تكثف مؤسسات مصرية عدة بالتعاون مع الوسطاء المعنيين عملها في مسارات مختلفة لتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وظهر ذلك لافتاً في زيارة نادرة لمسؤول مصري كبير لإسرائيل، إلى جانب تحضيرها لمؤتمر دولي للإعمار الشهر المقبل، واحتمال أن تقود أو تشارك في قوات دولية قريباً بالقطاع.
واستضافت مصر وشاركت في مفاوضات بمدينة شرم الشيخ، أسفرت عن اتفاق بشأن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، ودخوله حيز التنفيذ في اليوم التالي بمباركة واشنطن ودول المنطقة، قبل أن تستضيف المدينة ذاتها مراسم توقيع الاتفاق بحضور قادة من مختلف العالم، بتوقيع مصري - قطري - تركي - أميركي على بنوده.
مؤتمر إعمار غزة
وعلى هامش توقيع الاتفاق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعوة قادة العالم لمؤتمر إعمار غزة الدولي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، والذي تنظمه مصر مع دول ومنظمات من مختلف أنحاء العالم، وتلاها اتصالات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، للتحضير للمؤتمر.
وبدت لافتة زيارة رئيس المخابرات العامة المصرية، اللواء حسن رشاد، إلى إسرائيل، قبل نحو أسبوع، ضمن جهود الوسطاء لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة، في أول زيارة من مسؤول كبير بعدما شهدت العلاقات توترات متفاقمة، منذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل عامين، وصلت إلى حد مخاوف من «احتمالية مواجهة عسكرية»، فضلاً عن اتهامات بـ«خرق معاهدة السلام» الموقعة منذ عام 1979.

والتقى رشاد، خلال زيارته، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وتطرقا، وفق بيان لمكتب الأخير، إلى «العلاقات المصرية - الإسرائيلية، وتعزيز السلام بين البلدين، إلى جانب تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة».
الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء سمير فرج، يرى أن الدور المصري كان وسيظل رئيسياً منذ انطلاق الوساطة في قطاع غزة، وهذا اتضح في مسار احتضان الاتفاق والتحركات الجادة لصموده.
السيطرة على أمن غزة
ونقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن دبلوماسيين قبل أيام أنه يجري حالياً إعداد اقتراح لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بدعم أوروبي وأميركي، لمنح قوة استقرار دولية مُخطط لها صلاحيات واسعة النطاق للسيطرة على الأمن داخل غزة، مع توقعات قوية بأن تقودها مصر.
وتنص خطة ترمب المكوّنة من 20 بنداً على تشكيل «قوة استقرار دولية مؤقتة لنشرها فوراً» في غزة، على أن «توفر التدريب والدعم لقوات شرطة فلسطينية موافق عليها» في القطاع، ولم تتخلف مصر عن هذا المشهد. وانتهى اجتماع لفصائل فلسطينية بالقاهرة، بعد أيام من محادثات قادتها المخابرات العامة المصرية، إلى التأكيد على «أهمية استصدار قرار أممي بشأن القوات الأممية المؤقتة المزمع تشكيلها لمراقبة وقف إطلاق النار، والدعوة إلى عقد اجتماع عاجل لجميع القوى والفصائل الفلسطينية للاتفاق على استراتيجية وطنية».
وبينما لم تحدد القاهرة أو الفصائل موعداً لهذا الاجتماع العاجل، صرح مسؤول دفاعي إسرائيلي بأن فريقاً مصرياً دخل قطاع غزة برفقة عدة مركبات هندسية للمساعدة في تحديد مكان جثث الرهائن في القطاع، وذلك في إطار جهود استعادة رفات الرهائن الـ13 المتبقين في غزة، بموافقة القيادة السياسية الإسرائيلية، وأكدت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية تلك الأنباء.
وسلّمت حركة «حماس» حتى الآن رفات 15 رهينة، في إطار اتفاق وقف إطلاق النار، ولا تزال مطالبة بإعادة رفات 13 رهينة، وطلبت الحركة أدوات ومساعدة لتحديد مواقعهم، وأكدت «التزامها الكامل» بتفاصيل اتفاق الهدنة.
وأكد فرج أن إسرائيل هي من افتعلت التوتر مع مصر في محاولة من نتنياهو لإلهاء الداخل الإسرائيلي للتخفيف من أزماته، لافتاً إلى أن مشاركة مصر في القوات الدولية مرتبطة بالموقف العربي والإقرار الأممي.

وهذه التحركات يراها عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، الأكاديمي المختص في الشأن الإسرائيلي، الدكتور أحمد فؤاد أنور، ضمن أدوار مصرية لافتة لمنع أي عراقيل إسرائيلية، مع مراعاة الأمن القومي للبلاد، ودعم القضية الفلسطينية بشكل متوازن.
وأشار إلى أن الموقف الأحدث لمصر بالتحرك للمساعدة في استخراج الجثامين بموافقة إسرائيلية تحت ضغوط أميركية، يعني أن مصر تدفع مع الوسطاء باتجاه صمود اتفاق وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى أن إسرائيل تخفف التوتر مع القاهرة، خاصة بعد زيارة مهمة لرئيس المخابرات المصرية، واستضافة لقاءات الفصائل بالقاهرة، والتحضير لمؤتمر الإعمار.
وجرى اتصال هاتفي، الأحد، بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، ونائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ، تم خلاله تناول مستجدات الأوضاع على الساحة الفلسطينية، والتحضيرات الجارية لعقد مؤتمر التعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية في غزة.
ويرى أنور أن مصر تراهن على دعم مسار المصالحة الفلسطينية بشكل كبير في محادثات القاهرة، ودفع مسار إعادة الإعمار، بهدف إنهاء الأزمة في القطاع رغم مراوغات إسرائيل.




