شهدت مؤشرات حركة الملاحة في قناة السويس تحسناً طفيفاً رغم استمرار التحديات «الجيوسياسية» في البحر الأحمر.
وسلّط تقرير حكومي مصري الضوء على ما وصفه بـ«الصمود والتطور المستمر» للقناة السويس في مواجهة التحديات.
ووفق التقرير الذي نشره «المركز الإعلامي بمجلس الوزراء »، الخميس، فإن رؤية المنظمات الدولية أكدت أن قناة السويس «تمكنت من الصمود لمدة عامين تقريباً، في مواجهة الاضطرابات المتقطعة بسبب الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وإعادة توجيه حركة المرور».
وأكد أن رصد صمود القناة يأتي في إطار «إبراز مكانتها العالمية كأحد أهم شرايين التجارة الدولية، وتأكيدات المؤسسات الدولية وإشادتها بقدرة القناة على المرونة في مواجهة التحديات الجيوسياسية والاقتصادية، وحرصها على تقديم حوافز وخدمات ملاحية متنوعة لجذب كبرى خطوط الشحن، بما يواكب المتغيرات المتسارعة في حركة الملاحة البحرية».

وبحسب التقرير الحكومي، «تحسنت مؤشرات الملاحة بقناة السويس خلال النصف الأول من العام الحالي، حيث زادت أعداد السفن العابرة بالقناة بنسبة 3.1 في المائة، لتصل إلى 3074 سفينة خلال الربع الثاني من عام 2025، مقارنة بـ2981 سفينة خلال الربع الأول من العام ذاته».
كما ارتفعت الحمولات الصافية للسفن بنسبة 6 في المائة، لتصل إلى 122.5 مليون طن خلال الربع الثاني من عام 2025، مقارنة بـ115.6 مليون طن خلال الربع الأول من العام ذاته، في حين عدلت 661 سفينة مسارها للعبور بالقناة بدلاً من رأس الرجاء الصالح، لترتفع بذلك الإيرادات بنسبة 8.3 في المائة، لتصل إلى 975.8 مليون دولار خلال الربع الثاني من عام 2025، مقارنة بـ901.2 مليون دولار خلال الربع الأول من العام ذاته. (الدولار يساوي 47.70 جنيه في البنوك المصرية).
وتشكّل قناة السويس مصدراً رئيساً للدخل القومي لمصر، إلا أنها تعرّضت لضغوط كبيرة بعد هجمات جماعة «الحوثي» في اليمن على طرق الشحن بالبحر الأحمر وخليج عدن، رداً على الحرب الإسرائيلية في غزة. ووفق تقارير رسمية «انخفضت إيرادات مصر من القناة بنسبة 60 في المائة خلال العام الماضي، ما يعادل خسارة قدرها 7 مليارات دولار».

أستاذ النقل والهندسة في جامعة الأزهر، الدكتور إبراهيم مبروك، أرجع صمود قناة السويس في مواجهة التحديات الجيوسياسية، «إلى أهميتها الاستراتيجية لحركة الملاحة العالمية». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن«الموقع الاستراتيجي للقناة، وتفردها عن أي بديل ملاحي آخر، من أهم أسباب صمودها أمام التحديات، كما دعمت عمليات التطوير الفني والحوافز الاقتصادية هذا الصمود»، مؤكداً أن «أي بديل ملاحي مثل طريق رأس الرجاء الصالح، مكلف مالياً أكثر، وتستغرق الرحلة أضعاف ما تستغرقه من وقت في قناة السويس».
وتسعى مصر إلى الحد من تأثير التوترات على حركة الملاحة بالقناة، عبر تدشين الحملات الترويجية لجذب شركات الشحن للعودة إلى البحر الأحمر، كما أعلنت هيئة قناة السويس، وفق التقرير الحكومي، «عن حوافز وتخفيضات تشجيعية بنسبة 15 في المائة لسفن الحاويات التي تتجاوز حمولتها الصافية 130 ألف طن خلال الفترة من 15 مايو (أيار) الماضي حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل».
وأشار تقرير مجلس الوزراء، إلى تقدم مصر 3 مراكز عالمية في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية الصادر عن «الأونكتاد»، لتحتل المركز الـ19 خلال الربع الثاني من عام 2025، مقارنة بالمركز الـ22 خلال الربع الأول من العام نفسه.

خبير إدارة المخاطر الأمنية، الدكتور إيهاب يوسف، يرى أن التحسن النسبي لحركة الملاحة يرجع إلى عدة أسباب أبرزها «التراجع النسبي لتوترات البحر الأحمر». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «قناة السويس أهم مجرى ملاحي في العالم، ومن غير الوارد الاستغناء عنها في حركة التجارة العالمية، وسوف تعود حركة الملاحة إلى طبيعتها تدريجياً».
وبحسب يوسف، فإن «الوجود السياسي المصري على الساحة الإقليمية، أسهم في دعم صمود القناة أمام التحديات، كما أن الثقة في قدرة مصر على تأمين السفن العابرة بمجرد دخولها إلى المياه الإقليمية بمثابة رسالة طمأنة لشركات الملاحة».
مقتطفات من نجاح التشغيل التجريبي لمشروع ازدواج قناة السويس في البحيرات المرة الصغرى بعبور سفينتين بالمجرى الجديد.#Suezcanal | #قناة_السويس_شريان_الحياة pic.twitter.com/TqvGLbOh67
— هيئة قناة السويس Suez Canal Authority (@SuezAuthorityEG) December 28, 2024
ورصد التقرير الحكومي، الخميس، بعض جوانب أعمال التطوير وإطلاق خدمات جديدة وحوافز، حيث انتهت قناة السويس من مشروع تطوير القطاع الجنوبي بشقيه (التوسعة والازدواج)، وتشغيله أمام حركة التجارة العالمية بما يحقق مزايا ملاحية كثيرة، أبرزها زيادة عامل الأمان الملاحي بنسبة 28 في المائة، وتقليل تأثيرات التيارات المائية على السفن العابرة، علاوة على زيادة الطاقة الاستيعابية للقناة بمعدل من 6 إلى 8 سفن.
وشملت أعمال التطوير انضمام 24 وحدة بحرية مختلفة للأسطول البحري للقناة حتى أبريل (نيسان) الماضي، إلى جانب إطلاق خدمة جمع وإزالة مخلفات السفن العابرة للقناة، وتقديم خدمات ملاحية جديدة شملت الإنقاذ والإسعاف البحري، ومكافحة التلوث، وصيانة وإصلاح السفن، والتزود بالوقود، بحسب تقرير «مجلس الوزراء».



