قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها ستفرض عقوبات على السودان بعد التوصل لنتيجة مفادها «استخدام حكومته أسلحة كيماوية عام 2024» خلال صراع الجيش مع «قوات الدعم السريع»، وهو اتهام نفته الحكومة، ووصفت الاتهامات الأميركية بــ«الابتزاز السياسي».
وقالت المتحدثة باسم الوزارة تامي بروس، في بيان، إن «العقوبات ستتضمن قيوداً على الصادرات الأميركية وخطوط الائتمان الحكومية الأميركية، وستدخل حيز التنفيذ في موعد قريب من السادس من يونيو (حزيران)، بعدما تم إخطار الكونغرس الخميس. وأضافت بروس: «الولايات المتحدة تدعو حكومة السودان إلى وقف استخدام كل الأسلحة الكيماوية والوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية» التي تحظر استخدام مثل هذه الأسلحة.
الحكومة ترفض

ورفض السودان هذه الخطوة، ووصف الاتهامات بأنها باطلة، و«ابتزاز سياسي لا يستند إلى أي دليل». وقال المتحدث باسم الحكومة خالد الإعيسر، الجمعة: «هذه التدخلات التي تفتقر إلى الأساسين الأخلاقي والقانوني، تُفقد واشنطن ما تبقى لها من مصداقية، وتُغلق أمامها أبواب التأثير في السودان بفعل قراراتها الأحادية والمجحفة».
بدوره قال المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني، نبيل عبد الله، إن الاتهامات الأميركية «فطيرة ومضللة»، مؤكداً أن قواته «تخوض حرباً باساليب نظيفة ولا نستخدم أي أسلحة محرمة مطلقاً»، وفق ما جاء على منصته في «فيسبوك». وأضاف «ممكن القول إن مبرراتهم خطيرة ومضللة، نحن نخوض حربنا المشروعة بأساليب نظيفة... هم يعلمون ذلك، وفي الوقت نفسه يتعمدون غض الطرف عن المجرمين الحقيقين، وهم مليشيا آل دقلو الإرهابية»، يقصد قوات الدعم السريع.
من جهتها أيضا نفت وزارة الخارجية السودانية، الاتهامات الأميركية، مستنكرة الإجراءات التي أعلنت الإدارة الأميركية أنها ستتخذها ضد السودان بناء على هذه الاتهامات. وعبرت الوزارة عن استغرابها للنهج الذي اتبعته الإدارة الأميركية في هذه القضية، «إذ بدأت بتسريبات مجهولة المصدر للصحافة الأميركية قبل شهور تحمل هذه المزاعم، لكنها تجنبت تماماً أن تطرحها عبر الآلية الدولية المختصة والمفوضة بهذا الأمر في لاهاي».وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» ذكرت في يناير (كانون الثاني)، نقلاً عن أربعة مسؤولين أميركيين كبار، أن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيماوية مرتين على الأقل خلال الصراع، ونشر هذه الأسلحة في مناطق نائية من البلاد. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» حينها عن مسؤولين مطلعين قولهما إن الأسلحة الكيماوية استخدمت على ما يبدو غاز الكلور الذي يسبب أضراراً دائمة للأنسجة البشرية.
واندلعت الحرب في السودان في أبريل (نيسان) 2023 نتيجة صراع على السلطة بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، ما أدى إلى موجات من العنف العرقي وتسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم وأغرق مناطق عدة في مجاعة. وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص. وفرضت واشنطن في يناير (كانون الثاني) عقوبات على قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، متهمة إياه بالتمسك بإنهاء الصراع عن طريق الحرب وليس عبر المفاوضات.
«الدعم» مدان أيضاً
كما خلصت الولايات المتحدة إلى أن أعضاء من «قوات الدعم السريع» والميليشيات المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية، وفرضت عقوبات على بعض قيادات هذه القوة بما في ذلك قائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو المعروف باسم (حميدتي)، ونائبه عبد الرحيم دقلو (شقيقه).

وجاء في بيان بروس أن الولايات المتحدة قررت رسمياً في 24 أبريل بموجب قانون (مراقبة الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والقضاء على الحرب) لعام 1991 أن حكومة السودان استخدمت أسلحة كيماوية العام الماضي، لكنها لم تحدد نوع الأسلحة المستخدمة أو موعد أو مكان استخدامها على وجه الدقة. وقالت بروس: «تؤكد الولايات المتحدة التزامها الكامل بمساءلة كل من يسهم في انتشار الأسلحة الكيماوية». وقال مصدر دبلوماسي سوداني لـ«رويترز» إن الولايات المتحدة كان بإمكانها اللجوء إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية للتحقيق في هذه الادعاءات لكنها لم تفعل ذلك.
دعوة لوقف الحرب
من جهته، قال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، إن العقوبات الأميركية على الجيش السوداني «تضع النقاط على الحروف».
العقوبات الأميركية على الجيش السوداني بسبب استخدامه للسلاح الكيماوي ضد مواطنيه تضع النقاط على الحروف: لا حل إلا بوقف فوري للحرب ومسار سياسي يفضي إلى حكومة مدنية مستقلة.
— د. أنور قرقاش (@AnwarGargash) May 23, 2025
وأكد قرقاش، عبر منصة «إكس»، أنه لا يمكن التوصل إلى حل للصراع في السودان إلا بوقف فوري للحرب، ووضع مسار سياسي يفضي إلى تشكيل حكومة مدنية مستقلة.