تنشد مصر الإسراع في تنفيذ محاور «الشراكة الاستراتيجية» مع الاتحاد الأوروبي، وتعزيز الحوار البرلماني المصري - الأوروبي باعتباره جسراً للتواصل بين شعوب ضفتَي المتوسط. وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «أهمية مواصلة التعاون والتنسيق» بين بلاده والاتحاد الأوروبي «في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك».
وأجرى السيسي محادثات، الخميس، مع رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، على هامش زيارته إلى العاصمة البلجيكية بروكسل للمشاركة في القمة المصرية - الأوروبية الأولى.
ووفق إفادة للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، فإن الرئيس السيسي أعرب عن تقديره للدور الإيجابي والداعم الذي يضطلع به البرلمان الأوروبي، وميتسولا على وجه الخصوص، في تعزيز مسار «الشراكة» بين مصر والاتحاد الأوروبي.
واستعرض الرئيس المصري جهود بلاده في ترسيخ الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، بما في ذلك الوساطة التي أفضت بالتعاون مع الوسطاء الآخرين إلى التوصل لاتفاق وقف الحرب في قطاع غزة، فضلاً عن استضافة مصر «قمة شرم الشيخ للسلام» بمشاركة دولية رفيعة المستوى. وتم التأكيد في هذا الصدد على «ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وأهمية إدخال المساعدات الإنسانية بكميات كافية، وتقديم الرعاية الطبية اللازمة للجرحى والمصابين».
ووجهت رئيسة البرلمان الأوروبي الشكر لجهود مصر في التوصل لاتفاق وقف الحرب في قطاع غزة، مؤكدة أنه «لولا جهود الرئيس السيسي في هذا الصدد ما كان من الممكن التوصل إلى الاتفاق». وشددت على أن «الاتحاد الأوروبي يدفع نحو تطبيق (حل الدولتين)».
وتناولت المحادثات جهود مصر في تسوية الأزمات الإقليمية بما يحفظ سيادة الدول واستقرارها ووحدة وسلامة أراضيها ويصون مقدرات شعوبها. وأعربت ميتسولا عن تقديرها الكبير للدور المحوري الذي تضطلع به مصر في المنطقة، مشيدة بسياساتها الحكيمة والمتزنة، معتبرة إياها ركيزة أساسية للاستقرار في الشرق الأوسط وجنوب المتوسط.

وبحسب متحدث الرئاسة المصرية، تناول اللقاء كذلك قضية «الهجرة غير المشروعة»، وتمت الإشادة بالجهود المصرية التي أسفرت عن وقف خروج مراكب «الهجرة غير المشروعة» من سواحلها منذ سبتمبر (أيلول) 2016. وتم التأكيد على «أهمية تعزيز التعاون الأوروبي من خلال توفير فرص عمل للعمالة المصرية، وتيسير مسارات الدراسة والتدريب في الدول الأوروبية، فضلاً عن ضرورة السعي لتحقيق التنمية وترسيخ الاستقرار في الدول ذات الصلة».
وتشير الحكومة المصرية، بشكل متكرر، إلى «استمرار جهود مواجهة الهجرة غير المشروعة، وذلك بهدف توفير حياة آمنة للمواطنين». ووجّه السيسي في نهاية 2019 بإطلاق مبادرة «مراكب النجاة» للتوعية بمخاطر «الهجرة غير المشروعة» على الشواطئ المصدّرة للهجرة. واستهدفت المبادرة حينها «تحقيق حياة كريمة للمواطن المصري والحفاظ على حياته».
وشهد لقاء السيسي وميتسولا، الخميس، توافقاً حول «أهمية تعزيز التواصل بين البرلمان المصري بمجلسَيه (النواب والشيوخ) والبرلمان الأوروبي في مختلف القضايا محل الاهتمام المشترك».
وأعرب السيسي عن تقدير مصر للموقف المشرف الذي تبناه البرلمان الأوروبي دعماً للقضية الفلسطينية، والذي تجسد في المطالبة بوقف الحرب وإنهاء معاناة أهالي قطاع غزة. وشدد على «ضرورة تكامل الجهود بين مصر والدول الأوروبية خلال المرحلة المقبلة لضمان التنفيذ الكامل لاتفاق وقف الحرب، وتوفير المساعدات الإنسانية، والشروع في إعادة إعمار القطاع».

وفي السياق، تم الترحيب باستضافة مصر مؤتمر إعادة الإعمار والتعافي في قطاع غزة، المقرر عقده في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وتستضيف القاهرة مؤتمراً دولياً لإعادة إعمار وتنمية غزة، وسط توقعات بأن تواصل القوى الدولية، التي ضمنت وقف إطلاق النار، دورها في تنسيق خطط الإعمار. وتشير تقديرات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي إلى أن تكلفة إعادة إعمار غزة قد تتجاوز 70 مليار دولار، بعد أن دمّرت إسرائيل أكثر من 300 ألف وحدة سكنية كلياً و200 ألف جزئياً، وأخرجت 25 مستشفى من الخدمة، ودمّرت 95 في المائة من مدارس القطاع.
وخلال «قمة شرم الشيخ للسلام» التي قادت لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، أعلن الرئيس المصري عن موعد المؤتمر، مؤكداً «أهمية عقد مؤتمر القاهرة للتعافي المبكر وإعادة إعمار القطاع».
وتحدث وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصالين هاتفيين، الاثنين الماضي، مع نظيرَيه الفرنسي جان نويل بارو، والدنماركي لارس لوكه راسموسن، عن أهمية البدء في أقرب وقت في تنفيذ خطط التعافي المبكر، وإعادة الإعمار في غزة، وذلك في إطار رؤية متكاملة تحفظ حقوق الشعب الفلسطيني، ووفقاً للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة الإعمار (التي أُقرت في مارس/ آذار الماضي)، وخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام في الشرق الأوسط (التي طُرحت في أواخر سبتمبر الماضي)، داعياً الدول الأوروبية إلى المشاركة الفعالة في المؤتمر.




