائر.
وإلى هذه الملفات المعقدة أُضيفت «قضية محاولة اختطاف اليوتيوبر الجزائري اللاجئ بفرنسا، أمير بوخرص»، المحكوم عليه غيابياً في الجزائر، والتي أثارت توترات جديدة بعدما وجّه القضاء الفرنسي اتهامات في هذا الشأن، وسجن 3 موظفين من الممثلية الدبلوماسية الجزائرية في فرنسا، أحدهم مسؤول قنصلي في باريس.




