ليبيا: مخاوف من تجدد الاشتباكات في طرابلس... وإدانات دولية لترهيب المتظاهرين

مصر ناشدت الأطراف ضبط النفس... و«الأوروبي» عبّر عن قلقه إزاء سقوط ضحايا بين المدنيين

من المظاهرات المطالبة برحيل حكومة الدبيبة وسط العاصمة طرابلس (رويترز)
من المظاهرات المطالبة برحيل حكومة الدبيبة وسط العاصمة طرابلس (رويترز)
TT

ليبيا: مخاوف من تجدد الاشتباكات في طرابلس... وإدانات دولية لترهيب المتظاهرين

من المظاهرات المطالبة برحيل حكومة الدبيبة وسط العاصمة طرابلس (رويترز)
من المظاهرات المطالبة برحيل حكومة الدبيبة وسط العاصمة طرابلس (رويترز)

عاد الهدوء الحذر، السبت، إلى العاصمة الليبية طرابلس، بعد ليلة دامية شهدت إطلاق الميليشيات الموالية لحكومة الوحدة «المؤقتة»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، الرصاص على المتظاهرين، الذين تجمهروا أمام مقر الحكومة للمطالبة برحيله، وسط مخاوف من تجدد الاشتباكات.

عاشت طرابلس ليلة دامية شهدت إطلاق الميليشيات الموالية لحكومة الوحدة «المؤقتة» الرصاص على المتظاهرين (رويترز)

وأظهرت لقطات مصورة لوسائل إعلام محلية وناشطين، مساء الجمعة، قيام قوات الدبيبة بإطلاق النار بشكل مباشر على المتظاهرين، ومحاولة دهس آخرين بالمدرعات العسكرية، وملاحقة الفارين في الأزقة المجاورة للمقر، كما ظهرت بعض عناصر قوات الدبيبة وهي تنادي بالتصويب على المتظاهرين.

ونعت حكومة «الوحدة» أحد عناصر الشرطة، وقالت إنه قتل أثناء تأدية واجبه في تأمين مقرها بطريق السكّة، بعد اقتحامه من قبل متظاهرين، مشيرة إلى أنه فارق الحياة متأثراً بجراحه، بعد إصابته برصاص مجهولين. كما ادعت «الوحدة» أن الأجهزة الأمنية أحبطت محاولة اقتحام نفذتها «مجموعة مندسّة» ضمن المتظاهرين، استهدفت إحراق مقر الحكومة باستخدام زجاجات حارقة وأدوات حديدية، موضحة أنه «تم التصدي للمحاولة فوراً دون وقوع أضرار».

صورة من فيديو بثته حكومة «الوحدة» بعد اقتحام مقرها بطرابلس (الوحدة)

واعتبرت «الوحدة» أن مقرها ليس مجرد منشأة إدارية، بل هو مركز القرار التنفيذي للدولة، ويحتوي على مستندات ووثائق سيادية تمس مصالح الشعب الليبي، وأكدت أن استهدافه «يُعد تعدياً مباشراً على مؤسسات الدولة ومقدّراتها»، مشيرة إلى تحذيرات مديرية الأمن من الاقتراب من مقر الحكومة، بعد ورود معلومات مؤكدة عن محاولات لاختراقه، وافتعال أعمال عنف قد تستهدف المتظاهرين بهدف التأجيج وزعزعة الاستقرار.

ونقلت حكومة «الوحدة»، السبت، عن إدارة الشؤون الأمنية التابعة لها، مباشرتها جمع وتوثيق محاولة اقتحام المقر الحكومي وإحالة التسجيلات إلى النيابة العامة.

وكانت الحكومة قد استبقت المظاهرات بمحاولة تحييد المتظاهرين المطالبين بإسقاطها، عبر الادعاء بأن إنهاء المجموعات المسلحة، والانحياز الكامل إلى أجهزة الشرطة والأمن النظامية، هو «مطلب شعبي واسع يشكّل حجر الأساس لبناء دولة القانون والمؤسسات».

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها طرابلس مساء أمس (إ.ب.أ)

وبعدما أشادت بجهود عناصر وزارة الداخلية في تأمين المظاهرة التي شهدها ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس، والتزامهم بحماية المتظاهرين، والحفاظ على النظام العام، عدت الحكومة حق التظاهر السلمي أحد مكاسب ثورة السابع عشر من فبراير (شباط)، مشيرة إلى أنه «قد ظل متاحاً في مناطق غرب ليبيا، ويجري التعبير عنه بكل حرية ضمن الأطر القانونية، واحترام مؤسسات الدولة». وجددت رؤيتها بأن تحقيق الاستقرار الدائم في ليبيا، «يمر عبر إنهاء جميع الأجسام التي جثمت على السلطة منذ أكثر من عقد، وأسهمت في إطالة أمد الانقسام السياسي وتعطيل بناء الدولة».

كما أعلنت حكومة «الوحدة» أنه بناءً على تعليمات الدبيبة، باشر فريق من جهاز المباحث الجنائية أعماله في مواقع الاشتباكات بالعاصمة طرابلس لحصر الأضرار، وإعداد تقرير فني، داعياً المواطنين إلى التعاون مع الفريق وتسهيل مهمته.

«الوحدة» أشادت بجهود عناصر وزارة الداخلية في تأمين المظاهرة التي شهدها ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس (أ.ف.ب)

وكانت وزارة الداخلية قد تحدثت عن خطة أمنية لتأمين ميدان الشهداء ومناطق عدة في العاصمة طرابلس، بمشاركة واسعة من مكوناتها الأمنية، ودعت الوزارة للتعاون مع رجال الشرطة، مشيدة بانضباط العناصر الأمنية، ودورهم في تعزيز الاستقرار.

وفى غياب أي إحصائيات رسمية، أوضحت إحصائية قدمتها «المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان» أن «عدد الضحايا المدنيين بلغ 53 شخصاً، بينهم مصري ونيجيري، و4 نساء ليبيات، بالإضافة إلى 10 جثث متفحمة، لم تُحدّد هويتهم، وإصابة 40 بجروح متفاوتة»، كما تحدثت عن «فقد 20 شخصاً ما زال مصيرهم مجهولاً حتى الآن».

وأكدت مصر أنها تتابع باهتمام شديد وقلق بالغ التطورات الجارية في ليبيا، ودعت جميع الأطراف إلى «التزام أقصى درجات ضبط النفس، وإعلاء مصالح الشعب الليبي والحفاظ على مقدراته وممتلكاته».

من احتجاجات الليبيين المطالبة برحيل حكومة «الوحدة» (أ.ف.ب)

وأكد بيان لوزارة الخارجية المصرية، السبت، أهمية قيام المواطنين المصريين الموجودين في ليبيا بتوخي أقصى درجات الحذر، والتزام منازلهم لحين استجلاء الأوضاع، واستمرار التواصل مع السفارة المصرية في طرابلس وغرفة العمليات التي شكلتها لتلقي أي استفسارات أو طلبات.

رجال الإطفاء يحاولون إطفاء حرائق اندلعت وسط العاصمة بفعل الاشتباكات المسلحة (أ.ب)

كما أعرب الرؤساء المشاركون في مجموعة العمل المعنية بالقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان التابعة لعملية برلين - هولندا وسويسرا وبعثة الأمم المتحدة، عن قلقهم إزاء التصعيد الأخير للعنف في طرابلس، الذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، وإلحاق أضرار بالمنازل والبنى التحتية المحمية، وأدى إلى «قمع عنيف للمتظاهرين». واعتبروا، في بيان، أن قتل وإصابة المدنيين خلال القتال في المناطق المكتظة بالسكان في طرابلس «يمثلان فشلاً واضحاً من قبل جميع الأطراف في الالتزام بواجباتهم لحماية المدنيين»، موضحين أن القصف وإطلاق النار، اللذين أصابا المنازل في الأحياء السكنية، وألحقا أضراراً بالمستشفيات، يسلطان الضوء أيضاً على تأثير الاشتباكات على البنية التحتية المدنية.

وطالب البيان الأطراف باتخاذ تدابير لحماية المدنيين والممتلكات العامة، مع منح المستشفيات حماية خاصة، معرباً عن قلقه إزاء التقارير التي تفيد باستخدام الذخيرة الحية من قبل الجهات الأمنية لتفريق المتظاهرين، عندما خرج المئات إلى شوارع طرابلس، مطالبين بالتغيير السياسي وانسحاب الجماعات المسلحة من المدينة. وشدد على وجوب ضمان حقوق جميع الليبيين في حرية التعبير والتجمع السلمي، دون خوف من الانتقام، داعياً السلطات إلى «إجراء تحقيقات مستقلة ومحاسبة الجناة»، متحدثة عن تقارير حول «سيطرة جهات مسلحة على مرافق الاحتجاز».

من مخلفات الاشتباكات التي شهدتها طرابلس (إ.ب.أ)

بدوره، عبّر سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، نيكولا أورلاندو، السبت، عن قلقه إزاء سقوط ضحايا بين المدنيين خلال مظاهرات طرابلس أمس، وحث القادة الليبيين على إيجاد حلول عاجلة عبر الحوار، وناشدهم «التصرف بمسؤولية لحماية الأرواح والحفاظ على الاستقرار».

من جانبها، أجلت تركيا 82 من رعاياها المقيمين في العاصمة الليبية طرابلس، وفق ما ذكر مصدر في وزارة الخارجية في أنقرة. وأوضح المصدر، مساء الجمعة، أنه «تمت مساعدة 82 مواطناً يرغبون في العودة إلى تركيا على مغادرة ليبيا، وإتاحة عودتهم إلى ديارهم» بسبب النزاع و«انعدام الأمن» الذي تشهده ليبيا منذ أيام. ولم تكشف الوزارة أي تفاصيل بشأن العائدين وما إذا كانت تخطط لرحلات أخرى.


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق أحمد خليفة مستقبلاً الفريق صدام حفتر (المتحدث العسكري المصري)

تأكيد مصري على دعم ليبيا وقواتها المسلحة

في أول زيارة رسمية له للقاهرة، بحث رئيس أركان القوات البرية، الفريق صدام حفتر، مع رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، الفريق أحمد خليفة، ملفات تتعلق بالحدود.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا تيتيه وخوري مع وفد من المنطقة الجنوبية (البعثة الأممية)

ليبيا: تيتيه تستبق إحاطتها لـ«مجلس الأمن» بالدعوة لإنهاء المراحل الانتقالية

دعت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا هانا تيتيه إلى مشاركة المواطنين كافة بفعالية في العملية السياسية، وأن يكونوا فاعلين في صنع التغيير لمستقبل ليبيا.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا أبو زريبة الرئيس الجديد لجهاز «دعم الاستقرار» لحظة وصوله لمقر الجهاز في جنزور (صفحات موثوقة)

ليبيا: خليفة «غنيوة» المقتول يتسلّم «تركته الثقيلة» وسط توترات أمنية

شهدت مدينة جنزور شمال غربي ليبيا توتراً صباح الثلاثاء تزامناً مع تسلّم الرئيس الجديد لجهاز «دعم الاستقرار» أحد مقاره في جنزور.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا محمد تكالة وخالد المشري خلال انتخابات رئاسة «الأعلى للدولة» عام 2023 (المجلس)

الانقسام يتعمّق بين تكالة والمشري بشأن رئاسة «الأعلى للدولة» الليبي

قال محمد تكالة، أحد المتنازعين على رئاسة «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا، إنه اجتمع مع مكتب رئاسة المجلس لبحث «سير العمل»، مما عدَّه البعض تكريساً للانقسام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تيتيه أمام مجلس الأمن: جل الليبيين فقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية

الممثلة الخاصة للأمين العام هانا تيتيه (غيتي)
الممثلة الخاصة للأمين العام هانا تيتيه (غيتي)
TT

تيتيه أمام مجلس الأمن: جل الليبيين فقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية

الممثلة الخاصة للأمين العام هانا تيتيه (غيتي)
الممثلة الخاصة للأمين العام هانا تيتيه (غيتي)

قدمت الممثلة الخاصة للأمين العام، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن، اليوم الثلاثاء، إحاطة حول الوضع في ليبيا، تطرقت في مستهلها إلى اجتماع لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا، المنبثقة عن مسار برلين في مدينة برلين، برعاية كل من ألمانيا وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وذلك في أول لقاء ينعقد بعد انقطاع دام لأربع سنوات. مشيرة إلى أن هذا الاجتماع «شكل خطوة كبيرة نحو إعادة إحياء التنسيق الدولي بشأن ليبيا، وحشد الدعم الدولي لجهود الأمم المتحدة، الرامية لإحراز تقدم في العملية السياسية»، ومع ذلك فإن جل الليبيين «فقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية»، بحسب تعبيرها.

من جلسة مجلس الأمن حول ليبيا (المجلس)

وأشادت تيتيه بجهود جميع أعضاء لجنة المتابعة الدولية المعنية بليبيا في التزامهم بدعم جهود البعثة لإعادة إطلاق عملية سياسية شاملة، وأيضاً في «مشاركتهم البنّاءة»، ودعوتهم لبذل الجهود من أجل تعزيز الهدنة القائمة في الوقت الحالي في طرابلس. وكذا إشادتهم بعمل اللجنة الاستشارية، الذي تناول تحديد مسارات قابلة للتطبيق لمعالجة المسائل الخلافية، التي يمكن أن تعوق الجهود الرامية إلى وضع خريطة طريق سياسية جديدة لإجراء الانتخابات. إضافة إلى دعمهم لمجموعات العمل الأربع، المعنية بالسياسة والاقتصاد والأمن وحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، مجمعين في ذلك على عقد لقاءات دورية من أجل تنسيق الدعم الدولي، وتوجيهه دعماً لعملية سياسية بتيسير من الأمم المتحدة.

دعوة لتجنب العنف

في سياق حديثها عن الأوضاع الأمنية في طرابلس بعد الاشتباكات الأخيرة، أوضحت تيتيه أنه بمجرد انتهاء الاشتباكات المسلحة في طرابلس، كثفت البعثة تواصلها مع حكومة الوحدة الوطنية، والأطراف السياسية والأمنية الرئيسية، وكذلك القيادات المجتمعية، وشيوخ القبائل والأعيان وممثلي المجتمع المدني والدول الأعضاء المؤثرة على الأرض بهدف درء مزيد من أعمال العنف، والحفاظ على الهدنة الهشة، التي تم التوصل إليها في 14 من مايو (أيار) الماضي، وإعداد آليات لتيسير تهدئة التوترات بهدف الحيلولة دون نشوب المزيد من أعمال العنف، وضمان حماية المدنيين.

من مخلفات اشتباكات طرابلس الدموية (أ.ف.ب)

وفي هذا السياق، ذكرت تيتيه قيام المجلس الرئاسي في 18 من مايو الماضي، بدعم من البعثة، بإنشاء لجنة الهدنة، التي تتألف من أطراف أمنية رئيسية، أنيطت بها مهمة رصد الالتزام بالهدنة، وتيسير وقف دائم لإطلاق النار وضمان حماية المدنيين. وتبع ذلك في 4 من يونيو (حزيران) الحالي تشكيل لجنة الترتيبات الأمنية والعسكرية المؤقتة، برعاية المجلس الرئاسي، لتتولى مهمة تنفيذ التدابير الهيكلية للحفاظ على السلام، وإعادة تنظيم القوات في العاصمة. كما جرى نشر قوات فض الاشتباك في المناطق المتأثرة، وقد أفضت التهدئة إلى انسحاب القوات الرئيسية المدججة بالسلاح من شوارع طرابلس في 11 يونيو، واستعيض عنها بقوات الشرطة والجيش.

لكن رغم كل هذا الجهود، «ما تزال الهشاشة تشوب هذه الهدنة، وما يزال التكهن بالوضع الأمني العام، كما نراه، غير ممكن»، حسب تعبير تيتيه.

مسؤولية الأطراف الأمنية

أكدت تيتيه أن الاشتباكات المسلحة التي اندلعت في طرابلس في شهر مايو الماضي تسببت في إزهاق أرواح المدنيين، وإصابات بين صفوفهم، والإضرار بالمنشآت المدنية الحيوية، بما في ذلك المشافي والجامعات وأحد السجون. ونتيجة لذلك تكررت المناشدات لتجنب مزيد من الإصابات، لكن لم يتم تأمين ممرات إنسانية من جانب أطراف النزاع.

تعزيزات أمنية مكثفة في طرابلس للمحافظة على «الهدنة الهشة» (أ.ف.ب)

تقول تيتيه: «لقد أبرزت هذه الأحداث تقاعس الأطراف الأمنية التابعة للدولة عن الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث أعقبت هذه الاشتباكات تظاهرات مستمرة. وقد هالني بالأخص العثور على مقابر جماعية في منطقة أبو سليم. وفي الأدلة التي تكشفت إشارات لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك أعمال القتل خارج إطار القانون، والتعذيب والاختفاء القسري، التي يُزعم ارتكابها من جانب أطراف أمنية تابعة للدولة، لا سيما جهاز دعم الاستقرار». مشيرة في هذا السياق إلى أن وجود أشلاء متفحمة، وجثث مجهولة الهوية في المشارح، وموقع يشتبه في استخدامه كمركز احتجاز غير رسمي في حديقة الحيوان في منطقة أبو سليم، يعكس حجم هذه الانتهاكات وفداحتها. وهذه الأحداث تؤكد الحاجة الملحة لإجراء إصلاحات أمنية قائمة على حقوق الإنسان».

مخاوف من عودة الاشتباكات

بخصوص التقارير التي تتحدث عن تحشيدات مستمرة، وتخوف العديد من الليبيين من احتمال تجدد اندلاع الاشتباكات المسلحة، أوضحت تيتيه أن هناك تخوفات متزايدة بأن انعدام الاستقرار سوف يستقطب الأطراف الأمنية في شرق البلاد، ويقوض اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 2020، وهو ما يستدعي بحسب تعبير تيتيه، ضرورة إصلاح القطاع الأمني، فضلاً عن الحاجة إلى مؤسسات عسكرية وأمنية موحدة تتحلى بالمهنية. وفي هذا السياق أكدت أن البعثة سوف تواصل العمل على إحراز تقدم في المسار الأمني، بالتعاون مع الأطراف المعنية الرئيسية. وحثت الأطراف السياسية والأمنية كافة على الامتناع عن التصريحات والأفعال الاستفزازية، التي من شأنها تعميق انعدام الثقة، وتقويض كل الجهود التي تُبذل لخفض التصعيد من أجل الحفاظ على الهدنة الهشة، «لأن هذا ليس وقت الدفع نحو الهاوية والإجراءات الأحادية، وهناك حاجة ماسة إلى التحلي بالحكمة».

مسلسل المشاورات

حول سلسلة المشاورات، التي أطلقتها البعثة على مستوى البلاد حول الخيارات المقترحة من اللجنة الاستشارية، أوضحت تيتيه في كلمتها أن هذه المشاورات تهدف إلى تيسير نقاش عام شامل للجميع على مستوى البلاد حول أفضل السبل لتجاوز الانسداد السياسي، وجمع آراء الليبيين حول الخيارات الأربعة التي اقترحتها اللجنة الاستشارية، وذكّرت في هذا السياق بالتواصل مع القادة السياسيين والأمنيين الرئيسيين، ولقاء البعثة بممثلين عن البلديات والأحزاب السياسية، والشيوخ والأعيان والمجالس الاجتماعية، وأعضاء المجتمع المدني والشباب والمرأة، وكذا المكونات الثقافية واللغوية والأشخاص ذوي الإعاقة. كما أطلق في وقت سابق من هذا الشهر استطلاع للرأي عبر الإنترنت للوصول إلى الجمهور الليبي الأوسع، وسيستمر حتى نهاية شهر يونيو الحالي. كما ستُجرى المزيد من المشاورات لتوسيع نطاق التواصل بشكل أكبر.

تيتيه أكدت رغبة الليبيين في إنهاء المراحل الانتقالية وإجراء الانتخابات (مفوضية الانتخابات)

تقول تيتيه: «من خلال ما جرى التعبير عنه من خلفيات ووجهات نظر سياسية متنوعة، ظهرت حتى الآن رسالة واضحة وموحدة: الكثير من الليبيين يشعرون بخيبة أمل عميقة إزاء الفترات الانتقالية المطولة، وفقدوا الثقة في المؤسسات والقيادة الحالية، معربين عن شكوكهم إزاء استعداد هؤلاء لوضع المصالح الوطنية فوق مصالحهم الخاصة»، مؤكدة أن هناك «رغبة قوية في عملية سياسية تُعزز مشاركة الشعب، وتتيح لهم الفرصة لانتخاب قادتهم، وتُفضي إلى حكومة ذات تفويض واضح، يتيح الفرصة لتغيير حقيقي وملموس. هم يطمحون إلى تجديد تفويض السلطتين التنفيذية والتشريعية، وإلى حكومة واحدة ومؤسسات موحدة، بما في ذلك المؤسسات العسكرية والأمنية. ويريدون، أكثر من أي شيء آخر، حكومة خاضعة للمساءلة تُعيد الشرعية وتعكس إرادة الشعب. وسيشكّل ما تخرج به هذه المشاورات أساساً لصياغة خريطة طريق توافقية نحو انتخابات وطنية وإعادة توحيد المؤسسات».

وأضافت تيتيه أن البعثة تعتزم تقديم خريطة طريق مُحددة زمنياً، وعملية سياسية تعكس مطلب الشعب الليبي بتغيير ملموس، بهدف إنهاء العمليات الانتقالية. وآمل عرض خريطة الطريق هذه على مجلس الأمن للمصادقة عليها خلال إحاطتي القادمة.