عادت مدينة شرم الشيخ المصرية إلى بؤرة الأحداث مع استضافتها مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ليتردد من جديد اسم «مدينة السلام» المعروفة به؛ نظراً لاحتضانها على مدار السنين الماضية مؤتمرات وفعاليات دولية تتعلق بإرساء السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي، في تدوينة له على صفحته بموقع «فيسبوك»، الخميس، إن «العالم يشهد لحظةً تاريخيةً تُجسّد انتصار إرادة السلام على منطق الحرب، من شرم الشيخ أرض السلام ومهد الحوار والتقارب».
وأضاف: «تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة وإنهاء الحرب بعد عامين من المعاناة، وفقاً لخطة السلام التي طرحها الرئيس (دونالد) ترمب، وبرعاية مصر وقطر والولايات المتحدة»، لافتاً إلى أن «اتفاق غزة لا يطوي صفحة حرب فحسب، بل يفتح باب الأمل لشعوب المنطقة في غدٍ تسوده العدالة والاستقرار».

وتضم المدينة الساحلية، التابعة لمحافظة جنوب سيناء، أبرز المنتجعات المصرية على ساحل البحر الأحمر، وتقع بين خليجَي العقبة والسويس، وتضم مطاراً دولياً، وعدداً من الفنادق السياحية الفاخرة، وتعد واحدة من أكثر المدن جاذبية للسياحة.
وكانت المدينة التي تأسست عام 1968، وازدهرت بعد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، شاهدة على محاولات دولية وإقليمية عدة لجسر الهوة في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي غالباً ما كانت تُجرى بمشاركة أميركية، وعليه لُقبت بـ«مدينة السلام»، وحصدت جائزة مدن «السلام العالمي» لعامَي 2000 و2001.
وكانت «قمة السلام» في مارس (آذار) من عام 1996 أولى القمم الدبلوماسية الرفيعة التي تستضيفها المدينة في سياق مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بمشاركة الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون.
وفي عام 1999، شهدت توقيع اتفاق «واي 2» بين رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها إيهود باراك والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات؛ ما جعلها تشتهر في المنطقة بـ«مدينة السلام».
وفي مارس 2000، استضاف الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك كلاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في شرم الشيخ، بهدف التباحث والرد على خطة السلام الأميركية التي اقترحها آنذاك الرئيس كلينتون.
وفي فبراير (شباط) عام 2005، استضافت المدينة قمة لإيجاد مخرج سياسي لإنهاء حال العنف المستمرة، واستئناف عملية السلام التي تعطلت مع اندلاع «الانتفاضة الفلسطينية الثانية»، والتي استمرت لسنوات، وفي أعقابها صدر إعلان رسمي بإنهائها والاتفاق على الإفراج عن مئات السجناء الفلسطينيين.
ويرى المستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء نصر سالم، في عودة الزخم إلى المدينة دلالة على أن «مصر مفتاح السلام... وما يحصل يدعم رمزية تعمل مصر على ترسيخها بشكل مستمر؛ أن سيناء هي أرض السلام».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لو لم يتم تحرير شبه جزيرة سيناء من الاحتلال الإسرائيلي، وإنهاء خطر الإرهاب فيها وعليها، لما كانت شرم الشيخ وجهة لاستقبال وفود دولية بهذا الحجم من الثقل والتأثير. والآن المدينة مؤهلة لاستضافة مزيد من المؤتمرات التي تحدد مستقبل قطاع غزة، وصولاً إلى حل القضية الفلسطينية بشكل كامل».

وكانت آخر مفاوضات استضافتها المدينة قبل اندلاع حرب السابع من أكتوبر (تشرين الأول) في عام 2023، حيث اجتمعت وفود من إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر والأردن والولايات المتحدة في شرم الشيخ، ضمن محاولات إقليمية ودولية لوقف التدهور الأمني والسياسي بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وأكد عضو مجلس النواب عن حزب «مستقبل وطن» بمحافظة جنوب سيناء، حميد سليمان أبو بريك، أن «تسليط الأضواء على المدينة يساهم في جذب السياحة إليها، ويمنحها رمزية ظلت مرتبطة بها منذ تأسيسها، باعتبارها نموذجاً للأمن والاستقرار»، مشيراً إلى أن «المدينة شهدت طفرات تنموية منذ عقد أول مؤتمر للسلام فيها في عام 1996».
وأشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «نهاية حرب غزة من شرم الشيخ تحمل دلالات مهمة... إذ كانت إسرائيل تهدف لتنفيذ مخطط التهجير في شبه جزيرة سيناء. ويُعيد اتفاق وقف إطلاق النار، دون تهجير أهالي القطاع، التأكيد على مكانة سيناء لدى الوعي الجمعي المصري، كمنطقة لا يمكن التفريط فيها».
واحتلّت إسرائيل شبه جزيرة سيناء، بما فيها شرم الشيخ، خلال حرب 1967، قبل أن تستعيدها مصر عقب اتفاقية سلام تاريخية جرى توقيعها عام 1979، أعقبت انتصار الجيش المصري في حرب أكتوبر 1973.
وطالب أبو بريك الحكومة المصرية باستغلال المفاوضات الجارية لـ«تدشين حملات ترويج للسياحة والوجهات الترفيهية بالمدينة، مع بدء الموسم الشتوي، وتكرار ما قامت به حكومات سابقة في أعقاب استضافة مؤتمرات دولية مهمة».



