ترتيبات لعقد لقاء بين تبون وماكرون لطي التوترات

وزير الداخلية الفرنسي يكشف عن دعوة رسمية لزيارة الجزائر

الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «مجموعة السبع» في إيطاليا - 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «مجموعة السبع» في إيطاليا - 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)
TT

ترتيبات لعقد لقاء بين تبون وماكرون لطي التوترات

الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «مجموعة السبع» في إيطاليا - 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)
الرئيسان الجزائري والفرنسي على هامش قمة «مجموعة السبع» في إيطاليا - 14 يونيو 2024 (الرئاسة الجزائرية)

على الرغم من تصويت البرلمان الفرنسي ضد استمرار العمل باتفاق الهجرة مع الجزائر الذي يعود إلى عام 1968، برزت مؤشرات انفراج في العلاقات الثنائية المتوترة بين البلدين، تمثلت في احتمال زيارة قريبة لوزير الداخلية الفرنسي إلى الجزائر، إضافة إلى عمل الطرفين بشكل سري لترتيب لقاء بين رئيسي البلدين على هامش قمة مجموعة العشرين المقررة في جنوب أفريقيا يومي 20 و21 من الشهر الحالي.

وصوتت «الجمعية الوطنية» (الغرفة السفلى) للبرلمان الفرنسي، الخميس الماضي، بأغلبية ضئيلة على مشروع قرار قدمه حزب «التجمع الوطني» (يمين متطرف) يقضي بإدانة اتفاق الهجرة الفرنسي - الجزائري الموقّع في 27 ديسمبر (كانون الأول) 1968. وحظي القرار بتأييد 185 صوتاً مقابل اعتراض 184 صوتاً، علماً بأن هذا التصويت لا يحمل صفة إلزامية للحكومة، بل يعبر عن موقف البرلمان فقط. كما أن نقض المعاهدات والاتفاقات من صلاحيات رئيس الجمهورية، حسب الدستور الفرنسي.

ويكتسب هذا القرار أهمية رمزية، حسب مراقبين في البلدين؛ إذ يمثل المرة الأولى التي يتم فيها تمرير نص من هذا النوع داخل البرلمان في الجمهورية الخامسة. ويأتي في سياق جدل طويل حول الاتفاق الذي منح الجزائريين امتيازات خاصة في الإقامة و«لم الشمل العائلي»، والعمل والتجارة والدراسة في الجامعات والحماية الاجتماعية داخل فرنسا، مقارنة بالمهاجرين من جنسيات أخرى.

وإذ لم يصدر رد فعل من البرلمان الجزائري على هذه الخطوة، فقد دعا الحزب الإسلامي «حركة النهضة»، إلى إحياء مبادرة قديمة لبرلمانيين جزائريين، تخص تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر بنص قانوني. وتم التخلي عن هذا المقترح بتدخل من سلطات البلاد، تفادياً لإثارة أزمة بين البلدين.

الرئيس الجزائري مستقبلاً وزير الخارجية الفرنسي - 6 أبريل 2025 (الرئاسة الجزائرية)

مساعٍ للتقارب

وعلى خلاف موقف البرلمان الفرنسي تجاه الجزائر، تعمل سلطات البلدين في الكتمان لعودة العلاقات البلدين إلى ما كانت عليه قبل عام 2024، وفق ما أكدته مصادر سياسية جزائرية لـ«الشرق الأوسط»، والتي تحدثت عن مساعٍ يقودها مسؤول جزائري سابق مقيم بفرنسا منذ سنوات، لإحداث تقارب بين أعلى المسؤولين في البلاد.

وأبرزت المصادر نفسها أن المسؤول الجزائري، الذي فضلت عدم الكشف عن اسمه، «معروف بشبكة علاقات قوية بين كبار المسؤولين في البلدين، ما منحَه مكانة تؤهله للعب دور إيجابي في تخفيف التوتر بينهما»، مشيرة إلى وجود تفاؤل حول إمكانية ترتيب لقاء بين الرئيسين عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون على هامش قمة مجموعة العشرين التي ستعقد خلال هذا الشهر في جوهانسبورغ، والتي سيحضرها تبون بوصفه ضيف شرف.

وكان آخر لقاء بين الرئيسين الجزائري والفرنسي في 13 يونيو (حزيران) 2024 في إيطاليا، على هامش قمة «مجموعة السبع»، حيث أطلع الرئيس تبون نظيره الفرنسي على موقف بلاده الرافض للدعم الفرنسي الذي بدا حينها أنه سيوجه للمغرب بخصوص مسألة الصحراء، حسبما كشف عنه تبون في حوار لصحيفة فرنسية.

وزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز (من حسابه الخاص في الإعلام الاجتماعي)

«شد الحبل»

من جهته، أعرب وزير الداخلية الفرنسي، لوران نونيز، في مقابلة مع صحيفة «لوبارزيان» نشرت السبت، عن رفضه للأسلوب القائم على «شد الحبل» مع الجزائر، مؤكداً وجود «بعض الإشارات» على تحسن في العلاقات بين فرنسا والجزائر، مشيراً إلى أن «وزير الداخلية الجزائري كتب إليّ مؤخراً لدعوتي لزيارة الجزائر»، من دون تقديم تفاصيل إضافية.

وانتقد نونيز تصويت البرلمان على اللائحة التي تدين اتفاق الهجرة مع الجزائر، مؤكداً أن «السبيل الوحيد لإعادة الحوار مع الجزائر هو التعاون». وشدد على أن «الذين يوهمون الفرنسيين بأن المواجهة والطريقة الخشنة هي الحل الوحيد مخطئون، لأنها ببساطة لا تنجح»، مضيفاً أنه «يأسف للظروف التي جرى فيها هذا التصويت».

ومنذ انضمامه إلى الحكومة، شدد الوزير الفرنسي، الذي شغل سابقاً منصب محافظ شرطة باريس، على أهمية استئناف الحوار مع الجزائر، خصوصاً في الملفات الأمنية، بخلاف سلفه برونو ريتايو الذي تصدر الأزمة مع الجزائر لأشهر طويلة، وتميز بتشدد كبير في التعامل مع «قضية المهاجرين الجزائريين في وضع غير قانوني».

وبحسب نونيز، انعكس تجميد العلاقات بين فرنسا والجزائر بشكل مباشر على التعاون في مجال الهجرة، حيث قال: «سواء مع المديرية العامة للشرطة الوطنية أو المديرية العامة للدرك الوطني، وكذلك مع أجهزة الاستخبارات، لم يعد هناك أي تبادل للمعلومات العملياتية». ومن جهة أخرى، فإن النتيجة أن الجزائر لم تعد تقبل رعاياها الموجودين في وضع غير قانوني منذ الربيع الماضي. ولم تعد لدينا أيضاً «تصاريح مرور»، في إشارة إلى تراخيص تمنحها القنصليات الجزائرية في فرنسا، تتيح ترحيل مهاجرين جزائريين صدرت بحقهم أوامر إدارية بالترحيل، التي أوقفت الجزائر إصدارها في سياق تصاعد التوتر.


مقالات ذات صلة

الجزائر: حديث عن «تعديل دستوري فني» يثير جدلاً وحيرةً بين السياسيين

شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال اجتماع مع مجلس الوزراء الأحد (الرئاسة)

الجزائر: حديث عن «تعديل دستوري فني» يثير جدلاً وحيرةً بين السياسيين

فاجأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الأوساط السياسية بإعلانه تأجيل دراسة «تعديل دستوري فني»، وذلك بعد ساعات قليلة من تأكيد الرئاسة أن الموضوع مطروح للدراسة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا لقطة بالهاتف من لقاء تلفزيوني مع الكاتب بوعلام صنصال بعد إطلاق سراحه

الجزائر: صنصال يعلن عودته «بعد أسبوع» وسط انفراجة في العلاقات مع فرنسا

أعلن الكاتب الجزائري - الفرنسي بوعلام صنصال، المفرج عنه حديثاً من السجن، الذي كان محور توترات بين البلدين، عن نيته العودة إلى الجزائر الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في قمة السيادة الرقمية الأوروبية في برلين ألمانيا 18 نوفمبر 2025 (أ.ب)

ماكرون: جاهز للحوار مع الرئيس الجزائري حول العلاقات بين بلدينا

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (الثلاثاء)، إنه جاهز للحوار مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بشأن العلاقات المتوترة بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شمال افريقيا عناصر الحماية المدنية الجزائرية خلال مكافحة حريق في منطقة تيبازة الواقعة على بعد 70 كيلومتراً غرب العاصمة (الحماية المدنية الجزائرية عبر «فيسبوك»)

رئيس الجزائر يأمر بفتح تحقيق لكشف أسباب اندلاع حرائق كبيرة مؤخراً

أمر رئيس الجزائر عبد المجيد تبّون، بفتح تحقيق بعد حرائق كبيرة شهدتها البلاد في الأيام الأخيرة، اعتبرت غير اعتيادية لشهر نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر وفرنسا اتفقتا سرَاً على أن تؤدي ألمانيا دوراً في الإفراج عن الكاتب صنصال (الشرق الأوسط)

الإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال يحدِث انقساماً حاداً في الجزائر

رحَّب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الحكومة سيباستيان لوكورنو بالخطوة، وعدَّا أنها تعكس «بعداً إنسانياً إيجابياً»...

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مجلس الوزراء السوداني يجيز «موازنة 2026 الطارئة» ويصفها بـ«المعجزة»

 مجلس الوزراء السوداني عقد أمس جلسته برئاسة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس (سونا)
مجلس الوزراء السوداني عقد أمس جلسته برئاسة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس (سونا)
TT

مجلس الوزراء السوداني يجيز «موازنة 2026 الطارئة» ويصفها بـ«المعجزة»

 مجلس الوزراء السوداني عقد أمس جلسته برئاسة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس (سونا)
مجلس الوزراء السوداني عقد أمس جلسته برئاسة رئيس الوزراء الدكتور كامل إدريس (سونا)

وصف رئيس الوزراء السوداني الدكتور كامل إدريس، مشروع الموازنة الطارئة للعام المالي 2026، التي أقراها مجلس الوزراء يوم أمس (الثلاثاء)، بـ«المعجزة»

مشيداً بضبط وزارة المالية الإنفاق وحسن إدارة موارد الدولة وزيادة الإيرادات في ظل ظروف استثنائية.

وأشار رئيس الوزراء السوداني إلى أن «المعجزة» الأولى هي توقع الموازنة بتحقيق معدل نمو في الناتج المحلي الاجمالي بحوالي 9 في المائة، والثانية خفض متوسط معدل التضخم خلال العام 2026 إلى 65 في المائة.

وأوضح وزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم، أن الموازنة تشمل تحسين الأجور وتوفير وظائف في مداخل الخدمة، مشيراً إلى اعتماد توسيع قاعدة الإيرادات على التوسع الأفقي وعدم تحميل المواطن اي أعباء ضريبية جديدة، كما تستهدف الموازنة خفض متوسط معدل التضخم خلال العام 2026 الى 65 في المائة مقارنة بمعدل 101.9 في المائة للعام 2025.

وأبان إبراهيم، أن الموازنة تركز على إصلاح المالية العامة بترتيب أولويات الصرف المحددة والإنفاق العام، وتوفير احتياجات القوات والأجهزة النظامية، ومقابلة الإحتياجات الأساسية للوزارات والوحدات الحكومية، إضافة إلى تحسين أوضاع النازحين واللاجئين السودانيين بدول الجوار ومقابلة تكاليف توفير المساعدات الإنسانية لهم .

وأوضح وزير المالية، أن أداء موازنة العام 2025 جاء فوق التوقعات رغم استمرار تحديات الحرب، حيث حققت الايرادات العامة نسبة اداء 147 في المائة، واستمر الصرف على الاحتياجات الحتمية، مشيراً إلى أن الموازنة التزمت بتهيئة البيئة المناسبة للعودة للخرطوم وتأهيل مطار الخرطوم.


تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)
TT

تمديد حالة الطوارئ في تونس لمدة شهر

علم تونس (رويترز)
علم تونس (رويترز)

مددت تونس حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر تبدأ مطلع شهر يناير (كانون الثاني) المقبل حتى يوم 30 من الشهر نفسه.

ونشر قرار التمديد من قبل الرئيس قيس سعيد في الجريدة الرسمية. وكان آخر تمديد شمل عام 2025 بأكمله.

ويستمر بذلك سريان حالة الطوارئ في البلاد لأكثر من عشر سنوات، منذ التفجير الإرهابي الذي استهدف حافلة للأمن الرئاسي وسط العاصمة يوم 24 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، وأدى إلى مقتل 12 عنصراً أمنياً ومنفذ الهجوم الذي تبناه تنظيم «داعش».


«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
TT

«اليونيسف» تحذر من مستوى غير مسبوق من سوء التغذية بين الأطفال في شمال دارفور بالسودان

مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)
مستويات غير مسبوقة من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور (أ.ب)

حذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف»، اليوم الثلاثاء، من وجود «مستويات غير مسبوقة وخطيرة» من سوء التغذية بين الأطفال بولاية شمال دارفور في غرب السودان.

وقالت المنظمة، في بيانٍ نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، إن مسحاً حديثاً أظهر أن أكثر من نصف الأطفال الذين جرى تقييمهم في محلية أم برو بالولاية يعانون سوء التغذية الحادّ، «في ظل استمرار القتال وقيود شديدة على وصول المساعدات الإنسانية المُنقذة للحياة».

ووفقاً للمسح، الذي أجرته «اليونيسف»، في الفترة بين 19 و23 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يعاني واحد من بين كل ستة أطفال من «سوء التغذية الحاد الوخيم»، وهي حالة تهدد الحياة ويمكن أن تُودي بحياة الطفل في غضون أسابيع إذا لم يجرِ علاجها.

وقالت المديرة التنفيذية للمنظمة كاثرين راسل إن «كل يوم يمر دون وصول آمن ودون عوائق يزيد خطر ضعف الأطفال ومزيد من الوفيات والمعاناة من أسباب يمكن الوقاية منها تماماً».

ودعت «اليونيسف» كل الأطراف إلى السماح بوصول المساعدات بشكل فوري وآمن ودون عوائق، وحضّت المجتمع الدولي - بما يشمل الدول التي لها نفوذ على أطراف الصراع - على تكثيف الضغط الدبلوماسي والسياسي، بشكل عاجل، لضمان الاتفاق على هدنة إنسانية واحترامها.

وتابعت المنظمة: «دون هدنة إنسانية يمكن التنبؤ بها واحترامها، لن يكون بوسع عمال الإغاثة إيصال الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الطبية وخدمات الحماية بأمان، ويستمر الأطفال في دفع الثمن الأكبر».