انطلق في مصر، عام دراسي جديد، وسط تحديات متكررة، أبرزها كثافة الفصول، وتغيب الطلاب، و«توحش الدروس الخصوصية»، الذي يرهق معظم الأسر.
وأكدت وزارة التربية والتعليم المصرية، السبت، انتظام الدراسة بجميع المدارس، ووفق وسائل إعلام محلية، وجَّه وزير التعليم المصري، محمد عبد اللطيف، بأهمية «تحقيق الانضباط والمتابعة الدقيقة لانتظام العملية التعليمية من خلال جولات ميدانية مستمرة لقيادات الإدارات والمديريات التعليمية».
ويأتي انطلاق العام الدراسي الجديد في مصر، وسط جدل مجتمعي يتعلق بخطط تطوير التعليم التي يتبناها الوزير الحالي. ففي يوليو (تموز) الماضي، أقرَّ مجلس النواب المصري (البرلمان) مشروع تعديل «قانون التعليم» الذي تضمَّن إضافة أنظمة جديدة، منها، «البكالوريا» بديلاً للثانوية العامة، وهو النظام الذي ما زال يثير جدلاً واسعاً في البلاد.
ويواجه العام الدراسي الجديد تحديات متكررة، أبرزها كثافة الفصول، والغياب، والدروس الخصوصية، وعلى الرغم من تعهدات متكررة للحكومة ووزارة التعليم بمواجهة هذه التحديات، فإن خبراء يرون أنها «ما زالت قائمة».
الخبيرة التربوية في مصر، الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، ترى أن التحديات الأساسية في المنظومة التعليمية لم تتغير. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «إن كثافة الفصول كما هي، ما زالت تُشكِّل مشكلةً كبيرةً في العملية التعليمية، خصوصاً في المرحلة الابتدائية، والمناطق ذات الكثافة السكانية الكبيرة».
ويبلغ عدد المدارس في مصر نحو 27 ألف مدرسة، وفق تصريحات نائب وزير التربية والتعليم، أيمن بهاء الدين، في سبتمبر (أيلول) الماضي. وبحسب «مركز معلومات وزارة التعليم» بلغ عدد المعلمين في المدارس الحكومية 808 آلاف و694 معلماً، وفي المدارس الخاصة 113 ألفاً و934 معلماً خلال العام الدراسي الماضي.
وأكدت الدكتورة بثينة أن «إجراءات وزارة التعليم، الخاصة بتطبيق نظام الحضور والغياب قللت نسبياً من معدل غياب الطلاب؛ لكن ليس كثيراً»، في حين أن «الدروس الخصوصية ازدادت في جميع مراحل التعليم، واللافت أن الأسر لجأت إلى منح أطفالهم في المرحلة الابتدائية دروساً خصوصية؛ بسبب تغير المناهج، مما يعني أن خطط تطوير التعليم تسببت في زيادة الدروس الخصوصية»، حسب رأيها، لافتة إلى وجود تحدٍ آخر هو «عجز المدرسين، الذي ما زال مستمراً».

ودافع وزير التعليم المصري عن جهود وزارته في تقليل كثافة الفصول، وقال أمام مجلس النواب، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي: «إن 99 في المائة من المدارس بمصر أصبح عدد الطلاب بها أقل من 50 طالباً بالفصل»، مؤكداً أن «الوزارة تعمل على بناء 15 ألف فصل في المدارس بشكل سنوي».
وقبل يومين من بدء العام الدراسي الحالي، افتتح وزير التعليم المصري، 3 مدارس جديدة بمحافظة الجيزة في مناطق المنيل والهرم وأبو النمرس.
في حين تقدم عضو مجلس النواب، الدكتور فريدي البياضي، السبت، بسؤال برلماني إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير التربية والتعليم بشأن خطط الحكومة لتطوير التعليم، خصوصاً تطبيق نظام «البكالوريا» إلى جوار «الثانوية العامة»، وقال البياضي: «إن قرارات وزير التعليم صدرت بشكل متعجل وأحدثت ارتباكاً واسعاً وضغطاً نفسياً هائلاً على الطلاب وأسرهم»، محذراً من «عجز المدارس عن تطبيق نظامَين متوازيين (البكالوريا والثانوية العامة)».

ويبلغ عدد طلاب التعليم الأساسي «قبل الجامعي» في مصر نحو 25 مليون طالب، وفق وزارة التربية والتعليم. ويتزامن بدء الفصل الدراسي الثاني مع انتقادات متصاعدة للخطط الحكومية الخاصة بتطوير التعليم.
وأكدت مؤسِّسة «ائتلاف أولياء أمور مصر»، الخبيرة التربوية، داليا الحزاوي، أن «معدلات غياب الطلاب في المدارس تراجعت بشكل ملحوظ؛ نتيجة للإجراءات الصارمة التي اتخذتها وزارة التعليم بخصوص الالتزام بالحضور في جميع المراحل التعليمية، ومنها تسجيل الغياب إلكترونياً، وربط الحضور بالأداءات الصفية والتكليفات المنزلية والتقييمات الأسبوعية والاختبارات الشهرية».
وقالت الحزاوي لـ«الشرق الأوسط»: «إن ارتفاع الكثافات الطلابية داخل الفصول ما زال من أبرز التحديات، كما أن (الدروس الخصوصية) ما زالت من أبرز هموم الأسر المصرية، ومواجهتها لا تكون من خلال التجريم أو فرض الضرائب على السناتر والمعلمين؛ بل من خلال معالجة الأسباب الحقيقية التي أدّت إلى انتشارها».



