تحدّثت الحكومة المصرية عن الإعداد لتدريس مناهج «الذكاء الاصطناعي» في جميع مراحل التعليم، بعد أن أقرّت هذا العام للمرة الأولى مادة متخصصة يدرسها طلاب الصف الأول الثانوي، في ظل التوسع في تدشين كليات «الذكاء الاصطناعي» بالجامعات المختلفة.
وقال نائب رئيس الوزراء المصري، وزير الصحة والسكان، خالد عبد الغفار، السبت، إنه «يُجرى الآن العمل على إدراج الذكاء الاصطناعي في جميع الصفوف الدراسية، من الصف الأول الابتدائي حتى الثالث الثانوي».
وأضاف خلال «المؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي» بجامعة القاهرة أن «العالم في 2050 يختلف تماماً نتيجة استخدام التكنولوجيا في التعليم الأساسي والجامعي»، مؤكداً «ضرورة تدريس مبادئ الذكاء الاصطناعي في الجامعات بجميع التخصصات المختلفة بالكليات للاستفادة منها».
وبدأت وزارة التربية والتعليم المصرية هذا العام تدريس مادة «البرمجة والذكاء الاصطناعي» لطلاب الصف الأول الثانوي، بالتعاون مع شركة «سبريكس» اليابانية التي تُتيح للطلاب المصريين التسجيل في منصة «كيريو» اليابانية، وهي «منصة تعليمية تتيح للطلاب تعلُّم البرمجة والذكاء الاصطناعي، من خلال محتوى رقمي حديث ومتجدد»، وفق ما أكدته «التعليم المصرية».
وتأتي التوجهات الحكومية بالتزامن مع إعلان وزير التعليم العالي والبحث العلمي أيمن عاشور، «تدشين 100 كلية (للحاسبات والذكاء الاصطناعي) يدرس بها ما يزيد على 50 ألف طالب بالجامعات المختلفة»، مشيراً خلال كلمته بـ«مؤتمر الذكاء الاصطناعي»، السبت، إلى أن ذلك نتاج لـ«استراتيجية الابتكار» التي وضعتها الدولة المصرية قبل عامين.
نائب وزير التربية والتعليم المصري، أيمن بهاء، قال إن «الوزارة تستعد لتطبيق مناهج الذكاء الاصطناعي في كل المراحل التعليمية، وهناك لجان تعليمية تشكَّلت لوضع الإطار العام لهذه المناهج، وهي تختلف باختلاف المراحل العمرية، وتُركز على وضع أسس تعليمية للطلاب تُناسب كل مرحلة، والأهم هو أن يكون الطلاب على دراية كاملة باستخدامات وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «بدأنا هذا العام بالصف الأول الثانوي، وهناك منهج متقدم يتم إعداده لمن يختار مسار (الهندسة وعلوم الحاسب) بشهادة البكالوريا المطبقة حديثاً لطلاب الصف الثاني الثانوي العام المقبل، ومن المفترض أن يدرس الطلاب كيفية بناء نماذج ذكاء اصطناعي خاصة بهم».

وأوضح بهاء أن وزارة التربية والتعليم «تُعَدّ البيئة المناسبة لدعم توجهات الدولة نحو التوسع في تدريس المادة، من خلال زيادة توزيع أجهزة (التابلت) على طلاب المرحلة الثانوية، وكذلك طلاب التعليم الفني».
وأضاف أن الوزارة تدرس حالياً إمكانية تسليم الأجهزة لطلاب المراحل التعليمية التي تسبق الثانوية، إلى جانب تطوير وتحديث معامل الحاسب الآلي في جميع المدارس.
وتُوزع وزارة التعليم المصرية «التابلت» مجاناً لطلاب المرحلة الثانوية، ويعد بديلاً للكتاب المدرسي المطبوع، على أن تسترده من الطلاب عقب انتهاء المرحلة الثانوية؛ لكنها لا تُتيح توزيعه سوى على الطلاب الملتحقين بالمدارس الحكومية، ويبلغ عددها 2500 مدرسة، وهي مجهزة بألياف ضوئية وشبكة إنترنت وشاشات ذكية.
خبير تكنولوجيا التعليم، تامر عبد الحافظ، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن تدريس الذكاء الاصطناعي بدءاً من الصف الأول الابتدائي يُعدُّ «خطوة مهمة كي لا يتأخر الطالب المصري عن التطورات المتسارعة في هذا المجال، لكن مع أهمية أن يكون لدى الطلاب أساسيات التعامل مع الحاسب الآلي، وهو أمر يفتقده بعض طلاب المناطق النائية أو مَن يلتحقون بمدارس ليست بها بنية تكنولوجية».
وأضاف: «كما أن الاهتمام بتدريس الذكاء الاصطناعي يتطلب أولاً اهتماماً بمناهج الرياضيات، وتحسين مستوى الطلاب في تلك المادة بما يُساعدهم على استخدام البرمجة في إنتاج أدوات ذكاء اصطناعي محلية، وتُشكل خطوة التعاون مع الجانب الياباني بادرة جيدة للاستفادة من الخبرات المتقدمة».
و«يحتاج المعلمون إلى اهتمام أكبر على مستوى توفير الإمكانات التكنولوجية لهم داخل المدرسة أو تدريبهم بشكل جيد على استخدامات الذكاء الاصطناعي وأساليب التعلم الحديثة المرتبطة بهذا التخصص، لكي يبقى هناك تدريب عملي وليس نظريّاً داخل المدرسة»، وفقاً لعبد الحافظ.

وقالت وزارة التعليم المصرية، في بيان سابق لها، إن «تدريس مادة البرمجة والذكاء الاصطناعي لن يقتصر على مجرد المناهج النظرية، بل سيتم تزويد الطلاب والمعلمين بكل الاحتياجات والأدوات اللازمة التي تضمن جودة التدريس وتحقيق أعلى استفادة ممكنة من هذه التجربة التعليمية الحديثة».
ولفت وزير التعليم العالي المصري، السبت، إلى «استهداف تطوير البرامج الأكاديمية لتأهيل الخريجين على مواكبة الثروة التكنولوجية، وتعزيز الشراكات مع مؤسسات الصناعة والتكنولوجيا».
وانطلق، السبت، «المؤتمر الدولي الأول للذكاء الاصطناعي» في جامعة القاهرة، برعاية حكومية، ويشهد مناقشات موسعة حول الذكاء الاصطناعي والمنظمات الثقافية، والتحديات والفرص التي تواجه إنشاء البنية التحتية الملائمة لاستخداماته، والجوانب التجارية والبنكية والتأمينية المتعلقة به، وكيفية ربط المناهج الدراسية بسوق العمل.



