«طفرة كبيرة» في تحويلات المصريين المقيمين بالخارج من العملة الصعبة، أثارت تساؤلات في مصر حول الأسباب، في حين أرجعها خبراء اقتصاد إلى «عدم وجود سوق موازية للدولار».
وارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الحالي، لتسجل 26.6 مليار دولار (الدولار يساوي 47.5 جنيه في البنوك المصرية) مقابل نحو 18.1 مليار دولار خلال الفترة ذاتها العام الماضي، بمعدل ارتفاع 47.2 في المائة، حسب «البنك المركزي المصري» الذي وصفها مساء الخميس بـ«الطفرة الكبيرة». ويوجد أكثر من 11 مليون مصري في الخارج حتى عام 2022، وفق «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء». وتشهد السوق الرسمية زيادة في تحويلات المصريين من العملة الصعبة منذ نحو عام فقط؛ ما يمثل «الوعاء الدولاري» الأهم لدى الدولة.
وحسب إفادة «البنك المركزي المصري»، فقد «سجلت تحويلات المصريين في الخارج ارتفاعاً على المستوى الشهري، بعد أن ارتفعت خلال أغسطس (آب) الماضي بمعدل 32.6 في المائة لتسجل نحو 3.5 مليار دولار، مقابل 2.6 مليار دولار خلال نفس الشهر من العام الماضي».
وليست هذه الزيادة الوحيدة في تحويلات المصريين في الخارج خلال هذا العام؛ إذ شهدت الأشهر الأخيرة ارتفاعات عن الأشهر المماثلة لها العام الماضي، حسب الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الحكومة المصرية.
الخبير الاقتصادي المصري، عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع»، وليد جاب الله، يرى أن «الارتفاع المستمر في تحويلات المصريين المقيمين في الخارج أمر طبيعي، في ظل اختفاء السوق الموازية (السوق السوداء) واقتصار تداول العملات الأجنبية على البنوك»، مشيراً إلى أن «الزيادة في التحويلات مستمرة، رغم عدم تقديم الحكومة المصرية أخيراً أي مبادرات وتسهيلات للمغتربين في الخارج».

وكانت الحكومة قدمت في أوقات سابقة عدداً من المبادرات للمغتربين في الخارج، من بينها مبادرات «بيت الوطن»، و«تسهيل استيراد السيارات» من الخارج. ويعتقد جاب الله أن من أسباب ارتفاع تحويلات المصريين في الخارج «ارتفاع دخولهم ارتباطاً بتحسن النشاط الاقتصادي العالمي».
وارتفع احتياطي النقد الأجنبي في مصر إلى مستويات قياسية ليسجل 49.533 مليار دولار في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، حسب «البنك المركزي المصري».
و«يساعد ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي المصري في استقرار سعر صرف الجنيه المصري»، وفق جاب الله، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «توافر العملة الصعبة يساهم في انخفاض معدلات التضخم، مع العمل على زيادة إيرادات الدولة».

ويرى أستاذ الاستثمار في مصر، محمد الشوادفي، أن «السياسات النقدية التي نفذتها الحكومة المصرية للقضاء على السوق الموازية لأسعار الصرف، مع تحديد أسعار حقيقية وعادلة للنقد الأجنبي، ساهمت في ارتفاع تحويلات المغتربين». لكن الشوادفي لا يرى الزيادة في تحويلات المصريين في الخارج، المكون الرئيس لاحتياطي النقد الأجنبي في مصر، وقال إن «هناك روافد أخرى تحقق طفرات موازية، منها السياحة، وزيادة الصادرات، والاستثمارات الأجنبية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الطفرات تعوّض التراجع في إيرادات قناة السويس».
وتشكّل قناة السويس مصدراً رئيساً للدخل القومي لمصر، لكنها تعرّضت لضغوط كبيرة بعد هجمات جماعة «الحوثي» في اليمن على طرق الشحن بالبحر الأحمر وخليج عدن، رداً على الحرب الإسرائيلية في غزة. ووفق تقارير رسمية، فقد «انخفضت إيرادات مصر من القناة بنسبة 60 في المائة خلال العام الماضي».
