في حين دانت محكمة الجنايات الاستئنافية بالجزائر العاصمة، أمس الثلاثاء، وزير العدل السابق الطيب لوح، بالسجن 3 سنوات، منها سنة موقوفة التنفيذ بتهم «فساد»، التمس ممثل النيابة بمحكمة الجنح نفس العقوبة في اليوم ذاته ضد الناشط السياسي المعارض، فتحي غرَاس، بتهمة «الإساءة إلى الرئاسة بسبب هجومه بحدة على الرئيس عبد المجيد تبون في برنامج تلفزيوني. ويأتي هذا الحكم بعد حكم ابتدائي صدر في يونيو (حزيران) الماضي، قضى بسجنه أربع سنوات نافذة وغرامة مالية، قدرها 200 ألف دينار (نحو 1500 دولار).

وكان لوح قد أُودع الحبس المؤقت في أغسطس (آب) 2021، ضمن تحقيقات فتحتها «محكمة القطب الاقتصادي والمالي» بالعاصمة، وقد سبق أن صدر بحقه حكم بالسجن ثلاث سنوات نافذة في قضية أخرى، تتعلق بـ«عرقلة سير العدالة» تورط فيها أيضاً سعيد بوتفليقة، كبير مستشاري الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019). كما يلاحق في قضية منفصلة تضم مسؤولاً سابقاً بالوزارة، ورجل الأعمال علي حديد، المدان بالسجن 10 سنوات مع التنفيذ في قضايا فساد كثيرة.
وأعلن دفاع لوح استئناف الحكم، الذي أوقعته المحكمة به، بناء على تهمة «الثراء غير المشروع والتصريح الكاذب بالممتلكات». واستندت النيابة العامة في اتهامها إلى امتلاكه عدداً من العقارات في مناطق متفرقة من البلاد، يُشتبه في أن عائداتها ناتجة عن مصادر غير قانونية. وتندرج هذه التهم ضمن حملة مكافحة الفساد التي طالت عدداً من الوزراء ورجال الأعمال المقربين من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وخلال جلسة المحاكمة الأولى نفى لوح جميع التهم المنسوبة إليه، ودافع عن نفسه بصوت خافت قائلاً: «سأحافظ على هدوئي من أجل صحتي. أجريت عمليتين جراحيتين على القلب خلال فترة سجني، وأنا اليوم في الرابعة والسبعين من عمري، منها 46 سنة قضيتها في خدمة الدولة. لم أكن يوماً متورطاً في فضائح أخلاقية أو جنائية. أحاكم ظلماً... الطيب لوح كان دائماً معروفاً بالنزاهة والصرامة»، حسب ما نقلته صحيفة «المجاهد» الحكومية.
وعند استجوابه من طرف القاضي حول مدى تناسق دخله مع ما يملكه من فيلات وشقق فاخرة، أجاب: «كنت أتقاضى 300 ألف دينار شهرياً (2300 دولار)، وكوني وزيراً لم أكن أتحمل مصاريف الإيجار أو نفقات كبيرة». وطالب بتعيين خبير مالي لتقييم وضعه المالي قائلاً: «أطالب بإثبات براءتي... فأنا رجل نزيه».
من جانبه، أكد ممثل النيابة أن المتهم لم يلتزم بإلزامية التصريح بممتلكاته كما يقتضي القانون، مشيراً إلى أنه اقتنى عقارات، ثم قام ببيعها دون استخدامها للسكن، في وقت لم يصرّح فيها ببعض الأملاك إلا في عام 2019، أي بالتزامن مع المؤشرات الأولى لرحيل بوتفليقة عن الحكم، وتحت ضغط الحراك الشعبي، الذي انطلق في 2 أبريل (نيسان) من العام نفسه.

ومنذ تولي الرئيس تبون الحكم في نهاية عام 2019، سجنت السلطات الجديدة عشرات المسؤولين بتهم تتعلق بالفساد، من بينهم ثلاثة رؤساء حكومات سابقين، وأكثر من 20 وزيراً، وعدد من الضباط السامين، من بينهم مديران للأمن الداخلي، ومدير جهاز مكافحة التجسس، وقائدان لسلاح الدرك، ومديران لجهاز الشرطة، بالإضافة إلى الأمين العام لوزارة الدفاع.
إلى ذلك، جرت، أمس الثلاثاء، محاكمة المنسق الوطني السابق لـ«الحركة الديمقراطية الاجتماعية» اليسارية المجمّدة، فتحي غراس، أمام «محكمة حسين داي» بالعاصمة الجزائرية. وفي ختام الجلسة والمرافعات، طلب ممثل النيابة العامة توقيع عقوبة بالسجن لمدة ثلاث سنوات نافذة، إضافة إلى غرامة مالية قدرها 300 ألف دينار (نحو 2300 دولار). وتم تحديد تاريخ النطق بالحكم في جلسة 21 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، حسب هيئة الدفاع.

وتابعت النيابة غراس بتهمتين تندرجان ضمن قانون العقوبات: «إهانة هيئة نظامية، ونشر معلومات كاذبة بين الجمهور، من شأنها المساس بالأمن العام».
وتم توقيف غراس في منزله في 29 من سبتمبر (أيلول) الماضي، وتم تقديمه أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة «حسين داي»، بعد ليلة قضاها رهن الحجز تحت النظر، وتم استجوابه بسبب تصريحات له لقناة تلفزيونية أجنبية هاجم فيه الرئيس، منتقداً بشدة سياساته.
وليست هذه أول مرة يمثل فيها غراس أمام القضاء؛ إذ سبق أن تمت متابعته في عدة قضايا خلال السنوات، التي تلت الحراك الشعبي لعام 2019، وفي بعضها حُكم عليه بالسجن النافذ، وتم إيداعه الحبس.




