تترقب الصومال لقاءً حاسماً بين الرئيس حسن شيخ محمود ورئيس ولاية غوبالاند أحمد مدوبي، بعد خلافات استمرت أكثر من عام، في وقت صعّد «منتدى الإنقاذ المعارض»، المقرب من زعيم الإقليم، تحركاته في العاصمة مقديشو، متمسكاً بالدعوة إلى تنظيم احتجاجات.
ذلك اللقاء الذي لم تكشف الرئاسة الصومالية عن تفاصيله بعد، يرى خبير في الشؤون الأفريقية، أنه سينصب على بحث الخلافات بين الولاية والحكومة، لا سيما المتعلقة بتعديل الدستور، وما صاحبه من خلافات بشأن التحويل للنظام الرئاسي وإقرار الانتخابات المباشرة، دون استبعاد أن تُطرح قضايا المعارضة أيضاً على طاولة المحادثات.
ونقلت وسائل إعلام صومالية عن مصادر موثوقة، أن طائرتين تقلان عناصر من حرس الرئيس الصومالي وقوات من بعثة «الاتحاد الأفريقي» في الصومال (أوصوم)، من المقرر أن تصلا إلى مطار محمد عبد الله حسن في كيسمايو، قريباً، استعداداً لزيارة الرئيس الصومالي المرتقبة.
ومن المتوقع أن تتم الزيارة خلال «الأيام القليلة المقبلة»، وتشمل لقاءً بين رئيس الصومال ورئيس ولاية غوبالاند، «ما يدل على تحول في العلاقات بينهما، ومسعى لحل تلك الخلافات»، وفق ما ذكره موقع «الصومال الجديد».

ولم تذكر مقديشو تفاصيل بشأن تلك الخطوة، غير أن مصدراً مطلعاً قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «زيارة الرئيس حسن شيخ محمود إلى كيسمايو كانت مقررة الأربعاء، وطلب أحمد مدوبي تأجيلها لبضعة أيام، وقد تكون الأحد أو الاثنين المقبلين».
وأرجع المصدر تأجيل اللقاء، موضحاً أنه «لن يقتصر على مناقشة قضية غوبالاند والمصالحة بين مدوبي والرئيس الصومالي، بل سيشمل أيضاً بحث سبل حل جميع الخلافات السياسية في البلاد». وأضاف أن مدوبي موجود حالياً في نيروبي؛ حيث التقى رئيس ولاية بونتلاند سعيد ديني، الذي يتخذ موقفاً متوازناً في خلافاته مع حسن شيخ محمود.
وسيلتقي مدوبي وفداً من «منتدى إنقاذ الصومال» وصل إلى نيروبي، الأربعاء، في إطار محادثات تشاورية قبل اللقاء المرتقب مع الرئيس الصومالي، في كيسمايو، وفق المصدر المطلع ذاته، الذي استبعد وجود «عقبات أو شروط مسبقة أخرى أمام الاجتماع».
وقال الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»، إن الاجتماع «مؤكد وسيحدث، ويُمثل أهمية للجانبين، في ظل تعقيد الأزمة السياسية... ويرتقب أن يناقش كل الخلافات السياسية في البلاد جملة واحدة على الطاولة».

وكانت العودة لاستكمال الدستور المؤقت الذي يعود إلى 2012، الشرارة الأبرز لزيادة الخلافات بين الحكومة الفيدرالية مع ولايتي بونتلاند وغوبالاند من جانب و«منتدى المعارضة»، الذي يترأسه الرئيس الأسبق شيخ شريف شيخ أحمد، من جانب آخر، إذ رفض الجانبان تعديلات أجريت في مارس (آذار) 2024، مهّدت لتغيير نظام الحكم من «البرلماني» إلى «الرئاسي»، وإقرار الذهاب لإجراء الانتخابات المباشرة لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن، في عام 2026. وشددا في بيانات وتصريحات، آنذاك، على أهمية «استكمال الدستور وليس تعديله، والعودة عن ذلك المسار».
ووسط تلك الأجواء، أطلقت ولايتا بونتلاند وغوبالاند في بيان أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي، دعوة للحوار مع الحكومة الفيدرالية في الصومال، في حين اتّجه «المنتدى المعارض» إلى الدعوة لاحتجاجات بالعاصمة مقديشو، أواخر الشهر ذاته، وسط تحذيرات الحكومة من إتمامها واحتمال اعتبارها «تخريبية».
وينتظر أن يكون لقاء حسن شيخ محمود ومدوبي الأول منذ أزمة انتخاب رئيس ولاية غوبالاند في 2024، الذي أعلنت الحكومة الصومالية رفض الاعتراف به عقب إصدار محكمة كيسمايو مذكرة اعتقال بحق الرئيس الصومالي، متهمة إياه بـ«إشعال حرب أهلية، وتقويض الوحدة الوطنية»، وذلك غداة إصدار محكمة بنادر الإقليمية التابعة لمقديشو، مذكرة اعتقال بحق مدوبي، متهمة إياه بـ«انتهاك الدستور الصومالي».
وسيكون اللقاء المحتمل «حاسماً في وقف ذلك التصعيد، والتهدئة»، وفق مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، مرجحاً «ألا يكون نهاية للأزمة، ولكن بداية لجولات حوارات سياسية».




