فتح باطن الأرض على الشراكة الأجنبية يثير جدلاً في الجزائر

أقدم أحزاب المعارضة يطالب بسحب قانون استغلال المعادن

أشغال استغلال منجم بالجنوب الجزائري (متداولة)
أشغال استغلال منجم بالجنوب الجزائري (متداولة)
TT

فتح باطن الأرض على الشراكة الأجنبية يثير جدلاً في الجزائر

أشغال استغلال منجم بالجنوب الجزائري (متداولة)
أشغال استغلال منجم بالجنوب الجزائري (متداولة)

احتج أكبر حزب معارض في الجزائر على مشروع قانون عرضته الحكومة على البرلمان، يلغي قاعدة قانونية في الاستثمار، تلزم الشريك الجزائري بامتلاك 51 في المائة على الأقل من رأسمال أي مشروع، في حين لا يُسمح للمستثمر الأجنبي بامتلاك أكثر من 49 في المائة، وطالب بسحبه بحجة أنه «يتعارض مع الدستور».

وصرح السكرتير الأول لـ«جبهة القوى الاشتراكية» يوسف أوشيش، الأحد، بالعاصمة خلال نشاط حزبي، بأن النص القانوني الذي أعدته الحكومة «يُشكّل خطراً حقيقياً على السيادة الوطنية، إذ يرهن ثروات البلاد ومقدّراتها لصالح أطراف قد لا تراعي مصلحة الشعب الجزائري، وذلك يتعارض بوضوح مع الدستور الذي يكرّس حقّ الشعب في التحكم بثرواته الطبيعية، ويحمي المصلحة الوطنية في جميع السياسات العمومية».

وقال أوشيش إن حزبه «يرفض بشكل قاطع» مشروع قانون المناجم الجديد المعروض حالياً على البرلمان للتصويت، مطالباً بـ«سحبه فوراً بسبب ما يحمله من تهديدات صريحة تمسّ بسيادة الدولة والشعب على الثروات الوطنية».

ولفت إلى أن النص القانوني «يهدد الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية، الذي هو أحد أهم المبادئ التي قامت عليها الثورة (1954 - 1962)، والذي لا يزال مرجعاً أساسياً في تحديد هوية الدولة ومهامها تجاه الشعب، خصوصاً فيما يتعلق بضمان العدالة الاجتماعية وتكريس السيادة السياسية والاقتصادية».

وزير الطاقة أثناء عرض قانون المناجم أمام اللجنة الاقتصادية البرلمانية (الوزارة)

وشدد على أن قطاع المناجم «يُعدّ من بين القطاعات الاستراتيجية ذات الأهمية البالغة»، وكان من المفترض، حسبه، أن «يُعطى الوقت الكافي لصياغة قانونه بما يضمن المصلحة الوطنية، من دون استعجال أو ضغوط، مع توسيع دائرة التشاور لتشمل كل الفاعلين والخبراء والمختصين في هذا المجال»، لافتاً إلى أن «هذا التسرّع وإقصاء الفاعلين من المشروع، يدلان على إصرار على النهج الأحادي في اتخاذ القرارات المتعلقة بمستقبل البلاد».

وحذر مسؤول الحزب الذي أسسه رجل الثورة الراحل حسين آيت أحمد، من «التداعيات طويلة المدى لهذا القانون، فهو لا يهدد الحاضر فقط، بل يرهن أيضاً مقدرات الأجيال القادمة، ويهدد حقهم في الاستفادة من ثروات الوطن واستغلالها بطريقة عادلة ومستدامة»، داعياً إلى «إطلاق نقاش وطني واسع وشامل يضمن مشاركة جميع الأطراف المعنية، في سبيل بناء سياسة منجمية سيادية وعادلة، ومبنية على مبادئ الشفافية والعدالة الاجتماعية».

ووفقاً للجهة التي أعدت المشروع، وهي وزارة الطاقة والمناجم، فإن قطاع المعادن «يواجه تحديات كبيرة تعيق استغلال القدرات التي يتيحها بشكل كامل». ومن بين العراقيل المطروحة، ذكر أصحاب النص «القاعدة 49/51» الخاصة بالاستثمار الأجنبي في الجزائر. ويفهم من ذلك أن الحكومة تريد تشجيع جذب المستثمرين الأجانب إلى قطاع المناجم، ولا يتم ذلك في تقديرها إلا بإلغاء إجراءات إلزام وجود شريك محلي يملك 51 في المائة من رأس مال المشروع.

«غار جبيلات» أحد أشهر المناجم الجزائرية في جنوب غربي الجزائر (متداولة)

وتضمن النص «تقليص القيود المفروضة على الشراكة والاستثمار الأجنبي بقطاع المناجم»، مبرزاً «الاحتياطات الكبيرة من الحديد والفوسفات والذهب والزنك والرصاص المخزن في الأرض الجزائرية الشاسعة»، ومؤكداً أيضاً أن «البلاد تعوّل كثيراً على هذا القطاع في سعيها لتنويع اقتصادها والتحرر من التبعية للمحروقات».

ويجري العمل حالياً بالقانون المنجمي الصادر عام 2014، الذي يتضمن «تشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي من خلال الشراكات والحوافز الضريبية»، لكنه في الوقت نفسه يفرض قيوداً تتعلق بـ«السيادة الوطنية على الموارد»، كما أوضحته «اللجنة الاقتصادية» بالبرلمان في تقرير لها بخصوص النص القانوني الجديد. وقد أوصت بـ«إطار تشريعي واضح، وبنية تحتية متطورة ومناخ استثماري جذاب».

وخلال عرضه مشروع القانون أمام «اللجنة» في مارس (آذار) الماضي، أشار وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب إلى «عدد من التحديات، مثل ضعف الاستثمارات في مجال الاستكشاف والحفر، ونقص البيانات الجيولوجية، وغياب اكتشافات جديدة لمكامن منجمية».

وأكد الوزير أن أحكام مشروع القانون الجديد «ستوفر ظروفاً مواتية ومحفزة على الاستثمار في القطاع المنجمي، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية لمنح تراخيص الاستغلال، وتعزيز الضمانات القانونية والمالية للمستثمرين، وذلك من خلال تسهيل الوصول إلى المعلومات الجيولوجية والمنجمية عبر استخدام التقنيات الرقمية المتقدمة».

وزير الطاقة والمناجم الجزائري (الوزارة)

وشرح الوزير تفاصيل المشروع، موضحاً أن الهدف منه «بعث قطاع المناجم على أسس جديدة، من خلال وضع بيئة قانونية تُشجع على تطوير الصناعة المنجمية والصناعات التحويلية المرتبطة بها، وتحسين الشفافية في البحث والاستكشاف عبر تبسيط الإجراءات وتسهيل الوصول إلى المعلومات الجيولوجية، وتبسيط الإجراءات الإدارية عبر آليات رقمية لتسريع المعاملات، وتشجيع نقل التكنولوجيا».


مقالات ذات صلة

الجزائر تنضم إلى معاهدة رابطة «آسيان» بعد تعثر الانضواء في «بريكس»

شمال افريقيا رئيس الوزراء الماليزي يلقي كلمته خلال الجلسة العامة لقمة «آسيان» في كوالالمبور (د.ب.أ)

الجزائر تنضم إلى معاهدة رابطة «آسيان» بعد تعثر الانضواء في «بريكس»

وضعت الجزائر، منذ 5 سنوات على الأقل، هدفاً استراتيجياً وعملت بقوة على تحقيقه، يتمثل في الالتحاق بالتكتلات الإقليمية والدولية الناشئة، سعياً لأدوار دبلوماسية…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا اجتماع «أفريبول» بالجزائر (الشرطة الجزائرية)

الحكومة الجزائرية تعتمد قانوناً جديداً لمكافحة غسل الأموال سعيا للخروج من «القائمة الرمادية»

برغم الالتزام الرسمي، وانخراط الجزائر في خطة عمل مشتركة مع مجموعة العمل المالي المعروفة اختصاراً بـ«جافي»، فإنها لا تزال تواجه قصورا في بعض الإجراءات.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري خلال إطلاق تشغيل محطة لتحلية مياه البحر غربي العاصمة (الرئاسة)

الجزائر تُسرّع وتيرة تحلية مياه البحر لتفكيك «قنبلة العطش»

أعلنت مجموعة «سوناطراك» الجزائرية للمحروقات عن بلوغ المرحلة النهائية من مسار الدخول التدريجي في الإنتاج بمحطة لتحلية مياه البحر في ولاية بجاية شرق العاصمة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يترحم على أرواح شهداء الثورة في الجزائر 5 يوليو (د.ب.أ)

الجزائر تحتفي باستقلالها وسط ضغوط إقليمية وتداعيات إرث الاستعمار

في 5 يوليو (تموز) 2025 تحتفل الجزائر بمرور 63 سنة على استقلالها، وسط لحظة محورية في تاريخها الحديث. داخليًّا، تعوّل الحكومة على تعزيز التنويع الاقتصادي.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
تحليل إخباري الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

تحليل إخباري بقاء الكاتب صنصال في السجن يمدد الأزمة بين الجزائر وفرنسا

خيبة فرنسية من استثناء الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال من العفو الرئاسي الجزائري، لكن باريس ما زالت تأمل في صدور عفو «فردي» يصدره الرئيس تبون.

ميشال أبونجم (باريس)

مصر: إخماد حريق محدود بـ«سنترال رمسيس» بعد تجدد اشتعال النيران

رجال الإطفاء يكافحون النيران بعد اندلاع حريق في «سنترال رمسيس» بوسط القاهرة (أ.ب)
رجال الإطفاء يكافحون النيران بعد اندلاع حريق في «سنترال رمسيس» بوسط القاهرة (أ.ب)
TT

مصر: إخماد حريق محدود بـ«سنترال رمسيس» بعد تجدد اشتعال النيران

رجال الإطفاء يكافحون النيران بعد اندلاع حريق في «سنترال رمسيس» بوسط القاهرة (أ.ب)
رجال الإطفاء يكافحون النيران بعد اندلاع حريق في «سنترال رمسيس» بوسط القاهرة (أ.ب)

ذكرت وسائل إعلام مصرية، الخميس، أن قوات الحماية المدنية نجحت في إخماد حريق محدود بمركز اتصالات «سنترال رمسيس» في وسط القاهرة، وذلك بعد تجدد اشتعال النيران وتصاعد الدخان الكثيف من مبنى السنترال.

وقُتل 4 أشخاص وأصيب 27 إثر حريق كبير اندلع، الاثنين، في «سنترال رمسيس»، حسبما أفادت وزارة الصحة المصرية.

وتسبب اشتعال الحريق في مركز الاتصالات التاريخي بوسط القاهرة في انقطاع كبير في خدمات الهاتف والإنترنت وباضطرابات في حركة الملاحة الجوية، بحسب ما أعلنت السلطات.