تكثف مصر جهودها لتأمين احتياجات الغاز في ظل المواجهات الإسرائيلية - الإيرانية، من أجل ضمان استقرار الكهرباء خلال فصل الصيف، وعدم اللجوء لتطبيق خطة «تخفيف الأحمال».
وأكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، حرص حكومته على التحرك السريع من أجل تأمين احتياجات الدولة من الغاز الطبيعي، عبر مواصلة دعم قدرات البنية التحتية لاستقبال الغاز المسال المستورد، بما يسهم في رفع كفاءة ومرونة منظومة الإمداد بالغاز الطبيعي للسوق المحلية، وقدرتها على تلبية الطلب المتزايد خصوصاً خلال أشهر الصيف.
وجدد مدبولي خلال جولة تفقدية بميناء السخنة، السبت، تأكيده على «تنفيذ حزمة من الإجراءات التكاملية في ظل المواجهات الإسرائيلية - الإيرانية، تستهدف وجود 3 سفن للتغييز بدءاً من مطلع يوليو (تموز) المقبل، لتكون طاقاتها الاستيعابية 2250 مليون قدم مكعب يومياً، بجانب العمل على وجود سفينة تغييز رابعة احتياطياً».
في حين أكد وزير البترول المصري، كريم بدوي، «وصول سفينة التغييز الرابعة في أغسطس (آب) المقبل، على أن يتم تشغيلها في ميناء دمياط على البحر المتوسط، بهدف ضمان استقرار وتنويع إمدادات الطاقة في ظل التحديات العالمية الحالية»، لافتاً إلى «تكثيف أعمال تنمية وإنتاج الغاز الطبيعي محلياً».
وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف العام الماضي؛ حين طبَّقت خطة لـ«تخفيف استهلاك الكهرباء» بقطع التيار لساعتين يومياً على الأقل في معظم المحافظات، وذلك بسبب «نقص الوقود»، وقررت الحكومة في يوليو (تموز) الماضي، وقف خطة «تخفيف الأحمال» بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية.
عضوة «لجنة الطاقة» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، عفاف زهران، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإجراءات الحكومية المتخذة حتى الآن في ملف الغاز تعكس تعاملاً بفكر إداري مختلف مع الأزمة الراهنة على خلفية تطورات ليست للبلاد علاقة بها»، متوقعة «عدم لجوء الحكومة لخطط تخفيف الأحمال بسبب نقص كميات الغاز».
لكن الرئيس التنفيذي الأسبق لـ«جهاز تنظيم مرفق الكهرباء»، حافظ سلماوي، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الرؤية الضبابية لما يحدث إقليمياً، وسيناريوهات التصعيد المحتملة بين إيران وإسرائيل، تشيران إلى غياب أي معلومات مؤكدة في ظل الاستمرار المتوقع بعجز الغاز، وهو أمر يتوقع استمراره حتى 2028 مع الاعتماد على الاستيراد لتحقيق الاكتفاء الذاتي».
وأضاف أن توفير الغاز وتسييله عبر السفن التي استأجرتها الحكومة المصرية يصل تقريباً في التكلفة المالية للضعف، مقارنة بالغاز الذي يصل إلى مصر من إسرائيل عبر الأنابيب، «الأمر الذي يضع عبئاً إضافياً على الحكومة مالياً»، مشيراً إلى أن «نحو 70 في المائة من محطات الكهرباء التي تعتمد على الوقود تعمل بالغاز، الأمر الذي يجعل كل السيناريوهات واردة وفق المتغيرات التي تنتج عن المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية».
وكانت الحكومة قد أوقفت الأسبوع الماضي، ضخ الغاز الطبيعي للمصانع بشكل مؤقت، ضمن إجراءات تفعيل «خطة طوارئ لإدارة أزمة الغاز»، والتي تتضمن خفض الإمدادات لبعض الصناعات.
واستوردت مصر 1.84 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال حتى مايو (أيار) 2025، بما يُشكّل نحو 75 في المائة من إجمالي وارداتها خلال العام الماضي، بحسب بيانات من «ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس»، الشهر الماضي.
وبحسب سلماوي فإن «الاتفاق على استيراد شحنات من الغاز وتسييلها يستغرق بعض الوقت بخلاف تكلفته المادية، وهي أمور يجب أن تدفع الحكومة للتوسع في تخزين كميات من الغاز داخل البلاد، تضمن تأمين الاحتياجات لفترات أطول في ظل التغيرات التي فرضتها الظروف الحالية»، مؤكداً أنه «حتى مع زيادة الإنتاج المستهدف الوصول إليها بنهاية العام الحالي سيتواصل العجز اليومي».
وأكد «ضرورة عدم الاستهانة بتوقف إمدادات الغاز عن المصانع، باعتبار أن عدداً ليس بالقليل من هذه المصانع يوفر السماد اللازم للزراعة، والبعض الآخر مرتبط بمواعيد تسليم بعض الأعمال، وربما سيتكبد خسائر بسبب غرامات التأخير لتوقف الإنتاج، الأمر الذي يستلزم اتخاذ إجراءات تضمن إعادة تشغيل هذه المصانع سريعاً».
وهنا تبدي عضوة «لجنة الطاقة» في البرلمان تفاؤلها بأن تكون عودة المصانع للعمل «بأسرع وقت»، في ظل اهتمام الدولة المصرية بتشجيع الصناعة.