أعاد تدخل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بشأن تعديلات قانون «الإيجار القديم»، الجدل بشأن مشروع القانون، الذي قدمته الحكومة للبرلمان لمناقشته، ويثير مخاوف اجتماعية في مصر.
ودعا السيسي، إلى ضرورة «تحقيق التوازن»، في تعديلات مشروع القانون، بين «المالك والمستأجر»، وفق توجيهات تحدث عنها رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، مساء الأربعاء.
ويعد مشروع قانون الإيجار القديم من المشروعات الخلافية التي ترتبط بمصير نحو 6 ملايين مواطن يشغلون وحدات سكنية مؤجرة منذ عشرات السنين بمبالغ زهيدة، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وأثارت مناقشات مجلس النواب المصري لمشروع قانون «الإيجار القديم»، الذي قدمته الحكومة لتفادي «بطلان دستوري» للقانون الحالي، جدلاً أخيراً، من نوب البرلمان ومن طرفي النزاع «الملاك والمستأجرين»، وسط مطالب بضرورة إعادة النظر في مواد رئيسية بالمشروع.
وكانت المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حكماً بعدم دستورية تثبيت الأجرة السنوية للأماكن المرخص بإقامتها لأغراض السكن، وعدّته «عدواناً على حق الملكية».
حديث رئيس الوزراء عن توجيهات الرئيس السيسي حول إعادة النظر في بعض مواد قانون الإيجار القديم يعطينا الثقه أن الرئيس بحكمته واحترامه للرأي العام لايمكن أن يوافق علي قانون يخالف حكم المحكمة الدستورية العليا أو يهدد السلام الاجتماعي. الرئيس هو الملجأ الأخير للمظلومين، والحريص علي...
— مصطفى بكري (@BakryMP) May 28, 2025
وأشار رئيس الوزراء المصري، إلى أن «السيسي وجه بمراعاة ما أثير من ملاحظات بشأن قانون الإيجار القديم، خلال مناقشات الحوار المجتمعي»، وأكد في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، «عدم الانحياز لطرف ضد الآخر، وتحقيق التوازن بين الشق القانوني ومراعاة الظروف الاجتماعية للمستهلكين».
وتحدث مدبولي، عن إعادة النظر في نقاط خلافية في مشروع القانون، من بينها «تمديد الفترة الانتقالية لإخلاء الوحدات السكنية، عن الوحدات التجارية»، إلى جانب «تحديد قيمة الإيجارات في الوحدات السكنية، طبقاً للأحياء والمناطق مراعاة للبعد الاجتماعي».
ووفق مشروع القانون الحكومي المقترح، ترتفع القيمة الإيجارية عن المتفق عليها عند التعاقد عشرين ضعفاً، بحد أدنى ألف جنيه للمدن وخمسمائة جنيه للقرى (يعادل الدولار الأميركي الواحد 49.69 جنيه مصري).
وأجرت الحكومة المصرية، نقاشاً بشأن تعديل قانون الإيجار القديم، بناء على حكم المحكمة الدستورية، وفق مدبولي، وأشار إلى أن حكومته «تتعرض لملف شديد التعقيد، تعود قوانينه إلى أكثر من 60 عاماً ماضية».

وتمنع النصوص المنظمة للإيجار القديم التي صدرت في عشرينات القرن الماضي، وأُدخلت عليها عدة تعديلات في الأربعينات والخمسينات والستينات، زيادة الأجرة السنوية للأماكن المرخص بإقامتها لأغراض السكن، أو إخلاء الملاك للوحدات المؤجرة.
وتواصل جلسات الاستماع التي ينظمها البرلمان، جلساتها بشأن تعديلات مشروع القانون، للوصول لنتيجة توافقية بين طرفي قانون الإيجار القديم، وفق رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب المصري، محمد عطية الفيومي، وأشار إلى أن «المناقشات تستهدف صياغة مشروع متوازن يحقق مصلحة الجميع، دون انحياز».
وأوضح الفيومي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «التعديلات المطروحة على القانون، تستهدف تحقيق العدالة، والرحمة في الوقت نفسه»، مشيراً إلى أن «هناك بعداً اجتماعياً لمستأجرين، يقيمون في وحدات سكنية منذ سنوات عديدة، ويجب أن تراعي التعديلات هذا الجانب الإنساني».
وبدأ البرلمان المصري، جلسات استماع بشأن قانون الإيجار القديم، مطلع شهر مايو (أيار) الحالي، بإشراف لجنة مشتركة من لجان «الدستورية والإسكان والتشريعية والإدارة المحلية»، لمناقشة التعديلات المطروحة على القانون من الحكومة.
وسيناقش البرلمان، مختلف المقترحات الجديدة، التي تحقق البعد الاجتماعي في تنفيذ مشروع قانون الإيجار القديم، وفق الفيومي، وقال إن «حديث رئيس الوزراء المصري، عن زيادة الفترة الانتقالية للوحدات السكنية، على الوحدات التجارية، ستكون محل دراسة»، مشيراً إلى أن «الحوار المجتمعي سيتواصل، حتى موعد صدور القانون بشكل نهائي، قبل نهاية يوليو (تموز) المقبل، تنفيذاً لحكم المحكمة الدستورية».
بينما يرى عضو مجلس النواب عاطف مغاوري، أن صيغة مشروع قانون الإيجار القديم المقدمة من الحكومة، «تنتقص من حقوق المستأجرين»، وقال إن «التعديلات المطروحة، تتحدث عن إنهاء العلاقة كاملة بين المالك والمستأجر»، عادّاً ذلك «إجراء غير دستوري، ويجب الحفاظ على حقوق المستأجرين بالاستمرار في الوحدات السكنية التي يقيمون فيها».
ويؤيد مغاوري، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، تنفيذ حكم المحكمة الدستورية بزيادة القيمة الإيجارية، لكنه يرفض إخراج المستأجرين من منازلهم حتى وإن أطالت الحكومة الفترة الانتقالية، وقال إنه «مع زيادة القيمة الإيجارية، بشكل يتوازن مع المناطق والأحياء والوضع الإنشائي للعقار»، وشدد على ضرورة «عدم تسريح ملايين الأسر التي تقيم في عقارات منذ سنوات طويلة، حفاظاً على الأمان الاجتماعي».




