تقرير أممي: طرفا النزاع في السودان ارتكبا «جرائم حرب»

يتأهبان لـ«معارك فاصلة» بإقليم كردفان

حرب السودان الدائرة منذ أبريل 2023 تسببت في دمار كبير للمباني والبنية التحتية للبلاد (أ.ف.ب)
حرب السودان الدائرة منذ أبريل 2023 تسببت في دمار كبير للمباني والبنية التحتية للبلاد (أ.ف.ب)
TT

تقرير أممي: طرفا النزاع في السودان ارتكبا «جرائم حرب»

حرب السودان الدائرة منذ أبريل 2023 تسببت في دمار كبير للمباني والبنية التحتية للبلاد (أ.ف.ب)
حرب السودان الدائرة منذ أبريل 2023 تسببت في دمار كبير للمباني والبنية التحتية للبلاد (أ.ف.ب)

أعلن فريق من محققي الأمم المتحدة، الجمعة، أن البعثة وجدت أدلة على ارتكاب كلا الجانبين جرائم حرب في النزاع الدائر بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، والذي أودى بحياة الآلاف منذ اندلاعه في أبريل (نيسان) 2023.

وقال رئيس البعثة الأممية، محمد شاندي عثمان، في بيان: «نتائجنا لا تترك مجالاً للشك: المدنيون هم من يدفعون الثمن الأعلى في هذه الحرب».

وأضاف: «لقد استهدف كلا الجانبين المدنيين عمداً من خلال الهجمات وعمليات الإعدام التعسفية والاعتقال التعسفي والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية في مراكز الاحتجاز، بما في ذلك الحرمان من الطعام والخدمات الصحية والرعاية الطبية».

وتابع: «هذه ليست مآسي عرضية بل استراتيجيات متعمدة ترقى إلى جرائم حرب».

في حين أن المحققين اتهموا كلا الجانبين بالمسؤولية عن النزاع الوحشي، سلطوا الضوء بشكل خاص على وحشية «قوات الدعم السريع» في مدينة الفاشر التي تحاصرها منذ مايو (أيار) 2024.

وجاء في البيان أن «(قوات الدعم السريع) ارتكبت خلال حصار الفاشر والمناطق المحيطة بها جرائم لا حصر لها ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والتعذيب والاستعباد والاغتصاب والاستعباد الجنسي والعنف الجنسي، والتهجير القسري والاضطهاد على أسس عرقية وسياسية».

وأضاف أن «(قوات الدعم السريع) وحلفاءها استخدموا التجويع أداةَ حرب، وحرموا المدنيين من أبسط الأشياء لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك الغذاء والدواء وإمدادات الإغاثة، وهو ما قد يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية بهدف الإبادة».

وطالبت بعثة تقصي الحقائق باتخاذ إجراءات دولية لسوق مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة.

من جانبها، قالت منى رشماوي، عضوة البعثة، في بيانها، إن «المساءلة ليست اختيارية، بل هي ضرورة قانونية وأخلاقية لحماية المدنيين ومنع وقوع المزيد من الفظائع».

الاستعداد لـ«معارك فاصلة»

قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يحيي مؤيديه في العاصمة الخرطوم (أرشيفية - أ.ب)

يتجه طرفا النزاع في السودان، الجيش و«قوات الدعم السريع»، بحسب الاستعدادات الجارية ورفع حالة التأهب والتحشيد المتبادل، إلى «معارك فاصلة» في الأيام المقبلة، ويتوقع أن تغطي العمليات العسكرية المرتقبة مناطق واسعة في إقليم كردفان.

وقال نائب القائد العام للجيش، شمس الدين كباشي، مساء الخميس: «نحن في القيادة على عجلة من أمرنا، وقواتنا جاهزة لمواصلة القتال دون تأخير». ونفى في لقاء حكومي بمدينة الأُبيّض، أكبر مدن كردفان، ما يتردد عن وجود اتجاه لمفاوضات مع «قوات الدعم السريع»، قائلاً: «لن نتوقف عن الحرب إلا باستسلام هؤلاء الخونة المارقين».

وتضم مدينة الأُبيّض قاعدة عسكرية مهمة تابعة للجيش، وصفها كباشي بـ«محطة مهمة لمواصلة القتال حتى تحرير كل شبر في البلاد». كما وجه بإخراج القوات المقاتلة من المدينة، وتوجيهها إلى الميدان للقاء «قوات الدعم السريع»، ووقف على التجهيزات للمراحل المقبلة التي تنتشر فيها القوات العسكرية.

الصراع على كردفان

لقطة من فيديو بثّته «قوات الدعم السريع» لعناصرها في محيط مدينة الفاشر عبر «تلغرام»

ويشهد إقليم كردفان - الواقع في وسط السودان ويجاور إقليم دارفور المضطرب - تطورات ميدانية متسارعة في ضوء محاولات «قوات الدعم السريع» إحكام السيطرة على المناطق والطرق الرئيسية المؤدية إلى مدينة الأُبيّض، وتوسيع خريطة السيطرة والنفوذ في إقليم كردفان لتعزيز وضعها العسكري في البلاد بشكل عام، خصوصاً بعد أن خسرت العاصمة الخرطوم في وقت سابق من العام.

بدورها، حذرت «قوات الدعم السريع» مما أسمته «مخططاً إرهابياً» للجيش والفصائل المسلحة التي تقاتل في صفوفه، لاستخدام أسلحة محرمة في معارك كردفان. وأعلنت أن قواتها تقف على «أعلى درجات اليقظة والجاهزية لإفشال هذه المخطط، وستواصل الزحف بقوة حتى تحرير كامل التراب السوداني، وهي في حالة تحضير مستمر للدفاع والتصدي لأي تحركات تستهدف المدن التي تسيطر عليها».

ويستعد الجيش لتوسيع نطاق العمليات العسكرية، وحشد المقاتلين وإرسال المزيد من التعزيزات إلى جبهات القتال في إقليمي كردفان ودارفور. وكانت «قوات الدعم السريع» قد خاضت في الأسابيع الماضية معارك كبيرة في منطقتي أم صميمة والسيال في شمال كردفان، أوقفت بموجبها خطط الجيش للزحف نحو غرب الولاية التي تربط وسط البلاد بغربه وجنوبه.

وأمضى الجيش السوداني عدة أشهر لحشد قواته لاستعادة السيطرة على محليات منطقتي جبرة الشيخ وبارا شمال، تزامناً بالتحرك نحو مدينتي الخوي والنهود في غرب كرفان، وشق طريق من الأُبيّض، تمهيداً لفكّ الحصار عن مدينة الفاشر، أكبر مدن إقليم دارفور.

وفي وقت سابق، عزز الجيش خطوط دفاعه حول مدينة الأُبيّض، تحسباً لهجوم محتمل من «قوات الدعم السريع» التي حققت تقدماً ميدانياً كبيراً بالسيطرة على بلدات تبعد نحو 40 كيلومتراً فقط عن المدينة.

لا أفق لحل سياسي

ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع «اتفاق جدة» في مايو 2023 (رويترز)

وفي غضون ذلك، قال رئيس المكتب التنفيذي لـ«التجمع الاتحادي»، بابكر فيصل: «لا يُوجد أفق لحل سياسي يوقف الحرب قريباً بسبب غياب الإرادة، بل إن كل الدلائل تشير إلى سعي الطرفين المتحاربين لحشد السلاح والمقاتلين استعداداً لجولة جديدة من معارك كسر العظم في كردفان، بعد نهاية فصل الخريف».

وأضاف في تدوينة على موقع «فيسبوك» أن خطر تقسيم البلاد أصبح واقعاً لا يمكن التغاضي عنه، وأن استمرار الحرب هو المُهدد الأول لوحدة السودان. وتابع فيصل: «سبق أن دعونا لتكوين لجنة تحقيق دولية مستقلة للنظر في كافة الاتهامات المتعلقة بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية، واستخدام أسلحة محرَّمة في الحرب الدائرة، وهي دعوة لا يرفضها إلا من يخشى الكشف عما ارتكب من جرائم».

وتُعد ولاية شمال كردفان ذات أهمية استراتيجية للطرفين؛ إذ تتوسط بين إقليم دارفور والعاصمة الخرطوم، وتشكل معبراً حيوياً لنقل القوات والإمدادات، في وقت تحاول فيه «قوات الدعم السريع» التسلل عبر طريق الصادرات الذي يربط بلدة بارا بمدينة أم درمان، ثانية كبرى مدن العاصمة السودانية المثلثة، التي تتكون من الخرطوم وأم درمان وبحري.

وتصادف الخلاف في السودان مؤخراً، عقب الإعلان عن حكومة انتقالية موازية في البلاد، بقيادة قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عاصمتها نيالا، كبرى مدن إقليم دارفور في غرب البلاد، وهي خطوة عُدت تحولاً كبيراً في مسار الحرب المتواصلة في البلاد منذ ما يزيد على عامين.


مقالات ذات صلة

البرهان يبحث مع وزير الخارجية المصري تطورات الأوضاع في السودان

شمال افريقيا رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان يستقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في بورتسودان (موقع المجلس على «فيسبوك»)

البرهان يبحث مع وزير الخارجية المصري تطورات الأوضاع في السودان

التقى رئيس مجلس «السيادة الانتقالي» عبد الفتاح البرهان، الثلاثاء، في بورتسودان، وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي وبحث معه تطورات الأوضاع في السودان.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا قائد الجيش البرهان وإلى يساره مساعده ياسر العطا (الجيش السوداني)

تصريحات مساعد البرهان... هل تُفشل هدنة «الرباعية»؟

أثارت تصريحات مساعد القائد العام للجيش السوداني، ياسر العطا، التي شدد فيها على التمسك بالحل العسكري، ردود فعل متباينة في الأوساط السودانية.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
العالم العربي «شبكة أطباء السودان» تصف ما يجري في الفاشر بأنه «جريمة إنسانية مكتملة الأركان» (رويترز)

الأمم المتحدة تدعو إلى وقف «الفظائع المروّعة» في السودان

دعا مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك (الاثنين) إلى تحرّك دولي عاجل لوقف «الفظائع المروّعة» في مدينة الفاشر السودانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
الخليج جانب من اجتماع سابق لـ«الرباعية» في نيويورك (الخارجية المصرية) play-circle

مصدر قريب من «الرباعية»: «منبر جدة» مفتوح أمام طرفَي الصراع السوداني

أكد مصدر وثيق الصلة بمفاوضات المجموعة «الرباعية الدولية» المعنيّة بالأزمة في السودان أن جهوداً تُبذل بهدف توقيع هدنة إنسانية وإطلاق حوار.

غازي الحارثي (الرياض)
العالم العربي المدير العام لمنظمة «الصحة العالمية» تيدروس أدهانوم غيبريسوس (د.ب.أ)

«الصحة العالمية»: مقتل 6 وإصابة 12 في هجوم على مستشفى بولاية كردفان السودانية

أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، اليوم (الأحد)، أن هجوماً على مستشفى في ولاية كردفان السودانية يوم 6 نوفمبر الحالي أدّى إلى مقتل 6 وإصابة 12 آخرين.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

المصريون يختتمون المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب

سيدة مصرية تدلي بصوتها في اليوم الثاني من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب المصري (المجلس القومي للمرأة)
سيدة مصرية تدلي بصوتها في اليوم الثاني من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب المصري (المجلس القومي للمرأة)
TT

المصريون يختتمون المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب

سيدة مصرية تدلي بصوتها في اليوم الثاني من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب المصري (المجلس القومي للمرأة)
سيدة مصرية تدلي بصوتها في اليوم الثاني من المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب المصري (المجلس القومي للمرأة)

يختتم المصريون، الثلاثاء، المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب، التي أجريت في 14 محافظة على مدى يومين، وسط أجواء «أكثر سخونة» و«إقبال أكبر» عن اليوم الأول، خصوصاً في القرى وفي محافظات الصعيد التي شهدت حشداً من جانب الأحزاب والمرشحين، وفق مسؤولين.

وقال المدير التنفيذي للهيئة الوطنية للانتخابات المستشار أحمد البنداري خلال مؤتمر صحافي، الثلاثاء، إن اليوم الثاني «شهد كثافات وإقبالاً على عدد كبير من اللجان الانتخابية، وتم دعم عدد من اللجان ببطاقات تصويت في المواقع التي شهدت إقبالاً كبيراً من الناخبين».

وكان لافتاً انتشار لافتات الأحزاب أمام بعض اللجان الانتخابية، كما برز وجود مَسيرات انتخابية في مناطق متفرقة للحشد الانتخابي بعدد من المحافظات، وانتشرت وسائل نقل جماعية تحمل صور مرشحين وتجوب بها الشوارع، واستمرت ظاهرة إذاعة الأغاني الوطنية عبر مكبرات الصوت في محيط بعض اللجان.

سيدة مصرية قعيدة تتوجه للإدلاء بصوتها في انتخابات مجلس النواب المصري (حزب الشعب الجمهوري)

ويحق لأكثر من 35 مليون ناخب التصويت في المرحلة الأولى بانتخابات مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، وتُجرى في 14 محافظة، ويتنافس فيها 1281 مرشحاً على النظام الفردي، وقائمة واحدة هي «القائمة الوطنية من أجل مصر»، وهي تحتاج إلى خمسة في المائة فقط من مجمل الأصوات المُقيدة للفوز.

كثافة بين المتوسطة والعالية

ورصدت غرفة العمليات الخاصة بـ«تنسيقية شؤون الأحزاب والسياسيين» إقبالاً كثيفاً مع بدء تصويت اليوم الثاني، وأشارت إلى أن «المشاركة ازدادت على مدار ساعات اليوم في بعض الدوائر»، كما رصدت منافسة انتخابية قوية على المقاعد الفردية في محافظات الصعيد وبعض دوائر محافظة البحيرة، «مما استدعى حشد الأحزاب السياسية لأنصارها من أجل دعم مرشحيها».

وقال الأمين العام المساعد لحزب «مستقبل وطن» عضو مجلس الشيوخ عصام هلال عفيفي إن معدلات المشاركة في اليوم الثاني تفوق نظيرتها في اليوم الأول، وإن النساء والشباب تصدروا المشهد في كثير من اللجان، مشيراً إلى تسهيلات حكومية لوصول الناخبين إلى اللجان عبر وسائل نقل عامة.

مشاركة كثيفة للسيدات في إحدى لجان محافظة سوهاج (حزب الإصلاح والتنمية)

وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ارتفاع معدلات المشاركة طبيعي في اليوم الثاني الذي تزيد فيه سخونة المنافسة قبل غلق باب التصويت، وفي الوقت ذاته فهي تعبر عن وعي سياسي من جانب المواطنين بغض النظر عن توجهاتهم».

وتابعت الهيئة الوطنية للانتخابات في مؤتمر عبر الفيديو مع القضاة رؤساء اللجان سير العملية الانتخابية بعد ساعات من انطلاقها. ووصف كثير من المشرفين على اللجان الكثافة الحضورية بأنها بين «المتوسطة والعالية»، فيما طالب بعضهم بتزويدهم ببطاقات تصويت إضافية.

ولفت البنداري إلى تمديد ساعات العمل في اللجان التي بها ناخبون بعد التاسعة مساء، وهو موعد غلق باب التصويت، ويعقب ذلك بدء أعمال الفرز وإعلان الأعداد المشاركة دون إعلان نتائج.

وأشار إلى أن اليومين الأول والثاني من انتخابات مجلس النواب «شهدا إقبالاً مُرضياً» من المواطنين في مختلف المحافظات، مع تفاوت ملحوظ في كثافات التصويت بين الدوائر الانتخابية، وأوضح في تصريحات إعلامية أن بعض اللجان شهدت تأخيراً نسبياً بسبب كثرة عدد المرشحين في بعض الدوائر، وأن جميع الناخبين الذين حضروا تمكنوا من الإدلاء بأصواتهم دون أي عقبات.

المشاركة النسائية البارزة تستمر لليوم الثاني في انتخابات مجلس النواب المصري (المجلس القومي للمرأة)

ورصد تقرير «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» في اليوم الثاني من الاقتراع «إقبالاً ملحوظاً للسيدات على المشاركة في التصويت، خصوصاً في المناطق الريفية بعدد من محافظات الصعيد والدلتا». وأشارت في تقرير أصدرته، الثلاثاء، إلى أن «المرأة الريفية لعبت دوراً بارزاً في المشهد الانتخابي منذ الساعات الأولى لفتح اللجان».

التغيير «المأمول»

وقالت مها عبد الرحيم، وهي ربة أسرة أدلت بصوتها في اليوم الثاني بحي الدقي في محافظة الجيزة، لـ«الشرق الأوسط»، إنها شاركت في الانتخابات أملاً في تحسين الخدمات المحيطة بها، وبحثاً عن التغيير المأمول بعيداً عن وجوه سابقة في دائرتها «لم يقوموا بأدوارهم تجاه الناخبين».

وفي المقابل، شكت أحزاب محسوبة على المعارضة بينها «المحافظين» و«العدل» إلى جانب حزب «الوعي» من منع مندوبيها دخول بعض الدوائر، ورصدت «وجود دعاية انتخابية مباشرة لبعض المرشحين داخل محيط عدد من اللجان، وتباطؤاً في سير العملية الانتخابية بالبعض الآخر نتيجة قلة عدد الصناديق مقارنة بعدد المقيدين».

لافتات الأحزاب تنتشر أمام إحدى اللجان الانتخابية في محافظة الجيزة (حزب الجبهة الوطنية)

وتوقع أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، حسن سلامة، أن تكون معدلات المشاركة في انتخابات مجلس النواب الحالية تفوق نظيرتها السابقة عام 2020، التي سجلت معدلات بلغت 28.6 في المائة؛ مشيراً إلى أن استبعاد الأحزاب بعض الوجوه القديمة والاستعانة بأخرى يجدد حيوية الحياة السياسية. لكنه شدّد على أن ذلك كان يتطلب دعاية سياسية أقوى قبل انطلاق الاقتراع.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لجان الصعيد والقرى والنجوع هي الأكثر كثافة في اليوم الثاني نتيجة الموروثات الاجتماعية المتعارف عليها نظراً للتنافس بين العائلات الكبيرة، وكان من الممكن أن تزيد معدلات المشاركة لو كانت هناك منافسة أيضاً بين القوائم».

ومن المقرر إعلان نتائج الاقتراع في المرحلة الأولى يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، على أن تُجرى جولة الإعادة في الخارج يومي الأول والثاني من ديسمبر (كانون الأول)، وفي الداخل يومي الثالث والرابع من الشهر نفسه، على أن تُعلن النتائج النهائية للمرحلة الأولى في 11 ديسمبر.

وتنطلق المرحلة الثانية من الانتخابات يومي 21 و22 نوفمبر الحالي في الخارج، وتُجرى بالداخل يومي 24 و25 من الشهر في 13 محافظة.


خلاف علني عنيف بين رئيس «مجلس النواب» الليبي ونائبيه

جلسة سابقة لاجتماع مجلس النواب الليبي برئاسة النويري ودومة في غياب صالح (مجلس النواب)
جلسة سابقة لاجتماع مجلس النواب الليبي برئاسة النويري ودومة في غياب صالح (مجلس النواب)
TT

خلاف علني عنيف بين رئيس «مجلس النواب» الليبي ونائبيه

جلسة سابقة لاجتماع مجلس النواب الليبي برئاسة النويري ودومة في غياب صالح (مجلس النواب)
جلسة سابقة لاجتماع مجلس النواب الليبي برئاسة النويري ودومة في غياب صالح (مجلس النواب)

اشتعلت حرب بيانات وتلاسن علني بين عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي ونائبيه الأول والثاني، ما ينذر بتفاقم الخلاف، وسط تأكيد المبعوثة الأممية هانا تيتيه على ضرورة وجود عملية سياسية «تحافظ على استقرار ووحدة البلاد».

وفي مؤشر على عمق التوترات داخل المجلس، رد رئيسه صالح، على مطالبة نائبيه الأول فوزي النويري، والثاني مصباح دومة، «بعدم الانفراد باتخاذ القرارات المتعلقة بالمناصب الخاضعة لاختصاص المجلس»، بتصريح وصف فيه هذه المطالبة بأنها «تحفظ ولا يُعتد بها» عبر تأشيرة مقتضبة تحمل توقيعه ونشرتها وسائل إعلام محلية.

وأكد مصدر برلماني مقرب من صالح، صحة هذه التأشيرة، لكنه امتنع عن التعليق على تصاعد النزاع المكتوم بين صالح ونائبيه، بعدما انفجر إلى العلن مؤخراً بسبب مطالبتهما بالالتزام بآليات جماعية، وإلغاء أي قرارات فردية صدرت خارج إطار المجلس.

ونقلت تقارير محلية رد النائبين النويري ودومة على تأشيرة صالح، حيث عدّا أن «هذا النوع من التأشيرات يُستعمل عندما يكون الموضوع متعلقاً بمزرعتكم الخاصة أو أحد ممتلكاتكم الشخصية»، في إشارة ساخرة إلى محاولة تهميش مطالبهما بوصفها أمراً شخصياً لا يمس اختصاصات المجلس.

ويعزز هذا التلاسن العلني، الذي تحول بحسب مراقبين إلى «حرب بيانات» بين صالح ونائبيه، المخاوف من تفاقم الشقاق داخل المجلس، وسط تحركات برلمانية واسعة، بما في ذلك توقيع نحو 70 نائباً على طلب تنحية صالح. إلا أن تأجيل المجلس مناقشة تعديل المادة المتعلقة برئاسة المجلس الشهر الماضي، سمح لصالح بالبقاء في منصبه مؤقتاً.

يأتي ذلك فيما نفى «مجلس حكماء وأعيان بني وليد» شمال غربي ليبيا، علاقته بلقاء المشير حفتر مؤخراً في مدينة بنغازي بشرق البلاد مع من وصفهم بـ«أشخاص ينتحلون صفة الأعيان»، موضحاً أن «أي طرف آخر يدعي تمثيله للمجلس، غير معتمد قانونياً أو اجتماعياً»، وهدّد باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المتورطين.

وقال بيان للمجلس برئاسة جبريل القائدي، إنه يعبر عما وصفه بالصوت «الوطني الحر الرافض لحكم العسكر والعائلة، بعيداً عن تقديس الأشخاص وبيانات الولاء والطاعة».

ورغم هذه التطورات، أكدت هانا تيتيه رئيسة بعثة الأمم المتحدة مجدداً عقب لقائها، مساء الاثنين، في القاهرة بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري على ضرورة «وجود عملية سياسية تحافظ على استقرار ووحدة ليبيا، وتؤدي إلى إجراء انتخابات ذات مصداقية»، كما شكرت «استمرار دعم مصر لعمل الأمم المتحدة».

قصف زوارة

وفي تصعيد أمني جديد في غرب ليبيا، أعلنت سرية «إسناد حرس وأمن السواحل» تعرض ميناء زوارة البحري لقصف جوي جديد يعتقد أنه تم بواسطة «طائرات مسيّرة تابعة لوزارة الدفاع في حكومة الوحدة».

وقال بيان مقتضب للسرية، الثلاثاء، إن الهجوم امتد إلى منطقة أبو كماش المجاورة، لكنها لم توضح أي تفاصيل عن حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الهجوم، الذي يعد الأحدث من نوعه.

ويمثل هذا القصف، امتداداً لحملة جوية بدأت الجمعة الماضي، حيث قالت وسائل إعلام موالية لحكومة «الوحدة» إن وزارتها للدفاع شنت غارات على قوارب «مشتبه بها في تهريب المهاجرين غير الشرعيين في ميناء زوارة» .

الدبيبة خلال اجتماع الجمعية العامة لشركة الكهرباء بطرابلس الثلاثاء (حكومة الوحدة)

ولم تعلق حكومة «الوحدة»، أو أجهزتها الأمنية والعسكرية على هذه التقارير، بينما تحدثت «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا»، عن إصابة بليغة لصياد مصري يدعى يحيى محمد عبد العزيز (20 عاماً) جراء استهداف قاربه بطائرة مسيرة، بالإضافة إلى سقوط ثلاثة ضحايا آخري؛ سودانيين وتونسي.

ولا يزال المصاب المصري يتلقى العلاج في مصحة خاصة بزوارة، وسط مطالبات بتحقيق عاجل من مكتب النائب العام.

وتعد مدينة زوارة الواقعة على الساحل المتوسطي الغربي لليبيا، على بُعد حوالي 110 كيلومترات غرب طرابلس وقرب الحدود التونسية، من أبرز المواني الصغيرة المستخدمة في الصيد البحري والتجارة المحلية، بينما تقع أبو كماش، وهي بلدة ساحلية قريبة من زوارة على بعد نحو 50 كيلومتراً، شرقها، وتشرف عليها قوات «حرس السواحل» التابعة للحكومة.


البرهان يبحث مع وزير الخارجية المصري تطورات الأوضاع في السودان

رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان يستقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في بورتسودان (موقع المجلس على «فيسبوك»)
رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان يستقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في بورتسودان (موقع المجلس على «فيسبوك»)
TT

البرهان يبحث مع وزير الخارجية المصري تطورات الأوضاع في السودان

رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان يستقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في بورتسودان (موقع المجلس على «فيسبوك»)
رئيس «مجلس السيادة» السوداني عبد الفتاح البرهان يستقبل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في بورتسودان (موقع المجلس على «فيسبوك»)

التقى رئيس مجلس «السيادة الانتقالي» القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، الثلاثاء، في بورتسودان، وزير الخارجية والهجرة المصري بدر عبد العاطي، وبحث معه العلاقات الثنائية وتطورات الأوضاع في السودان.

ونقل وزير الخارجية المصري لرئيس المجلس السيادي «رسالة دعم وتضامن من شقيقه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي»، مؤكداً موقف مصر المبدئي الداعم لوحدة وسيادة السودان، والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني الشقيق.

وأعرب البرهان عن شكره وتقديره لمصر، حكومةً وشعباً، لوقوفها مع السودان في كل المحافل الإقليمية والدولية، وحرصها على سلامة وأمن واستقرار السودان وسيادته. كما أكد توفر الإرادة لدى البلدين لدفع مجالات التعاون المشتركة في المجالات كافة، وفق إعلام مجلس السيادة.

وقال وزير الخارجية المصري في تصريحات صحافية إن اللقاء تناول العلاقات الثنائية وسبل تطويرها في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، مضيفاً: «تحدثنا عن المصير المشترك الذي يجمع بين البلدين، فيما يتعلق بالأمن المائي، بعدّهما دولتي مصب لنهر النيل».

وزير الخارجية المصري في تصريحات صحافية عقب لقاء رئيس مجلس السيادة السوداني في بورتسودان الثلاثاء (موقع المجلس على «فيسبوك»)

وتابع: «هناك تطابق في مواقف البلدين فيما يرتبط بالأمن المائي و(مياه النيل) بعدّها قضية وجودية للبلدين الشقيقين».

وقال عبد العاطي: «استمعت إلى شرح من رئيس مجلس السيادة عن الأوضاع الميدانية والإنسانية على الأرض».

وأكد أن بلاده تقف بقوة مع وحدة السودان ودعم مؤسساته الوطنية، ومن بينها القوات المسلحة.

وذكر عبد العاطي أن زيارته الرابعة للسودان منذ تقلده منصب وزير الخارجية تعكس عمق العلاقات بين البلدين وحرص الرئيس السيسي على متابعة الأوضاع في السودان، والعمل على ترقية وتطوير العلاقات الثنائية بما يحقق مصلحة شعبي وادي النيل.

وكان وزير الخارجية المصري قد زار بورتسودان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتقى حينها رئيس مجلس السيادة، وناقشا مبادرة «الرباعية الدولية» بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية تقود إلى وقف فوري لإطلاق النار في السودان.

وفي الشهر نفسه اتفق رئيس مجلس السيادة السوداني والرئيس المصري على أهمية «الآلية الرباعية»، التي تضم السعودية ومصر، والإمارات، والولايات المتحدة، بعدّها «مظلة للسعي إلى تسوية الأزمة السودانية، ووقف الحرب بالسودان».

وطرحتِ «الرباعية» في أغسطس (آب) الماضي خريطة طريق، دعت فيها إلى هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال تسعة أشهر.