اندلع خلاف علني بين رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة «المؤقتة» عبد الحميد الدبيبة، على خلفية قرارات مفاجئة اتخذها الأخير في ضوء التطورات العسكرية والأمنية المتلاحقة في العاصمة طرابلس، اعتبرها المنفي «اعتداءً على اختصاصاته»، باعتباره نظرياً القائد الأعلى للجيش الليبي.
ودعا المجلس الرئاسي إلى الوقف الفوري لكل الاشتباكات المسلحة في مدينة طرابلس، دون قيد أو شرط، والامتناع التام عن استخدام السلاح داخل المناطق المدنية، وتحميل المسؤولية القانونية الكاملة لكل من يخالف هذا التوجيه أو يساهم في زعزعة الأمن والاستقرار داخل العاصمة. كما طالب الأطراف كافة بضرورة الاحتكام للعقل والحوار، وتغليب المصلحة الوطنية العليا على أي اعتبارات أخرى.
وأبلغ المنفي وفداً من منطقة سوق الجمعة، ضم أعضاءً من مجلسي النواب والدولة، إلى جانب أعيان وحكماء وقيادات شبابية، التقاه الأربعاء، بأن البلاد تمر بما وصفه بـ«منعطف خطير»، يستوجب توحيد الجبهة الداخلية، والالتفاف حول مشروع وطني جامع، يقطع الطريق أمام المتربصين بمسار الدولة المدنية.
وأوضح أن اللقاء خلص إلى «تأكيد متبادل على دعم سيادة القانون واختصاصات المجلس الرئاسي، وعدم التعدي عليها تحت أي ذريعة»، مشيراً إلى أن الوفد «عبر عن استيائه مما وصفه بالقرارات الانتقائية»، الصادرة عن الدبيبة، التي تمس بشكل مباشر بما سماه «أجهزة أمنية منضبطة وفاعلة» في سوق الجمعة، وطالب بوقف ما اعتبره «انحرافاً عن المسار الوطني، واستغلالاً للنفوذ التنفيذي لتصفية حسابات سياسية». كما حذر الوفد من تبعات استمرار مثل هذه السياسات، وعَدّ «تسييس الأجهزة الأمنية بمثابة (خط أحمر)، قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار، وإعادة إنتاج الفوضى في العاصمة».
في غضون ذلك، أدرجت حكومة «الوحدة» قرارها بإلغاء «الإدارة العامة لمكافحة الأنشطة المضادة والأفعال الإجرامية من الهيكل التنظيمي لوزارة الداخلية، ضمن سلسلة إجراءات فرض هيبة الدولة وبسط سلطة القانون»، مشيرة إلى تكليف الوزارة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذه، بما في ذلك سحب العناصر والمعدات التابعة للإدارة الملغاة.
كما وضعت «الوحدة» قرار الدبيبة بتكليف العميد مصطفى الوحيشي رئيساً لجهاز الأمن الداخلي، ضمن سلسلة إجراءات بسط سلطة القانون.
وكان الدبيبة، الذي يتولى أيضاً وزارة الدفاع في حكومته، قد أكد على أن جميع المعسكرات والمنشآت العسكرية في البلاد يجب أن تخضع حصرياً لوزارة الدفاع والجيش، وشدد خلال اجتماع موسع عقده، مساء الثلاثاء، على أنه «لا شرعية لأي كيان مسلح خارج هذا الإطار»، مشدداً على أن الانضباط المؤسسي «هو القاعدة التي لا يُستثنى منها أحد».
كما أكد الدبيبة أن «زمن الأجهزة الأمنية الموازية ولّى، ولا مكان في ليبيا إلا للمؤسسات النظامية من جيش وشرطة فقط»، مشيراً إلى أن ما تحقق على هذا الطريق «يُعد إنجازاً حقيقياً ومفصلياً أسهم في استعادة الثقة بالدولة، رغم إدراكنا أن العمل لا يزال يتطلب إرادة صلبة وحزماً مستمراً».
وكان المنفي قد أعلن أنه التقى، مساء الثلاثاء، وفداً من مشايخ وعُمد وأعيان المنطقة الشرقية، عبروا عن دعمهم الثابت لوحدة التراب الليبي، وحرصهم على لمّ الشمل ونبذ الفرقة، مجددين تأكيدهم على ضرورة الاصطفاف خلف مشروع وطني جامع، تتوحد فيه الكلمة، وتلتقي فيه الإرادات من أجل مصلحة ليبيا العليا. وقال المنفى إن «أبواب المجلس الرئاسي ستظل مفتوحة أمام جميع الأطياف والمكونات، في إطار رؤية شاملة ترمي إلى تحقيق الوفاق الوطني، واستعادة السيادة الليبية الكاملة».