أثار فوز مصر بعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تساؤلات بشأن دلالاته وتأثيره على أوضاع حقوق الإنسان بالبلاد، في وقت وصفت وزارة الخارجية المصرية الفوز بـ«الانتصار الجديد».
وحصلت مصر على 173 صوتاً خلال الانتخابات التي جرت، الثلاثاء، بالجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ويبلغ عدد أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة 193 عضواً.
وقالت وزارة الخارجية المصرية إن الفوز «تجسيد لما تحظى به مصر من مكانة مرموقة وتقدير متزايد على الساحة الدولية»، وأكدت في بيان، مساء الثلاثاء، أن «هذا الانتصار يشكل ركيزة أساسية في جهود الدولة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية».
وأشارت إلى أن «السنوات الأخيرة شهدت تطورات مهمة في هذا الملف، تمثلت في إطلاق (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) عام 2021 ومتابعة تنفيذها من خلال التقارير التنفيذية».
وفي نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «ضرورة مواصلة الجهود للتنفيذ الكامل والفعال لمستهدفات (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) بما يضمن احترام وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية».
ووفق إفادة المتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، حينها، وجه السيسي بالبدء في إعداد استراتيجية جديدة لحقوق الإنسان بالتعاون مع مختلف الجهات وفي مقدمتها منظمات المجتمع المدني.
و«مجلس حقوق الإنسان» هو هيئة دولية تابعة للأمم المتحدة، ويتألف من 47 دولة مسؤولة عن تعزيز جميع حقوق الإنسان وحمايتها في أنحاء العالم كافة، ويمتلك صلاحية مناقشة جميع القضايا الحقوقية في دول العالم، ويقوم بمراجعة دورية لسجل حقوق الإنسان بالدول المختلفة عبر تقارير دورية. ويعد هذا الفوز هو الثالث لمصر بعضوية المجلس الأممي.

وتباينت ردود الفعل الداخلية عقب إعلان فوز مصر بعضوية «المجلس»، ما بين من عدّها «شهادة دولية» تؤكد تحسن حالة حقوق الإنسان بالبلاد، وآخرين طالبوا بـ«مزيد من الإجراءات الإصلاحية في عدد من الملفات، منها إنهاء ملف الحبس الاحتياطي، وإطلاق حرية التعبير».
أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة، عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، الدكتورة نهى بكر، ترى أن الفوز مؤشر على تحسن حالة حقوق الإنسان بالبلاد، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان حققت تقدماً كبيراً، لكن ما زال الأمر يحتاج إلى مواصلة العمل والجهود لمزيد من التقدم».
وأكدت «الخارجية المصرية» في بيانها «التزامها الكامل بالاضطلاع بدورها بالمجلس (الأممي) خلال الفترة المقبلة، والعمل على تحقيق التوازن والشمولية في تناول قضايا حقوق الإنسان، على نحو يراعي الخصوصيات الثقافية والظروف الوطنية للدول، ويعزز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية، وذلك حرصاً على الارتقاء بالمنظومة الحقوقية للمواطن المصري وليس إرضاءً لأي طرف خارجي».
من جهته، قال عضو مجلس أمناء «الحوار الوطني» المصري، الحقوقي نجاد البرعي، إن «فوز مصر بعضوية المجلس الأممي، مسؤولية أكثر من كونه ميزة»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «عضوية المجلس الأممي تضع مسؤوليات أكبر على مصر».
ووفق البرعي «قد يكون لفوز مصر تأثير إيجابي على أوضاع حقوق الإنسان داخلياً، لكن الفترة المقبلة ستحدد توجه الحكومة في هذا الشأن».

وكانت وزارة الخارجية قد ذكرت في بيانها، مساء الثلاثاء، أن انتخاب مصر «يؤكد التقدير الدولي للإنجازات التي حققتها الدولة خلال السنوات الأخيرة على الصعيد الوطني في مجال تعزيز حقوق الإنسان، وإعلاء قيم الديمقراطية وسيادة القانون والمواطنة».
وعدّ عضو مجلس النواب المصري، الدكتور فريدي البياضي، أن الفوز يحمل دلالة رمزية جيدة ومهمة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن من بين دلالات فوز مصر «أنه يوجد (حلحلة) وتقدم في ملف حقوق الإنسان بالبلاد، لكن الأمر يضع مسؤولية أكبر على عاتق الحكومة، للاستمرار في إجراءات تحسين الوضع الحقوقي والسياسي».
ووفق البياضي «شهدت الفترة الماضية خطوات كثيرة تشير إلى اتجاه الدولة لتحسين وضع حقوق الإنسان، منها قرارات الإفراج المتتالية عن محبوسين احتياطياً في قضايا تتعلق بحرية التعبير، وقرار الرئيس السيسي بإعادة قانون (الإجراءات الجنائية) إلى (النواب) لإجراء تعديلات عليه»، متوقعاً أن «يؤدي فوز مصر إلى أن تتخذ الحكومة مزيداً من الإجراءات لتحسين حالة حقوق الإنسان في البلاد».
وخلال الاجتماع الوزاري الخامس لـ«اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان»، الثلاثاء، قالت وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر، الدكتورة مايا مرسي، إن «الاستراتيجية الوطنية القادمة لحقوق الإنسان ستشهد تطوراً للجهود الوطنية في هذا المجال»، مؤكدة «أهمية تطوير الاستراتيجية الحالية وإدماج قضايا معاصرة مثل التكنولوجيا الرقمية، وضمان عدم التمييز، والحق في التنمية».



